الموضوع: القلق من المسائل الفرعية والغفلة عن أهداف الثورة وتطلعاتها
خطاب
الحاضرون: طلاب كلية الطب في طهران، موظفو شركة الاتصالات
عدد الزوار: 88
التاريخ: 6 خرداد 1358 هـ. ش/ 1 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: طلاب كلية الطب في طهران، موظفو شركة الاتصالات
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الاتصالات في ارتباط القائد مع الشعب
أود التحدث أولًا ببضع كلمات الى السيدات من دائرة الاتصالات .. إن دائرة اتصالاتنا هذه قد ساعدتنا كثيرا عندما كنا في باريس، وخدمة الثورة. عندما كان الإضراب قائما، وقد أضربوا هم أيضاً، ولكنهم جعلوا خطوط الهواتف تحت تصرفنا كي نستطيع الاتصال مع الشعب. وكان هذا مؤثراً يومئذ في انتصار الثورة. ولهذا يجب علي شكر هذه الدائرة.
وفيما يتعلق بالسادة والسيدات، لابد من القول إنني مطلع على الاضطرابات الموجودة فعلًا في إيران، والفوضى التي تعم لدى جميع فئات الشعب، إنني مطلع على ذلك ومتأثر أيضاً. ولكن يجب علينا التعرف على وظيفتنا الفعلية نحن وجميع الشعب، سواء النساء أم الرجال، ما هي وظيفة الجميع؟ ما هو حالنا الآن؟ وماذا علينا أن نعمل؟
الالتفات إلى الهدف الأصلي
لقد كنا جميعاً، وقبل الوصول إلى هذه المرحلة من النهضة، نعرف ماذا يجب علينا عمله ولهذا كان للشعب صوت واحد، وكان هدفهم هو أننا لا نريد أسرة (بهلوي)، ولا نريد النظام الملكي، ونطالب بالحكومة الإسلامية، بالجمهورية الإسلامية. كنا جميعا صوتا واحدا، وتقدمنا مع بعضنا متحدين إلى أن حققنا ما نحن فيه الآن، بتأييد الله تبارك وتعالى. إنكم جميعا تعلمون عندما كنتم تعملون للثورة لم يكن أحد يلتفت إلى مسائل من قبيل أنه ماذا يوجد عندي؟ ماهي مشاكلي العائلية، هل الكهرباء مثلا موجودة في منزلي؟ إن هذه المسائل لم تكن مطروحة أبدا. إنما الذي كان مطروحا بين الجميع هو أنه يجب إزالة هذا النظام، بل لابد من وجود نظام إلهي. وهذا هو الذي أدى إلى انتصاركم. افرضوا لو أنهم نزلوا إلى الشوارع يومئذ، وكان كل واحد يفكر في طعامه ووضع أسرته، همومه الشخصية، لما أمكن أصلا تحقيق هذا النصر. لقد كان الجميع مشاركين والحمد لله في هذه الثورة. فعندما كان لهيب الثورة متوقداً وكانت الضغوط تمارس من كل صوب، كنتم منتبهين الى هذا الأمر، الجميع كان لهم همّ واحد، وكنا متناسين احتياجاتنا الشخصية. أولئك الذين كانوا يهتفون في الشوارع وعلى سطوح المنازل ليلًا ونهاراً بشعار (الله أكبر) ويناضلون، لم يكن لهم التفات أصلا إلى أنه مثلا كيف هو وضع منزلنا، هل عندنا ما نحتاجه أم لا، لم تكن هذه الأمور مطروحة أبداً.
