يتم التحميل...

الموضوع: السعي في سبيل تأمين القاعدة الشعبية

خطاب

الحاضرون: كادر شرطة (كاشان)

عدد الزوار: 92

التاريخ 6 خرداد 1358 هـ. ش/ 1 رجب 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: كادر شرطة (كاشان)

بسم الله الرحمن الرحيم

ألاعيب وخدع رضا خان‏

ثمة أحدا تحصل في العالم توحي بأن التاريخ يتكرر، ولعلّ ذلك من أجل أن نعتبر به ونتعظ منه. ومن جملتها هذه الأحداث، الأوضاع التي شهدتها ايران على مدى أكثر من خمسين عاماً في ظل النظام البهلوي، والزاخرة بالممارسات التي تخالف مسيرة الشعب. لعلكم لا تذكرون أكثرها فأنتم شباب، بيد أني شهدتها عن كثب، بدءاً بانقلاب (رضا شاه) ولحد الآن.. لقد كانت أعماله تخدع أحياناً الكثيرين بظاهرها ولكنها كانت مخالفة لمسيرة الشعب. ففي البداية حاول التظاهر بالتدين وحضور مجالس العزاء ولطم الصدور. وأحيانا كان يدور في شهر محرم على جميع مجالس العزاء في طهران. ولما وصل إلى السلطة، فإن هذا الشخص نفسه الذي كان يهتم بمجالس العزاء ومجالس اللطم، وكان العسكريون يحضرون مجالس اللطم- وقد كنت أرى مجموعات العسكريين بنفسي إن هذا الشخص نفسه بدأ بالعمل على النقيض من ذلك، إذ أنه أراد قبل وصوله إلى السلطة خداع الناس فكان يقوم بتلك الأمور، ولكنه حينما تسلّم السلطة عمل بشكل معاكس تماماً لما كان يعمله سابقاً. ومن جملة ذلك قام بالضغط على مجالس الخطابة والوعظ والعزاء، بشكل لعله لم يبق في جميع إيران حتى مجلس عزاء واحد! وإذا كان موجودا ففي الخفاء، كانت توجد مجالس في بعض المدن ولكن في الخفاء وبصور وعناوين مختلفة. كان يقوم بالأعمال التي تزعج الناس، مثل مسألة نزع الحجاب (السفور). إنكم لا تعلمون قضية نزع الحجاب أي مصيبة كانت للناس. لا تعلمون ماذا فعل، وماذا فعل أزلامه مع الناس ومع النساء، مما أدى إلى امتعاض الناس وغضبهم، ولكن قوته كانت كبيرة، ولم يكن هناك من يوجّه الناس ويقودهم، ولذلك لم يكن باستطاعتهم فعل شي‏ء أمام هذه القوة، ولكن النفور والانزعاج كان كبيراً. بعد ذلك وبحجة أنه يريد تأسيس قوة مركزية، قضى على العشائر، طبعا كان يوجد لدى العشائر أشخاص غير صالحين، ولكن هذه العشائر كانت سنداً ورصيداً للشعب. لقد ضغط على الناس وأوجد كراهية إلى درجة أنه عندما هاجمت قوى الحلفاء الثلاث إيران أثناء الحرب العالمية، لمواجهة ألمانيا، فعلى الرغم من أن الأخطار كان تحيق بكل شي‏ء في إيران، والناس قلقون على أحوالهم، غير انهم عندما سمعوا بعزل رضا خان فرحوا! هكذا كان تعامله مع الناس، تعامل غير عقلائى، تعامل من أجل بريطانيا، في ذلك الوقت كانت بريطانيا هي التي أتت به إلى السلطة.

