يتم التحميل...

خطوات الشيطان في التسلُّط على الإنسان

زَادُ المُنِيبين في شهر اللّه

الإمام الصادق (عليه السلام): «يَا عَبْدَ اللَّه، لَقَدْ نَصَبَ إِبْلِيسُ حَبَائِلَهُ فِي دَارِ الْغُرُورِ، فَمَا يَقْصِدُ فِيهَا إِلّا أَوْلِيَاءَنَا. وَلَقَدْ جَلَّتِ الْآخِرَةُ فِي أَعْيُنِهِمْ، حَتَّى مَا يُرِيدُونَ بِهَا بَدَلاً»

عدد الزوار: 708

الإمام الصادق (عليه السلام): «يَا عَبْدَ اللَّه، لَقَدْ نَصَبَ إِبْلِيسُ حَبَائِلَهُ فِي دَارِ الْغُرُورِ، فَمَا يَقْصِدُ فِيهَا إِلّا أَوْلِيَاءَنَا. وَلَقَدْ جَلَّتِ الْآخِرَةُ فِي أَعْيُنِهِمْ، حَتَّى مَا يُرِيدُونَ بِهَا بَدَلاً»[1].

مراحل تسلُّط الشيطان على الإنسان
قال تعالى: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنا فَهُوَ لَهُۥ قَرِين ٣٦ وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ﴾[2]. وسياسة الشيطان سياسة الخطوات؛ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلا طَيِّبا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّ مُّبِينٌ﴾[3]. فَالمراحل التي يقطعها الشيطان للوصول إلى هدفه عن طريق التغرير بالناس هي:

1. الإلقاء والوسوسة: ﴿فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ﴾[4]. والوسوسةُ الصوت المنخفض جدّاً، وقد قِيلَتْ لِخطورِ الأفكار السافلة والسيّئة التي تنبع مِن داخل الإنسان أو مِن خارجة[5].

2. المسّ المباشر: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَا مَسَّهُمۡ طَٰٓئِف مِّنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ﴾[6]. والطائف ما يَدور حول الشيء، فكأنّ وساوس الشيطان تَدور حول فِكر الإنسان وروحه لِتَجد لها منفذاً، فإذا تذكّرَ -في مثل هذه الحال- ربَّه واستعاذ مِن وساوس الشيطان أبعدها عنه، وإلّا أذعنَ لها وانقاد وراء الشيطان[7].

3. النفوذُ إلى القلب: ﴿ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ﴾[8]. وشَرُّ الوسواس الخنّاس وَسوَسةُ ذي الصفة الشيطانيّة الذي يهرب ويختفي مِن ذِكر اسم الله، فالشياطين يمزجون أعمالهم دائماً بالتستُّر، وَيَرمون إلقاءاتهم في الإنسان بطريقة خفيّة، حتّى يخال أنّها مِن بَنات أفكاره؛ ما يؤدّي إلى ضلاله وغوايته[9].

4. البقاء في الباطن والروح: ﴿وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنا فَهُوَ لَهُۥ قَرِين﴾[10]. إنّ الغفلة عن ذِكر الله، والغَرق في ملذّات الدنيا، والانبهار بزخارفها ومغرياتها، يؤدّي إلى تسلُّط الشيطان على الإنسان، فَيكون له قريناً دائماً، ويُلقي لجاماً حول رقبته يشدّه به ويجرّه إلى حيثُ شاء[11].

5. الانضمام إلى حزب الشيطان: ﴿ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَيۡهِمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمۡ ذِكۡرَ ٱللَّهِۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزۡبُ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ أَلَآ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّيۡطَٰنِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾[12]، فَلا يكون مُنحرفاً وَحسب، بل في زمرة الشيطان وحزبه وجيشه، مِن أنصاره في إضلال الآخرين[13].

6. اتّخاذ الشيطان وليّاً: ﴿وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانا مُّبِينا﴾[14]، ومَن كان الشيطان له قائداً فَهو مِن القوم الخاسرين في الدنيا والآخرة[15].

7. تحوُّل الإنسان شيطاناً: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ﴾[16]، عن طريق وحي شياطين الجنّ بالوسوسة والنزغة إلى شياطين الإنس، ووحي بعض شياطين الإنس إلى بعضهم الآخر بأسرار المكر والتسويل[17].