جهاد سكنة الكهوف والحفر
أولئك سكنة الكهوف والحفر في ضواحي طهران .. لقد شاهدت في احدى المرات وضعهم عبر التلفزيون ورأيت معنوياتهم. كان وضعهم جيدا، لقد رأيت مجموعة كبيرة يعيشون في جحر، في حفرة. وعندما سئل أحدهم ماذا تفعلون، أجاب: عندما يصبح الصباح نذهب نحن وأطفالنا إلى المظاهرات! لم تكن تشغلهم أمور من قبيل إن بيتنا هذه الحفرة وحياتنا بهذا الشكل. لقد توجه كل التفكير وتمركز في جهة واحدة، وهي أنه يجب أن لا يبقى هذا النظام، إننا لا نريده، (الموت للشاه)، نحن نريد الجمهورية الإسلامية، هذا هو السر الذي جعلكم تنتصرون. لم يكن هناك توجه إلى أنفسنا، كان التوجه إلى الهدف، كنا جميعا متوجهين إلى الهدف، لم نكن متوجهين إلى أنفسنا. ولهذا فقد انتصرنا، لكن إلى أي مرحلة وصل الانتصار؟ إلى حيث تهدم هذا الأساس، تهدم بنيان الظلم وتلاشى. ولكن جذوره ما زالت موجودة، ولم نصل بعد إلى النصر النهائي.
إن الذي يقلقنا الآن الى حد ما هو أن الشعب أخذ يتراجع وبدأ يفكر في أحواله الخاصة. توقف في وسط الطريق عن الهدف وأخذ يلتفت الى نفسه: لا يوجد عندنا بيت. مجموعة كبيرة تقول ليس لدينا بيوت، نريد بيتا. مجموعة كبيرة تتساءل عن الدوائر الحكومية مثلًا كيف هو الوضع فيها. مجموعة كبيرة تفكر مثلًا بوضع الجامعات. لقد خرج الناس الآن من تلك الحالة الثورية التي كانوا فيها. حالة التوجه إلى الهدف والغفلة عن أوضاع الشخصية ومشاكلهم. فالجميع الآن بدؤوا يتوجهون إلى مشاكلهم الخاصة. فكم من الرسائل تصلنا يومياً! كم من المراجعات إلى الجهات الحكومية وكلها شكايات عن أوضاعهم.
إثارة الأجواء والتضليل
ومما يضخم الموضوع أكثر، أن هناك أيادي تعمل على إيقاف النهضة في منتصف الطريق. فهم يحرضون الناس على التساؤل مثلًا (ماذا تحقق؟)، (لا بأس، هذه هي الجمهورية الإسلامية! ولكن مازال لا يوجد هناك اهتمام بالفقراء، لم تُحل أمور الدوائر، ما زال المدراء أتباع النظام السابق، مازال كذا ...) ويستمر طرح الاشكالات من قبل أيادي أولئك الذين يريدون لهذه النهضة أن تحقق أهدافها كاملة. لقد انتشر هؤلاء بين فئات الشعب المختلفة يتلبسون في كل مكان بمظاهر خادعة، نفس الخداع الذي كان يقوم به الشاه آنذاك، لقد كان الشاه يختلق صوراً خادعة: (بوابة الحضارة الكبرى) أو (تحرير المرأة وتحرير الرجل) أو (الاستفادة من نصف المجتمع للعمل)، الى غير ذلك من قبيل هذا الكلام الفارغ. نفس هذا الكلام المضلّل يتخذونه ذريعة لتنفيذ مخططاتهم. لقد أدركوا ان هذه النهضة إذا واصلت تقدمها بهذه القوة، سوف يقضي عليهم حتى النهاية. ولهذا فهم يريدون خنقها في منتصف الطريق، وشرعوا ببث الدعايات الواسعة بين أوساط الطبقات المختلفة التي نفذوا إليها. فيذهبون إلى المصانع، ويقولون: إنه لم يتم التفكير بأمور العامل بعد، فأين البيت؟ أين المعيشة؟ أين كذا؟ ففي اليوم الذي انتفض العامل لم يكن ملتفتا أبدا إلى البيت والمعيشة. والآن يأتي هؤلاء ليقولوا له: لا بأس، هذه هي الجمهورية الإسلامية! فماذا حدث الآن؟ أين منزلك؟ أين ...؟ غافلين عن أننا لم نصل بعد إلى الجمهورية الإسلامية، فمازالنا في الألفاظ، لم تتحقق المعاني بعد، إننا في وسط الطريق، ولم نحقق أهدافنا بعد. وهذا يشبه كما لو أن رئيس قافلة قال لأفراد القافلة بأننا عندما نصل إلى مقصدنا المنزل ستكون جميع وسائل الراحة متوفرة هناك. ثم بعد ذلك وهم يسيرون إذ بهم يتصورون فجأة أنهم قد وصلوا، ولكنهم يرون مازال هناك تعب ومشقة ومازال هناك مسير ومشاكل. وحينئذ فكلما مشوا بضع خطوات فإنهم يعترضون بأننا ها قد وصلنا، فأين الوعود التي وعدتنا بها! إنها الغفلة عن أننا لم نصل بعد إلى ما ينبغي الوصول إليه.