عدم اتعاظ محمد رضا شاه‏

وكانت بعد ذلك نوبة ابنه الذي يتذكر أكثركم أعماله، وبعض أعماله يعرفه الجميع. لقد قام ببعض الأعمال التي تخدع بظاهرها، ولكن كلما ارتفع الستار كانوا يرون أنه يسير بخلاف مسير الشعب. وأصبح الشعب معارضاله. وخلال بضع وثلاثين عاماً، كان نفور الناس يتزايد، وبغضهم يتراكم، وانزعاجهم أصبح شديداً، وكانت قد انكشفت خدماته للأجانب أيضاً لواحدة بعد الأخرى إلى أن وصل الأمر إلى حد قلت‏له- ولعلي ذكرت هذا مرارا في- لا تعمل شيئا يجعل الناس يفرحون عندما تذهب، لا تعمل هذا فإن أباك عندما ذهب فرح الجميع، رغم ان الاخطار كانت تهددهم جميعاً، فلا تفعل الشي‏ء نفسه بحيث إذا رحلت يفرح الجميع. فإذا كانت الحكومة حكومة شعبية، وقد وجدت بيد الشعب، فإن الجميع سيحزن بذهابها في وقت من الأوقات. الجميع سيدعمونها إذا أوشكت على السقوط. ولكن إذا لم تكن قوة الحكومة مستندة إلى الشعب، سيكون انطباع الناس لدى رحيلها هذا الذي شاهدتموه- إنني لم أكن موجودا ولكنهم نقلوا لي- وكانت الأفراح بالشكل الذي شاهدتموه. وهذا الذي حذرته (الشاه) منه أن لا تفعل ما يؤدي إلى ذلك.

الاعتبار من التاريخ‏

إن هذا يجب أن يكون مدعاة لإتعاضنا، فلا فرق بين سلطة مهينة والبلاد بأسرها تخضع لسيطرتها، وبين سلطة في محافظة أو مدينة أو ناحية من النواحي. إن أصحاب السلطة إذا كان لهم عقل فعليهم الاعتبار من التاريخ. عندما تكون هناك حكومة لا تستند في قوتها إلى الشعب ويكون الشعب، غير راض عنها، فإنها مهما كانت قوية لن تستطيع الاستمرار بالبقاء. لقد رأيتم كم كانت قوته، فضلًا عن أن كل القوى كانت تدعمه، حتى بعض الدول التي كانت تتظاهر بمعارضته، جميع الدول الكبيرة كانت مؤيدة له، القوى العظمى كانت تؤيده، الدول العربية كانت تؤيده، ولكن رغم ذلك ولأن أساس القوة لم يكن معتمدا على قلوب الناس، ولا قائما على أكتاف الشعب، لم يستطع الصمود والبقاء. هذا تاريخ موجود، ويجب أن يكون عبرة لنا جميعاً.

دور الشعب في دعم الحكومة

أنتم الذين تنتسبون الى شرطة (كاشان)، وذاك المنتسب الى شرطة قم، وذاك يقود الشرطة، وذاك الذي يقود الجيش، وذاك الذي هو يرأس الجندرمة، وذاك الذي يرأس الحكومة، لينتبه هؤلاء جميعاً إلى أن الذي يستطيع أن يحرسكم ويحميكم هو الشعب، فالشعب هو الذي يستطيع حماية هذه السلطات. فإذا أصبح الشعب سنداً لهؤلاء، فإنهم يستطيعون عمل كل شي‏ء. وأما إذا ظهر عدم الرضا بين الشعب في وقت من الأوقات، فإنه إذا لم يتكلم اليوم، فسوف يعلو صوته بعد عدة أيام، سوف يعلو صوته بعد فترة. وفي اليوم الذي يعلو صوت الشعب ليس بوسع قوة أن تقف بوجهه. ولهذا فإن علينا جميعا الانتباه إلى أن الشي‏ء الذي يرضي الشعب هو أن يرى الشرطة معه لاعليه. لقد كان الناس في زمن الطاغوت يرون الشرطة، والجيش، والجندرمة، والحكومة، فضلا عن ذلك الشخص (الشاه)، كانوا يرونهم ضدهم. وإذا كان هناك فرضا شرطي أو قائد في الشرطة مؤيد للشعب فإنه لم يكن يستطيع عمل شي‏ء يشعر معه الناس أن هذا مؤيد لهم. ولهذا كان الجيد والردي‏ء بنظر جميع الناس سواء. لقد خسر الرصيد الشعبي الذي كان ينبغي أن يكون مالكا له من الأول وحتى النهاية... وعندما خسر الدعم الشعبي، أدى به هذا إلى السقوط.

