القرآن والدعوة إلى الوحدة بين المسلمين
الوحدة الإسلامية
إنّ القرآن الكريم هو من أهم مصادر الوحدة الإسلامية، ذلك لأنه:
عدد الزوار: 276إنّ القرآن الكريم هو من أهم مصادر الوحدة الإسلامية، ذلك لأنه:
أولاً: كتاب المسلمين جميعهم.
وثانياً: هو الجذر الأساس وآياته الكثيرة داعية للوحدة وعدم التنازع والاختلاف.
وثالثاً: لم يخاطب مسلماً دون مسلم بل خاطب المسلمين جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وقومياتهم وألوانهم.
من هنا كانت دعوة الإمام الخمينيّ قدس سره الدائمة للمسلمين لئلّا يهجر القرآن بين ظهرانيهم وكيف لا وهو الذي يصدح بهم ليل نهار ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾[1].
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إني أذكِّر الحجّاج المحترمين أن لا يغفلوا في جميع المواقف المعظّمة وطيلة فترة سفرهم إلى مكة المكرمّة والمدينة المنوّرة عن الاستئناس بالقرآن الكريم، هذه الصحيفة الإلهية وكتاب الهداية، لأنّ كلّ ما عند المسلمين وما سيكون، على طول امتداد التاريخ الماضي وكذلك في المستقبل، إنّما هو من بركات هذا الكتاب المقدّس"[2].
وفي أحد النداءات التي وجّهها لحجاج بيت الله الحرام قال قدس سره: "ينبغي لحجّاج بيت الله الحرام المحترمين لأي مذهب أو قومية انتموا أن يرضخوا لأحكام القرآن الكريم، ويقفوا في مواجهة سيل الشياطين الذين يريدون اقتلاع الإسلام الذي طهّر الشرق والغرب وعملاءهم الذين لا إرادة لهم، ويمدّوا يد الأخوة الإسلامية لبعضهم البعض وينتبهوا للآيات الكريمة التي تدعوهم إلى الاعتصام بحبل الله، وتنهاهم عن الاختلاف والتفرقة، وينبغي الاستفادة أكثر عضوياً وسياسياً من هذه الفريضة العبادية السياسية الإسلامية، في تلك الأمكنة الشريفة التي شيّدت بحق لأجل مصالح الموحّدين والمسلمين في العالم، والالتفات إلى سر التضحية والفداء الإبراهيمي الإسماعيلي، حيث يجب الوقوف في سبيل الله إلى حد التضحية والفداء بأعز وأغلى ثمرة وجوده والدفاع عن الأهداف الإلهية"[3].
كما أنّ الإمام الخمينيّ قدس سره يعتبر أنّ مشكلة المسلمين الكبرى هي في هجرهم لهذا الكتاب الإلهي العظيم الذي يتضمّن الهداية للبشر جميعاً: "إنّ مشكلة المسلمين الكبرى تتمثّل في هجرهم القرآن، والانضواء تحت لواء الآخرين"[4].
ويقول قدس سره: "المهم هو أن يعمل المسلمون بالإسلام والقرآن، فالإسلام ينطوي على كلّ المسائل المرتبطة بحياة البشر في الدنيا والآخرة، وفيه كلّ ما يرتبط بتكامل الإنسان وتربيته وقيمه"[5].
والأخطر من هذا أن يصير القرآن الكريم مستغلاً بشكل سيّئ من قبل أعداء الإسلام. وهذا أخطر ما يمكن أن يتعرّض له القرآن والمسلمون على حد سواء. وهذا ما حدا بإمام الأمة الراحل قدس سره إلى أن يحذّر بشكل متكرر منه إذ يقول: "واأسفاه أنّ القرآن وهو كتاب الهداية لم يعد له من دور سوى في المقابر والمآتم، بسبب الأعداء المتآمرين والجهلة من الأصدقاء. كان الحال كذلك وما زال، فأصبح الكتاب الذي ينبغي أن يكون وسيلة لتوحيد المسلمين والعالمين، ودستوراً لحياتهم، أصبح وسيلة للتفرقة وإثارة الخلاف، أو عُطّل دوره كلياً.
نحن نفخر، ويفخر شعبنا المتمسِّك بالإسلام والقرآن، بأنّنا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ حقائق القرآن الممتلئة دعوة إلى الوحدة بين المسلمين، بل البشرية من المقابر، باعتبارها أنجع علاج منقذ للإنسان من القيود المكبلة لرجليه ويديه وقلبه وعقله، والسائقة له إلى الفناء والعدم والرق والعبودية للطواغيت"[6].
وإضافة إلى أنّ القرآن مصدر للوحدة وآياته داعية لها فإنّ القرآن فيه من الآيات المنبِّهة للغافلين عن أمور الأمة من قصص حرب النبي مع المشركين وجهاد المؤمنين ما ينبّه المسلمين إلى وجوب النهوض والقيام إلى جبهات الحق. يقول الإمام الخميني قدس سره: "ومن الموضوعات الأخرى التي زخرت بها هذه الصحيفة النورانية، بيان أحوال الكفّار والجاحدين وأعداء الحقِّ والحقيقة والمعاندين للأنبياء والأولياء عليهم السلام، واستعراض عواقب أمورهم وما يتعرّضون له من البوارِ والهلاك، كما في قصّة فرعون وقارون والنمرود وشدّاد وأصحاب الفيل وغيرهم من الكفّار والفجّار، إذ إنّ في كلّ واحدةٍ من تلك القصص مواعظ وحِكماً، بل معارف لأهلها لا تحصى.
ويدخل في هذا الباب قصص إبليس الملعون، وكذلك ولعلّه باب مستقلّ غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الباب الذي ينطوي على مطالب سامية، أحدها: استعراض أساليب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الجهاد، وذلك بهدف إيقاظ سائر المسلمين من نوم الغفلة وتحريضهم على النهوض والجهاد في سبيل الله وإحياء كلمة الحقّ وإماتة الباطل"[7].
الوحدة الإسلامية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة الأنبياء، الآية 92.
[2] نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ. ق.، راجع صحيفة الإمام، (ترجمة عربية)، ج20، ص 81.
[3] راجع: صحيفة الإمام (ترجمة عربية)، ج16، ص 385-386.
[4] الكلمات القصار، مواعظ وحكم من كلام الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 51.
[5] م.ن. ص 50.
[6] راجع: صحيفة الإمام (ترجمة عربية)، ج21، ص 357-358.
[7] الإمام الخمينيّ، آداب الصلاة، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 273.