يتم التحميل...

كيف يمكننا تحصيل محبّة أهل البيت (عليهم السلام)

الأخلاق الإسلامية

إنّ طريق تحصيل محبّة أهل البيت عليهم السلام ذو شقّين: علميّ وعمليّ.

عدد الزوار: 22


إنّ طريق تحصيل محبّة أهل البيت عليهم السلام ذو شقّين: علميّ وعمليّ.

أما الأوّل: فيكون من خلال معرفتهم ودراسة علومهم وتتبّع آثارهم. ولا شكّ بأنّنا منذ البداية معترفون بالعجز عن الإحاطة بمقامهم. فهم معدن الفضل، وكنوز الرحمن، وأصول الكرم، وباب الله الذي منه يؤتى. وأفضل النصوص الشريفة التي تحدّثت عن صفاتهم "الزيارة الجامعة"[1]، وإنّ المواظبة على قراءتها والتأمّل في معانيها يفي بالغرض إلى حدٍّ كبير، لما تضمّنته هذه الزيارة من الحقائق والأسرار ما لم تذكره المطوّلات من الكتب والمخطوطات.
 
أمّا الثاني: فهو العمل من خلال اتّباعهم واتّباع أوامرهم والتحرّك وفق خطّتهم العامّة للبشريّة، والتأسّي بهم. قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني‏ يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾[2] فالحبّ الحقيقي لا يُحفظ إلَّا من خلال التقوى والطاعة. فالحبّ يدعو إلى الطاعة والطاعة تزيده قوّةً في القلب. وإذا لم يستجب البدن لدعوة الحبّ، سيرتحل من القلب عمّا قريب. من هنا فإنّ الدعوة إلى التقوى والورع لأمرين أساسين: الأوّل: للحفاظ على الحبّ الموجود. الثاني: لتهيئة الأرضية لتحصيل هذا الحبّ إنْ لم يكن موجوداً:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه      هذا لعمري فـي الفعال بديع
لو كان حبّك صادقاً لأطـعتَه      إنّ المحبّ لمن يُحبّ مطيع
[3]
 
عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "لن تنالوا ولايتنا إلَّا بالورع، ولن تنالوا ما عند الله تعالى إلَّا بالعمل، وإنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة لمن وصف عدلاً وخالفه إلى غيرهِ"[4].
 
وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: "يا جابر: لا تذهب بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أُحبّ علياً وأتولّاه ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً! فلو قال إنّي أحبّ رسول الله، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيرٌ من عليّ عليه السلام ثمّ لا يتّبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبّه إيّاه شيئاً"[5].
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديثٍ آخر يقول: "يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلَّا من اتّقى الله وأطاعه.. إلى أن قال: فاتّقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله ولا بين أحدٍ قرابة، أحبّ العباد إلى الله تعالى وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته. يا جابر: والله ما نتقرَّب إلى الله تعالى إلَّا بالطاعة، ما معنا براءة من النّار، ولا على الله لأحدٍ من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تنال ولايتنا إلاَّ بالعمل والورع"[6].
 
كما وإنّ أشرف الأعمال وأقواها تأثيراً في النفس على صعيد الحبّ أيضاً طاعة وليّهم عليه السلام واتّباعه. كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم: "يا عبد الله: أحبب في الله وأبغض في الله، ووال في الله وعاد في الله. فإنَّه لا تُنال ولاية الله إلَّا بذلك. ولا يجد رجلٌ طعم الإيمان، وإن كثُرت صلاته وصيامه، حتى يكون كذلك. وقد صارت مؤاخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، وعليها يتباغضون، وذلك لا يُغني عنهم من الله شيئاً. فقال له: وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليتُ وعاديتُ في الله عزّ وجل؟ ومن وليّ الله عزّ وجلّ حتى أُواليه؟ ومن عدوّه حتى أُعاديه؟ فأشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي عليه السلام وقال: أترى هذا؟ قال: بلى.. قال عليه السلام: "وليّ هذا وليّ الله فواله، وعدوّ هذا عدوّ الله فعاده.. وال وليّ هذا ولو أنّه قاتل أبيك وولدك. وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك أو ولدك"[7].
 
وفي حديثٍ آخر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: "يا حبيش، من سرّه أن يعلم أمحبٌّ لنا أم مبغض، فليمتحن قلبه، فإنْ كان يُحبّ وليّاً لنا فليس بمبغض لنا. وإنْ كان يُبغض وليّاً لنا فليس بمحبّ لنا، إنّ الله تعالى أخذ الميثاق لمحبّينا بمودّتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا.. نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء"[8]. فأهل البيت عليهم السلام وإنْ غابوا، فإنّ أولياءهم موجودون بيننا، وقد قامت حجّتهم.
 
طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 7، ص 221.
[2] سورة آل عمران، الآية 31.
[3] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 47، ص 42.
[4] م. ن، ج68،ص187.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص74.
[6] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج15، ص234.
[7] م.ن، ج16، ص178.
[8] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج27، ص53.

2023-02-02