الجمهورية الإسلامية من الشعار إلى التطبيق
ما زالت بقايا النظام السابق متناثرة هنا وهناك. وكما يقال، توجد بعض هذه البقاءا في (سرحدات) وقرب (سرحدات) خارج الحدود، وصوب تركيا وأفغانستان والعراق، وتتآمر ضدنا وتعمل على تقوية علاقاتها فيما بينها وتشكيل تجمع لها. وقد دخل أنصارها بين الناس وبين الفئات المختلفة للشعب يروجون للاعتراضات. إن علينا اليوم أن نلتفت إلى أن وقت الاعتراض ووقت التفكير بأوضاعنا الخاصة ما زال مبكرا. فيجب علينا الآن الالتفات إلى أننا ما زلنا في وسط الطريق. لقد أعطى الشعب صوته للجمهورية الإسلامية، وبرأي الشعب هذا أصبحت الجمهورية الإسلامية رسمية. ولكن مضمونها لم يتحقق بعد. إننا نعلم أن الكثير من الأمور لم تتخذ صبغتها الاسلامية بعد. ولكننا إذا التفتنا الآن إلى هذا وأردنا الانشغال بأن مثلا الدائرة الفلانية ما هو وضعها، وم هو حال المدير الفلاني، أو أن فلان الآخر كيف هو حاله، فلان لا يعمل بشكل جيد، فيما علان يعمل جيداً. إننا إذا تخلينا عن الهدف الذي نسعى لتحقيقه، ونعمل على تدوين قانونه، وتأسيس مجلسه، إذا تخلينا عنه وتركناه وانشغلنا بهذه المسائل الفرعية، فإنه يخشى أن تعود الاوضاع الى سابق عهدها.
وضع العراقيل وإثارة الاعتراضات
ليس الآن وقت الانزعاج من أن الدولة لا تعمل بشكل جيد. إن نفس الحكومة ذاتها تعلم بأنها لا تستطيع العمل كما ينبغي. ولكنهم ليس لديهم نية سيئة، إنني أعرفهم جيدا. هؤلاء ليس لديهم نية سيئة. ولكن العمل كثير، المشاكل كثيرة الفوضى كبيرة. وأضيفوا إلى ذلك كثرة الاعتراضات، إذ يذهب البعض لتحريض عمال النفط على الإضراب، لا يدعوا الذين في الدوائر وفي المصانع يعملون. يقولون إنه يجب علينا الآن أن نقضي على أرباب العمل والمصانع ويجب كذا، رغم أن الوقت الآن ليس وقت هذا الكلام. بل إن هؤلاء الذين يتحدثون بهذا يستفيدون من هذه الفرصة للوقوف في وجه تقدم النهضة والقضاء عليها. يذهبون إلى الفلاحين فلا يتركونهم يزرعون، وبعد الزراعة لا يسمحوا لهم بجمع المحصول. لقد رأيتم ماذا فعلوا في الاستفتاء، لقد كان الاستفتاء من آمال الشعب، كان مسألة وطنية، ليس في التاريخ نظير لمثل هذا الاستفتاء الوطني، لمثل هذا الحماس الذي كان لدى الجميع، النساء والرجال والشباب والشيوخ والمرضى والجميع قد جاؤوا إلى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم، غير أن مجموعة قامت بمقطاعته، وخرجت اخرى تمنعه بقوة السلاح، وقامت مجموعة ثالثة بإشعال النار في الصناديق فهل تحترق قلوب هؤلاء من أجل