يتم التحميل...

حفظ النعم

جمادي الاول

أنعم الله تعالى على الإنسان نعماً جمّة لا يمكن إحصاؤها، حتى أصبح من نافلة حمد الله قولُ الحامد: الحمد لله الذي لا يبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادون، بل عُدّ وجوبُ شكر المنعم من أهم الأدلة الدافعة للإنسان للبحث عن الخالق المنعم لشكره على إنعامه. وعلى هذا الاساس دعا الإسلامُ إلى مقابلة النعم بحسن صحبتها ومجاورتها، فعن الإمام علي عليه السلام: "أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها".

عدد الزوار: 106

بسم الله الرحمن الرحيم

حفظ النعم



أنعم الله تعالى على الإنسان نعماً جمّة لا يمكن إحصاؤها، حتى أصبح من نافلة حمد الله قولُ الحامد: الحمد لله الذي لا يبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادون، بل عُدّ وجوبُ شكر المنعم من أهم الأدلة الدافعة للإنسان للبحث عن الخالق المنعم لشكره على إنعامه. وعلى هذا الاساس دعا الإسلامُ إلى مقابلة النعم بحسن صحبتها ومجاورتها، فعن الإمام علي عليه السلام: "أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها". وعن الإمام الهادي عليه السلام: "القوا النعم بحسن مجاورتها". وأرشد أهل البيت عليهم السلام إلى ما يحقق حسن مجاورة النعم والتي منه:

1 – أن لا يستعين الإنسان بالنعمة على معصية الله تعالى، فيستعين ببصرِه على النظرِ المحرّم، وبلسانهِ على الكذبِ والغيبة وإفشاء السر المحرّم ونحوها، وهكذا، وقد اعتبر الإمام علي عليه السلام بأن هذا الأمر هو أقل ما يلزم في مقابلة النعمة، فعنه عليه السلام أنه قال: "أقل ما يلزمكم لله ألا تستعينوا بنعمِهِ على معاصيه".

2 – أداء ما يلزم لله تعالى فيها، بأن يبذل نعمة القوة الجسدية بالجهاد في سبيل الله، ونعمة المال بأداء الحق الشرعي فيه وهكذا، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تدوم النعم إلا بـ . . . معرفة ما يلزم لله سبحانه فيها".

3 – شكر الله تعالى عليها النابعُ من الالتفات إلى أن هذه النعمَ هي من الله تعالى أفاضَها على عبدِه، ومن لا يشكر يقع من دائرة الاستدراج الإلهي الذي حذّر منه الإمام الحسين عليه السلام بقوله: "الاستدراج من الله سبحانه لعبده أن يسبُغَ عليه النعمَ ويسلبَهُ الشكر".

4 – الاقتصادُ وعدمُ التبذير بها والإسرافُ فيها، ففي  الحديث: "من اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بذّر وأسرف زالت عنه النعمة" وقد عُدَّ الاقتصادُ في التعامل مع النعمة من المنجيات كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "وأما المنجيات فخوف الله في السـر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة العدل في الرضا والسخط". وفي المقابل نهى الله تعالى عن التبذير والإسراف في النعمة، فقد قال عز وجل "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(الإسراء:26-27). وقال تعالى ﴿كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(الأنعام:141).

وقد قيل في الفرق بين التبذير والإسراف في مقابلة نعم الله تعالى: إن التبذير عبارة عن الإنفاق فيما لا ينبغي، وفي غير موضعه كحرق المال وإتلاف الطعام الذي يمكن الاستفادة منه . أما الإسراف فهو عبارة عن الصرف زيادة على ما ينبغي، وهذا ما قد يبتلى به كثير من المؤمنين في حياتهم سواء في موائدهم أو غيرها، بل في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام "إن لله ملكاً يكتب سرف الوضوء" وقد نص ثلة من العلماء على أن الإسراف يُعدّ من الكبائر حتى لو تعلق بماله الخاص كما ذكر بعضهم في شرح الأربعين للشيخ البهائي حينما عدّ الكبائر فقال: العاشر: الإسراف في مال نفسه أي صرفه زائداً على القدر الذي ينبغي.

ويُصعب الأمر حينما يتعلق الأموال العامة، كبيت المال، أو ما نعبر عنه هذه الأيام بمال العمل، وهذا يعرف من خلال سيرة أمير المؤمنين عليه السلام الذي كان حريصاً على عدم هدر المال العام، وعلى الالتفات إلى الاستفادة القصوى منه حتى ورد عنه أنه كتب إلى عماله: "ادقوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عني فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، وإياكم والإكثار، فإن أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار".

وآخِرُ دَعْوانا أنْ الحمدُ لله ربِّ العالمين

2009-07-11