يتم التحميل...

إطلالة على حقوق الزوجة في الإسلام

العلاقات الزوجية

يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: "وحق الزوجة أن تعلم أن اللَّه عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من اللَّه تعالى عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها

عدد الزوار: 1459


يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: "وحق الزوجة أن تعلم أن اللَّه عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من اللَّه تعالى عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها فإذا جهلت عفوت عنها"([1]).

يتناول عليه السلام في هذه الفقرة المباركة من رسالته الحقوقية، الحقوق الشرعية والأدبية والمادية للزوجة مرة بالتشريع لبيان الواجب والمطلوب ومرة أخرى بالتوجيه الوجداني المؤثّر.
 
ويصوّر عليه السلام من أعماق القلب وأغوار الحسّ الصادق طبيعة تلك العلاقة بتعبير لطيف رقيق ينهل من القرآن الكريم ولا يكتب إلا بحبره الذي لا ينضب ويظلّ‏ يشعّ بأنوار الحقيقة الخالدة فيوضح عليه السلام صلة النفس بالنفس، صلة السكن والقرار، صلة المودة والرحمة صلة الستر والتجمل.

فيا ترى ما الذي توجبه هذه الصلات من حقوق على الزوج عليه مراعاتها والقيام بها أمام شريكة العمر ورفيقة الدرب الطويل.

إن هذا ما نبيّنه فيما يلي:
 
الحق الأول: النفقة عليها.
فقد ألزم الإسلام الزوج بالنفقة على زوجته وتهيئة المسكن المناسب لها ضمن حدود قدرته المالية وإمكاناته المادية يقول تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ...﴾([2])-([3]).

على الرجل أن يكفيها من الطعام والشراب واللباس إضافة إلى المسكن وكل ما هو ضروري في حياتها كالطبابة وغيرها، فلا يترفه هو ويضيّق عليها وهذا الحق ثابت لها حتى وإن كانت غنية موسرة.
 
وهي غير ملزمة بذلك إلا إذا أرادت لأن الشريعة لم تكلفها بالانفاق على زوجها إلا إذا أرادت هذا الأمر عن طيب خاطر ورضا متطوعة غير مجبرة وحول هذا الحق جاء في الحديث: "حق المرأة على زوجها أن يسدّ جوعتها وأن يستر عورتها ولا يقبّح لها وجهاً"([4]).

وأيضاً عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللَّه‏ عليه السلام: ما حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال‏ عليه السلام: "يشبعها ويكسوها، وإن جهلت غفر لها"([5]).
 
وكذلك في الحديث: "ما من عبد يكسب ثم ينفق على عياله إلا أعطاه اللَّه بكل درهم ينفقه على عياله سبعمائة ضعف"([6]).
 
الحق الثاني: وصالها
وهو عبارة عن حقها الزوجي في العلاقة معه، والاتصال بينهما كما أراده اللَّه تعالى ولذلك لا يحق للزوج هجرانها والابتعاد عنها زيادة عن المدة المحدّدة في الشرع المبين، ومن القبح بمكان أن يقصّر الرجل في أداء هذا الحق لها وقد ورد ذم الرجل المتهاون بهذا الأمر في النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام([7]).
 
الحق الثالث: عدم إهانتها
فينبغي التعامل معها بإحسان فلا يعمد إلى إستعمال الألفاظ النابية معها وإن كان غاضباً أو محقّاً وهو المقصود من قول النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم: "ولا يقبّح لها وجهاً"([8]).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم ثم قرأ: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..."([9])-([10]).
 
الحق الرابع: عدم الاضرار بها
ربما يعمد بعض الأزواج إلى الاضرار بالزوجة حتى تصل إلى حالة ترجو فيها الخلاص من زوجها فتبذل مهرها لقاء أن يطلقها فيكون هو الذي الجأها إلى هذه الحالة من خلال المعاملة السيئة والأسلوب الوحشي في التعاطي معها، وربما يفرح الزوج بأنه قد نجحت خطته ووصلت إلى الغاية التي رمى إليها من خلال عملية الاضرار والاضطهاد التي مارسها مع زوجته لكن الحقيقة إن اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بريئان من هذا الرجل وإضافة إلى ذلك فإن ما أجبرت الزوجة على دفعه له حرام عليه([11]).
 
يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا وإن اللَّه ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأة حتى تختلع منه"([12]).
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إني لأتعجب ممن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها"([13]).
 
الحياة الزوجية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) رسالة الحقوق: حق الزوجة.
([2]) الطلاق: 6
([3]) رسالة الحقوق: حق الزوجة.
([4]) ميزان الحكمة، حديث 7870.
([5]) م.ن. حديث 7874.
([6]) مكارم الأخلاق، ص‏217.
([7]) راجع سفينة البحار، ج‏1 ص‏180.
([8]) ميزان الحكمة، حديث 7870.
([9]) النساء: 34.
([10]) مكارم الأخلاق، ص‏216.
([11]) راجع تحرير الوسيلة، ج‏2، ص‏352، مسألة 14.
([12]) ثواب الأعمال: 1 338.
([13]) جامع الأخبار، 1259 447.

2023-10-09