الشعب حتى يفعلوا كل ذلك؟! هل كان الاستفتاء عملًا غير وطني؟! كان عملًا إجباريا؟! أم كان بكامل الحرية والرغبة حتى إن الأطفال الصغار الذين لا يحق لهم المشاركة في التصويت، كانوا متألمين، وكانوا يعترضون، حتى ان مجموعة منهم جاءت إلى هنا، وقد نصحتهم وطمأنتهم. إن مثل هذا الأمر الذي تتطلع اليه جميع فئات الشعب، النساء والرجال ذهبوا وأدلوا بأصواتهم. أما أولئك فإنهم إذا جمعوا كل قواهم فلعلها تصل إلى نصف في المائة او افرضوا اكثر بقليل، فلماذا قاطعوا الاستفتاء؟ لماذا ارادو منعه؟ لماذا أحرقوا الصناديق؟ لماذا لا يريدون للجمهورية الإسلاميّة أن تتحقق؟ هل يخشون الجمهورية؟ كلا! الجمهورية لا خوف منها، الاتحاد السوفييتي أيضاً جمهورية، انهم كانوا يخافون من الإسلاميّة، يخافون من كلمة الإسلام، يخافون من الجمهورية الإسلاميّة، يخافون من الدولة الإسلاميّة .. هذه المؤامرة موجودة الآن وهي تهدف الى عرقلة مسير هذه النهضة. وإننا لم نفعل شيئاً لحد الآن سوى الإدلاء بأصواتنا ورأينا فحسب.
ازدياد الحاجة إلى الاتحاد والانسجام
إن أمامنا عمل كثير، وإن الاعتراضات التي ذكرت الآن، أنا ايضاً أسلّم بأن الكثير منها صحيح. غير إن بعض الاعتراضات غير صحيحة وهي مضرة بنهضتنا لأنها مازالت في وسط الطريق، إذ ينبغي لنا ان نضع ايدينا جميعاً في أيدي بعض، جميع الفئات، الجامعيين، والتجار والكسبة، والنساء والرجال، مثلما فعلنا حتى الآن وحققنا ما حققناه والذي أدهش العالم. فيجب ان تكون ايدينا بعض من الآن فصاعداً أيضاً كي نستطيع تجاوز هذه المرحلة الحساسة.
لا ينبغي لنا أن نجلس منتظرين ان تقوم بالعمل فئة معينة، فهذا البلد بلدكم جميعاً، وأوضاعه مضطربة أيضاً، الفقراء كثيرون، والعاطلون عن العمل كثيرون، ولكن لابد أن تسأل: هل هذه الفقر والبطالة بسبب الثورة؟ هل ازداد عدد الفقراء بسبب رحيل الشاه؟ هل ازدادت البطالة بسبب سقوط النظام؟ ولكن الحقيقة هي إننا قد ورثنا كل هذا الدمار. لقد دمروا ما في وسعهم وذهبوا، سرقوا ما أرادوا وذهبوا، جعلوا القروض على البنوك وذهبوا، اقترضوا من كل بنك مئات الملايين الدولارات وذهبوا! .. إننا الآن بأمس الحاجة الى اتحادنا وتكاتفنا .. على الجميع أن يعمل وأن يكف عن إثارة الإشكالات والاعتراضات التي لا جدوى من ورائها سوى اضعاف نهضتنا، ولا تخدم أية فئة من فئات الشعب.
التعبئة الشاملة من أجل البناء
علينا اليوم ان نمضي معاً إلى الأمام، الجامعي وأنا طالب العلوم الدينية والآخرون وأنتم والنساء وجميع الشعب، لنبني الغد معاً.
