يتم التحميل...

أحكام الصبي

الزواج والطلاق

ليس هناك شك من ان الصبيان وهم براعم المستقبل، وهم المؤهلون للتكليف الشرعي لاحقاً، يحتاجون اكثر من غيرهم الى عين تحفظ مصالحهم الشخصية وحقوقهم المادية والادبية. وبطبيعة الحال، فان حقوق الصبي والصبية تدخل ضمن الاطارالشرعي الذي جاء به الاسلام...

عدد الزوار: 102

ليس هناك شك من ان الصبيان وهم براعم المستقبل، وهم المؤهلون للتكليف الشرعي لاحقاً، يحتاجون اكثر من غيرهم الى عين تحفظ مصالحهم الشخصية وحقوقهم المادية والادبية. وبطبيعة الحال، فان حقوق الصبي والصبية تدخل ضمن الاطارالشرعي الذي جاء به الاسلام: فأمر بحفظها رعاية لمصلحتهما وحفظاً لشخصيتهما الاجتماعية حتى يصلا مرحلة الرشد والبلوغ. وهذه الحقوق تشمل احكاماً في الولاية والوصاية والعبادات والمعاملات.

أ - الحَجر قبل البلوغ
فقد اقر الاسلام شرعية الحجر، وهو منع الانسان من التصرف في امواله كلياً او جزئياً لمختلف الاسباب: ومنها:
المرض، والافلاس، والسفه، والجنون، والصغر، وهو ثابت اجماعاً ونصاً، ومنه قوله تعالى:﴿ وَلا تَأتُوا السُّفَهاءَ اَموالَكُم الّتي جَعَلَ اللهُ لَكُم قِياماً وَارزقُوهُم فِيها وَاكسُوهُم وَقُولُوا لَهُم قَولاً مَعروفاً * وَابتَلُوا اليَتامى حَتّى اِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَاِن آنَستُم مِنهُم رُشداً فَادفَعُوا اِلَيهِم اَموالَهُم 1. وما ورد عن الامام جعفر بن محمد عليه السلام في الرواية:( انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو رشده، وان احتلم ولم يؤنس منه رشد وكان سفيها او ضعيفاً فليمسك عنه وليه ماله)2.

واجمع الفقهاء على ان الصغير ممنوع من التصرفات المالية حتى يحصل له البلوغ الرشد.

ب - عبادات ومعاملات الصبي
والمشهور بين فقهاء الامامية ان عبادة الصبي، كأداء الصلاة والصوم والحج، شرعية لا تمرينية: لان ادلة التكاليف غير الملزمة لا مانع من شمولها للصبي، كما قال بعض الفقهاء، باعتبار ان العبادة حسنة بذاتها، وان السبب الموجب لشرعيتها هو ادراك الصبي بانه يتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى.

ومن الواضح ان وصية الصبي المميز وصدقته في وجوه الخير جائزة، شرط ان يبلغ عشراً، كما ورد في روايات ائمة اهل البيت عليه السلام؛ ومنها رواية عن الامام جعفر بن محمد عليه السلام: (اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته) 3. ورواية اخرى: ( اذا أتى على الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق، او تصدق، او اوصى على حد معروف وحق فهو جائز) 4. وهو المشهور بين علماء الامامية.

ولاشك ان الصبي يؤدب على ما يرتكبه من الكبائر. ويغرم في ماله ما يحدث في مال الغير من تلف او عيب، باعتبار ان الحكم الوضعي الذي يتجه نحو صحة العمل وفساده يخص الصبيان كما يخص البالغين.

وللصبي جواز التملك فيما يحوزه من المباحات، وله الحق فيما يحييه من ارض الموات. اذن، فان عبادة الصبي ووصيته وتملكه جائزة عند الفقهاء. ولكن الذي اختلف فيه هو العقد الذي يعقده الصبي، أهو جائز ام لا؟ انقسم فقهاء الامامية في الاجابة على هذا السؤال الى فريقين:


الاول: المشهور بينهم ان عقد الصبي المميز باطل حتى مع اذن الولي، عدا ما استثني من الصدقة والوصية، كما جاء في الرواية عن الامام عليه السلام المذكورة آنفاً. وكما ورد ايضاً في رواية اخرى: (عمد الصبي وخطأه واحد) 5. (اذا جمعنا الادلة بعضها الى بعض فمقتضاها عدم الاعتبار بما يصدر عن الصبي من الافعال التي يعتبر فيها القصد، كانشاء العقود اصالة ووكالة، والقبض والاقباض، وكل التزام على نفسه من ضمان او اقرار او نذر او ايجاز ) 6.