ما يساعد الشيطان على الإنسان
ثمّة أمور عديدة تساعد الشيطان على الإنسان، منها:

1. مجالسة أهل الهوى: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَاعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِيَاءِ شِرْكٌ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلْإِيمَانِ ومحضرةٌ للشيطان»[18].

2. الافتراق عن جماعة أهل الحقّ: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّيْطَانُ مَرَامِيَهُ وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ، وَسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ، وَخَيْرُ النَّاسِ فِيَّ حَالاً النَّمَطُ الْأَوْسَطُ، فَالْزَمُوهُ وَالْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ [عَلَى‏] مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ»[19].

3. الظلم والكِبر: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَاللَّهَ اللَّهَ فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وَآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ، فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى وَمَكِيدَتُهُ الْكُبْرَى الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ»[20].

4. الانشغال بِعيوب الغير عن عيوب النفس: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ، تَحَيَّرَ فِي الظُلُمَاتِ، وَارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّء أَعْمَالِهِ»[21].

5. الوقوع في الفتنة: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلصَ مِنْ لبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ، فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الْحُسْنى»[22].

6. الإعجاب بالنفس وحبّ المدح: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَإِيَّاكَ والْإِعْجَاب بِنَفْسِكَ وَالثِقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَحُبَّ الْإِطْرَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَيْطَانِ فِي نَفْسِهِ، لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ»[23].

7. الشكّ: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَمَنْ تَرَدَّدَ فِي الرَيْبِ، وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ»[24].

8. الغضب: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَاحْذَرِ الْغَضَبَ، فَإِنَّهُ جُنْدٌ عَظِيمٌ مِنْ جُنُودِ إِبْلِيسَ»[25]، فَالغضب نار تشتعل في الإنسان فَتطغى على العقل حتّى يقع بالمفسدة والضرر.

9. حُبّ المال والترف: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابٍ له إلى معاوية: «فَإِنَّكَ مُتْرَفٌ، قَدْ أَخَذَ الشَّيْطَانُ مِنْكَ مَأْخَذَهُ، وَبَلَغَ فِيكَ أَمَلَهُ، وَجَرَى مِنْكَ مَجْرَى الرُّوحِ وَالدَّمِ»[26].

10. الحسد والعداوة: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ﴾[27]، وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي، فإنّهما يعدلان عند الله الشرك»[28].

 * زَادُ المُنِيبين في شهر اللّه، إصدار دار المعارف الإسلاميّة الثقافيّة، الطـبعــة الأولى 2024م.


[1]  ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، مصدر سابق، ص301.
[2]  سورة الزخرف، الآيتان 36 - 37.
[3]  سورة البقرة، الآية 168.
[4] سورة طه، الآية 120.
[5]  الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، مصدر سابق، ج10، ص94.
[6]  سورة الأعراف، الآية 201.
[7]  الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، مصدر سابق، ج5، ص342.
[8] سورة الناس، الآية 5.
[9] الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، مصدر سابق، ج20، ص584.
[10]  سورة الزخرف، الآية 36.
[11]  المصدر نفسه، ج16، ص55.
[12]  سورة المجادلة، الآية 19.
[13] المصدر نفسه، ج18، ص147.
[14]  سورة النساء، الآية 119.
[15]  مغنيّة، الشيخ محمّد جواد، التفسير المبين، مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي، لا.م، 1403هـ - 1983م، ط2، ص123.
[16]  سورة الأنعام، الآية 112.
[17] العلّامة الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج7، ص321.
[18]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص117، الخطبة 86.
[19] المصدر نفسه، ص184، الخطبة 127.
[20]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص294، الخطبة 192.
[21]  المصدر نفسه، ص221، الخطبة 157.
[22]  المصدر نفسه، ص88، الخطبة 50.
[23]  المصدر نفسه، ص443، الكتاب 53.
[24]  المصدر نفسه، ص474، الحكمة 31.
[25]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص460، الكتاب 69.
[26] المصدر نفسه، ص370، الكتاب 10.
[27]  سورة المائدة، الآية 91.
[28]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج72، ص278.

2024-03-25