يتم التحميل...

التجهيز

في رحاب الولي

إن المباغتة هي من أمضى الأسلحة في العمل العسكري، لذلك لا تستطيع القوات المسلحة أن تنتظر حصول المعركة حتى تبادر لتجهيز نفسها وتأمين متطلباتها على المستوى المادي والبشري... بل يجب على القوات المسلحة أن تبقى جاهزة ومتيقظة على الدوام

عدد الزوار: 226

الجهوزية

إن المباغتة هي من أمضى الأسلحة في العمل العسكري، لذلك لا تستطيع القوات المسلحة أن تنتظر حصول المعركة حتى تبادر لتجهيز نفسها وتأمين متطلباتها على المستوى المادي والبشري... بل يجب على القوات المسلحة أن تبقى جاهزة ومتيقظة على الدوام حتى لا تفقد زمام المبادرة وتبقى قادرة على مواجهة جميع التحديات التي قد تفرض عليها.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"أنتم أيها القادة يقع ضمن مسؤوليتكم أن ترفعوا من مستوى اقتدار الحرس كماً وكيفاً... فتابعوا التعلم بدرجة كبيرة...".
والاستعداد والجهوزية يجب أن تكون في شتى الميادين والمجالات.

يقول دام ظله:"أعدوا أنفسكم في شتى المجالات والميادين".

وهذه الميادين واسعة ومتعددة، بعضها معنوي له علاقة بالجانب الروحي وبعضها الآخر مادي.

الجانب المعنوي‏

نشير في الجانب المعنوي والنفسي إلى الأمور التالية التي ينبغي توفرها على الدوام:

1-الشعور بالمسؤولية

إن الشعور بالمسؤولية والاهتمام بشؤون المسلمين والمستضعفين، هوأول أمر يجب أن يكون حاضراً في الوجدان، فالإنسان الذي يعيش اللامبالاة لن يكون مفيداً مهما كانت جهوزيته كاملة في جميع الجهات الأخرى.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"لا تفقدوا ولو للحظة واحدة الإحساس والشعور بالمسؤولية فأنتم سوف ترتقون يوماً بعد يوم سلّم العز والشرف وسوف يزداد عزكم هذا في أعين الناس، وأكثر من هذا عند الله تعالى".

2-تهذيب النفس

إن تهذيب النفس وجعلها مطابقة للمفاهيم والأخلاق والسلوكيات الإسلامية هو شرط أساسي على مستوى الجهوزية، لذلك نجد الإمام الخامنئي دام ظله، يجعل ذلك تكليفاً لكل واحد وخصوصاً القادة.

يقول دام ظله:"على كل واحد من القادة أن يعتبر تهذيب النفس تكليفاً عليه".

هذا ما يجب أن تكون عليه القوات المسلحة كلها:"يجب أن تكون في أعلى درجات المعنويات وتثبيت القلوب على الإيمان".

والتأكيد على هذا الأمر يرجع إلى عدة أسباب منها:

أ-الصبر والصمود

هذا الإيمان وهذا التهذيب للنفس والارتباط بالباري جل وعلا له قيمته العالية جداً في ميادين الجهاد.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"كل فرد من قوات الحرس يجب أن يصل من ناحية الذخيرة المعنوية والإيمانية إلى درجة تمكنه فيما لو بقي وحيداً في الميدان ولم يبق معه أحد على الإطلاق أن يصمد في مواجهة كل قوى العالم...هذا الأمر لازم... وهو يعتمد على أساسين: المعرفة والإيمان".

نعم يستطيع الإنسان أن يقف وحده في مواجهة كل هؤلاء ويصمد ويستمر إذا هذّب نفسه وقطع علائق الدنيا وحبها من قلبه ولم يبقَ في قلبه سوى الله سبحانه وتعالى.

ب-عدم السقوط والانحراف

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"لا تسمحوا لأي شي‏ء أن يزيلكم عن الجهاد، فأفضل الأشخاص معرضون للسقوط والانزلاق، واعلموا أن جميع الأشخاص حتى الصالحين منهم والمسددين والحكماء العلماء الاتقياء معرضون لخطر السقوط، لهذا وفي أي منصب كنتم وبأي مستوى الجئوا إلى الله".

ج-حفظ الهوية

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"بالإضافة إلى حفظ الجهوزية العسكرية عليكم أن تحفظوا الجهوزية المعنوية والنفحات الروحية والإيمان، فهذا جوهر تميّز قوات الحرس... ونحن نريد أن تكون كل قواتنا المسلحة على هذه الشاكلة، فاحفظوا ذلك واجعلوه يقوى ويتكامل".

د- تقديم النموذج المشرق

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"عليكم أن تقووا أنفسكم من الناحية المعنوية والعلمية، وأن تكونوا أمثولة التقوى والورع بالنسبة للناس".

وصلاة الليل من الأمور التي أكد عليها الإمام الخامنئي دام ظله كمفردة أساسية من مفردات تهذيب النفس التي ينبغي أن تؤدى بحضور قلب وتوجه.

يقول دام ظله:"صلوا صلاة الليل بتوجه وحضور، ولنفهم ما نقوم به فيها، لا أن نؤديها بدون توجه".

