التاريخ: 8 خرداد 1358 هـ. ش/ 3 رجب 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: عشاق الرياضة التراثية
بسم الله الرحمن الرحيم
تقوية القدرات البدنية والروحية
إنني متأثر لوقوع هذه المصيبة وذهاب هؤلاء الشباب من بين ايديكم، ولكن طالما كانت التضحية من أجل الإسلام ومن أجل القرآن الكريم فالأمر يستحق أكثر من ذلك. إننا جميعاً نعيش من اجل احياء سنة رسول الإسلام واحياء القرآن الكريم، ويجب علينا اداء دَيْننا للإسلام .. انني عندما اراكم أيها الشباب، وما شاء الله فأنتم شباب أبطال وشجعان، أُسر جداً وأفتخر بأن هؤلاء الشباب ملتزمين بالتدين والإسلام مع اهتمامهم بالتربية البدنية، وكما انهم قد تدربوا من اجل تقوية البدن فهم أيضاً قد تدربوا ويتدربون من أجل تقوية الروح إن شاء الله. عندما تجتمع هاتان القوتان القوة البدنية والقوة الروحية يكون لها قيمة كبيرة. القوة البدنية من أجل الخدمة، والقوة الروحية من اجل الهداية، فالإنسان بالقوة الروحية يهدي نفسه، وبالقوة البدنية يخدم ويعمل. ان هاتين القوتين عندما تجتمعان يصبح الانسان إنساناً بكل معنى الكلمة. فكما ان المجتمع يحتاج إلى وجود قوى فعَّالة وأخرى هادية، يحتاج إلى هاد للمجتمع، وعليه ان يعمل بهذه الهداية، وعندما تكون الهداية هداية سليمة، والعمل عمل سليم، ينشأ مجتمع متوازن وسليم. كذلك الفرد، فالفرد كالمجتمع، يحتاج إلى قوة هادية ليهتدي، وإلى قوة عاملة ليعمل. إنه يحتاج إلى عقل فعَّال، يحتاج لعقل نظري، ويحتاج إلى عقل عملي أيضاً. ليدرك بالعقل النظري المسائل، ويهدي نفسه للعمل على طريق أهدافه. وكما ان المجتمع يتم اصلاحه من خلال هاتين القوتين، كذلك الإنسان يتم اصلاحه من خلال هاتين القوتين، وإنني آمل، مثلما أن قوتكم البدنية بحمد الله سالمة وجيدة، ان تكون قواكم الروحية كذلك، وتخدموا الإسلام بهاتين القوتين.
الهدف تطبيق الإسلام
إننا في هذا الوقت نريد انقاذ البلد من هذه الفوضى، فيجب تركيز أنظارنا على الإسلام بحيث يكون الاسلام كل هدفنا، الإسلام هو الذي بوسعه أن يحقق لنا إلى سعادة الدنيا والآخرة، والإسلام هو الذي يؤمن لنا الحرية، الحرية السالمة والصحيحة، الإسلام هو الذي يستطيع ان يحقق استقلالنا، الإسلام هو الذي يستطيع تقوية أرواحنا، وبتبع ذلك تصبح أجسامنا قوية أيضاً. طبعاً فإن الاضطرابات توجد بعد كل ثورة، وبحمد الله فإن ثورة إيران كانت ثورة قليلة الاضطرابات، فهناك اضطرابات ولكنها ليست كتلك التي وقعت في الثورات الأخرى. لقد كانت خسائر الثورة الروسية والثورة الفرنسية كبيرة جداً.
