التنظيم والانضباط
في رحاب الولي
إن التنافس الإيجابي بين المؤسسات هو أمر مطلوب وجيد، لأنه يحافظ على النشاط والحيوية. قال تعالى:"سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"
عدد الزوار: 333
تكامل المؤسسات
إن التنافس الإيجابي بين المؤسسات هو أمر مطلوب وجيد، لأنه يحافظ على النشاط والحيوية.
قال تعالى:﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ 1.
لكن هذا التنافس إذا انقلب إلى تنافس سلبي تندفع فيه الشائعات وسوء الظن، فإن هذا التنافس سينقلب إلى مرض خطير يوصل في الدنيا إلى الإحباط بدل النشاط وفي الآخرة إلى الغضب الإلهي بدل الجنان!
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"التنافس السلبي بين أفراد القوات العسكرية وبقية الأقسام وفتح الأبواب لدخول الشائعات وشيوع سوء الظن أمراض خطرة يجب منعها من النفوذ إلى داخل القوة العسكرية بشدة، حتى لا تتلوث الأجواء العطرة التي تعيشها هذه المؤسسة المتطلعة إلى تحقيق الأهداف الإلهية".
فيجب أن تتكامل المؤسسسات مع بعضها البعض سواء كانت عسكرية أو غير ذلك، ويحافظ كل منها على الأجواء الإسلامية الصحيحة الكفيلة بعدم تحول التنافس الإيجابي إلى تنافس سلبي.
أهمية النظام والانضباط
النظام والانضباط هو شريان الحياة بالنسبة للقوة العسكرية، وهي حقيقة الهوية والحياة العسكرية، ولا بد أن تلتزم القوات العسكرية بهذين الأمرين بشكل كامل وإلا تحولت إلى مجرد حشود بشرية لا قيمة قتالية لها.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"تتلخص الهوية الحقيقية للقوات المسلحة في متانة نظمها، فالقوات المسلحة الخالية من النظم المتينة، إنما هي مجرد حشود بشرية لا قيمة قتالية لها، كما أن الأساس في ذلك البناء المتين هو الانضباط والأخوّة، وسلسلة المراتب في المؤسسة العسكرية ليست تمييزاً، إن هذه الجوانب لها أهمية بالغة".
ويمكن الإشارة إلى بعض المفردات الأساسية في النظم والانضباط أشار إليها الإمام الخامنئي دام ظله في هذه الكلمة وفي كلمات أخرى تتلخص بما يلي:
1- الترتيب والانضباط
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"العسكري يجب أن يكون في جميع حركاته وسكناته مرتباً ومنظماً، حتى في لباسه، وأقول دون مبالغة إن عدم رعاية هذا الانضباط العادي (كالاهتمام بأزرار القميص مثلاً) لا يبعث على الاطمئنان في ساحة الحرب وستكون أرواح الآخرين على عاتقه... ونحن قد جربنا ذلك في سنوات الحرب الثماني".
إن الدماء هي من أغلى الأمانات التي وضعها الله تعالى على عاتق الإنسان وقد تحملها العسكري، فالاستهتار بأي أمر عسكري مهما كان صغيراً، في تقديرنا قد يتسبب بالتفريط بدماء كان يمكن المحافظة عليها مع قليل من الانضباط والالتزام بالنظام، لذلك لا يجوز الاستخفاف بمثل هذه الأمور لأنها في الحقيقة استخفاف بدماء المؤمنين والعياذ بالله وهي بلا شك لا يرضى الله بإهمالها والإستخفاف بها بشكل من الأشكال.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"عليكم أن تنفذوا الأنظمة والقوانين العسكرية حرفياً (شعرة بشعرة) ولا تهملوا أي شيء مهما صغر... إن تنفيذ هذا القانون الإنضباطي أمر واجب ولازم".
ويقول دام ظله:"لقد تلقينا ولسنوات عدة ضربات ولطمات كثيرة من جراء اللامبالاة بالانضباط وبالنظام".
2- النظام
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"لا يتصورن أفراد القوة المسلحة لا سمح الله أن الاصطفاف ورفع الأرجل بتلك الطريقة المقررة في النظام هو أمر مخجل! فبهذه الكيفية يتم الاستعداد بشكل أفضل، إن النظام من الضرورات اللازمة".
وينقل دام ظله شعوره تجاه هذا النظام في حادثة حصلت معه، يقول:"ذهبت ذات مرة لتفقد إحدى كتائب الحرس، فرأيت العناصرمصطفين منظمين، وقائدهم يصدر إليهم أوامر التحرك بكيفية معينة (نظام مرصوص) فعندها ولشدة فرحي بكيت".
إن جميع هذه الأمور التي ذكرناها ليست كماليات بالنسبة للقوة العسكرية بل هي أمر أساسي وضروري يعبر عن جهوزية القوة المسلحة لمواجهة التحديات وبدون هذه الأمور لن تكون جاهزة.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"إنني أؤكد على النظام والانضباط والتخطيط وتنظيم الأمور، واعتبر أنه لن يكون بمقدور القوى المسلحة بدون هذه الأمور، أن تجعل جهوزيتها في الواقع العملي فهذه الأنظمة والطاعة للقادة والتي كان الإمام يؤكد عليها كثيراً المندرجة في السلسلة التنظيمية، يجب رعايتها لله وفي سبيل الله، واعتبارها من قيم الدفاع المسلح، وعندما يتحقق ذلك يبقى عنوان الحراسة محفوظاً".