3-الثقافة

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب أن يصل أفراد الحرس إلى العمق الفكري المناسب، لأن مجرد وجود الدوافع والمحفزات الإيمانية ليس كافياً، فإن المعرفة والتعلم والاطلاع الكافي أمور لازمة".

فهذا العلم وهذه الثقافة قادرة على سد نقاط الضعف وقطع الطريق على الأعداء في محاولاتهم الاستفادة من نقاط الضعف والنفوذ من خلالها.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"أيها المسؤولون الثقافيون في قوات الحرس عليكم أن تسلحوا أفراد الحرس بالاستدلال والمنطق وقوة الإيمان لمواجهة المؤامرات ولكي لا يتمكن العدو من النفوذ إلى أولئك بسبب نقاط الضعف في هذا المجال".

فالاهتمام بالعلم والثقافة أمر ضروري، ولكن ضمن السقف المناسب للقوات المسلحة، فليس من المطلوب أن يكون فيلسوفاً مثلاً، بل المطلوب أن يكون الإنسان مطلعاً على الأمور عارفاً بدينه.

يقول دام ظله:"في يومنا هذا، يجب عليكم أن تتعرفوا على إلهامات وإشارات القرآن وعلى المعارف الإسلامية العميقة المطلوبة، لا إلى حد الفيلسوف المتخصص بل إلى مستوى إنسان عارف ومطلع على الأمور".

ويجب أن يكون ذلك بالأسلوب المناسب الذي يضمن تحقق الثقافة الثورية في هذه القوات.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"أيها المسؤولون الثقافيون يجب عليكم أن تحقنوا أفراد القوات المسلحة لمواجهة الآفات والأمراض، وأن تضمنوا حاكمية الثقافة الثورية على هذا الجسم".

وهل تختص الثقافة والمعرفة بفئة معينة في القوات المسلحة كالمسؤولين والقادة، أم أنها لازمة لكل الأفراد؟

يؤكد الإمام الخامنئي دام ظله أنها لازمة للأفراد جميعاً غير مختصة بفئة دون أخرى.

يقول دام ظله:"الأمر المهم في قوات الحرس هو أن يكون لدينا معرفة دينية حتى لا نُخدع أو ننحرف... ولا يكفي أن تكون هذه المعرفة متحققة لدى القادة والمسؤولين... ولا يصح أن نقول يكفي أن يكون المسؤول جيداً وثقة أما بقية العناصر فلا مشكلة كيفما كانت!، في جيش الإسلام لا تُقبل هذه المسألة، وصحيح أن المسؤول يتحمل مسؤولية أعلى في هذا المجال، ولكن يجب على كل فرد تحصيل المعرفة الدينية".

الجانب المادي‏

وأما الاستعداد والجهوزية في الجانب المادي فيمكن تلخيصه بما يلي:

1-تطوير الإمكانات العسكرية

لا شك أن التجهيزات العسكرية في تطور مستمر، وقد قطعت أشواطاً في تأمين الاحتياجات العسكرية بأفضل أسلوب يتناسب مع المطلوب من جهة الدقة والسرعة والتشغيل بأقل كلفة ممكنة على المستوى البشري والمادي...

وهذه العناصر من الأمور التي تلعب دوراً أساسياً في المعركة، لذلك نجد القرآن الكريم يؤكد عليها:﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ1.

وهذا ما أكد عليه الإمام الخامنئي دام ظله حيث يقول:"على كافة القوات المسلحة في البلد أن تقوي ما أمكن نظم بنائها ومعداتها وامكاناتها القتالية...".

2-تنمية القدرات القتالية

بالإضافة إلى التجهيز المادي هناك إعداد بشري يجب أن يواكب التجهيز المادي، فالآلة إذا لم تجد من يشغلها بشكل صحيح فستفقد قيمتها في الميدان.

بل على المجاهد أن يكون جاهزاً لمواجهة كل الاحتمالات التي قد تفرضها ساحة المعركة، ويجب تنمية القدرات القتالية من جميع الجهات اللازمة.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب عليكم تنمية قدراتكم العسكرية والمحافظة على أجواء النظم والتعلم بأفضل صورة".

والاستعداد البشري يشكل الرصيد الأساسي الذي يجب تفعليه والاستفادة منه.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"في القوات المسلحة يوجد استعدادات وقابليات لامعة وملفتة في مختلف الأبعاد، لهذا يجب التعرف إليها وتنميتها، وتفعيل هذه الجواهر الإنسانية في سبيل الأهداف السامية للثورة".

3-النوعية أهم من الكمية

إن الاعتماد والتركيز على نوعية المقاتل أهم بكثير من التركيز على العدد، فالفعالية الأولى في المعركة هي للكفاءة والنوعية قبل العدد والكثرة، وهذا ما ينبغي أن تلتفت إليه القوات المسلحة.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"احفظوا دائرة الحرس ببضع ألوية تتمتع بالتجهيزات الحديثة والعقيدة والوعي السياسي اللازم والعميق وهذا أفضل من أن يكون لدينا خمسون أو ستون لواءً ليسوا كذلك".

