أصحاب الحسين (عليه السلام) وامتحان الطاعة والبصيرة
زاد عاشوراء
تروي المصادر التاريخية أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) جمع أصحابه قرب المساء، وقال لهم: "...أما بعد: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي؛ فجزاكم الله عنّي خيراً. ألا وإنّي لأظنّ أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء، ألا وإنّي قد أَذِنْتُ لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم مني ذمام. هذا الليل قد غشيكم فاتّخِذوه جملاً". فبرزت المواقف البطولية من أصحابه، وأعلنوا صراحة طاعتهم لله ورسوله ووليّه، نذكر منها:
عدد الزوار: 292تروي المصادر التاريخية أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) جمع أصحابه قرب المساء، وقال لهم: "...أما بعد: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي؛ فجزاكم الله عنّي خيراً. ألا وإنّي لأظنّ أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء، ألا وإنّي قد أَذِنْتُ لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم مني ذمام. هذا الليل قد غشيكم فاتّخِذوه جملاً"[1]. فبرزت المواقف البطولية من أصحابه، وأعلنوا صراحة طاعتهم لله ورسوله ووليّه، نذكر منها:
أ. موقف زهير بن القين (رضوان الله عليه):
قام زهير بن القين البجليّ (رضوان الله عليه) فقال: "والله، لوددتُ أنّي قُتِلت ثمّ نُشِرت ثمّ قُتِلت، حتى أقتل هكذا ألفَ مرّة، وأنّ الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك"[2].
ب. موقف محمّد بن الحضرميّ:
"قيل لمحمد بن الحضرمي [وهو مع الحسين في كربلاء]: أُسر ابنك بثغر الريّ.
قال: "عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحبُّ أنْ يُؤسر، ولا أن أبقى بعده".
فسمع قوله الحسين (عليه السلام) ، فقال له: "رحمك الله! أنت في حلّ من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك" .
قال: "أكلتني السباع حيّاً إن فارقتك"[3] .
ج. موقف مسلم بن عوسجة (رضوان الله عليه):
قام إليه مسلم بن عوسجة، فقال: "أنخلي عنك، ولَمَّا نُعذَرْ إلى الله سبحانه في أداء حقِّك؟! أَمَا والله حتى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به، لقذفتهم بالحجارة. والله، لا نُخْلِيْكَ حتى يعلمَ الله أنْ قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيك. والله، لو علمت أنّي أُقتل ثمّ أُحيا ثمّ أُحرق ثمّ أُحيا ثمّ أذرّى، يُفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتى ألقى حِمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا"[4].
د. موقف القاسم بن الحسن(عليهما السلام):
القاسم بن الحسن المجتبى ابن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، غلام لم يبلغ الحلم، عندما سأله أبو عبد الله (عليه السلام) عن طعم الموت:
"قال له القاسم بن الحسن: وأنا فيمن يقتل؟
فأشفق عليه، فقال له: يا بنيّ، كيف الموت عندك؟!
قال: يا عمّ، أحلى من العسل.
فقال: إي والله، فداك عمّك! إنّك لأحد من يُقتل من الرجال معي، بعد أن تبلو ببلاء عظيم، وابني عبد الله"[5].
ثبات الأصحاب (رضوان الله عليهم) ليلة العاشر
لقد أجاز الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه، وأعطاهم الرخصة بالذهاب ليلة العاشر من المحرّم، قائلاً: "إنّ هؤلاء يريدونني دونكم، ولو قتلوني لم يُقبِلوا إليكم، فالنجاة النجاة، وأنتم في حلّ، فإنّكم إن أصبحتم معي قُتلتم كلكم". فقالوا: "لا نخذلك، ولا نختار العيش بعدك"[6] .
لكن ماذا كان موقف الأصحاب والآل؟
أ. العباس: رد العبّاس بن عليّ (عليهما السلام)، أمان الشمر قائلاً: "لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟" وفي رواية: فناداه العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السلام): "تبّت يداك، ولعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله. أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟"[7].
ب. زهير: وهذا زهير بن القين، يخاطب الشمر حين هدّده ورماه بالسهم، فيقول: أفبالموت تخوّفني؟ فواللَّه، لَلموتُ أحبُّ إليّ من الخلد معكم[8].
ج. عابس بن أبي شبيب الشاكريّ: خاطب عابس الإمام (عليه السلام)، قائلاً: "أمّا بعد، فإنّي لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرَّك منهم. والله أحدّثك عمّا أنا موطّن نفسي عليه، والله لأجيبنّكم إذا دعوتم، ولأقاتلنّ معكم عدوّكم، ولأضربنّ بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله"[9].
د. حبيب: قال الشيخ الكبير حبيب بن مظاهر: "رحمك الله! قد قضيت ما في نفسك بواجزٍ من قولك"، ثمّ قال: "وأنا، والله الذي لا إله إلا هو، على مثل ما هذا عليه"[10].
وفي موقف آخر لحبيب عندما علِم من نافع بن هلال بأنّ السيدة زينب (عليها السلام) وباقي النساء في حال وجلٍ ورعب: قال: "يا أصحاب الحميّة، وليوث الكريهة، هذا نافع بن هلال يخبرني الساعة بكذا وكذا، فأخبروني عن نيّاتكم. فجرَّدوا صوارمهم، ورموا عمائمهم، وقالوا: أما والله يا بن مظاهر، لئن زحف القوم إلينا لنحصدنّ رؤوسهم، ولنلحقنّهم بأشياخهم، ولنحفظنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عترته وذريته.
فقال لهم حبيب: معي معي.
فقام يخبط الأرض بهم، وهم يعْدُون خلفه، حتى وقف بين أطناب الخيم، ونادى:
السلام عليكم يا ساداتنا، السلام عليكم يا معشر حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلّا في رقاب من يبتغي السوء فيكم، وهذه أسنّة غلمانكم آلوا أن لا يركزوها إلّا في صدور من يفرّق بين ناديكم"[11].
* من كتاب: زاد عاشوراء للمحاضر الحسيني ١٤٤٠ هـ - دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق وتصحيح مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، نشر مؤتمر الشيخ المفيد، إيران - قم، 1413ه، ط1، ج2، ص92.
[2] المصدر نفسه.
[3] ابن طاووس، السيّد عليّ بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف، أنوار الهدى، إيران - قم، 1417ه، ط 1، ص57.
[4] الشيخ المفيد، الإرشاد، مصدر سابق، ج2، ص92.
[5] البحرانيّ، السيّد هاشم، مدينة المعاجز، تحقيق مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، بإشراف الشيخ عزة الله المولائيّ، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، إيران - قم، 1414ه، ط 1، ج4، ص215.
[6] الراونديّ، قطب الدين، الخرائج والجرائح، تحقيق مؤسّسة الإمام المهديّ عجل الله فرجه الشريف بإشراف السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحيّ، مؤسّسة الإمام المهديّ، إيران - قم، 1409ه، ط 1، ج1، ص254.
[7] السيد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، مصدر سابق، ص54.
[8] النويريّ، نهاية الأرَب في فنون الأدب، تحقيق وزارة الثقافة والإرشاد القوميّ، المؤسّسة المصرية العامّة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، لا.م، لا.ت، لا.ط، ج20، ص443.
[9] الطبريّ، محمّد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات، لبنان - بيروت، لا.ت، لا.ط، ج4، ص264.
[10] المصدر نفسه.
[11] السيّد عبد الحسين شرف الدين، المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة، مصدر سابق، ص233.