ولي الأمر
أهل الفضل
قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيل".سوف نتحدث في هذه الصفحات القليلة عن ولي الأمر الذي يصطلح عليه بالولي الفقيه أو الحاكم لنتعرف على سر الحاجة إليه وحقوقه علينا وحتى نميزه عن حكام الجور...
عدد الزوار: 231
قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ...﴾(النساء:59).
من هو ولي الأمر؟
قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيل﴾(النساء:59).
سوف نتحدث في هذه الصفحات القليلة عن ولي الأمر الذي يصطلح عليه بالولي الفقيه أو الحاكم لنتعرف على سر الحاجة إليه وحقوقه علينا وحتى نميزه عن حكام الجور...
فولي أمر المسلمين أو الولي الفقيه هو نائب الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف والقائم مقامه في غيبته لإقامة الحدود وتطبيق الشريعة وإدارة أمور الناس في الاقتصاد والسياسة، والقائد لهم في السلم والحرب.
ما الحاجة لولي الأمر؟
يجيبنا الإمام الرضا عليه السلام على هذا السؤال مفصلا بأسلوب يدّل على ضرورة وجود الولي في المواضع المتعددة التي تحتاجه فيها وسنستعرض بعض فقرات الرواية الشريفة في عدة نقاط:
1- حفظ النظام وإقامة الحدود والأحكام
حيث يقول عليه السلام: "لعلل كثيرة منها: أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا تلك الحدود لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن جعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم لأنه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد"1.
ومسألة أهمية وجود من يحفظ النظام يقرّ بها كل عاقل ولا يمكن لمجتمع أن يستمر دون أن يكون عليه قيما يحافظ فيه على القانون والنظام.
2- الحفاظ على تعاليم الشرع المقدس
فيقول عليه السلام: "لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا مستودعا لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنة والأحكام"2.
3- ضرورة حياتية
يشير الإمام للدليل العقلي على وجوب وجود الولي فيقول عليه السلام: "ومنها أنّا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس لما لا بد لهم من أمر الدين والدنيا"3.
وهذا إرشاد منه عليه السلام لما حكم به العقل من وجوب وجود الولي.
حقوق ولي الأمر
يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: "وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية"4.
قد تقدم الحديث في كون ولي الأمر من أهل الفضل على الناس حيث فضله الله بعلمه ورفعه عنا درجات وهو من أهل الفضل لما يقدّم من تضحيات على حساب راحته حرصاً منه على مصالح الأمة الإسلامية، فمن الواجب علينا في المقابل أن نقابل معروفه هذا ببعض الواجب واللياقة والاحترام فما هي حقوق ولي الأمر علينا؟
1- الطاعة
إن من أعظم الحقوق لولي الأمر على الأمة حقه بالطاعة علينا، فلو لم يكن ولي الأمر مطاعا لفسد حال الأمة واختل نظامها وتحلل الناس من القانون وتناحروا فيما بينهم.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله"5.
فإن حكم الحاكم نافذ على جميع الناس بل على المجتهدين أيضاً.
يقول سماحة السيد القائد دام ظله: "طبقا للفقه الشيعي يجب على كل المسلمين إطاعة الأوامر الولائية الشرعية الصادرة من ولي أمر المسلمين والتسليم لأمره ونهيه حتى على سائر العلماء العظام فكيف بمقلديهم"6.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن في سلطان الله عصمة لأمركم فأعطوه طاعتكم،غير ملومة ولا مستكره بها، والله لتفعلن أو لينقلن الله عنكم سلطان الإسلام ثم لا ينقله إليكم أبدا حتى يأزر الأمر إلى غيركم"7.
فإن عدم إطاعة الولي الإسلامي الشرعي يُوصل المجتمع الإسلامي إلى مرحلة يتحكم فيها حكام جائرون يتسلطون على الدنيا ويفسدون في الأرض.
2- التسليم لأمره ونهيه
والتسليم أمر أرقى من الطاعة فالطاعة هي مجرد العمل على طبق الأمر أما التسليم فإنه العمل على طبق الأمر مضافا إلى رضا النفس وانقيادها التام واعتقادها بصلاح ما أُمرت به.
والتسليم أحد درجات التوكل على الله والتسليم للولي والإمام من الأمور المهمة التي تمكن العقيدة في نفس المؤمن وتمنع تزعزع نيته وقد ركّزت الروايات على وجوب التسليم لأمر أهل البيت عليهم السلام: "ومسلِّم فيه معكم، وقلبي لكم مسلِّم ورأي لكم تبع ونصرتي لكم معدة..."8.
فيجب أن ننتقل من مرحلة الطاعة لمرحلة التسليم.
3- معاونته وتمكينه
والتمكين له يكون بجعل مقدرات الأمة وما تحمله من الطاقات المادية والبشرية على صعيد الفرد أو الجماعة تحت يديه ليسخرها في حركة الإصلاح والتمهيد لإقامة دولة العدل الكاملة بظهور صاحب العصر والزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، ومن أساليب تمكينه، أداء الحقوق الشرعية إليه فهو صاحبها. يقول دام ظله: "ولي الخمس هو ولي الأمر الذي له الولاية على أمور المسلمين"9.
فأداء الحقوق لولي الأمر يعينه على تحقيق الخطة التي رسمها لتدعيم أسس الإسلام وعمارة بلاد المسلمين وما يعتبره من الأمور التي تصب في مصلحة المسلمين عامة بنظره الثاقب ووعيه العظيم.
ومن الأساليب التي تساعد في تمكين الولي، تزويده بالأفكار البنّاءة التي تساهم في تطوير الحركة الإسلامية، فلعله يراها جديرة بالإهتمام وتستحق الدراسة والتطبيق فيما لو وجد فيها فوائد تخدم مصالح المسلمين.
وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "وليس امرؤ وإن عظمت في الحق منزلته وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه ولا امرؤ وإن صغرته النفوس وأقحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يعان عليه"10.
آداب التعاطي مع ولي الأمر
إن الولي هو أحد العلماء بل هو أبرزهم، ومن هنا كانت جميع الحقوق والآداب الثابتة للعلماء ثابتة.
ونتبرك بكلام لأمير المؤمنين عليه السلام يؤدب به أصحابه ويعلمهم طريقة التعاطي معه.
يقول عليه السلام: "فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ عند أهل البادرة، ولا تخاطبوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإن من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقولة بحق، أو مشورة بعدل"11.
فهذه آداب أمير المؤمنين عليه السلام قد تركها لكل من أحب مرضاة الله فنسأله تعالى أن يوفقنا لمراضيه ويجنبنا معاصيه إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
*أهل الفضل، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، شباط 2004م، ص29-39.
1- علل الشرائع للصدوق، ج1، ص252.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- نهج البلاغة، ج2، خطبة 209.
5- أصول الكافي، ج1، ص67.
6- أجوبة الإستفتاءات ج1، ص24، طبعة الدار الإسلامية.
7- ميزان الحكمة، ح 8750.
8- مفاتيح الجنان الزيارة الجامعة الكبيرة.
9- أجوبة الإستفتاءات ج1، باب 5، ص300، طبعة الدار الإسلامية.
10- نهج البلاغة، الخطبة 209.
11- المصدر السابق.