ويقول دام ظله:"إنني اعتقد بأنه يتوجب على الحرس تنمية بنيته من الناحية النوعية أكثر من الناحية الكمية".

ما معنى النوعية؟

التركيز على النوعية يعني التركيز على صفات الأفراد أكثر من العدد. والصفات المطلوب توفرها في الأفراد هي كل ما سبق ذكره على المستوى المعنوي والمادي، بالإضافة إلى أمرين آخرين هما:

1-الإتقان

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب على القائد أن يكون مطلعاً دوماً على كل الأسس والتفاصيل المتعلقة بحدود مهمته".

والاطلاع على الأسس والتفاصيل يعني إتقان المهام وليس المقصود مجرد الاطلاع بل الوصول إلى الملكة التي تترجم في الممارسة بشكل متقن، وكذلك الاتقان الإداري.

يقول دام ظله:"إن معرفة دور وموقعية القوة العسكرية ودائرة عملها والمهمات الموكلة إليها مسألة مهمة. وذلك لكي لا يحصل التعدي أو الإهمال أو تداخل الوظائف والمهمات فلا يعود ذلك بفائدة على أحد".

2- معرفة ساحة العمل

بالإضافة إلى الإتقان والمَلكة لا بد من معرفة ساحة العمل بشكل كامل.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"لا ينبغي أن نقبل بقائد غير مطلع على دائرة مهمته الموكلة إليه".

3-اليقظة

إن مجرد إتقان المهام ومعرفة الساحة لا تكفي في العمل العسكري بل لا بد من مراقبة العدو ووضع الاحتياطات الكافية لمواجهته واليقظة الكافية.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب أن تعلموا أن العدو يتحيّن الفرص المناسبة لتوجيه الضربة إليكم ومن نام لم يُنم عنه، فأنتم إذا غفلتم سوف تتلقون الضربات".

القدرة على التحليل السياسي‏

إن الاطلاع على المجريات السياسية والقدرة على تحليلها، هو من الأمور التي تدخل في معارف القوات المسلحة التي ينبغي توفرها، خصوصاً إذا كانت تقوم بالأدوار التي تشابه دور الحرس.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"قوات الحرس يجب أن تعرف دورها وموقعها، وتكون على بصيرة وتتمتع بالوعي السياسي، والاطلاع على الزمان والمكان وتمتلك التحليل السياسي الصحيح حول الأحداث الداخلية والخارجية".فهي جزء من الوعي المطلوب الذي يدخل في تحصين القوات المسلحة أكثر ويساعدها على تأدية مهامها.

يقول دام ظله:"في المراحل الصعبة للثورة، عندما يختلط الحق بالباطل، كما كان أمير المؤمنين عليه السلام يبين قائلاً: "ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه"".

والذي يمتلك القدرة على التحليل السياسي يكون أكثر توقعاً للأحداث، ويضعف خطر مباغتته.

يقول دام ظله:"يجب أن يكون للقوة العسكرية بصيرة وحس سياسي، ويجب الإطلاع على الزمان والمكان حتى لا نقع في الخطأ ونُستغفل فالخطأ هنا مختلف والخسارة أعظم".

بل إن المعرفة السياسية هي جزء من الثقافة الدينية التي ينبغي توفرها في الجميع.

يقول دام ظله:"على كل فرد من الأخوة الحرس أن يكون متديناً...وبالطبع فإن المعارف الدينية شاملة أيضاً للمسائل السياسية، وليست منحصرة بالصلاة والصوم وأمثالها من العبادات، فإن معرفة العدو من الصديق ومعرفة الحوادث الجارية، وقدرة التحليل السياسي، كل هذه جزء من المعرفة الدينية والعمل الديني".

الابتعاد عن العمل السياسي‏

يجب أن نميز بين القدرة على التحليل وتوقع التطورات، وبين التدخل في العمل السياسي والدخول إلى ميادينه للتأثير، فهناك فرق كبير بينهما، والمطلوب من القوات المسلحة هو الأول دون الثاني، فعلى القوات المسلحة أن تبتعد عن العمل السياسي خصوصاً في الأمور الداخلية.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"الإمام حذر أفراد القوات المسلحة من الانخراط في الأحزاب والتيارات السياسية، ومنعهم من الدخول فيها، ولكن في نفس الوقت يجب أن يمتلك كل واحد من هذه القوات قدرة التحليل السياسي للأحداث والقضايا، ولأجل تحقق هذا الأمر يجب تهيئة الأجواء المناسبة".

والدخول في السياسة الداخلية والتيارات المختلفة هو أمر مهلك للقوات المسلحة.

يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"عناصر الحرس وانطلاقا من المهمة الملقاة على عاتقهم يجب أن يكون لديهم وعي وحس سياسي ولكن في الوقت نفسه يجب أن يبتعدوا عن كل أشكال التيارات السياسية، فهذا الأمر سمّ مهلك لكل مؤسسة عسكرية، يتوجب اجتنابه بقوة".

*التجهيز,سلسلة الجهاد-في رحاب الولي الخامنئي,نشر جمعية المعارف الاسلامية.


1- الأنفال:60.

2011-01-06