يتم التحميل...

مرايا الريح‏

خواطر جهادية

على الصخر، كفّ‏ُ الريح تعتو وتقرعُ‏ فترتجّ‏ُ غاب، والربى تتصدَّعُ‏ وينفجر الليل الأَصَمّ‏ُ صواعقاً ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا

عدد الزوار: 43
على الصخر، كفّ‏ُ الريح تعتو وتقرعُ‏ فترتجّ‏ُ غاب، والربى تتصدَّعُ‏
وينفجر الليل الأَصَمّ‏ُ صواعقاً ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا
عَشِقْتُ مرايا الريح تشبو بهيَّةً تمرُّ وأنفاس الدجى تتقطَّع‏
مقاومةً! أنتِ اجتراح عظائمٍ كأنَّكِ سيفُ اللَّه: عاصٍ وطيِّع‏
زنودُكِ، ما أبهى، رنينُ معاولٍ‏ وقلبكِ، ما أثرى، سَخِيّ ومُتْرَع‏
زَرعْتِ ميادين الجهاد شقائقاً مُضَرَّجةً، ريَّا الثرى، تتضوَّع‏
فأزْهَرتِ الوديان: خيلاً وأسيفاً وهام جبين الأرز يعلو ويسطع‏
وراحت سواري الوَعْر تقتحم الوغى‏ وتستاف كأس الموت شهداً يُتَعْتِع
فتبْرُق نيراناً وترعُدُ جُلجُلاً وتمخض رَحْمُ الغاب عَصْفاً يزعزع
ويولَدُ فجر الانتصار مُدَوِّياً صدى قمرٍ فوق الجنوب يُشَعْشِع‏
صَحَوْنا على قرع الطبول بيارقاً ووجه السما: شمس وتاج وبُرْقع‏
وتنداح أرتالُ الرجال بنادقاً تصِلّ‏ُ وترمي والرَّصاص يُلَعلِع‏
ويصدَح في عُرس الكرامة سيّد ويتلو من الايات، حمداً، ويخشع‏
وتهفو قلوب السامعين تعِلَّةً وترنو إليه أعين تتضرَّع‏
فيسقُط عرش مستعار مُقنَّع أمامَ إمام ِ الانتصار ويركع‏
ففي كل وادٍ نحن ظلّ ومنهل‏ وفوق الرواسي نحن شمس ومطلع‏
نُضي‏ءُ شموع العنفوان ونجتلي‏ مَسارَ الثريّا كيف تسمو وتُبدع‏
كِلانا وإزميل الرياح مجامِر نُقصِّب ناراً فوق نارٍ ونشقع‏
حضارتنا: الإنسان يغلو كرامةً فلا مُعتدٍ قهَّارُ أو مُتَخَضِّع‏
نحرر أسرانا، ونُعْظِم قدرهمْ‏ فكمْ من عذاب السجن مُرّاً تجرَّعوا
وكم أذهل السجَّانَ صُلْبُ عنادِهمْ‏ فلا خائن أو خانِع أو هُنَّع‏
وكمْ أصفياءُ اللَّه شَّقُّوا طرائقاً إلى سِدْرَةِ الجنَّات، فوقُ، وأَمْرعوا
وها رَجَعَتْ حتى العظام تلَهُّفاً ‏ كما السيفُ بعد الطعن للغمد يرجِع
هو الشعب يأبى الأرض، هونى، بلا حمى وتأباه ليثاً في العرائن يهلع
فكان لنا أيار أرضاً منيعةً فلا قَدَم للغاصبين وإصبع‏
وكان لنا كانون عَوْد أحبَّةٍ وكان وراء العَوْد: زَنْد ومِدفع‏
فمهما عروش الظالمين تطاولتْ‏ فإنّ‏َ يداً للحق تعلو وتخلع‏
حصاد شهيّ! فرحتان! وأعين‏ مُوَلَّهَةُ الأهداب! تنشى وتدمع‏
فتورق أجفانُ الرجال مهابةً ويُحْصِن "سفحَ الشيخ" أُسْد وأَسْبُع‏
ويستعرُ الأقصى وتثرو حجارة وفوق قِباب القدس: طفل ومَقلْع
وتنتظم الأطفال عِقْدَ جواهرٍ وكوكبها الدُّريّ‏ُ سيف مُرَصَّع‏
ويونِع تاريخ العروبة نخوةً وينهار هم في الهزائم موجِع‏
فنُخْرِج من بين الصفوف مُخادعاً ويَنْزاح عن صدر البنادقِ أكْتع‏
فلا موقِع يختال فيه منافق ولا مِنبر منهُ يُنقنِق ضِفدع‏
مقاومة ردَّتْ شَمائلَ أُمَّةٍ تنسَّمها رملُ الصحارى المُلَّوع
تؤدِّي صلاةَ الفجر مَعْ شهدائها وفي قلبها سِرُّ الشهادة مودَع
فيَشْمَخُ "غار" في مشارف "مكةٍ" وترمَحُ أعناق النخيل وتَتْلَع‏
ويَطْلُعُ من فوق "المدينة" بدرُها ويَشْهَدُ "بدراً" والحمام يُسَجِّع
وينْهَضُ من بين الصحابة "فارس" يباري، وينضو "ذا الفقارَ" ويصرع
وفي كربلاء الرملُ يغلو شهادةً و "هيهاتِ منا ذِلَّة..." وتفجُّع
فيمسح في قانا "المسيحُ" دماءه‏ ويرجُمُ شيطانَ العصور ويَرْدَع‏
وهَنَّا "صلاح الدين" يحضن "خالداً" وهَنَّا "المُثنَّى" فاتحاً يتمنَّع‏
كأنّ‏َ رموز المؤمنين توافدوا وبَرُّوا الفدى واستنصروا وتطوَّعوا
بلادي، اْشمخي، اعلَوْلي استنيري مواضياً فنحن هدى الماضي: غد يترعرع‏
نَشُكّ‏ُ خميلَ الروح ريشَ بلابلٍ‏ ونُصبح قيثارَ الزمان يُرَجِّع
ونَفْرُش شال الريح زورقَ حُبِّنا ونُبحِر خلف الغيم: نشتو ونربع
ونغرف من سحر السماء بيانَها ونرشف لا عين رأتْ... هِيَ تسمع‏
فكل فضاءٍ نقشُ خُضْرِ عيوننا ومن كفِّنا تلك الكواكبُ تَرْضَع‏
أنا... وردة!! دَمِّي كتبْتُ وأدمعي‏ وخلف يراع الورد: صَدر وأضلع‏
نَخَلْتُ تراب القلب فامتلأتْ يدي شقائقَ قانا: أسيفاً تتفرَّع‏
فأيقنتُ أنّ‏َ الدمّ‏َ مَهْرُ حبيبتي على عرشها، منصورةً، تتربَّع‏

محمد توفيق صادق


* نسائم الانتصار. تأليف مجموعة من الشعراء. الناشر: مركز الإمام الخميني الثقافي. ط: الأولى نيسان 2005م- 1426ه. ص: 21- 29.

2011-01-17