لا تتوقعوا ان بوسع فئة ما أن تتحمل المسؤولية فيما تتنحى الفئات الأخرى جانباً. بل ينبغي لنا جميعاً العمل على قدر استطاعتنا، النساء تعمل ما بوسعها، ونحن نعمل على قدر استطاعتنا، وهكذا الحكومة والجيش وبقية المؤسسات. فالحكومة وحدها غير قادرة على انجاز كل شيء.
إن تدهور الأحوال بلغ حداً لا تستطيع الحكومة وحدها او اية فئة من الشعب وحدها الإصلاح. فإذا قلنا نحن لن نعمل شيئاً وليعمل الجامعيون، فإن الجامعي لايستطيع أن يعمل. وإذا قال الجامعيون لن نفعل شيئاً وليعمل العلماء، فإن العلماء وحدهم غير قادرين على انجاز كل المهام.
إذا لم يتكاتف الشعب ويضع يده بيد بعض، وإذا لم يعمل كل واحد بالمقدار الذي يستطيعه، فإن الدولة لا تستطيع التخلص من هذه الفوضى. يجب ان نعمل جميعاً، وإذا عملنا معاً فسوف ننتصر ونتقدم إلى الأمام، مثلما شاهدتم حينما كنا متكاتفين استطعنا تحطيم ذلك السد الكبير الذي لم يكن أحد يحتمل تحطمه، لقد حطمتموه بيد إلهية. ولابد من هذا التكاتف والاتحاد في المستقبل سواء للبناء أو للتقدم والنصر.
الحسابات الخاطئة للمخابرات الأمريكية
علينا من الآن فصاعداً طي هذه الطريق، إننا في وسط الطريق ولم نصل بعد إلى النهاية، وما فعلنا هو أننا أزلنا بعض الموانع. أجل، أزلنا عقبات مهمة وكان هذا بحد ذاته قد أثار حيرة ودهشة الجميع. فقد اعترفت المخابرات الأمريكية بأنها أخطأت في حساباتها، وذلك لأن حساباتهم كانت مادية، بينما هذه القضية كانت قضية إلهية .. إننا الآن في وسط الطريق. لقد حطمنا السدود وأزلنا العقبات وصوتنا للجمهورية الإسلامية، ولكن الصوت والرأي لا يصنع بيتاً، لابد من العمل، علينا الآن اختيار ممثلينا ليتم تدوين القانون الأساسي، علينا تعيين النواب ليتم تشكيل المجلس، ليكون مجلساً وطنياً، وليس معيّناً، كما كان في العهد البهلوي حيث يقول محمد رضا خان أنهم (الاجانب) كانوا يكتبون لائحة الأسماء ثم يقدمونها قائلين نريد هؤلاء! لقد أقر بنفسه أنهم كانوا يكتبون لائحة الأسماء غاية الأمر أنه كان يريد مدح نفسه، فكان يدين والده لكي يمدح نفسه ... كان يدين ما سبقه بقوله إنهم كانوا يرسلون لائحة الأسماء .... من السفارات، وكنا مجبورين على تعيينهم نواباً في المجلس. كان هذا أمراً قد أقر به هو بنفسه! غاية الأمر كان يريد القول بأن الأمر قد اختلف، مع أنه كان أسوأ!
