يتم التحميل...

ضعف النفس والتوكل على الله

جمادي الثاني

قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)(إبراهيم:12) من الفضائل الأخلاقيّة التي لا يتسنّى للإنسان الوصول إلى مقام القرب الإلهي من دونها مسألة"التوكّل"بحسب ماأشارت الآيات القرآنيّةالكريمة والروايات الإسلاميّة.

عدد الزوار: 202

بسم الله الرحمن الرحيم

ضعف النفس والتوكل على الله


قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ(إبراهيم :12). من الفضائل الأخلاقيّة التي لا يتسنّى للإنسان الوصول إلى مقام القرب الإلهي من دونها مسألة "التوكّل" بحسب ما أشارت الآيات القرآنيّة الكريمة والروايات الإسلاميّة. والمراد من التوكّل: تفويض الأمور إلى الله والإعتماد على لطفه وفضله، وهذا ما يبعث في النفس الطمأنينة والسكينة ويمنحها القدرة على التصدّي للمشكلات والحوادث الصعبة.

والإنسان الذي يعيش التوكّل على الله لا يشعر إطلاقاً بالحقارة والضعف بل يرى نفسه وبالاعتماد على لطف الله تعالى وعلمه وقدرته المطلقة منتصراً وناجحاً في
حياته الفرديّة والاجتماعية، وحتّى أنّه لو أُصيب بالفشل أحياناً فإنّ ذلك لا يفرض عليه اليأس والقنوط. والقرآن الكريم في إطار حديثه عن سيرة الأنبياء عليهم السلام يستعرض من صفات الأنبياء الإلهيين صفة "التوكّل"، حيث نجدهم يعيشون روح الاعتماد على الله والتوكّل عليه في مقابل المصاعب والمشاكل الجمّة التي يواجهونها في خط الرسالة والدعوة إلى الله.

●  التوكّل في الأحاديث الإسلاميّة

تولي الروايات الإسلامية أهميّة كبيرة لهذه الفضيلة وتبيّن آثارها الإيجابيّة وبركاتها على الفرد والمجتمع ومن ذلك: 1- ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: "من سرّه أن يكون أقوى الناس فليتوكّل على الله".

2- ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: "في التوكّل الإيقان".

3- وفي حديث آخر عميق المعنى ما ورد في قصّة إبراهيم عليه السلام في تفسير علي بن إبراهيم حيث تقول الرواية: أنّه لمّا وضعوا إبراهيم في المنجنيق، جاءَه
عمّه آذر وصفعَه على وجهِهِ بشدة وقال له: "ارجع عمّا أنت عليه، ولم يبقَ شيء إلاّ طلب إلى ربّه أن ينجي إبراهيم وقالت الأرض: ليس على ظهري أحدٌ يعبدك غيره فيُحرق! وقالت الملائكة مثل ذلك، وجاء إليه جبرئيل في الهواء، وقد وضع في المنجنيق، فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة؟ فقال إبراهيم أمّا إليك فلا، وأمّا إلى ربّ العالمين فنعم. فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب: "لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، ألجأْت ظهري إلى الله، أسندْت أمري إلى الله، وفوّضتُ أمري إلى الله" فأوحى الله إلى النار ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا(الأنبياء:69) فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتّى قال ﴿سَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (الأنبياء:69) فهبط جبرئيل وجلس معه يحدّثه في النار وفي
روضة خضراء، ونظر إليه نمرود فقال: "مَنِ اتخذَ إلهاً فَليتخذ مِثْلَ إلِهِ إبراهيمَ". أجل فإنّ التوكّل على الله تعالى قد حوّل النار إلى بستان جميل وجنّة خلاّبة، هذا التوكّل الذي منح إبراهيم القوّة على ضبط النفس والهدوء والسكينة حتّى انه لم يجد حاجة إلى التوسّل بجبرئيل واعتبر ذلك ابتعاداً عن الله وخلافاً لمقتضى الإيمان والتوكّل وانه لا بدّ من تحصيل الماء من المعين الصافية نفسها.

4- ونقرأ في حديث آخر بهذا المعنى عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "من توكّل على الله لا يُغلَب ومن اعتصم بالله لا يهزم".

5- وورد في حديث آخر عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "من توكّل على الله ذلّت له الصِّعاب وتَسَهّلَت عليه الأسباب". وكيف لا يكون كذلك في حين أنّ (مسبِّب الأسباب) هو الله تعالى وكل شيء خاضع وخاشع له.

6- ونختم الكلام بحديث آخر عن لقمان الحكيم رغم وجود أحاديث كثيرة تقرر أهميّة التوكّل وآثاره الإيجابيّة الكبيرة على حياة الإنسان الماديّة والمعنويّة، وذلك
عندما أوصى لقمان ابنه بقوله: "يا بني! توكّل على الله ثمّ سل في الناس، من ذا الذي توكّل على الله فلم يكفِهِ؟!".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
2009-07-02