يتم التحميل...

صلاح الأعمال مفتاح الحياة الطيبة

الإنسان والحياة

ورد في الدعاء: "اللّهمَّ اهدني فيه لصالح الأعمال، واقض لي فيه الحوائج والآمال، يا من لا يحتاج إلى التفسير والسؤال، يا عالماً بما في صدور العالمين، صل على محمد وآله الطاهرين".

عدد الزوار: 376


ورد في الدعاء: "اللّهمَّ اهدني فيه لصالح الأعمال، واقض لي فيه الحوائج والآمال، يا من لا يحتاج إلى التفسير والسؤال، يا عالماً بما في صدور العالمين، صل على محمد وآله الطاهرين".
 
على الإنسان أن يسأل الله عزَّ وجلَّ في كلِّ حال، حتَّى في العمل الذي يأتي به فهو لا يعلم صالحه إلّا من الله، والاتّكال على الله لأنّ من أسمائه الحسنى العليم، فهو العليم بما في الصدور. ونتعرّض من خلال هذا الدعاء، لصالح الأعمال، والدعاء بطلب الحوائج.
 
إنَّ العمل الصالح هو قوام الحياة الطيَّبة كما ورد في قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾([1]).
 
ولكن المشكلة التي قد يقع بها الإنسان هو متى جاء بعملٍ ما بإعتقاد أنّه عمل صالح، ولكنّه كان سيئاً، وهذا هو الذي يؤكِّد أهميّة الفقرة الأولى من هذا الدعاء، وذلك من خلال التوجّه إلى الله بطلب الهداية لصالح الأعمال.
 
يصف الله عزَّ وجلَّ من لا يوفق للعمل الصالح نتيجة جهله بأنّه الأخسر عملاً، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُون صُنْعاً﴾([2]).
 
يتعرّض العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان لهذه الآية فيقول: "يخسر وهو يُذعن بأنّه يربح، ويتضرّر وهو يعتقد أنّه ينتفع، لا يرى غير ذلك، وهو أشدُّ الخسران لا رجاء لزواله. ثمّ الإنسان في حياته الدنيا لا شأن له إلّا السعي لسعادته ولا همَّ له فيما وراء ذلك فإن ركب طريق الحقّ وأصاب الغرض وهو حقّ السعادة فهو، وإن أخطأ الطريق وهو لا يعلم بخطئه فهو خاسر سعياً لكنّه مرجو النجاة، وإن أخطأ الطريق وأصاب غير الحقّ وسكن إليه فصار كلما لاح له لائح من الحقّ ضربت عليه نفسه بحجاب الإعراض وزيّنت له ما هو فيه من الاستكبار وعصبيّة الجاهليّة فهو أخسر عملاً وأخيب سعياً، لأنّه خسرانٌ لا يُرجى زواله ولا مطمع في أن يتبدّل يوماً سعادة"([3]).
 
إنَّ هذه الحجب التي تُصيب القلب نتيجة ارتكاب الذنوب تجعل الإنسان بعيداً عن الحقّ للغاية، وطلب الهداية من الله كما يتوقّف على الدعاء، كذلك يتوقَّف على اجتناب المحرّمات والسيئات.
 
لقد دعا الإسلام إلى العلم والتعلَّم ومجالسة العلماء والتفكير وغير ذلك، وهو يرمي بهذا كلِّه لكي يدفع الإنسان لمعرفة العمل الصالح الذي ينفعه في آخرته. وبهذا نفسّر ما ورد من أنّ ركعة من عالمٍ بالله خير من ألف ركعَة من متجاهلٍ بالله.
 
* من كتاب: سبيل المهتدين - جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) النحل:97.
([2]) الكهف:103- 104.
([3]) تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي - ج13 ص400.

2025-06-11