يتم التحميل...

التوقيعات الصادرة بشان الشيخ المفيد

الشيخ المفيد(رض)

حكى الشيخ الطبرسي م 588 هـ في أواخر كتاب الاحتجاج عن رسالة نهج العلوم إلى نفي المعدوم للشيخ يحيى بن البطريق م 600 هـ أن توقيعات ثلاثة صدرت من الناحية المقدسة عجل اللّه فرجه الشريف إلى الشيخ المفيد،وكان صدورها في أواخر حياته في سنة 410 هـ

عدد الزوار: 777

حكى الشيخ الطبرسي م 588 هـ في أواخر كتاب الاحتجاج عن رسالة نهج العلوم إلى نفي المعدوم للشيخ يحيى بن البطريق م 600 هـ أن توقيعات ثلاثة صدرت من الناحية المقدسة عجل اللّه فرجه الشريف إلى الشيخ المفيد،وكان صدورها في أواخر حياته في سنة 410 هـ و 412 هـ على التوالي وكان التوقيع الأخير سبق وفاته بثمانية أشهر.

والموجود من هذه التوقيعات هو التوقيع الأول والثاني، وأما الثالث فهو مفقود.

وقد اشتملت هذه التوقيعات على ثناء بليغ من الإمام المهدي عجل اللّه فرجه الشريف على الشيخ المفيد قلما يوجد نظير له في رسائل الأئمة عليهم السلام بشكل عام والتوقيعات الصادرة عنه سلام اللّه عليه بشكل خاص، وهو أمر ينبئ عن عظمة شخصية المخاطب فيها.

كما تضمنت ذكر أحداث مستقبلية وأخبار غيبية لا يعلمها إلا من يطلعه عليها عالم الغيب من الأولياء، مما يعزز صدور هذه التوقيعات.

وسوف ننقل نص التوقيعين لنقف على مضمونهما ثم التعقيب على قضية صدورهما:

التوقيع الأول

قال الشيخ الطبرسي:"ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها اللّه ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربع مئة على الشيخ أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان قدس اللّه روحه ونور ضريحه ذكر موصله انه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز نسخته:"للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد، أبي عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان أدام اللّه إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد:

أما بعد
"سلام عليك أيها الولي المولى المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك اللّه الذي لا اله إلا هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا نبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك أدام اللّه توفيقك لنصرة الحق،واجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق إنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك أعزهم اللّه تعالى بطاعته وكفاهم المهم برعايته وحراسته، فقف أمدك أيدك اللّه بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما نذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه ان شاء اللّه.

نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه اللّه تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا يحيط علمنا بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالزلل الأذى الذي أصابكم، مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا، ونبذوا العهد المأخوذ منهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون! إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا اللّه جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حم اجله ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي إمارة لازوف حركتنا ومناقشتكم ومباثتكم لأمرنا ونهينا، واللّه متم نوره ولو كره المشركون.

فاعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية، ويهول بها فرقة مهدية. أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن الخفية، وسلك في الظعن عنها السبل المرضية. إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في من الذي يليه، ستظهر لكم من السماء آية جلية، ومن الأرض مثلها بالسوية، ويحدث في ارض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مراق،تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار يسر بهلاكه المتقون والأخيار، ويتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يأملونه على توفير غلبة منهم واتفاق، ولنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم والوفاق شان يظهر على نظام واتساق، فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا، وليتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فان أمرنا فكبعثه فجأة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة، واللّه يلهمكم الرشد ويلطف لكم في التوفيق برحمته".

نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام:"هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي، والمخلص في ودنا الصفي،والناصر لنا الوفي، حرسك اللّه بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به، ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحداً، وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه، وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء اللّه، وصلى اللّه على محمد وآله الطاهرين ".

التوقيع الثاني

قال الشيخ الطبرسي عليه الرحمة:"ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات اللّه عليه يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشر وأربع مئة، نسخته:"من عبد اللّه المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله:سلام عليك أيها العبد الصالح الناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنا نحمد اللّه إليك الذي لا اله إلا هو إلهنا وإله آبائنا الأولين، ونسأله الصلاة على نبينا وسيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

وبعد، فقد كنا نظرنا مناجاتك، عصمك اللّه تعالى بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه، وشفعنا ذلك الآن من مستقر لنا ينصب يتصلب في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفا من غماليل عمى ليل ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، ويوشك ان يكون هبوطنا منه إلى صحيح من غير بعد من الدهر ولا تطاول من الزمان، ويأتيك نبا منا بما يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال، واللّه موفقك لذلك برحمته. فلتكن حرسك اللّه بعينه التي لا تنام ان تقابل لذلك فتنة ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلا لاسترهاب المبطلين يبتهج لدمارها المؤمنون ويحزن لذلك المجرمون، وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم من رجس منافق مذمم مستحل للدم المحرم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم والعدوان،لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب، وليثقوا بالكفاية منه وإن راعتهم به الخطوب، والعاقبة بجميل صنع اللّه سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب. ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين أيدك اللّه بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين واخرج مما عليه إلى مستحقه، كان آمنا من الفتنة المبطلة ومحنتها المظلمة المضلة، ومن بخل منهم بما أعاده اللّه من نعمته على من أمره بصلته، فانه يكون خاسرا بذلك لأُولاه وآخرته، ولو أن أشياعنا وفقهم اللّه لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، واللّه المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلواته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم. وكتب في غرة شوال من سنة اثني عشرة وأربع مئة ".

نسخة التوقيع باليد العليا صلوات اللّه على صاحبها:"هذا كتابنا إليك أيها الولي الملهم للحق العلي بإملائنا وخط ثقتنا، فأخفه عن كل أحد واطوه، واجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم اللّه ببركتنا ودعائنا ان شاء اللّه، والحمد للّه والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين ".

والذي يظهر من تاريخ التوقيع الثاني أنه وصل إلى الشيخ قبل وفاته بثمانية أشهر تقريباً.


* راجع: الشيخ المفيد، الشيخ صفاء الدين الخزرجي، مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام، ج31.

2012-09-24