الدعم الشعبي سرّ بقاء الحكم‏

يجب أن يكون هذا نصب أعيننا، نحن وأنتم وجميع فئات الحكومة والشعب، وخصوصاً قوى الأمن، إننا نرى عندما تكون هناك قوة كبيرة ولكن ليس لها رصيد شعبي، فإن هذه القوة لا تستطيع الوقوف على أقدامها. وإذا كانت هناك قوة ولو صغيرة وكان لها رصيد شعبي فإنها تنتصر. احرصوا على امتلاك الرصيد الشعبي. وليس هذا بأن تتخيلوا وحيث أن لكم مقاماً ومنصباً فإنه ينبغي لكم الضغط على الناس. كلما كان الإنسان صاحب منصب مرموق فإن عليه أن يخدم الناس أكثر، ليعرف الناس أن هذا الشخص كلما ارتقى في المناصب كان متواضعا أكثر مع الناس. فإذا حدث مثل هذا، وتم الالتفات إلى هذه الأمور، واعتبرنا من التاريخ، فإن كل القوى سيكون لها رصيد شعبي، ويكون الرصيد الشعبي حافظا لها، ويحميها. إذا كانت الشرطة في كل مدينة في خدمة الناس، ولم يكن الوضع بشكل إذا سمع الناس اسم المخفر اخذوا يرتعشون! وعندما يريدون الذهاب إلى المخفر فكأنهم يذهبون إلى السجن أو إلى المقتل. بل يرون أنفسهم يذهبون إلى منزلهم، أو إلى مكان توجد فيه العدالة، مكان لا يوجد فيه ظلم، مكان هو صديق للناس وليس عدوا لهم. إذا أصبح الوضع هكذا، فإن قلوب الناس ستكون مع الحكومة.

إن الناس يرضون بسرعة، قلوب الناس هكذا، ترضى بسرعة، إن مجرد تلطف بسيط من أحد أصحاب المناصب يكفي لكي تبقى قلوب الناس راضية عنه مدة طويلة.

الحكومة على القلوب، السبيل الوحيد لاقتدار الحكومات‏

اعملوا بنحو تستحوذون فيه على قلوب الناس. ابحثوا عن رصيد لكم بين الناس، عندما تجدون هذا الرصيد يرضى الله عنكم ويرضى الشعب عنكم، وتبقى السلطة بيدكم، ويكون الناس دعماً لكم. فإذا جاء أحدهم يريد الاعتداء عليكم فإن الشعب سيتصدى له. وعلى العكس من ذلك فيما إذا رأى الناس أنكم أعداء لهم، فإذا جاء أحدهم وأراد الهجوم عليكم فإن الناس سيساعدونه أيضاً. هذا أمر يجب علينا الاعتبار به بشهادة التاريخ. علينا أن نعلم أن هذا الشخص (الشاه) لو كان لديه رصيد بين الناس، لو أنه بذل نصف قدراته من أجل إرضاء الناس، لما سقط حكمه أبداً، ولما عارضه أحد مطلقاً، لكنه ومع الأسف سخّر جميع قوته ضد الناس، لدرجة أنه كان إذا ذهب لزيارة الإمام الرضا عليه السلام فإن كل من كان يسمع بذلك كان يقول بأنها خدعة! إذا طبع القرآن وقام بنشره، فإن كل من كان يصل إلى يده كان يقول إن هذا مثل قرآن معاوية! لقد كان الناس يتصورون ذلك لأنه لم يحاول خدمة الناس، لم يعمل عملًا يستطيع من خلاله أن يحقق لنفسه رصيدا. حتى وإن كان سلطة عليا، لا فرق، أنتم أيضاً في (كاشان) لديكم سلطة وإدارة، فنفس هذا الأمر يجري هناك، تلك كانت سلطة بالنسبة للشعب، وأنتم بالنسبة لأهالي (كاشان)، وهكذا بالنسبة إلى (قم)، و (طهران)، هذا أمر عام لنا جميعا. لننتبه إلى أنه علينا أن نعمل من أجل شعبنا حتى يعرف الشعب أننا خدم له، ويدرك أننا نريد الخير له. وعندما يشعر بهذا سيكون دعماً لنا.

حفظكم الله جميعا، ووفقكم وجعلكم تخدمون الشعب، واعلموا أنكم في هذه الخدمة تنالون رضا الله وكذلك لى رضا الشعب- الذي فيه رضا الله- وفقكم الله جميعاً.


* صحيفة الإمام، ج‏7، ص: 366,363

2011-04-30