مسؤولية الشعب في إحباط المؤامرات
هناك دولة الآن وقد قطعنا نصف الطريق بل أقل. وطبعاً فإن هذه القوى التي كانت تقف مانعاً قد انتهت وبقيت جذورها التي يجب القضاء عليها أيضاً بواسطة سواعدكم. لابد لكم أنتم أبناء الشعب القضاء على هذه المؤامرات فالنساء مكلفات بذلك والرجال أيضاً مكلفون. وبعد اجتثاث هذه الجذور، وإزالة الموانع، يحين الوقت حينئذ للبناء، فالحكومة المؤقتة تعمل على قدر استطاعتها، وبعد ذلك يأتي دور المجلس في العمل، فمن المؤمل أن يعمل المجلس من أجلنا ايضاً. على جميع الفئات أن تضطلع بواجباتها، إننا مكلفون. فكما ان كل شخص يرى نفسه مكلفاً بإدارة أمور أسرته، فإن هذا الإحساس يجب ان يكون لدينا أيضاً بأن هذا البلد هو بمثابة بيتنا وأسرتنا، ويجب على اصحابه إدارة شؤونه. وإن صاحب البيت ليس واحداً او اثنين وإنما أبناء الشعب كافة، ويتحمل الجميع مسؤولية الإهتمام بشؤونه والقيام بها. على الجميع ان يضعوا ايديهم في أيدي بعض، وليس الآن وقت إثارة الإشكال على هذا الطرف أو ذاك إن الاعتراض الذي تذكرونه أراه أنا أيضاً ويراه الآخرون، ولكن ليس الآن وقت طرحه لتزداد الأحوال سوءاً.
ضرورة التعرف على المفسدين
لقد حطمنا السد والحمد لله وبقي أن نقتلع هذه الجذور ونتخلص منها .. علينا التعرف على هؤلاء المفسدين الذين يذهبون إلى الجامعات فيفتعلون المظاهرات، ويذهبون الى الشوارع يفعلون ما يفعلون ويفتعلون المشاكل لادنى سبب. لابد من التعرف على هؤلاء، أي نوع من الأشخاص هم؟ ماذا يفعلون؟ على أي أساس يجتمعون؟ هل يعتقدون بالإسلام؟ هل يريد هؤلاء الجمهورية الإسلاميّة أم الجمهورية الديمقراطية؟ أي الجمهورية بمعزل عن الإسلام. يجب أن تجون هذه الأمور واضحة في أذهاننا. لابد من التعرف على هذه الجماعات التي تذهب الى المصانع والمزارع والجامعات، والى هنا وهناك، وكشفهم للشعب ليحترز منهم ويتم التخلص منهم. وبعد ذلك يحين وقت البناء، طبعاً بتكاتف وتضامن الجميع.
ضرورة حفظ الوحدة
أنا أيضاً أسلّم بوجود الفوضى، غير أن علاجها يكمن في أن نعمل جميعنا. فبوسع كل أن يعمل .. إن قطرة المطر وحدها لا تفعل شيئا. ان قطرات المطر هي التي تصنع السيل والسيل يحطم السدود. وهذه القطرات، واحدة واحدة، هي آحادنا، فنحن كقطرات المطر عندما نجتمع مع بعضنا ونصرخ في الشوارع فإننا نحطم سداً .. لو كان كل واحد منا آنذاك يقول أنا انسان واحد، ولاأستطيع فعل شيء أمام المدفع، لما استطعنا تحقيق النصر. ولكن عندما اجتمعت هذه القطرات هزمت الشاه وأعوانه. والآن أيضاً ينبغي ان لا تتفرق هذه القطرات، انهم يسعون لإخراج هذه القطرات من حالة اجتماعها وجعلها متفرقة قطرة قطرة، وحينئذ يمكن القضاء عليها بواسطة شرطي. لذا علينا ان نضع جميعاً أيدينا في أيدي بعض ويؤيد بعضنا بعضناً أنا أؤيدكم وأنتم تؤيدوني، جميعاً نؤيد الجامعيين، والجامعيون يؤيدون الكسبة والحرفيون، وهؤلاء بدورهم يؤيدون الآخرين ليتسنى لنا التقدم بالعمل والتخلص من هذه الفوضى تدريجياً، وإزالة هذه الموانع، ويأتي بعد ذلك دور البناء.
أعرف ان نيتكم حسنة، جميعكم، اعرف ان قلبكم يحترق من أجل هذا البلد، ولكن وجود الفوضى لا يعني أن نتخلى عن مسؤولياتنا وأعمالنا، عليكم المساعدة، لا ينبغي أن نضع عبئاً فوق العبء، بل ينبغي ان نخفف من الأعباء. حفظكم الله جميعاً ووفقكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج7، ص: 372,367