كيف أنظر إلى اليهود؟
صدى الآيات
تحدثنا الآية الكريمة عن العهد الذي أخذه اللَّه من بني إسرائيل على أن يعملوا بأحكامه، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمنون برسل اللَّه وينصرونهم ويبذلون المال في سبيله تعالى فيجزيهم بأمرين هما: العفو عن السيئات، وإدخالهم الجنة، هذا ميثاقه الذي بيّنه القرآن وبعده خاطبهم
عدد الزوار: 462
﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ ِ... فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ...﴾1.
أ- في كنف الآية:
تحدثنا الآية الكريمة عن العهد الذي أخذه اللَّه من بني إسرائيل على أن يعملوا بأحكامه، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويؤمنون برسل اللَّه وينصرونهم ويبذلون المال في سبيله تعالى فيجزيهم بأمرين هما: العفو عن السيئات، وإدخالهم الجنة، هذا ميثاقه الذي بيّنه القرآن وبعده خاطبهم: "فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضلّ سواء السبيل"والعاقبة هي الخزي والخذلان فنقضوا كل عهد وميثاق، وذلك سمة لهم لا تفارقهم أبداً، كما أن لعنة اللَّه عليهم لا تنفك عنهم أبداً، للتلازم بين نقض العهد واللعنة الإلهية، فصحّ أن يوصفوا على الدوام بأنهم الأمة الملعونة أي المبعدة عن رحمة اللَّه وسبب ذلك عصيانهم ونقضهم وطغيانهم وعتوّهم، ولم ينكروا ما جهلوه وإنما أنكروا ما عرفوه وكفروا به يقول عزّ من قائل: ﴿... فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ﴾2، فمن أبرز صفاتهم العناد والاستكبار الذي كانوا عليه بالأمس وهم اليوم كذلك لم يتغيروا، حتى صار هذا الأمر هوية شخصيتهم بكل ما تحمل من أباطيل وأقاويل، وافتراءات على اللَّه وأنبيائه. لنقرأ هذه الشخصية من خلال الكتاب الكريم.
ب- صفات بني إسرائيل:
1- قتلة الأنبياء:
يعتبر قتلهم لأنبياء اللَّه من مثالبهم التاريخية، فهم أكثر قوم بعث اللَّه تعالى لهم الأنبياء لشدة مكرهم، وكانوا يبادلون نعمة اللَّه كفراً واتباعاً لأهوائهم ومصالحهم لأنهم لا يريدون الانتهاء عما هم فيه من الفساد والتجبّر يقول تعالى: ﴿... أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾3 ويلاحظ أن الخطاب في الآية موجّه إلى اليهود كافة في كل عصر، لا خصوص الماضين منهم، وذلك لأنهم رضوا بفعل أجدادهم فأضيف الفعل إليهم ونسب التكذيب والقتل لهم.
2- قساة القلوب:
حيث لا رحمة عندهم ولا شفقة، إلى درجة أنهم فقدوا الاحساس الإنساني في الحياة مع الآخرين، فظهر من جرائمهم ومجازرهم ما لا يمكن عدّه واحصاؤه من دير ياسين إلى قانا وجنين وغيرها، يصفهم اللَّه سبحانه بقوله: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ...﴾4.
3- جبناء أذلاء:
من أبرز صفات اليهود جبنهم وخوفهم وما يتفرع عن هاتين الصفتين من غدر وخيانة... ولعل سبب ذلك يرجع إلى:
أولاً: حبهم للحياة الدنيا وشهواتها.
ثانياً: كراهية الموت.
ثالثاً: عبادتهم للمال والثروة.
رابعاً: وهن عقيدتهم.
يقول عزّ وجلّ: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ ...﴾5 وشواهد جبنهم في التاريخ كثيرة، وأما في الحاضر فإن ما شاهدناه من صراخهم وبكائهم أمام ضربات المجاهدين في لبنان وفلسطين سيظلّ يتكرر كل يوم ما بقي الذكر المبين: ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ * لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ...﴾6.
4- مفسدون في الأرض:
إن نشر الفساد، وشيوع الانحلال الأخلاقي، خاصة بين جيل الشباب من خلال أماكن اللهو ووسائل الاعلام، من أهدافهم التي لم ينكروها وإنما أقروا بها كما جاء في كتاب "بروتوكول حكماء صهيون"وما ذلك إلا للقضاء على البناء الروحي لدى الإنسان.
قال تعالى: ﴿... وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾7.
5- أهل مكرٍ وخداع:
في سياق أعمالهم للنيل من الإسلام، أظهر جماعة من اليهود الإيمان به وهم في الحقيقة يبطنون الكفر، وكان الهدف من ذلك التجسس على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتحركات المسلمين ثم نقل أخبارهم وأحوالهم إلى مشركي بعض القبائل كالأوس والخزرج، ولا يزالون وأعوانهم على ذلك، لذا نهانا اللَّه تعالى عن الاطمئنان لهم أو كشف الأسرار أمامهم يقول عزّ من قائل: ﴿... لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً( لا يوفرون أذيتكم ) وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ( يتمنون وقوع الضرر عليكم ) قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ...﴾8.
6- اللَّه فقير في نظرهم:
يقول تعالى: ﴿"لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ..."﴾9.
تعالى اللَّه عما يقولون علواً عظيماً، وإن قولهم سواء عن اعتقاد أو عناد فهو كفر إضافة إلى قتلهم الأنبياء بغير حق، يقول مولانا الصادق عليه السلام: "كان بين القائلين والقاتلين خمسمائة عام، فألزمهم القتل برضاهم بما فعلوا"10.
وينسبون الكذب إلى اللَّه سبحانه والجهل وإنه خادع آدم في أمر الشجرة11 كما جاء في توراتهم الموضوعة إفكاً وإثماً وعدواناً على القداسة. هذه بعض صفاتهم الواردة في القرآن، وهناك الكثير منها مما ورد على ألسنتهم من قبيل تهمتهم للأنبياء بأنهم أولاد زنا، وأن إبراهيم عليه السلام أحلّ زوجته لفرعون على أنها أخته، جاء في التوراة: (فدعا فرعون ابرام وقال ما هذا الذي صنعت بي؟ لماذا لم تخبرني أنها امرأتك؟ لماذا قلت هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي؟!)12 هنا ترى أن فرعون يلوم إبراهيم عليه السلام بينما إبراهيم عليه السلام قد أقدم على هذا الفعل الشنيع لقاء أن الغاية تبرّر الوسيلة وإن كان ذلك في هتك الأعراض بحسب ما ينسبونه إليه، وهو خليل اللَّه حامل الرسالات التوحيدية إلى يوم القيامة، من هنا تفهم جليّاً كل ما يقوم به اليهود من الجرائم والاعتداءات طالما الوسائل كلها مشروعة لديهم.
*صدى الآيات، سلسلة الدروس الثقافية، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، أيلول 2002م، ص77-84.
1- المائدة:12-13.
2- البقرة:89
3- البقرة:87
4- البقرة:74
5-آل عمران:112
6- الحشر:13
7- المائدة:64
8- آل عمران:118
9- آل عمران:181
10- تفسير الميزان ج4، ص85.
11- راجع الاصحاحين الثاني والثالث من سفر التكوين.
12- سفر التكوين، 10-10/20.