مرايا الريح
خواطر جهادية
على الصخر، كفُّ الريح تعتو وتقرعُ فترتجُّ غاب، والربى تتصدَّعُ وينفجر الليل الأَصَمُّ صواعقاً ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا
عدد الزوار: 454| على الصخر، كفُّ الريح تعتو وتقرعُ | فترتجُّ غاب، والربى تتصدَّعُ |
| وينفجر الليل الأَصَمُّ صواعقاً | ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا |
| عَشِقْتُ مرايا الريح تشبو بهيَّةً | تمرُّ وأنفاس الدجى تتقطَّع |
| مقاومةً! أنتِ اجتراح عظائمٍ | كأنَّكِ سيفُ اللَّه: عاصٍ وطيِّع |
| زنودُكِ، ما أبهى، رنينُ معاولٍ | وقلبكِ، ما أثرى، سَخِيّ ومُتْرَع |
| زَرعْتِ ميادين الجهاد شقائقاً | مُضَرَّجةً، ريَّا الثرى، تتضوَّع |
| فأزْهَرتِ الوديان: خيلاً وأسيفاً | وهام جبين الأرز يعلو ويسطع |
| وراحت سواري الوَعْر تقتحم الوغى | وتستاف كأس الموت شهداً يُتَعْتِع |
| فتبْرُق نيراناً وترعُدُ جُلجُلاً | وتمخض رَحْمُ الغاب عَصْفاً يزعزع |
| ويولَدُ فجر الانتصار مُدَوِّياً | صدى قمرٍ فوق الجنوب يُشَعْشِع |
| صَحَوْنا على قرع الطبول بيارقاً | ووجه السما: شمس وتاج وبُرْقع |
| وتنداح أرتالُ الرجال بنادقاً | تصِلُّ وترمي والرَّصاص يُلَعلِع |
| ويصدَح في عُرس الكرامة سيّد | ويتلو من الايات، حمداً، ويخشع |
| وتهفو قلوب السامعين تعِلَّةً | وترنو إليه أعين تتضرَّع |
| فيسقُط عرش مستعار مُقنَّع | أمامَ إمام ِ الانتصار ويركع |
| ففي كل وادٍ نحن ظلّ ومنهل | وفوق الرواسي نحن شمس ومطلع |
| نُضيءُ شموع العنفوان ونجتلي | مَسارَ الثريّا كيف تسمو وتُبدع |
| كِلانا وإزميل الرياح مجامِر | نُقصِّب ناراً فوق نارٍ ونشقع |
| حضارتنا: الإنسان يغلو كرامةً | فلا مُعتدٍ قهَّارُ أو مُتَخَضِّع |
| نحرر أسرانا، ونُعْظِم قدرهمْ | فكمْ من عذاب السجن مُرّاً تجرَّعوا |
| وكم أذهل السجَّانَ صُلْبُ عنادِهمْ | فلا خائن أو خانِع أو هُنَّع |
| وكمْ أصفياءُ اللَّه شَّقُّوا طرائقاً | إلى سِدْرَةِ الجنَّات، فوقُ، وأَمْرعوا |
| وها رَجَعَتْ حتى العظام تلَهُّفاً | كما السيفُ بعد الطعن للغمد يرجِع |
| هو الشعب يأبى الأرض، هونى، بلا حمى | وتأباه ليثاً في العرائن يهلع |
| فكان لنا أيار أرضاً منيعةً | فلا قَدَم للغاصبين وإصبع |
| وكان لنا كانون عَوْد أحبَّةٍ | وكان وراء العَوْد: زَنْد ومِدفع |
| فمهما عروش الظالمين تطاولتْ | فإنَّ يداً للحق تعلو وتخلع |
| حصاد شهيّ! فرحتان! وأعين | مُوَلَّهَةُ الأهداب! تنشى وتدمع |
| فتورق أجفانُ الرجال مهابةً | ويُحْصِن "سفحَ الشيخ" أُسْد وأَسْبُع |
| ويستعرُ الأقصى وتثرو حجارة | وفوق قِباب القدس: طفل ومَقلْع |
| وتنتظم الأطفال عِقْدَ جواهرٍ | وكوكبها الدُّريُّ سيف مُرَصَّع |
| ويونِع تاريخ العروبة نخوةً | وينهار هم في الهزائم موجِع |
| فنُخْرِج من بين الصفوف مُخادعاً | ويَنْزاح عن صدر البنادقِ أكْتع |
| فلا موقِع يختال فيه منافق | ولا مِنبر منهُ يُنقنِق ضِفدع |
| مقاومة ردَّتْ شَمائلَ أُمَّةٍ | تنسَّمها رملُ الصحارى المُلَّوع |
| تؤدِّي صلاةَ الفجر مَعْ شهدائها | وفي قلبها سِرُّ الشهادة مودَع |
| فيَشْمَخُ "غار" في مشارف "مكةٍ" | وترمَحُ أعناق النخيل وتَتْلَع |
| ويَطْلُعُ من فوق "المدينة" بدرُها | ويَشْهَدُ "بدراً" والحمام يُسَجِّع |
| وينْهَضُ من بين الصحابة "فارس" | يباري، وينضو "ذا الفقارَ" ويصرع |
| وفي كربلاء الرملُ يغلو شهادةً | و "هيهاتِ منا ذِلَّة..." وتفجُّع |
| فيمسح في قانا "المسيحُ" دماءه | ويرجُمُ شيطانَ العصور ويَرْدَع |
| وهَنَّا "صلاح الدين" يحضن "خالداً" | وهَنَّا "المُثنَّى" فاتحاً يتمنَّع |
| كأنَّ رموز المؤمنين توافدوا | وبَرُّوا الفدى واستنصروا وتطوَّعوا |
| بلادي، اْشمخي، اعلَوْلي استنيري مواضياً | فنحن هدى الماضي: غد يترعرع |
| نَشُكُّ خميلَ الروح ريشَ بلابلٍ | ونُصبح قيثارَ الزمان يُرَجِّع |
| ونَفْرُش شال الريح زورقَ حُبِّنا | ونُبحِر خلف الغيم: نشتو ونربع |
| ونغرف من سحر السماء بيانَها | ونرشف لا عين رأتْ... هِيَ تسمع |
| فكل فضاءٍ نقشُ خُضْرِ عيوننا | ومن كفِّنا تلك الكواكبُ تَرْضَع |
| أنا... وردة!! دَمِّي كتبْتُ وأدمعي | وخلف يراع الورد: صَدر وأضلع |
| نَخَلْتُ تراب القلب فامتلأتْ يدي | شقائقَ قانا: أسيفاً تتفرَّع |
| فأيقنتُ أنَّ الدمَّ مَهْرُ حبيبتي | على عرشها، منصورةً، تتربَّع |
|
محمد توفيق صادق |
|
* نسائم الانتصار. تأليف مجموعة من الشعراء. الناشر: مركز الإمام الخميني الثقافي. ط: الأولى نيسان 2005م- 1426ه. ص: 21- 29.
2011-01-17
