تقدّم العلم وازدهار الاقتصاد في ظل الإسلام
إضاءات إسلامية
مع أنّ الإسلام كان نهضةً وحركةً معنويّةً وأخلاقيّةً، والهدف الأعلى له عبارة عن صناعة الإنسان المتكامل والمطابق للنمط الإسلاميّ، فلا شكّ في أنّ، التطوّر العلمي والازدهار الاقتصادي هما من الأهداف الإسلاميّة،
عدد الزوار: 33مع أنّ الإسلام كان نهضةً وحركةً معنويّةً وأخلاقيّةً، والهدف الأعلى له عبارة عن صناعة الإنسان المتكامل والمطابق للنمط الإسلاميّ، فلا شكّ في أنّ، التطوّر العلمي والازدهار الاقتصادي هما من الأهداف الإسلاميّة، لذا، تلاحظون في الحضارة الإسلاميّة، أنّ الإسلام ظهر في أفقر بقاع العالم وأكثرها تخلّفًا، لكن، لم تكد تمضي خمسون سنةً من عمره، حتّى سيطر على أكثر من خمسين بالمئة من العالم المتحضّر في ذلك الزمان، ولم يمضِ أكثر من قرنين من عمر هذه الحضارة، حتّى أصبح العالم الإسلاميّ الكبير قمّة الحضارة البشريّة، من حيث العلم وأنواع العلوم والتطوّرات المدنيّة والاقتصاديّة. وهذا لم يكن ليحدث لولا بركة تعاليم الإسلام. فالإسلام لم يدعُنا للاهتمام بالمعنويّات، وأن نبقى غافلين عن صلب حياة المجتمع الإنسانيّ. علينا أن نستخدم جميع التدابير اللازمة من أجل استقلال الأمّة الإسلاميّة وفي سبيل عزّتها، وأهمّها المسألة الاقتصاديّة. بناءً على هذا، فإنّ العمل على تنمية الجوانب الاقتصاديّة للعالم الإسلاميّ، وتطويرها وازدهارها، هو من الأعمال التي هي - بلا شكّ - من الأهداف الإسلاميّة[1].
والوظيفة الحتميّة الأساسيّة للدولة الإسلاميّة هي تطوير العلم والمعرفة، ذلك أنّ الدولة الإسلاميّة من دون العلم والمعرفة لن تصل إلى مكان. كما أنّ ترويج الفكر الحرّ هو-أيضًا- مهمّ. وينبغي للناس واقعًا أن يتمكّنوا من التفكير في جوّ حرّ، حرّية التعبير تابعة لحرّيّة الفكر، عندما تكون حرّيّة الفكر موجودة، تكون حرّيّة التعبير موجودة بنحوٍ طبيعيّ. وإنّ حرية الفكر -أساسًا - هي التي تمكّن الإنسان من التفكير بحريّة. وفي غير جوّ حريّة الفكر، ليس هناك إمكانيّة للتطوّر. أساسًا، لن يكون هناك مكان للفكر، والعلم، ولمجالات التطوّر الإنسانيّ العظيمة. إنّ كلّ تقدّم أحرزناه في الأبحاث الكلاميّة والفلسفيّة، إنّما كان في ظلّ المباحثة والجدل والبحث ووجود الرأي المخالف. الإشكال الذي كنّا دومًا نوجّهه إلى الأقسام الثقافيّة، هو أنّهم - كدولة إسلاميّة - لم يؤدّوا دورهم جيّدًا، في ميدان الصراع الفكريّ، ينبغي أن يكون هناك صراع فكريّ، في النهاية، لا أن ينتهي الصراع الفكري عمليًّا بهذا النحو، وكما نستشهد نحن بقول سعدي: نطلق الكلب ونربط الصخرة[2]، نأخذ السلاح من يد أهل الحقّ، ومن أهل الفكر الذي نؤمن بحقّانيّته، لكنّنا نبسط يد أهل الباطل، بحيث ينزلون على رؤوس شبابنا ما يريدون من أنواع البلاء، لا، فليتكلّم هو، ولتتكلّموا أنتم، وليجري تلقيح الفكر في المجتمع. لقد توصّلنا من خلال التجربة إلى أنّه حيثما يعرض الكلام الحقّ على الملأ بمنطقه وتناسقه المطلوب، لن يكون لأيّ كلام قدرة الوقوف في وجهه ومجابهته[3].
* من كتاب: تأسيس الحضارة الإسلامية في فكر الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) - جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] خطاب القائد في لقاء المشاركين في اجتماع بنك التنمية الإسلاميّ (25/6/1383).
[2] ترجمة أحد أبيات شعر سعدي الشيرازي الشاعر الإيراني المعروف.
[3] خطاب القائد في لقاء وزراء الحكومة (8/6/1384).
* صحيفة الامام، ج6، ص343: جميعنا مكلّف بحفظ هذا الأمر. إنّنا وصلنا بهذه النهضة الإسلاميّة إلى هنا، ودحرنا القوى. علينا من خلال هذه النهضة الإسلاميّة أن نبني من الآن فصاعداً. أي نتقدّم إلى الأمام جميعاً ومعاً، أن نشكّل جميعاً ومعاً حضارةً صحيحةً، لا حضارة كحضارة محمّد رضا شاه، حضارة إلهيّة، حضارة كحضارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تلك التي لا تفرّق بين جميع طبقات البشر، أبيضهم وأسودهم، سوى بالتقوى، "إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم". الميزان هو التقوى، الميزان هو الإنسانيّة.


