يتم التحميل...

حقُّ المجاهدين‏ في لسان النصوص الدينية

أهل الفضل

إنَّ للمجاهدين الّذين يذرون عيالهم وأموالهم ويهاجرون إلى الله حقوقاً علينا لا بدّ لنا من أن نؤدّيها إليهم. وقد ورد الكثير من الروايات الشريفة الّتي تدلّ على حقوقهم نذكر بعضاً منها:

عدد الزوار: 51

إنَّ للمجاهدين الّذين يذرون عيالهم وأموالهم ويهاجرون إلى الله حقوقاً علينا لا بدّ لنا من أن نؤدّيها إليهم.
 
وقد ورد الكثير من الروايات الشريفة الّتي تدلّ على حقوقهم نذكر بعضاً منها:

1- معاونتهم وتجهيزهم‏:
قد لا يقدر كلُّ شخص على الجهاد فهناك النساء وهناك المعذورون من الرجال، وهناك العجزة، وقد فتح الله لهم طريقاً يجعلهم شركاء للمجاهدين في جهادهم فينالون أجر الجهاد رغم عدم حملهم للسلاح، وذلك من خلال تجهيز المجاهد ومعاونته، فمعاونة المجاهد في سبيل الله ذات أجرٍ كبير وقد حثّت الروايات عليها بشكل أكبر.
 
ورد في الحديث الشريف: "من جهّز غازياً بسلك أو إبرة غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر"[1].
 
فحتّى الإبرة الصغيرة جعل الله بتجهيز المجاهد بها غفران الذنوب فما بالك بما هو أكبر...؟
 
وفي الرواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "من جبن عن الجهاد فليجهّز بالجهاد رجلاً يجاهد في سبيل الله، والمجاهد في سبيل الله إن جُهّز بمال غيره فله فضل الجهاد ولمن جهّزه فضل النفقة في سبيل الله وكلاهما فضل، والجود بالنفس أفضل في سبيل الله من الجود بالمال"[2].
 
ولا ينبغي أن يقول الإنسان إنِّي غير قادر على دعم المجاهدين، فإنَّ الدعم ولو بالقليل له الأثر في الدنيا والآخرة.
 
2- حفظهم في غيبتهم‏:
إنَّ المجاهد يتوجّه إلى الجهاد تاركاً خلفه ماله وعياله فما هو تكليفنا اتجاهه في غيبته؟
 
إنَّ حفظ أمانته من أقلّ الحقوق الّتي ينبغي الالتفات إليها، فعلينا أن نخلفه في أهله وماله خيراً بأن نحفظهم ونرعاهم وكذلك نحفظه معنويّاً بين الناس فلا نغتابه أو نؤذيه، وقد وردت الروايات في هذا المعنى.
 
فعن الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "من اغتاب غازياً أو آذاه أو خلفه في أهله بخلافة سوءٍ نصب الله له يوم القيامة عَلَم فيستفرغ بحسناته ويركس في النار"[3].
 
وعلى كلِّ حال فإنَّ أذيّة المؤمن من الكبائر الّتي نهانا الله عنها.
 
فعن رسول الله‏ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "قال الله تعالى: من أهان لي وليًّا فقد أرصد لمحاربتي"[4].
 
وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أحزن مؤمناً ثمّ أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته ولم يؤجر عليه"[5].
 
فكيف إذا كان هذا المؤمن مجاهداً في سبيل الله؟
 
3- إبلاغ رسالتهم‏:
للجهاد رسالة كما أنَّ لكلِّ التضحيات رسالة وهدف، ولكي لا يكون المجتمع بعيداً عن فهم عطاءات المجاهدين، لذا فإنَّه يتوجّب علينا أن نبلّغ ونحفظ رسالتهم الّتي فدوها بأنفسهم وقدّموا دماءهم في سبيلها وحملوا أرواحهم على أكفّهم لأجلها حتّى يكتب لنا أجر مثلهم في الجهاد ويتعلّم الناس معنى العطاء فيستلهمونه نموذجاً يُحتذى به وتستكمل المسيرة سيرها نحو أهدافها المرجوّة.
 
آثار الحقوق‏
قد تقدّم معنا من خلال الروايات ما أعدّه الله عزّ وجلّمن الثواب الجزيل لمن يؤدّي حقَّ المجاهد كغفران الذنوب لمن جهّز مجاهداً ولو بسلكٍ أو إبرة، وأجر المجاهد لمن حمل همّ إبلاغ رسالته وكذا خطورة وحرمة أذيّته وخلافته بالسوء، وأنَّ الله قد وعد عليها النار، فبعد أن عرفناها فليكن كلّ جهدنا في أن نتَّق الله في هؤلاء الثلّة القليلة الّتي رهنت نفسها لاستنقاذنا من الظلم فباعت أرواحها لله في تجارة لن تبور.
 
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾[6].

* من كتاب أهل الفضل، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] ميزان الحكمة، ح2691.
[2] ميزان الحكمة، ح2692.
[3] البحار، ج 97، ص 57.
[4] بحار الأنوار، ج19، ص 54.
[5] ميزان الحكمة، ح 459.
[6] القرآن الكريم،سورة البقرة، الآية 207.

2025-02-01