يتم التحميل...

كيف أدعو الله؟

صدى الآيات

سأل رجل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن اللَّه سبحانه، أهو قريب ليناجيه بصوت خفي أم بعيد ليدعوه بصوت مرتفع فنزلت الآيةعن قرب اللَّه تعالى المعنوي.الدعاء أفضل العبادة وهو نوع من الخضوع والطاعة، يزداد الإنسان من خلاله ارتباطاً باللَّه تعالى

عدد الزوار: 259

 

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ1


أ- في كنف الآية:

سأل رجل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن اللَّه سبحانه، أهو قريب ليناجيه بصوت خفي أم بعيد ليدعوه بصوت مرتفع؟ فنزلت الآية2 عن قرب اللَّه تعالى المعنوي.

الدعاء أفضل العبادة وهو نوع من الخضوع والطاعة، يزداد الإنسان من خلاله ارتباطاً باللَّه تعالى وله آثار تربوية ونفسية واجتماعية، وهو ايقاظ للقلب والعقل، بحيث يساهم بقوة في بناء الإنسان المؤمن، وصناعة شخصيته الروحية، فيكون سلاحه ومفتاح نجاحه، ومخّ العبادة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومخّ كل شي‏ء: خالصه والدعاء كذلك لأنه أصل العبادة وخالصها لما فيه من امتثال أمر اللَّه سبحانه، وقطع الأمل عما سواه، واللجوء إليه، والاعتماد عليه، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم : "الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض"3 وتوجد منزلة عند اللَّه عزّ وجلّ لا تنال إلا بالدعاء والمسألة، كما يوجد منزلة لا تنال إلا بالشهادة يقول الصادق عليه السلام: "إن عند اللَّه عزّ وجلّ منزلة لا تُنال إلا بمسألةٍ"، ونحن حينما ندعو فإنا نربط أنفسنا بقوة لا متناهية تربط جميع الكائنات مع بعضها، وقد وعدنا اللَّه تعالى بالإجابة غير أننا كثيراً ما نبادر إلى موانعها فنحرم من الخير الكثير بما قدّمته أيدينا، فما هي هذه الموانع يا ترى؟

سوف يتضح ذلك من خلال ذكر شروط الاستجابة التي توضح لنا كثيراً من الحقائق الغامضة، وتبيّن الآثار البناءة للدعاء.


ب- شروط استجابة الدعاء:

وهي كثيرة لأنها إما ترجع إلى حالات الداعي أو الدعاء، أو المكان، أو الزمان أو غير ذلك.

الشرط الأول: معرفة الرب‏

عن الكاظم عليه السلام قال: قال قوم للصادق عليه السلام : ندعو فلا يُستجاب لنا؟

قال عليه السلام: "لأنكم تدعون من لا تعرفونه"4.

الشرط الثاني: الإقبال بالقلب‏

يقول الصادق عليه السلام: "إن اللَّه عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساهٍ فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالإجابة"5.

الشرط الثالث: حسن الظن باللَّه تعالى في الإجابة

عن النبي صلى الله عليه وسلم : "ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة"6 وعن الصادق عليه السلام: "إذا دعوت فظن أن حاجتك بالباب"7.

الشرط الرابع: حصر الرجاء باللَّه‏

في الحديث: "إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا عند اللَّه، فإذا علم اللَّه عزّ وجلّ ذلك من قلبه لم يسأل اللَّه شيئاً إلا أعطاه"8.

الشرط الخامس: الثناء والتمجيد قبل الدعاء

يدل على ذلك الأدعية المروية عنهم عليه السلام خصوصاً أدعية الصحيفة السجادية على صاحبها آلاف السلام.

في الحديث: "إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على اللَّه عزّ وجلّ والمدح له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل اللَّه حوائجه"9.

الشرط السادس: الصلاة على النبي وآله قبل الدعاء وبعده‏

عن الصادق عليه السلام: "لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلي على محمد وآل محمد"10.

الشرط السابع: الاقرار بالذنب والاستغفار منه قبل الدعاء

في الحديث : "إنما هي المدحة، ثم الثناء، ثم الإقرار بالذنب، ثم المسألة إنه واللَّه ما خرج عبد من ذنب إلا بالإقرار"11.

الشرط الثامن: التعميم في الدعاء

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إذا دعا أحدكم فليُعم، فإنه أوجب للدعاء"12 والمراد منه أن يُشمل الآخرين بدعائه ولا يقتصر على نفسه.

الشرط التاسع: ترك التعجيل المؤدي إلى اليأس‏

في الحديث: "لا يزال المؤمن بخير ورجاء، رحمة من اللَّه عزّ وجلّ ما لم يستعمل فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة"13.

الشرط العاشر: ترك الظلم‏

عن الصادق عليه السلام: "قال: قال اللَّه عزّ وجلّ: وعزتي وجلالي، لا أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها ولأحد عنده مثل تلك المظلمة"14.

وهناك عشرون شرطاً لم نذكرها يمكن مراجعتها في مصادرها.


ج- أهل استجابة الدعاء:

إن هناك أصنافاً من الخلق يحملون مواصفات تؤهلهم بأن لا يردّ اللَّه عزّ وجلّ دعاءهم ويستجيب لهم كلما دعوه مخلصين مسلّمين له ومن هؤلاء:

1- الإمام المقسط الذي يحكم بما أنزل اللَّه تعالى.
2- المظلوم الذي سلب حقه.
3- الولد الصالح لوالديه.
4- الوالد الصالح لولده.
5- المؤمِّن لأخيه بظهر الغيب 15.
6- الغازي في سبيل اللَّه.
7- المريض الذي يكابد الآلام 16.
8- المعتمر حتى يرجع.
9- الصائم حتى يفطر 17.
10- الغائب حين يدعو لغائب مثله 18.
11- الطفل إذا لم يقارف الذنوب.
12- المتختم بالفيروز.

حيث وردعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "دعاء أطفال أمتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب"19.

وأما صاحب الخاتم فعن مولانا الصادق عليه السلام عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "قال اللَّه سبحانه: إني لأستحي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروز فأردّها خائبة"20.


*صدى الآيات، سلسلة الدروس الثقافية، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، أيلول 2002م، ص7-13.


1- البقرة:186
2- مجمع البيان في تفسير الآية.
3- الكافي ج‏2، ص‏339.
4- التوحيد للصدوق، ص‏288، ب‏41، حديث 7.
5- ينابيع الحكمة، ج‏2، ص‏322.
6- م. ن، ص‏321.
7- م.ن.
8- البحار، ج‏93، ص‏314.
9- الكافي، ج‏2، ص‏356.
10- ينابيع الحكمة، ج‏2، ص‏323.
11- م. ن، ص‏326.
12- م. ن، ص‏327.
13- الكافي ج‏2، ص‏355.
14- الوسائل، ج‏7، ص‏146، ب‏68، حديث 1.
15- الكافي، ج‏2، ص‏369، حديث 2.
16- م. ن، حديث 1.
17- م. ن، ص‏370، حديث 6.
18- ينابيع الحكمة، ج‏2، ص‏331.
19- م. ن، ص‏333.
20- م. ن.

2011-01-25