يتم التحميل...

الالتصاق بالقيادة خلال الحروب الحقيقية والإعلامية

الجهاد

 إن الحرب النفسية هي من أصعب وأخطر الحروب التي تستخدم في هذا العصر لتحقيق النصر على العدو، فالمهزوم على المستوى النفسي وصاحب المعنويات المنهارة لا يكون قادراً على الصبر وتحقيق النصر في ميادين المواجهة.

عدد الزوار: 45

 إن الحرب النفسية هي من أصعب وأخطر الحروب التي تستخدم في هذا العصر لتحقيق النصر على العدو، فالمهزوم على المستوى النفسي وصاحب المعنويات المنهارة لا يكون قادراً على الصبر وتحقيق النصر في ميادين المواجهة.
 
وفي هذا الإطار تلعب الإشاعات دوراً بارزاً، كثيراً ما يستخدمه الأعداء لتحطيم المعنويات، وتحقيق الهزيمة النفسية التي تلازم الهزيمة العسكرية.
 
وقد نقل لنا التاريخ نماذج كثيرة عن الإشاعات بشكل يظهر مدى خطورتها.
 
﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾([1]).
 
التمييز بين الحق والباطل
عن الإمام علي عليه السلام: "أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع... الباطل أن تقول: سمعت، والحق أن تقول: رأيت"([2]).
 
وسُئِلَ الإمام الحسن بن علي عليه السلام: "كم بين الحق والباطل؟ فقال عليه السلام: أربع أصابع، فما رأيته بعينك فهو الحق، وقد تسمع بأذنيك باطلاً كثيراً"([3]).
 
النهي عن استماع الأقاويل
عن الإمام علي عليه السلام: "أيها الناس، من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق فلا يسمعن فيه أقاويل الناس، أما إنه قد يرمي الرامي ويخطئ السهام، ويحيل الكلام، وباطل ذلك يبور، والله سميع وشهيد. أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع. فسئل عن معنى قوله هذا، فجمع أصابعه ووضعها بين اذنه وعينه، ثم قال: الباطل أن تقول: سمعت، والحق أن تقول: رأيت"([4]).
 
الإلتفات إلى اشتباه الحق بالباطل
عن الإمام علي عليه السلام: "فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث"([5]).
 
وعنه عليه السلام: "كم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله كما يزخرف الدرهم النحاس بالفضة المموهة"([6]).
 
وعنه عليه السلام: "الباطل غرور خادع"([7]).
 
الميزان هو البصيرة
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾([8]).
﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾([9]).
 
عن الإمام علي عليه السلام: "نظر البصر لا يجدي إذا عميت البصيرة"([10]).
 
وعنه عليه السلام: "فإنما البصير من سمع فتفكر، ونظر فأبصر، وانتفع بالعبر، ثم سلك جدداً واضحاً يتجنب فيه الصرعة في المهاوي"([11]).
 
 
قصة حول الإشاعات
أشار المؤرخون إلى أن "ابن قمئة" الذي قتل الصحابي الجليل "مصعب بن عمير"، وهو يظن أنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هو الذي صاح: واللات والعزى لقد قتل محمد.
 
إن شائعة مقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوجدت زلزالاً كبيراً في نفوس بعض المسلمين، ولذلك فرَّ هؤلاء من ساحة المعركة. وأما من بقي من المسلمين في الساحة فقد عمدوا - بهدف الحفاظ على البقية من التفرق وإزالة الخوف والرعب عنهم - إلى أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الشعب من "أحد" ليطلع المسلمون على وجوده الشريف ويطمئنوا إلى حياته، وهكذا كان، فإنهم لما عرفوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عاد الفارون، وآب المنهزمون، واجتمعوا حول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولامهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فرارهم في تلك الساعة الخطيرة، فقالوا: يا رسول الله أتانا الخبر بأنك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين. وهكذا لحقت بالمسلمين - في معركة أحد - خسائر كبيرة في الأموال والنفوس، فقد قتل منهم في هذه الموقعة اثنان وسبعون في ميدان القتال، كما جرح جماعة كبيرة، ولكنهم أخذوا من هذه الهزيمة والنكسة درساً كبيراً ضَمِنَ انتصاراتهم في المعارك القادمة.
 
وقد نزلت في هذه الحادثة الآية الشريفة: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ﴾([12]).
 
مناهل الصمود، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) النساء: 83.
([2]) الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى- ج 1 - ص 268.
([3]) الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث, الطبعة الأولى- ج 1 - ص 269.
([4]) نفس المصدر
([5]) الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث, الطبعة الأولى- ج 1 - ص 269
([6]) نفس المصدر
([7]) الريشهري- محمد ميزان الحكمة- دار الحديث, الطبعة الأولى- ج 1 - ص 268
([8]) الحج/469
([9]) الأعراف/179
([10]) الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى- ج 1 - ص 266
([11]) نفس المصدر
([12]) آل عمران: 144.

2023-10-19