الثاني: قالوا بجواز معاملة الصبي المميز وصحتها مع اذن الولي. (لا يبعد القول بصحة عقد الصبي اذا كان باذن الولي، كما اختاره جماعة، منهم المحقق الاردبيلي، وقبله فخر المحققين في الايضاح ) 7. وقد ( نُسِبَ الى الشيخ تارة، وبعض الاصحاب اخرى جواز بيعه اذا بلغ عشراً عاقلاً.والموجود في كتاب المبسوط روي انه اذا بلغ عشر سنين وكان رشيداً كان جائز التصرف) 8. و(اذا جاز عتق الصبي ووصيته بالمعروف، وغيرها كما هو ظاهر الكثير من الروايات فلا يبعد جواز بيعه وشرائه، وسائر معاملاته اذا كان بصيراً رشيداً مميزاً، يعرف نفعه وضره في المال، وطريق الحفظ والتصرف، كما نجده في كثير من الصبيان، فانه قد يوجد بينهم من هو اعظم في هذه الامور من آبائهم، فلا مانع ان يوقع الصغير العقد خصوصاً مع اذن الولي، وحضوره بعد تعيين الثمن ) 9.

ج - الولاية والوصاية
ولا يتم الحجر الا بوجود ولي او قيّم يرعى الصبي نيابة عن صاحبه. فتثبت الولاية بالدرجة الاولى للاب والجد في مرتبة واحدة على الصغير، والمجنون المتصل جنونه بالصغر. واذا فقدا معاً تكون الولاية لوصي احدهما، والجد اولى من وصي الاب، واذا افتقد الوصي فالولاية للحاكم الشرعي. حيث ان (الولاية ثابتة للاب والجد له من النسب شرعاً، فلا ولاية للاب رضاعاً، ولا لمن اولده سفاحاً، وثبوت الولاية لهما بالاشتراك بينهما مورد اتفاق النص والفتوى، وان اختص الاب في اكثر النصوص الا ان المراد منه ما يشمل الجد، بل يقدم عقده على عقد الاب مع المعارضة. اما الولاية للوصي المنصوب من الموصي قيّماً على اطفاله فهي ثابتة بالنص والاجماع، ولكن بحسب ما هو مجعول له من الموصي من حيث الاطلاق والتقييد. فان اطلق فلا اشكال في نفوذ ما يتولى من مصالحهم في حفظ نفوسهم واموالهم، واخذ الحقوق الراجعة اليهم، وغير ذلك من بيع واجارة ومزارعة ومساقاة ونحو ذلك، كما لا اشكال في المنع عن فعل بعض ما كان للاب جوازه من حيث الابوة. ولعل من ذلك تزويج الصغير والصغيرة، وان كان قيماً ) 10.

ويشترط في الولي والوصي البلوغ، والرشد، والاتحاد في الدين. ويضاف الى ذلك شرط العدالة بالنسبة للحاكم الشرعي. والمدار ان يكون التصرف في مال القاصر من قبل الولي او الوصي على اساس مصلحة القاصر. واتفق الفقهاء على ان تصرفات الولي اذا كانت نفعاً للمولى عليه فانها تنفذ، واذا كانت ضرراً عليه فانها لا تنفذ لمنافاتها الغرض الذي من اجله شرعت الولاية، كما يستشعر ذلك من قوله صلى الله عليه واله وسلم: ( انت ومالك لابيك... لانحب ان يأخذ الاب من مال ابنه الاّ ما يحتاج اليه مما لابد منه، ان الله لا يحب المفسدين). وللولي ان يتجر بمال القاصر باي شكل من الاشكال التي تجر ربحاً يصب في مصلحة الصبي. وعليه ان ينفق على الصبي بالمعروف دون تقتير او اسراف. وان كان الولي فقيراً يحق له ان يأكل من مال الصبي بالمعروف، ولا يحق له ذلك ان كان غنياً، لقوله تعالى: ﴿وَمَن كانَ غَنِيّاً فَليَستَعفف * وَمَن كانَ فَقيراً فَليَأكُل بِالمَعرُوفِ 11. ويشترط ايضاً تعيين الوصي بالذات، وتعيين الموصى به، كما في رواية عمار بن مروان، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام : ان ابي حضره الموت، فقيل له : اوص. فقال : هذا ابني يعني عمر، فما صنع فهو جائز؟ قال ابو عبد الله عليه السلام: ( فقد اوصى ابوك، واوجز) 12.

