يتم التحميل...

البعد الإلهي للانتصار

جمادي الاول

نبارك لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ولولي أمر المسلمين آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي مدّ ظلّه العالي ولكم ولكلّ المجاهدين في المقاومة الإسلامية، وعوائل الشهداء، والأسرى والجرحى ولكلّ المستضعفين عيد المقاومة والتحرير.

عدد الزوار: 59
بسم الله الرحمن الرحيم

البعد الإلهي للانتصار

المناسبة: اندحار العدو الصهيوني عام 2000


نبارك لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ولولي أمر المسلمين آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي مدّ ظلّه العالي ولكم ولكلّ المجاهدين في المقاومة الإسلامية، وعوائل الشهداء، والأسرى والجرحى ولكلّ المستضعفين عيد المقاومة والتحرير.

إن اندحار العدوّ الإسرائيلي عن جزء كبير وعزيز من أرضنا في 25 أيار سنة 2000م، هو انتصار حقيقي للمقاومة الإسلاميّة ودماء شهدائها وجهاد مجاهديها وهزيمة حقيقيّة للعدوّ الصهيوني. وهو قبل كلّ شيء وبعد كلّ شيء نصر إلهي بكلّ ما ينطوي عليه من عوامل وأسباب وقوى مادّيّة وغيبيّة.

يقول الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(الأنفال:26).﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(غافر:51). ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(آل عمران:126).

يقول سماحة الأمين العام حفظه الله: "نحن عباد الله نعلن أمام العالم كلّه أنّ هذا النصر من الله سبحانه وتعالى، وهو الذي هدانا إلى طريق المقاومة، هو الذي دلّنا سواء السبيل، هو الذي ثبّت قلوبنا منذ سنوات طويلة، هو الذي ملأ قلوبنا طمأنينة، وأنفسنا عشقاً للشهادة، وهو الذي ألقي في قلوب أعدائنا الرعب، هو الذي رمى وهو الذي أصاب، هو الذي دمّر المواقع، هو الذي هدم الحصون، هو الذي قتل الجبابرة، وهو الذي صنع هذا النصر، ونحن نشكره ونحمده، ونسبّحه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونخضع له، وندعوه أن يتمّ لنا نصرنا بأن يحرّر كلّ الأرض، وكلّ الأخوة، وكلّ هذه الأمّة المعذّبة المظلومة".

وعندما نأتي إلى الخلائق لا بدّ أن نذكر أولاً: الشهداء كلّ الشهداء.. لا بدّ أن نعترف لهؤلاء الشهداء بالفضل الأوّل والأكبر بعد الله سبحانه وتعالى. لسيّد شهداء المقاومة الإسلاميّة السيّد عباس الموسوي، لشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، ولأخ عزيز كان عاشقاً للشهادة مقاوماً مجاهداً، جندياً مجهولاً، هو فضيلة الشيخ المقاوم والمجاهد، الشيخ أحمد يحيى الذي قضى في الأيّام الأخيرة، وكان مجاهداً طاهراً وعابداً، كان يصرّ أن يكون أوّل شيخ ينفّذ عملية استشهادية في تاريخ الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، يجب أن نعترف لهؤلاء الاستشهاديّين، من أحمد قصير إلى بلال فحص، إلى عمّار حمّود.. هذه الدماء الزكيّة صنعت النصر، يجب أن نعترف للمجاهدين المقاومين المضحّين الذين تركوا الديار والأهل والجامعات والمصانع والمزارع وقضوا زهرة شبابهم وعمرهم في القتال والجهاد. يجب أن نذكر عوائل الشهداء، يجب أن نذكر الأسرى الذين ما زالوا في السجون، يجب أن نذكر الجرحى، وعوائل هؤلاء جميعاً، يجب أن نذكر كلّ من ربى وهيّأ وأسّس لهذا الخطّ الجهاديّ المقاوم في لبنان، يجب أن نذكر إمام المجاهدين والشهداء الإمام السيّد روح الله الموسوي الخميني قدس سره، يجب أن نذكر أوّل مؤسّس لخطّ المقاومة على الأرض اللبنانيّة سماحة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر أعاده الله بخير، يجب أن نذكر كلّ العلماء المضحّين، وكلّ الذين عملوا ليكون هنا في لبنان شعب مؤمن ومجاهد ومقاوم ومستعدّ للتضحية، يجب أن نذكر سكّان الشريط الذين عانوا وتحمّلوا وذاقوا الويلات، وسكّان قرى خطوط المواجهة الذين كانوا يقصفون في كلّ يوم، لم يهنأ لهم عيش ولا حياة" 1.

