ثَلاَثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلاَثٌ مُنْجِيَاتٌ
ربيع الأول
عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَالَ: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ؛ فَالْمُنْجِيَاتُ: خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَالثَّلَاثُ الْمُهْلِكَاتُ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ»
عدد الزوار: 213عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قَالَ: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ؛ فَالْمُنْجِيَاتُ: خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَالثَّلَاثُ الْمُهْلِكَاتُ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ»[1].
لقدْ جعلَ اللهُ عزَّ وجلَّ لكلِّ شيءٍ سبباً، ومِن ذلكَ الهلاكُ والنجاةُ؛ إذ يُكتَبُ للإنسانِ أحدُ الأمرَينِ بسببِ سلوكِه واحداً مِن هذه الأسباب؛ وهذا الحديثُ المرويُّ عنْ رسولِ اللهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يبيِّنُ للناسِ ثلاثاً مِنَ المنجياتِ وثلاثاً مِنَ المُهلِكات:
أمَّا المُنجيات:
1ـ خشيةٌ مستمرّة: الإنسانُ في هذهِ الدنيا في سَفَر؛ ولضمانِ سلامةِ الوصول، عليه التوسُّلُ بما يُنجيه مِنْ مخاطرِ هذا السَفَر، وهو الخوفُ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «استعينوا على بُعدِ المسافةِ بطولِ المخافة»[2]، وبقدرِ معرفةِ اللهِ تزدادُ الخشيةُ منه، فعَنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَنْ عَرَفَ اللهَ خافَ الله، ومَن خافَ اللهَ سخَتْ نفسُه عَنِ الدنيا»[3].
2ـ القصد: وهوَ حُسْنُ التدبيرِ في المعيشة. ولأنَّ الإنسانَ في معرضِ الغِنى والفقرِ في هذهِ الدنيا، فصاحبُ القصدِ هوَ مَنْ يُحسِنُ التصرُّفَ فيما أعطاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾[4].
عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) مِنْ كتابٍ لهُ إلى زياد: «فَدَعِ الْإِسْرَافَ مُقْتَصِداً، وَاذْكُرْ فِي الْيَوْمِ غَداً، وَأَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ، وَقَدِّمِ الْفَضْلَ لِيَوْمِ حَاجَتِكَ»[5].
3ـ عَدْلٌ دائم: الظلمُ مِنَ الكبائر، وهوَ التعدِّي على حقوقِ الآخرين. ولا يبرِّرُ للإنسانِ ظُلمَه أنْ يعتذرَ بأنَّه كانَ في لحظةِ غَضَب، بلِ الغضبُ المذمومُ هو الخروجُ عَنِ العدلِ إلى الظُلم، فعَنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) -مِنْ كتابٍ له إلى الحارثِ الهَمَدانيّ-: «واحذَرِ الغضبَ؛ فإنَّه جُنْدٌ عظيمٌ مِنْ جنودِ إبليس»[6].
وأمَّا المُهلكات:
1ـ البُخْلُ الشديد: وهوَ مِن شدَّةِ الحرصِ على الشيء، فإذا انقادَ الإنسانُ إلى ذلكَ، فمنَعَ الناسَ من حقوقِها، أو منعَ الحقوقَ التي أوجبَها اللهُ عزَّ وجلَّ عليه، كانَ ذلكَ باباً لنيلِ العقابِ في الدنيا بحرمانِ الرزقِ، وفي الآخرةِ بالجزاء، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إنَّما الشحيحَ مَن منعَ حقَّ الله، وأنفقَ في غيرِ حقِّ اللهِ عزَّ وجلَّ»[7].
2ـ اتِّباعُ الهوى: وإنَّما سُمِّيَ الهوى بذلك؛ لأنَّه يهوي بالإنسانِ فيما يوجِبُ له هلاكَ نفسِه، وسوءَ عاقبتِه. والمقابلُ لذلكَ تماماً مَنِ اتّبعَ عقلَه؛ فتحرَّزَ بذلكَ عَنِ المعاصي، فعَنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «احذروا أهواءَكُم كما تحذرونَ أعداءَكُم، فليسَ شيءٌ أعدى للرجالِ مِنَ اتّباعِ أهوائِهم، وحصائدِ ألسنتِهم»[8].
3ـ العُجْب: وهوَ أنْ يرى الفضلَ لنَفْسِه، وأنَّه على الصوابِ دوماً، فعَنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مَنْ أُعجِبَ بِنَفسِهِ هَلَكَ، ومَنْ أُعجِبَ بِرَأيِهِ هَلَكَ، وإنَّ عيسى ابنَ مَريمَ (عليه السلام) قالَ: داوَيتُ المَرضى فشَفَيتُهُم بِإذنِ اللَّهِ، وأبرَأتُ الأكمَهَ والأبرَصَ بِإذنِ اللَّهِ، وعالَجتُ المَوتى فأحيَيتُهُم بِإذنِ اللَّهِ، وعالَجتُ الأحمَقَ فلَم أقدِرْ عَلى إصلاحِهِ! فقيلَ: يا رُوحَ اللَّهِ، وما الأحمَقُ؟ قالَ: المُعجَبُ بِرأيِهِ ونَفسِهِ، الَّذي يَرَى الفَضلَ كُلَّهُ لَهُ لا عَلَيهِ، ويُوجِبُ الحَقَّ كُلَّهُ لِنَفسِهِ، ولا يُوجِبُ عَلَيها حَقّاً، فذاكَ الأحمَقُ الَّذي لا حِيلَةَ في مُداواتِهِ»[9].
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الشيخ الصدوق، الخصال، ج1، ص84.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج74، ص440.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص68.
[4] سورة الفرقان، الآية 67.
[5] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص377، الكتاب 21.
[6] المصدر نفسه، ص460، الكتاب 69.
[7] الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص246.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص335.
[9] الشيخ المفيد، الاختصاص، ص221.