ما هي أسرار وبركات أداء النوافل اليومية؟
إضاءات إسلامية
للنوافل بركات عديدة تنعكس على مؤديها، خصوصاً إذا كان من المواظبين عليها، ومن أبرز هذه البركات:
عدد الزوار: 49للنوافل بركات عديدة تنعكس على مؤديها، خصوصاً إذا كان من المواظبين عليها، ومن أبرز هذه البركات:
1- النوافل سياج الفرائض: عن الفضيل: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾[1]، قال (عليه السلام): "هي الفريضة، قلت": ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾[2] قال: "هي النافلة"([3]).
وفي التفسير إشارة لطيفة وهي أنّ الاستمرار والدوام على النافلة من شأنه أن يجعل الإنسان يحافظ على الفريضة، وأنّ التفريط بالنافلة لا يمكّن الإنسان من المحافظة على الفريضة، وبالتالي فمن حافظ على النوافل كان على الفرائض أكثر محافظة، ومن تهاون بها كانت الخطوة التالية إذا تمكّن الكسل من المرء أن يفرّط بالفرائض، والعياذ بالله.
فالنوافل سياج يحمي الفرائض من تسلّل الشيطان، فلو حاول الشيطان اقتحام فرائض المرء علق في سياج النوافل، ولذلك يعمد دائماً إلى إبعاد المرء عن نوافله لتصبح واجباته في متناول إملاءاته ومرمى وسوساته. وهنا إشارة مهمّة وهي أنّ حرص المرء على نوافله كاشف عن شدّة حرصه على فرائضه، وأنّ استهتاره بنوافله دليل عدم حرصه على أداء الفرائض.
2- النوافل جوابر الفرائض: عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته"[4]، فيقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته: "انظروا إلى صلاة عبدي أتمّها أم نقصها"؟ فإن أتمّها كتبت له تامّة، وإن كان قد انتقصها قيل: "انظروا هل لعبدي من تطوّع فتكمل صلاته من تطوّعه"؟ "ثمّ تؤخذ الأعمال بعد ذلك"([5]). فما أحوج المرء إلى هذه النوافل كي يجبر بها يوم القيامة ما يتمّ فريضته، فهي باب رحمة ولطف من الله تعالى على الإنسان، وأيّ إنسان منّا لا يخلو من نقصٍ؟ وأيّ منّا لم يطل التقصير بعض فرائضه ما قد يكون في الفرائض؟ وفي قوله "وتُؤخذ أعماله بعدها" يوجب على الإنسان أن يأخذ حذره من التغافل عن النوافل التي ما لم يتمّ فريضته بها فإنّ العبور على بقية الفرائض بعد الصلاة لن يكون ممكناً.
3- باب للأجر والثواب: فالنوافل باب واسع وعريض لكسب الأجر والثواب، وهذه المستحبّات تدخل في كافّة أبواب الفقه والأخلاق والشريعة، فهي لا تعدّ ولا تحصى، فلو أراد المرء أن يعمل بالنوافل التي تضمّنتها كتب الأعمال والأدعية كمفاتيح الجنان ومصباح الكفعميّ ومفتاح الجنّات والصحيفة السجاديّة وغيرها لاحتاج إلى أزيد من عمره، إلّا أنّ الغريب أنّك ترى بعض الناس يعملون ليل نهار لربح الدنيا، وقلّما يلتفتون لربح الآخرة.
4- المحبّة والتسديد من الله: قال تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾([6])، وفي الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"([7]). فالنافلة وسيلة اتصال دائم بالله تعالى يعيش معها العبد المؤمن أجمل لحظات القرب من الله فيفيض عليه تعالى من فضله وكرمه ما يعجز المرء عن وصفه حين يصبح كما - عبّر الحديث - مرآةً تنعكس عليها أفعال الله تعالى، وكأنّ النوافل وحدها سرّ مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين.
5- محو السيئات: قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾([8]).
فالحسنات يذهبنَ السيّئات بصريح القرآن، وعلى المرء أن يذكر ذلك دائماً، فهذه المعادلة كما يُعبّر الله ذكرى للذاكرين، ولعلّ في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾([9]) إشارة لطيفة تُستفاد من كلمة "لك" وهي أنّ النوافل زيادةٌ في مقام رسول الله ورفعةٌ في مقامه كما أشارت الآية إلى المقام المحمود والذي فُسّر بمقام الشفاعة، وهذا خاصٌّ بالأنبياء والأولياء، وأمّا بالنسبة إلى باقي الناس فهي مكفّرات للذنوب.
فالزيادات على الفرائض لا تعدّ في حقيقتها نوافل إلّا في حقّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ سلوكه وعباداته وأخلاقه قد بلغت الكمال البشريّ الذي يعصمه من الوقوع في المعاصي.
* من كتاب: زاد وجهاد في شهر الله - جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافيّة
[1] سورة المعارج، الآية: 34.
[2] سورة المعارج، الآية: 23.
[3] ميزان الحكمة، ج2، ص 1643.
[4] جامع أحاديث الشيعة-ج4.
([5]) كنز العمال، ج 7، ص 278.
([6]) سورة المائدة: الآية 54.
([7]) كنز العمال، ج 7، ص 770.
([8]) سورة هود، الآية: 117.
([9]) سورة الإسراء، الآية: 82.