حدود الوحدة من وجهة نظر الإمام الخميني (قدس سره)
الوحدة الإسلامية
من المهمّ القول إنّ الوحدة المنشودة، من وجهة نظر الإمام، هي وحدة المسلمين أو المستضعفين لتحقيق الأهداف الدينيّة العامّة والوصول إلى الكمال والارتقاء المنشودين، وهذه الوحدة حدودها واسعة ومترامية الأطراف، ومطروحة في مجالات متعدّدة ومختلفة.
عدد الزوار: 82من المهمّ القول إنّ الوحدة المنشودة، من وجهة نظر الإمام، هي وحدة المسلمين أو المستضعفين لتحقيق الأهداف الدينيّة العامّة والوصول إلى الكمال والارتقاء المنشودين، وهذه الوحدة حدودها واسعة ومترامية الأطراف، ومطروحة في مجالات متعدّدة ومختلفة.
وقد كان هاجس الإمام قبل انتصار الثورة الوحدة بين العناصر الثقافية والدينيّة في البلاد أوّلاً وقبل كلّ شيء، فقد عمل بذكائه المتميّز على التقريب بين شريحة علماء الدين والجامعيّين ما أمكنه ذلك، مؤكّداً على حاجة كلّ منهما للآخر، ومنبّهاً كلّ طرف إلى أخطائه وزلاته بأسلوب ليّن ومتسامح، فكانت شخصيّته موضع احترام وقبول معظم علماء الدين والجامعيين. في هذا يقول سماحته:
"لقد بذلنا كلٍّ ما في وسعنا خلال السنوات الماضية للتقريب بين الجامعات والملالي ومدارس العلوم القديمة وطلبتها، وكذلك قرّبنا بين البازار وهاتين الطبقتين، وألّفنا بين هذه الجبهات المختلفة، وقرّبنا فيما بينها، وكنّا نوصي دائماً بوحدة الكلمة لكي تتمكّنوا من تحقيق ما تريدون"[1].
ثم يشير إلى اختصاص كل من الحوزة والجامعة، معتبراً أنّ هؤلاء مختصّون بقضايا الإسلام، وأولئك مختصّون في شؤون البلاد بالقضايا السياسيّة، وهذا يعني أنّ وجود كلّ منهما ضروريّ لتحقيق النصر الآتي.
لقد بنى الإمام آماله على وحدة هاتين الشريحتين معتبراً هذه الوحدة حجر الزاوية في المسيرة النضاليّة، إذ أنّهما - من خلال هذه الوحدة - يشكّلان عاملين رئيسين في إفشال مخطّطات القوى العظمى. وفي تحليله لنتائج الثورة الإسلاميّة، يقول: "لو لم تكن نتيجة هذه الثورة إلّا هذه الوحدة بين طبقة المثقّفين وبين رجال الدين لكفى بها ونعمت"[2].
وفي أحد تصريحاته المفصّلة حول هاتين الشريحتين الاجتماعيّتين المذكورتين، يقول الإمام: "بعد انتهاء الحرب سنبدأ بالحوزات العلميّة والجامعات التي تمثّل في الواقع القلب النابض للشعب، نحن نعلم بأنّ هذين المركزين الهامّين هما في الحقيقة غُصنان في شجرة طيّبة واحدة، وساعدان لرجل الدين الذي إذا أراد أن يقوم بالإصلاح ويعمل بواجبه والتزاماته الدينيّة، وأن يضع الجميع يدهم بيد بعض ويقفوا صفّاً واحداً لخدمة الحقّ والخَلق، فإنّهم سيأخذون بهذا الشعب إلى ذرى الكمال المنشود في كلا بُعديه المعنويّ والماديّ، ويحافظون على حريّة البلاد واستقلالها"[3].
بطبيعة الحال، هناك الكثير ممّا يمكن الحديث عنه في مجال الوحدة بين علماء الدين والجامعيّين، وبصرف النظر عن محاولات المستعمر الذي بذل مساعي كبيرة من أجل الوصول إلى أهدافه عبر زرع بذور الخلاف والاختلاف بين هاتين الشريحتين العلميّتين.
ولهذا فقد وظّف الإمام الخمينيّ جزءاً مهمّاً من حملته الدعويّة والتبليغيّة لترسيخ دعائم الوحدة بين طبقات المجتمع الإيرانيّ، والتأكيد على المحور الإسلاميّ الذي يجمع حوله أفراد الشعب الإيرانيّ.
وكانت الوحدة بين الحكومة والشعب واتّحاد الأجنحة المتعدّدة داخل الدولة مع بعضها، وكذلك وحدة الأهداف والاتّجاهات والتيارات السياسيّة والأحزاب وانضواؤها تحت راية الإسلام وحزبه الأوحد، كل هذه الأمور وغيرها شكّلت عناصر أخرى في الوحدة التي كان سماحة الإمام يرفع شعارها خلال السنوات التي تلت انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران. وأمّا على الصعيد الخارجيّ فقد كانت الوحدة بين مسلمي العالم وبين مستضعفيه حلمه القديم، والذي ظلّ يؤكّد عليه قبل الثورة وبعد انتصارها.
* من كتاب: الوحدة الإسلامية - جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] صحيفة النور، ج 4، ص 92.
[2] م.ن، ج 5، ص 22.
[3] م.ن، ج 19، ص 104.