ويحق للاب والجد تزويج الصبي، ولا يحق للوصي ذلك. ولايحق للابوين ولا للحاكم الطلاق عن الصبي، لعموم (الطلاق بيد من أخذ بالساق). وفي الحالات الاستثنائية كدفع الاذى، او انقاذ نفس يستطيع الولي ( ان يرشي الظالم من مال القاصر لتخليصه واطلاقه، بل لو طمع الظالم في ماله وجب عليه ان يعطيه ما لايقدر على دفعه الا به ) 13.

اما الوصاية، ويعبر عنها بالوصية العهدية ايضاً، فهي ( ولاية على اخراج حق او استيفائه، او على طفل، او مجنون يملك الموصي الولاية عليه بالاصالة كالاب والجد، او بالواسطة كالوصي المأذون في الايصاء ) 14. والوصاية ايقاع، ونوع من انواع الولاية فلا يجوز للوصي، الذي عهده الموصي برعاية اطفاله ووفاء ديونه، بالتنازل عنها والاستقالة منها لانها حكم لا يسقط بالاسقاط. ولكن للموصي ان يرجع عن الوصاية ما دام حياً، اما الوصي فتصبح الوصاية ملزمة له اذا علم بها ولم يردّ، وكذلك اذا تعذر ابلاغ الموصي الرد لغيابه او موته، حيث ورد عن الامام الصادق عليه السلام: ( اذا اوصى الرجل الى اخيه، وهو غائب فليس له ان يرد وصيته، لانه لو كان شاهداً وأبى ان يقبلها طلب غيره ) 15. ولا تثبت الوصاية الاّ بشهادة عدلين، ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمات، ولاشهادة رجل مع اليمين.

واذا خان الوصي، فقد انعزل تلقائيا ؛ حيث تبطل جميع تصرفاته دون تدخل الحاكم الشرعي، لان الوصاية تستدعي الامانة وحفظ مصلحة الطفل شرعاً، والمشروط عدم عند عدم شرطه، كما يقول الفقهاء. ولا يضمن الوصي الاّ مع التعدي والتفريط، حيث ورد ان رجلاً اوصى الى رجل وأمره ان يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه، فانطلق الوصي، واعطى الستمائة درهم رجلاً يحج بها عنه؟ فقال ابو عبد الله عليه السلام : ( يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله، ويجعله فيما اوصى الميت في عتق نسمة ) 16. وللوصي ان يأخذ اجرة المثل من المال الموصى به للطفل، كما جاء في جواب الامام جعفر بن محمد عليه السلام عمن تولى مال اليتيم، هل له ان يأكل منه ؟ قال: (ينظر الى ما كان غيره يقوم به من الاجر فليأكل بقدر ذلك) 17.

واذا مات الاب بلا وصية، او مات الوصي، وكان للميت اطفال، اُرجع النظر في امرهم الى الحاكم الشرعي، لانه ولي من لا ولي له. واذا تعذر ذلك قام الامناء الصالحون من المؤمنين ( على ما هو المشهور بين الفقهاء من ثبوت الولاية لهم على مثل ذلك للنصوص المعتبرة المستفيضة المؤيدة بما دل على الحسبة ) 18.

د - البلوغ والرشد الشرعي
والبلوغ هو سن التكليف الشرعي للذكر والانثى. وهو ليس موضوعاً من الموضوعات الشرعية، بل هو من الامور البيولوجية الطبيعية. وقد ذكر الفقهاء ان من علامات البلوغ: الاحتلام وهو خروج المني للذكر والانثى في اي سن كان، في اليقظة او في المنام، للنص الحكيم:﴿ وَاِذا بَلَغَ الاَطفالُ مِنكُم الحُلُم فَليَستَأذِنُوا19،﴿وَابتَلُوا اليَتامى حَتّى اِذا بَلَغُوا النِّكاحَ 20، والمشهور من قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:(رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ ) 21. ومن علاماته ايضاً ظهور الشعر الخشن على العانة. (لا عبرة بالشعر الضعيف الذي ينبت قبل الخشن، ثم يزول، ويعبر عنه بالزغب. وقيدوا الشعر بشعر العانة لعدم اعتبار غيره كشعر الابط والشارب واللحية، فلا عبرة بشيء من ذلك عندنا اذ لم يثبت كون ذلك دليلاً على البلوغ، وان كان الاغلب تأخرها عنه )22.

