مرايا الريح
خواطر جهادية
على الصخر، كفُّ الريح تعتو وتقرعُ فترتجُّ غاب، والربى تتصدَّعُ وينفجر الليل الأَصَمُّ صواعقاً ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا
عدد الزوار: 166على الصخر، كفُّ الريح تعتو وتقرعُ | فترتجُّ غاب، والربى تتصدَّعُ |
وينفجر الليل الأَصَمُّ صواعقاً | ويرتاعُ مَنْ هانوا وخانوا ورَوَّعوا |
عَشِقْتُ مرايا الريح تشبو بهيَّةً | تمرُّ وأنفاس الدجى تتقطَّع |
مقاومةً! أنتِ اجتراح عظائمٍ | كأنَّكِ سيفُ اللَّه: عاصٍ وطيِّع |
زنودُكِ، ما أبهى، رنينُ معاولٍ | وقلبكِ، ما أثرى، سَخِيّ ومُتْرَع |
زَرعْتِ ميادين الجهاد شقائقاً | مُضَرَّجةً، ريَّا الثرى، تتضوَّع |
فأزْهَرتِ الوديان: خيلاً وأسيفاً | وهام جبين الأرز يعلو ويسطع |
وراحت سواري الوَعْر تقتحم الوغى | وتستاف كأس الموت شهداً يُتَعْتِع |
فتبْرُق نيراناً وترعُدُ جُلجُلاً | وتمخض رَحْمُ الغاب عَصْفاً يزعزع |
ويولَدُ فجر الانتصار مُدَوِّياً | صدى قمرٍ فوق الجنوب يُشَعْشِع |
صَحَوْنا على قرع الطبول بيارقاً | ووجه السما: شمس وتاج وبُرْقع |
وتنداح أرتالُ الرجال بنادقاً | تصِلُّ وترمي والرَّصاص يُلَعلِع |
ويصدَح في عُرس الكرامة سيّد | ويتلو من الايات، حمداً، ويخشع |
وتهفو قلوب السامعين تعِلَّةً | وترنو إليه أعين تتضرَّع |
فيسقُط عرش مستعار مُقنَّع | أمامَ إمام ِ الانتصار ويركع |
ففي كل وادٍ نحن ظلّ ومنهل | وفوق الرواسي نحن شمس ومطلع |
نُضيءُ شموع العنفوان ونجتلي | مَسارَ الثريّا كيف تسمو وتُبدع |
كِلانا وإزميل الرياح مجامِر | نُقصِّب ناراً فوق نارٍ ونشقع |
حضارتنا: الإنسان يغلو كرامةً | فلا مُعتدٍ قهَّارُ أو مُتَخَضِّع |
نحرر أسرانا، ونُعْظِم قدرهمْ | فكمْ من عذاب السجن مُرّاً تجرَّعوا |
وكم أذهل السجَّانَ صُلْبُ عنادِهمْ | فلا خائن أو خانِع أو هُنَّع |
وكمْ أصفياءُ اللَّه شَّقُّوا طرائقاً | إلى سِدْرَةِ الجنَّات، فوقُ، وأَمْرعوا |
وها رَجَعَتْ حتى العظام تلَهُّفاً | كما السيفُ بعد الطعن للغمد يرجِع |
هو الشعب يأبى الأرض، هونى، بلا حمى | وتأباه ليثاً في العرائن يهلع |
فكان لنا أيار أرضاً منيعةً | فلا قَدَم للغاصبين وإصبع |
وكان لنا كانون عَوْد أحبَّةٍ | وكان وراء العَوْد: زَنْد ومِدفع |
فمهما عروش الظالمين تطاولتْ | فإنَّ يداً للحق تعلو وتخلع |
حصاد شهيّ! فرحتان! وأعين | مُوَلَّهَةُ الأهداب! تنشى وتدمع |
فتورق أجفانُ الرجال مهابةً | ويُحْصِن "سفحَ الشيخ" أُسْد وأَسْبُع |
ويستعرُ الأقصى وتثرو حجارة | وفوق قِباب القدس: طفل ومَقلْع |
وتنتظم الأطفال عِقْدَ جواهرٍ | وكوكبها الدُّريُّ سيف مُرَصَّع |
ويونِع تاريخ العروبة نخوةً | وينهار هم في الهزائم موجِع |
فنُخْرِج من بين الصفوف مُخادعاً | ويَنْزاح عن صدر البنادقِ أكْتع |
فلا موقِع يختال فيه منافق | ولا مِنبر منهُ يُنقنِق ضِفدع |
مقاومة ردَّتْ شَمائلَ أُمَّةٍ | تنسَّمها رملُ الصحارى المُلَّوع |
تؤدِّي صلاةَ الفجر مَعْ شهدائها | وفي قلبها سِرُّ الشهادة مودَع |
فيَشْمَخُ "غار" في مشارف "مكةٍ" | وترمَحُ أعناق النخيل وتَتْلَع |
ويَطْلُعُ من فوق "المدينة" بدرُها | ويَشْهَدُ "بدراً" والحمام يُسَجِّع |
وينْهَضُ من بين الصحابة "فارس" | يباري، وينضو "ذا الفقارَ" ويصرع |
وفي كربلاء الرملُ يغلو شهادةً | و "هيهاتِ منا ذِلَّة..." وتفجُّع |
فيمسح في قانا "المسيحُ" دماءه | ويرجُمُ شيطانَ العصور ويَرْدَع |
وهَنَّا "صلاح الدين" يحضن "خالداً" | وهَنَّا "المُثنَّى" فاتحاً يتمنَّع |
كأنَّ رموز المؤمنين توافدوا | وبَرُّوا الفدى واستنصروا وتطوَّعوا |
بلادي، اْشمخي، اعلَوْلي استنيري مواضياً | فنحن هدى الماضي: غد يترعرع |
نَشُكُّ خميلَ الروح ريشَ بلابلٍ | ونُصبح قيثارَ الزمان يُرَجِّع |
ونَفْرُش شال الريح زورقَ حُبِّنا | ونُبحِر خلف الغيم: نشتو ونربع |
ونغرف من سحر السماء بيانَها | ونرشف لا عين رأتْ... هِيَ تسمع |
فكل فضاءٍ نقشُ خُضْرِ عيوننا | ومن كفِّنا تلك الكواكبُ تَرْضَع |
أنا... وردة!! دَمِّي كتبْتُ وأدمعي | وخلف يراع الورد: صَدر وأضلع |
نَخَلْتُ تراب القلب فامتلأتْ يدي | شقائقَ قانا: أسيفاً تتفرَّع |
فأيقنتُ أنَّ الدمَّ مَهْرُ حبيبتي | على عرشها، منصورةً، تتربَّع |
محمد توفيق صادق |
* نسائم الانتصار. تأليف مجموعة من الشعراء. الناشر: مركز الإمام الخميني الثقافي. ط: الأولى نيسان 2005م- 1426ه. ص: 21- 29.
2011-01-17