وهذا من بركة الإسلام، لأن الذين قاموا بالثورة هم الإسلاميون، لم يكونوا أناساً يريدون التخريب بلا مبرر، بل فعلوا ذلك بحدود معينة كانو يفعلون ذلك بالمقدار المفيد، بالمقدار المجاز، ولهذا فإنه لم تكن هناك فوضى واضطرابات كما كانت تحصل في الأماكن الاخرى، وطبعاً ما زالت هناك بقايا من النظام، وكذلك هناك جماعات مأجورة مندسة بين الناس، ولكن هذه أيضاً يجب التخلص منها بهمة الشعب. إن شاء الله، ثم يبدأ البناء بعد ذلك بهمة الجميع، ويتحقق بهمة الجميع الإسلام بالشكل الذي أمر به الله تبارك وتعالى.
التعاون من أجل بناء بلد إلهي
مازلنا نراوح في حدود الألفاظ، فقد صوتنا للجمهورية الإسلاميّة ولكن لم يتحقق بعدُ المعنى الاسلامي الذي يجب ان يتحقق. فالفوضى موجودة بكل أشكالها ولا بد من التغيير، الآثار الطاغوتية مازالت موجودة في كل مكان. لا بد من تغيير كل هذا، ليتحقق الإسلام بصورته الجميلة، ويتأسس بلد إلهي مقابل البلد الطاغوتي. يجب عليكم صنع دولة إسلامية وبلد إلهي بدلًا من الطاغوت الذي قضيتم عليه. الله مقابل الطاغوت. ومع ذهاب الطاغوت يجب ظهور بلد الله. يجب أن يظهر البلد الإلهي، وهذا أيضاً بمهمة الجميع فلا العلماء وحدهم يستطيعون القيام بذلك، ولا الحكومة وحدها تستطيع ذلك، ولا أية فئة وحدها من فئات المجتمع تستطيع ذلك، فكما أنكم قد سرتم جميعاً بالثورة الى الأمام، وحققتم لها النصر، فإنكم وباتحادكم جميعاً يجب عليكم إيصال هذه النهضة الى برّ الأمان. إنكم إذا لم تكونوا مع بعضكم، إذا لم تجتمع هذه القوى مع بعضها، لا يمكن القيام بهذا العمل.
على أمل تحقيق الأهداف الإسلامية
إن هذا الكلام الذي يقال هنا وهناك، هذه الاختلافات التي تثار باستمرار، كل هذا مخالف لمسير الشعب، فشعبنا بأسره أراد الإسلام، الشعب صرخ ب- (الله أكبر) مطالباً بالإسلام والحكومة الإسلامية، والجمهورية الإسلاميّة .. الإسلام هو هدف الشعب. وكل هذا الذي مضى كان مقدمات، لقد قام الناس بإسقاط النظام والقضاء عليه لأنه كان عقبة وراء تحقق الإسلام .. لقد أبعد الشعب الظالمين، أبعد أولئك الذين كانوا ينهبون ثرواته، ولكن الهدف الأصلي هو إيجاد حكومة إسلامية، ليصبح النظام نظاماً إنسانياً إسلامياً، والدولة دولة إسلامية إنسانية، بحيث يكون الإسلام حاكماً وسائداً في البلاد، يكون الإسلام منتشراً بين جميع فئات الشعب، وفي كل مكان، فأينما تذهبون ترون مظاهر الإسلام، وإنني آمل ان يتحقق أملنا هذا بهمتكم جميعاً أيها السادة وبهمة جميع فئات الشعب وفقكم الله تعالى.
إنني أرجو أن يوفقكم الله للتخلص من الاختلاف وهو أساس جميع المفاسد، وتكونوا جميعاً إخوة فيما بينكم، وتكونوا متساوين تحبون بعضكم، وتسود المحبة أوساطكم. إنكم أهل المحبة، والمحبة تقتضي عدم الاختلاف، فإن الشخصين اللذين يحبان بعضهما لا يختلفان. وأنتم فإن المحبة سائدة بينكم وكذلك المروءة، وإنني آمل ان تكون هاتين الصفتين العظيمتين وكلتاهما من عند الله تبارك وتعالى- سبباً لئلا يكون هناك اختلاف. ويكون الجميع أخوة فيما بينهم.
* صحيفة الإمام، ج7، ص: 415,385