●  العامل الأساس لانتصار

وعن العامل الأساسي للانتصار يقول سماحته حفظه الله: ".. العامل الأساسي لهذا النصر الإلهي التاريخي الكبير، هو ما ذكره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في إحدى كلماته عندما يقول "الحرب سجال، فيوم لنا من عدوّنا، ويوم لعدوّنا منا، حتى إذا رأى الله صدقنا، أنزل علينا النصر وبعدوّنا الكبت"هذه الحرب السجال هي التي قادنا إليها السيّد عباس، وكنّا نعرف أنّنا في حرب سجال، وسنَقتِل فيها ونُقتَل، وسنَغلب فيها ونُغلب، وسنُهزم فيها وننتصر، وستقصف فيها بيوتنا ونقصف بيوت أعدائنا، وسنخاف فيها ويخافون فيها. كنّا نعرف أنّ هذه هي الحرب، ولكنّنا كنّا نعرف النتيجة، وكنّا نراها بأمّ العين في وجوه الشهداء، وفي عيون أيتام الشهداء، وفي دموع أمهات الشهداء، وابتسامات آباء الشهداء، وفي عزم المجاهدين كنّا نرى النصر الذي رآه الناس جميعاً اليوم. ليس القتال هو الذي صنع النصر، القتال كان دليلاً وشاهداً منّا أمام ربّنا على صدقنا، وصدقنا هو الذي أنزل النصر، صدقنا وإخلاصنا هو الذي استجلب هذا النصر واستعجله وأعطاه هذا العمق وهذا الحجم وهذه القوّة وهذه الاندفاعة. لقد أثبتم وأثبت شعبنا في لبنان والمجاهدون والمقاومون أنّهم صادقون ومخلصون وأوفياء.

هذه المقاومة الصادقة المخلصة، ميزتها وخصوصيّتها منذ البداية ومنذ اليوم الأوّل، عندما جلس السيّد عباس والبعض من إخوانه في مدرسة الإمام المنتظر الدينيّة في مدينة بعلبك عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982م، ليؤسّسوا هذه المقاومة، لم يكن أحد يفكّر بدنيا ولا بحطامها، كانوا يفكّرون بالله. هذه المقاومة منذ اليوم الأوّل كانت مقاومة الله، وقتالها ودموعها ودماؤها وسعادتها وألهما وفرحها وحزنها وتضحيّاتها لله تعالى.

هؤلاء الذين قدّموا أولادهم وأنفسهم وأهليهم وإخوانهم وصبروا وتحمّلوا، كانوا يرون الله ويطمعون برضاه ورضوانه وبتوفيقه وبنصره، ولذلك كانت المقاومة في لبنان من أبرز المصاديق التاريخيّة ومن أبرز المصاديق المعاصرة لقوله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ(محمد:7) 2

إنّ هذه الروحيّة التي يتحدّث عنها سماحة الأمين  العام حفظه الله، روحيّة الإيمان والصدق والإخلاص، يجب أن نحتفظ بها وأن نحافظ عليها ونصونها بالتدين والورع وحبّ الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام والتفكير بالآخرة والابتعاد عن المعصية، وليس بوسعنا تحقيق ذلك إذا أقبلنا على الدنيا وزخارفها وشهواتها وحطامها، لأنّه لا تجتمع الدنيا والآخرة في قلب واحد.

وآخِرُ دَعْوانا أنْ الحمدُ لله ربِّ العالمين

 


1- خطاب بنت جبيل 25/5/2000م
2-من خطاب النبي شيت 9/06/2000م
2009-07-10