اما الانثى بالخصوص، فان دليل بلوغها اضافة الى الاحتلام، هو الحيض والحمل.( لا خلاف كونهما دليلين على سبق البلوغ، اما الحيض فقد علق الشارع احكام المكلف عليه في عدة اخبار، منها قول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم: لا تقبل صلاة الاّ بخمار، وقوله: اذا بلغت المحيض لا يصلح ان يرى منها الا هذا، واشار الى الوجه والكفين، اما الحمل فهو مسبوق بالانزال، لان الولد لا يخلق الاّ من ماء الرجل وماء المرأة، كما نبه عليه تعالى بقوله: من نطفة امشاج، اي مختلطة من ماء الرجل والمرأة، فهو دليل على سبق البلوغ).

واذا اشتبه البلوغ فانه يرجع الى الشارع في معرفة السن، حيث ثبت عن اهل البيت عليه السلام ان سن بلوغ الذكر خمس عشرة سنة، وسن بلوغ الانثى تسع سنين، وهذا هو المشهور، كما ورد في قوله عليه السلام عندما سئل متى يؤخذ الذكر او الانثى في الحدود التامة؟ قال:( ان الجارية ليست مثل الغلام. ان الجارية اذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع اليها مالها وجاز امرها في الشراء والبيع واقيمت عليها الحدود التامة واخذت لها وبها. والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع، ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة او يحتلم او يشعر او ينبت قبل ذلك) 23.
ويثبت بلوغ الصبية والصبي بمجرد اقرارهما عن غير يمين اذا ادعيا البلوغ بالاحتلام في وقت يكون من المحتمل بلوغهما فيه. ويثبت رشده او رشدها بالاختيار، والتواتر، وشهادة رجلين عدلين في الذكر، وشهادة رجل وامرأتين او اربع نساء في الاثنى، على المشهور.

ومجمل القول ( ان البلوغ من الامور الطبيعية المعروفة في اللغة والعرف، وليس من الموضوعات الشرعية التي لا تعلم الاّ من جهة الشارع، كالفاظ العبادات. بل ذكر اهل اللغة ترتيب احوال الانسان، وان له في كلّ حال اسماً مخصوصاً في الرجال والنساء من اول الخلقة الى حال الشيخوخة. وعلى كل حال فلا يخفى على من لاحظ كلماتهم ان من المعلوم لغة وعرفاً ان الغلام متى احتلم بلغ وادرك وخرج عن حد الطفولة او دخل الى حد الرجولة. وكذا الجارية اذا ادركت واعصرت فانها تكون امرأة كغيرها من النساء. نعم يرجع الى الشرع في مبدأ السن الذي يحصل به البلوغ، مثلاً اذا حصل فيه الاشتباه بخلاف الاحتلام والحيض والحمل ونحوهما مما لا ريب في صدق البلوغ معها لغة وعرفاً، ولو للتلازم بينهما) 24.

