بالمؤمنينَ رؤوفٌ رحيم
ربيع الأول
إنَّ رسولَ الإسلامِ الأعظمَ، صلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِه، هو مجموعةٌ متكاملةٌ مِنْ فضائلِ جميعِ الأنبياءِ والأولياءِ على مرِّ التاريخ. فعندما نذكرُ اسمَ النبيِّ الأعظمِ، فكأنَّه تتبلورُ وتتجسَّدُ في هذا الوجودِ المقدَّسِ شخصيّةُ إبراهيمَ ونوحٍ وموسى وعيسى ولقمانَ وجميعِ عبادِ اللهِ الصالحين. وأعظمُ وصفٍ لرسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، هو ما وردَ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومنها الآيةُ الآنفةُ الذكرِ أعلاه، التي وردَ فيها وصفُ النبيِّ في علاقتِه معَ الناسِ بأمورٍ أربعة:
عدد الزوار: 283قالَ تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾[1].
إنَّ رسولَ الإسلامِ الأعظمَ، صلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِه، هو مجموعةٌ متكاملةٌ مِنْ فضائلِ جميعِ الأنبياءِ والأولياءِ على مرِّ التاريخ. فعندما نذكرُ اسمَ النبيِّ الأعظمِ، فكأنَّه تتبلورُ وتتجسَّدُ في هذا الوجودِ المقدَّسِ شخصيّةُ إبراهيمَ ونوحٍ وموسى وعيسى ولقمانَ وجميعِ عبادِ اللهِ الصالحين. وأعظمُ وصفٍ لرسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله)، هو ما وردَ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومنها الآيةُ الآنفةُ الذكرِ أعلاه، التي وردَ فيها وصفُ النبيِّ في علاقتِه معَ الناسِ بأمورٍ أربعة:
1ـ مشاركتُه الناسَ في آلامِهم وهمومِهم: فإنَّه (صلَّى اللهُ عليه وآلِه) يشاركُ الناسَ في كلِّ أمرٍ يكونُ فيه المشقَّةُ عليهم، فلا يقفُ موقفَ المتفرِّجِ تجاهَ الأذى الذي يمسُّهم، فهو يتألَّمُ لألمِهِم. وإصرارُ النبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه) على هدايةِ الناسِ، وتحمُّلُه الأذى الكثيرَ في ذلكَ، ينطلقانِ في الأساسِ مِنَ المكانةِ التي للناسِ في نفسِه، وسعيِه لحفظِهِم مِنَ الهلاكِ في الدينا، ومِن عذابِ النارِ في الآخرة.
2ـ حريصٌ عليكم: ومعنى الحِرصِ على الشيءِ، التعلُّقُ بِه، والعملُ على حِفظِه بشتّى الوسائل، وهذا ما كانَ عليه النبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه) في علاقتِه معَ الناس. ومِن مظاهرِ شدَّةِ حِرصِه على الناسِ، ما بذَلَهُ لأجلِ هدايتِهم إلى ما فيه خلاصُهم في دنياهم وآخرتِهم، حتَّى قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ مخاطباً إيّاه: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾[2]. فالنبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه) كانَ يحوطُ الناسَ برعايتِه دائماً، ويمنعُ وصولَ الأذى إليهِم، وفي مقدِّمتِه أذى الانحرافِ عنْ طريقِ الهدى، وأذى سلوكِ طريقِ الضلال.
3ـ رؤوفٌ: والرأفةُ هي سَلْبُ ما يضرُّ مِنَ الابتلاءِ والمشقَّة. والنبيُّ، كما يصفُه أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام)، فيقول: «أكرمُ الناسِ عِشْرةً، وأَلْينُهم عريكةً، وأجودُهم كفّاً. مَنْ خالطَه بمعرفةٍ أحبَّه، ومَنْ رآهُ بديهةً هابَه»[3].
4ــ رحيمٌ: والرحيمُ هو الذي يجلُبُ ما ينفعُ مِنَ النعيمِ والارتقاء. ووجودُ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله) وبِعثتُه هما أعظمُ نعمةٍ مَنَّ اللهُ بها على الناسِ، وأعظمُ رحمةٍ كانتْ للعالَمين. يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «الرسولُ الأكرمُ؛ الشمسُ الوضّاءةُ التي أشرقتْ في زمنِ الجهلِ والخداعِ الجاهليِّ، وأنارتِ العالَم، على حدِّ تعبيرِ الإمامِ أميرِ المؤمنينَ (عليه الصلاةُ والسلام): «وَالدُّنيا كاسِفَةُ النّورِ، ظاهِرَةُ الغُرور»[4]. وهذه هي حقيقةُ القضيّة، فقدْ كانَ العالَمُ غارقاً في ظلمةِ الجهلِ والسوءِ في ذلكَ الزمنِ الذي أهدى ووهبَ فيه ربُّ العالمينَ هذا النورَ للبشريّة. إنَّ جسدَ الرسولِ المبارَكَ غيرُ موجودٍ بيننا اليوم، ولكنْ ﴿أرسَلَهُ بِالهُدىٰ وَدينِ الحَقّ﴾[5]؛ دِينُه وهدايتُه مرافقتانِ لنا، وموجودةٌ بينَنا؛ إذا اتَّبعْنا هذا النورَ، وإذا كنَّا مشمولينَ بهذا التعبيرِ القرآنيِّ ﴿وَاتَّبَعُوا النّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَهُ﴾، فستكونُ النتيجةُ ﴿أولئك هُمُ المُفلِحون﴾[6]. إنِّ اتِّباعَ هذه الهدايةِ الإلهيّةِ، وهذا النورِ الذي جاءَ بِه -وهذا النورُ هو القرآنُ [الكريمُ]، والقرآنُ كتابُ هدايةٍ ونورٌ- واتِّباعَ هذه الهديّةِ الإلهيّةِ التي مُنحتْ للبشريَّةِ عنْ طريقِ الرسولِ الأكرمِ؛ سيؤدِّي بالبشريَّةِ إلى الفلاحِ والخلاص»[7].
ختاماً، نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فرجَه الشريف)، ولوليِّ أمرِ المسلمين، وللمجاهدينَ جميعاً، ذكرى الولادةِ العَطِرةِ لرسولِ الإسلامِ محمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله)، ولحفيدِه الإمامِ الصادقِ (عليه السلام).
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] سورة التوبة، الآية 128.
[2] سورة طه، الآية 2.
[3] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص341.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص 122، الخطبة 89.
[5] سورة التوبة، الآية 33، سورة الفتح، الآية 28، سورة الصفّ، الآية 9.
[6] سورة الأعراف، الآية 157.
[7] كلمته (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي النظام والسفراء وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلاميّة، بتاريخ 25/11/2018م.