•استمرارية التنظيم
إن التنظيم يؤمن الوسيلة الأنجع والأقصر لتلبية الحاجات العملية، وبالتالي فيجب أن يكون دائماً متماشياً مع الحاجات وقادراً على تلبيتها، وحيث أن الحاجات في حالة تغير وتتطور دائم كان لا بد للتنظيم أن يكون مواكباً لهذا التغير والتطور في الحاجات فيتم صياغته من جديد من الحاجات والتطورات الجديدة، وبناء عليه فحركة التنظيم هي حركة مستمرة لا تتوقف عند حد، وهذا لا يعني أن نصل إلى حالة عدم الاستقرار، بل لا بد من التوازن في ذلك.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب أن توجد مجموعة تدرس بشكل دائم تنظيم قوات الحرس، حتى إذا وجدت أسلوباً جديداً يجعل التنظيم أكثر فعالية تعمل على اعتماده، وبالطبع، أنا لا أميل إلى التبديل كل يوم لكن لا أميل أيضاً إلى التحجر في هذه المؤسسة".
3-سلسلة الرتب
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"لقد رأيتم كم كنت مهتماً بموضوع الرتب العسكرية، وذلك لأنها تساهم في تنظيم حركة العمل العسكري، ولا أقول بالطبع أن الرتب التي أعطيت للأفراد بها تقاس قيمة الأخ المقاتل المجاهد المضحي في سبيل الله، لكن الرتبة أمر لازم لتحقيق الانضباط وبدونها لا يكون ممكناً. إن الرتب العسكرية أمر هو حصيلة تجارب كثيرة وليست تقليداً لأحد، لهذا يجب العمل فيها داخل الحرس".
فهل من الضروري وجود رتب عسكرية وآمر ومأمور، أم أن ذلك ينافي الإسلام؟
يؤكد الإمام الخامنئي دام ظله على أن مسألة الرتب ورعايتها في المؤسسة العسكرية هي أمر في غاية الأهمية، لما لها من أثر كبير في تنظيم حركة العمل العسكري وتحديد المسؤوليات.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"الرتبة تعني النظام الدقيق ودورها تحديد المسؤولية والعلاقة بين الأفراد. والعمل المؤسساتي يظهر بهذه الرتب العسكرية، وإن هذه الأنظمة الموجودة هي الحد الفاصل بين المؤسسة العسكرية وباقي المؤسسات".
وهذا ما كان يؤكده الإمام الخميني رحمه الله كما ينقل الإمام الخامنئي قدس سره:"كان الإمام يكرر القول للقوات المسلحة بأن عليهم المحافظة على تسلسل الرتب، فكل فرد، وفي أي موقع كان، عليه أن يكون حازماً ويتعامل بروح القيادة في إصدار الأوامر إلى الذين هم تحت إمرته، وأن يتقبل الأوامر من مسؤوله ويلتزم بها وأن يكون كله ضمن الصلاحيات والأوامر".
بل يؤكد الإمام الخامنئي دام ظله أن رعاية السلسلة التنظيمية هي تكليف ووظيفة دينية:"يجب أن ينبع الانضباط العسكري من الإيمان والعقيدة فتكون رعاية النظام والسلسلة التنظيمية وظيفة دينية، وفي نفس الوقت تكون روح الأخوة والاهتمام بمن نسأل عنهم، والتقييم كل ذلك مبنياً على أساس القيم المعنوية".
ويقول دام ظله:"من الأمور الواجب اتباعها الحفاظ على النظم والقوانين الصادرة فمراعاة القوانين والأوامر ليست ظلماً، بل إن لهذه الطاعة قيمة سامية".
الرتب لا تنافي روح الأخوة
يشرح الإمام الخامنئي دام ظله الفرق بين التصرف الطاغوتي والتصرف الإيماني في موضوع الرتب والانضباط حيث يقول:"لا تقولوا إن النظام والانضباط هو عمل طاغوتي، التصرف الطاغوتي هو أن يجلس القائد داخل غرفته ويغلق الباب في وجه العاملين فلا يعتني بهم ولا يعتني بكلامهم ولا يرد سلامهم".
ففي جيش الإسلام هناك أمران مطلوبان هما:الانضباط والأخوة، فروح الأخوة بين المؤمنين لا تنفي وجود رتب لتنظيم الأمور ولا تعني عدم الانضباط والفوضوية، بل لا بد من المحافظة على ذلك كله.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"الانضباط لا يتنافى مع التواضع وروح الأخوة".
*التنظيم والانضباط,سلسلة الجهاد-في رحاب الولي الخامنئي,نشر جمعية المعارف الاسلامية.
1-الحديد:21.
2011-01-06