الولاية في الزواج
من نافلة القول، ان نذكر استقلال الانثى البالغة الرشيدة والذكر البالغ الرشيد في اختيار الشريك المناسب في الزواج. فلا يضع الاسلام عليهما سلطاناً او ولياً يحدد من حريتهما في اختيار الفرد اللائق في حياتهما الزوجية اللاحقة. ولكن حفظاً لمصلحتهما، شجع الاسلام ايثار اذن الولي واختياره على اختيارهما. فالولاية سلطة شرعية جعلية للفرد الكامل على المولى عليه الناقص؛ حفاظاً على مصلحة الناقص. ومن امثلة هؤلاء الصغير والسفيه والمجنون من الذكور والاناث، فجعل الشارع عليهم الولاية في الزواج. فقد اتفق الفقهاء على ان الولي ينفرد بزواج الصغير والمجنون والسفيه ذكراً كان ام انثى. والبالغ الراشد يستقل في زواجه ولا ولاية لأحد عليه. وكذلك البالغة الراشدة فلا سلطان لاحد عليها، وانها تتزوج بمن تشاء دون قيد او شرط، حيث ان ( المشهور في محل البحث نقلاً وتحصيلاً بين الفقهاء القدماء والمتأخرين سقوط الولاية عنها، بل عن الشريف المرتضى في كتاب الانتصار والناصريات الاجماع عليه) 25. لان الولاية والاستقلال في التصرف حق لكل انسان بالغ راشد ذكراً كان او انثى. وقوله تعالى:( فَانكِحُوا ما طابَ لَكُم مِنَ النِّساءِ مَثنى وَثُلاث وَرُباع)26، يدل على عموم اباحة الزواج و صحته دون الرجوع الى اذن الولي الاّ ما خرج بدليل. و(المرأة اذا كانت ثيِّباً، مالكة لامرها، نافذاً أمرها في البيع والشراء والعتق والهبة في مالها، غير مولّى عليها لفساد عقلها ؛ جاز لها العقد على نفسها لمن شاءت من الاكفاء، سواء كان ابوها حياً او ميتاً، الاّ ان الافضل لها مع وجود الأب ألاّ تعقد على نفسها الاّ برضاه) 27. ويؤكد ذلك العديد من الروايات الواردة عن اهل البيت عليه السلام، منها: (البكر التي لها الاب لا تتزوج الاّ باذن ابيها، واذا كانت مالكة امرها تزوجت متى شاءت) ل28، وجوابه عليه السلام عندما سئل عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها امر؟ فقال:( ليس لها مع ابيها أمر ما لم تثيب)29، وفي رواية اخرى: (اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد، وتعطي مالها ما شاءت، فان امرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليّها، وان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الاّ بأمر وليها) 30. وقوله: تعطي مالها من تشاء يعني نفي السفه عنها. و (الروايات الدالة على استقلال البكر معتضدة او منجبرة بفتوى الاكثر ودعوى الاجماع ) 31. ولكن نفي الولاية في زواج البنت لا يستدعي الخروج عن العرف.( يستحب لها ايثار اختيار وليها على اختيارها، بل يكره لها الاستبداد، كما انه يكره لمن يريد نكاحها، ان لا يستأذن وليها.بل ينبغي مراعاة الوالدة ايضاً، بل يستحب ان تلقي أمرها الى أخيها مع عدم الوالد والوالدة، لانه بمنزلتهما في الشفقة) 32. ولكن اذا عضلها الولي (وهو ان لا يزوجها من كفء مع رغبتها، فانه يجوز لها ان تزوج نفسها ولو كرهاً، اجماعاً) 33.

واتفق الفقهاء على أن للاب والجد من طرف الاب تزويج الصغير، ذكراً كان ام انثى، ولكن ليس لهما الطلاق عن الزوج الصغير، كما يستفاد من قوله عليه السلام عندما سئل عن الصبي يتزوج الصبية، هل يتوارثان؟ فقال: (اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم. قال السائل: فهل يجوز طلاق الاب؟ قال الامام: لا ) 34.

ولا ولاية للحاكم الشرعي في زواج الصغير ذكراً كان ام انثى. اما في حالة الجنون فان ( ولاية الحاكم تثبت على من بلغ غير رشيد بجنون، ولم يكن له ولي من حيث القرابة، و تجدد فساد عقله اذا كان النكاح صلاحاً له بلا خلاف اجده فيه، بل الظاهر كونه مجمعاً عليه ) 35.


* النظام العائلي ودور الاسرة في البناء الاجتماعي الاسلامي، د: زهير الاعرجي،أمير- قم، ط1  سنة 1415هـ -1994م،ص141-153.


1- النساء: 5.
2 - التهذيب: ج 2 ص 385.
3 - الكافي: ج 2 ص 242.
4 - من لا يحضره الفقيه. ج 2 ص 272.
5 - التهذيب: ج 10 ص 233.
6 - المكاسب للشيخ الانصاري.
7 - نهج الفقاهة للسيد الحكيم: ص 183.
8 - مفتاح الكرامة كتاب المتاجر: ص 170.
9 - شرح الارشاد للاردبيلي.
10- بلغة الفقيه للسيد بحر العلوم.
11 - النساء: 6.
12 - التهذيب: ج 2 ص 399.
13 - مفتاح الكرامة: باب الوصية.
14 - الجواهر: باب الوصية.
15 - من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 282.
16- من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 277.
17 - الجواهر : باب الوصية.
18 -سفينة البحار للقمي: ص 530.
19 -  النور: 59.
20 - النساء: 6.
21 - المسالك للشهيد الثاني.
22 - المصدر السابق.
23 - الكافي: ج 2 ص 292.
24 - الجواهر.
25 - الجواهر:كتاب النكاح.
26 - النساء: 3.
27 - النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للشيخ الطوسي: ص 467.
28 - الكافي: ج 2 ص 25.
29 - الوسائل: ج 14 ص 203.
30 - التهذيب : ج 2 ص 221.
33 - شرائع الاسلام: ج 2 ص 272.
34 - التهذيب: ج 2 ص 223.
35 - الجواهر: كتاب النكاح.
31 - المكاسب للشيخ الانصاري.
32 - الجواهر: كتاب النكاح.

2010-02-06