يتم التحميل...

خَمْسٌ في شهرٍ مبارك

شهر رمضان

«أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خمسَ خِصَالٍ في شهر رمضانَ لم يُعْطَهُنَّ أُمَّةُ نبيٍّ قبلي. أمَّا واحدة، فإنَّه إذا كانَ أوّلُ ليلةٍ منْ شهرِ رمضانَ، نظرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- إليهم؛ ومَنْ نظرَ اللهُ إليهِ لم يُعذِّبْه. والثانيةُ: خُلوفُ أفواهِهِم حينَ يُمسونَ أطيبُ عندَ اللهِ منْ ريحِ المسك...

عدد الزوار: 285

عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ، قال: قالَ رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه): «أُعْطِيَتْ أُمَّتِي خمسَ خِصَالٍ في شهر رمضانَ لم يُعْطَهُنَّ أُمَّةُ نبيٍّ قبلي. أمَّا واحدة، فإنَّه إذا كانَ أوّلُ ليلةٍ منْ شهرِ رمضانَ، نظرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- إليهم؛ ومَنْ نظرَ اللهُ إليهِ لم يُعذِّبْه. والثانيةُ: خُلوفُ أفواهِهِم حينَ يُمسونَ أطيبُ عندَ اللهِ منْ ريحِ المسك. والثالثةُ: يستغفرُ لهمُ الملائكةُ في كلِّ يومٍ وليلة. والرابعةُ: يقولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- لجنَّتِه: تزيَّني واستعِدِّي لعبادي، يوشِكُ أنْ يستريحوا منْ نَصَبِ الدنيا وأذاها، ويصيروا إلى دارِ كرامتي. والخامسةُ: إذا كانَ آخرُ ليلةٍ منْ شهرِ رمضانَ، غفرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- لهُم جميعاً»[1].

لقدْ جعلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- هذا الشهرَ مباركاً. والبركةُ هي الزيادةُ على الأمرِ المتوقَّع. وفي هذا الشهرِ يُفيضُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- مِنْ عطائِه الكثيرَ مِنَ الثوابِ والجزاءِ مَعَ القليلِ منْ عملِ العباد. وفي الروايةِ المذكورةِ بيانٌ لخمسةِ عطاءاتٍ إلهيّةٍ في هذا الشهر:

1ـ في عينِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-: وهذا يَظْهَرُ بما يُعطيهِ اللهُ لعبادِه على الرغمِ مِنْ مخالفتِهم لِمَا أمرَ بِه، وفي دعاءِ السَحَر: «تَتَحَبَّبُ إِلَيْنَا بِالنِّعَمِ وَنُعَارِضُكَ بِالذُّنُوبِ، خَيْرُكَ إِلَيْنَا نَازِلٌ، وَشَرُّنَا إِلَيْكَ صَاعِدٌ، وَلَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَلَكٌ كَرِيمٌ يَأْتِيكَ عَنَّا بِعَمَلٍ قَبِيحٍ، فَلَا يَمْنَعُكَ ذَلِكَ أَنْ تَحُوطَنَا بِنِعَمِكَ، وَتَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِآلَائِكَ، فَسُبْحَانَكَ مَا أَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَكَ وَأَكْرَمَكَ مُبْدِئاً وَمُعِيداً! تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَكَرُمَ صَنَائِعُكَ وَفِعَالُكَ، أَنْتَ يَا إِلَهِي أَوْسَعُ فَضْلًا، وَأَعْظَمُ حِلْماً مِنْ أَنْ تُقَايِسَنِي بِفِعْلِي وَخَطِيئَتِي»[2].

2ـ أفواهٌ معطَّرة: في الروايةِ عَنِ الإمامِ الصَّادِقِ (عليه السلام): «أَوْحَى اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَى مُوسَى (عليه السلام): مَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُنَاجَاتِي؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُجِلُّكَ عَنِ الْمُنَاجَاةِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ (رائحة فمه)، فَأَوْحَى اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِ: يَا مُوسَى، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»[3].

3ـ استغفارُ الملائكة: فعَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «إنَّ للهِ تَعالى مَلائِكَةً مُوَكَّلينَ بِالصّائِمينَ، يَستَغفِرونَ لَهُم في كُلِّ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ إلى آخِرِهِ، ويُنادونَ الصّائِمينَ كُلَّ لَيلَةٍ عِندَ إفطارِهِم: أبشِروا عِبادَ اللهِ، فَقَد جُعتُم قَليلاً وسَتَشبَعونَ كَثيراً، بورِكتُم وبورِكَ فيكُم، حتَّى إذا كانَ آَخِرُ لَيلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، نَادَى: أَبْشِرُوا عِبَادَ اللهِ، غَفَرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُم وقَبِلَ تَوبَتَكُم، فَانْظُروا كَيفَ تكونونَ فِيمَا تَسْتَأنِفُون»[4].

4ـ استعدادُ الجَنَّةِ للُقياهُم: فللجَنَّةِ أبوابٌ ثمانيةٌ، وقدْ خصَّ اللهُ -عزَّ وجلَّ- الصائمينَ ببابٍ منها، فعنْ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه): «إنَّ للجنَّةِ باباً يُدعَى «الرَيَّان»، لا يدخُلُ منهُ إلَّا الصائمون»[5].

5ـ المغفرةُ المتحقِّقة: عنْ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه): «أيُّها الناس، قدْ أظَلَّكُم شهرٌ عظيم، شهرٌ مبارَك، شهرٌ فيهِ ليلةٌ العملُ فيها خيرٌ مِنَ العملِ في ألفِ شهر... هو شهرٌ أوَّلُهُ رحمة، وأوسَطُهُ مغفرة، وآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النار»[6].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص90.
[2] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجد وسلاح المتعبد، ج‏2، ص586.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج‏4، ص65.
[4] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص72.
[5] الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص409.
[6] النعمان بن محمد المغربي‏، دعائم الإسلام، ج‏1، ص269.

2023-03-23