أ ــ بناء الذات
ولو نظمنا لائحة بمسؤولياتنا - نحن المعممين والمسؤولين من رجال الدين لكان "بناء الذات" على رأس هذه اللائحة. علينا بالدرجة الأولى أن نهتم لأنفسنا ونعزز بنيتنا المعنوية والدينية. التقوى والورع وبناء الذات أول واجباتنا نحن المعممين.
ب ــ المعرفة الدينية الفقهية والعقلية المعمقة
لا شك أن العلم الديني من الأمور التي تقع في صدر القائمة. علينا أن نفهم الدين. جمهوركم اليوم بحاجة للاطلاع على الدين والمعارف الدينية. يكثر هذا الأيام ذكر المرحوم الشهيد مطهري بمناسبة ذكرى استشهاده. وقد كان نموذجاً للشخص العالم بمعارف الدين.... المعرفة الدينية.... انظروا إلى ما تركه الشهيد مطهري خلال فترة حياته التي لم تكن طويلة جداً، وسترون كم تلطف الله بهذا الرجل وكم رزقه رزقاً وافراً واسعاً من فضله. أوصي جميع الشباب توصية أكيدة بقراءة دورة كاملة من كتب المرحوم مطهري. كلام مطهري كلام جديد. حقائق الدين ومعارفه وتمحيص جوانب من المعارف والعقائد نحتاج إليها اليوم كما كنّا يوم طرحها لأول مرة.
على طالب العلوم الدينية أن يكون عارفاً بالفقه والعلوم العقلية. العلوم العقلية سبيل التوصل إلى ذهنية المتلقين. البعض في العالم اليوم يعملون على صياغة أذهان البشر في ضوء فلسفات قد لا تكون عميقة أحياناً لكن لها شكلاً فلسفياً. والبعض منها يصب في خدمة السياسة.
مواجهة مثل هؤلاء لا تصح عن طريق الصخب والتكفير والسباب والغضب؛ ينبغي حل العقد، رفس العقدة لا يحلها. هذا بحاجة إلى قدرات فكرية. حوزاتنا العلمية اليوم بحاجة إلى المعارف العقلية. عليهم دراسة الكلام والفلسفة هناك. طبعاً يبقى الفقه العمود الفقري للحوزات العلمية بلا شك. لكن هذه المعارف أيضاً ضرورية إلى جانبه.... علوم الدين... أداء رسالة رجل الدين يحتاج إلى العالمية والتعمق والتفكير والتنظير. ينبغي العلم بالمعارف الدينية وفهمها وطرحها طبقاً لمنطق العصر.... منطق العصر ولغة العصر... منطق العصر ولغة العصر، معناه أ ن تنظروا ما الذي يفعله المناخ الخارجي والأمواج المختلفة بذهنية مخاطبكم. معناه أن تعرفوا الداء والحدث والواقع. وعندها تتوجهون نحو العلاج. لذا تحتاج حوزاتنا العلمية إلى الدارسة والعلوم والأفكار. اقرأوا وفكروا ما استطعتم...... هذه ممارسة ضرورية.
ج ــ المعرفة بالسياسة العالمية والتيارات السياسية في العالم
وتأتي في رأس اللائحة أيضاً النظرة الصائبة للسياسة العالمية والتيارات السياسية في العالم. على رجل الدين اليوم أن يعرف أين هو وأين يقف، ليستطيع الدفاع بصورة جيدة. يجب أن تعرفوا أين يقع خندقكم وما هي ومن هي الجبهة المقابلة. من دون المعرفة بالسياسة العالمية والتيارات السياسية في العالم - ومثالها التيارات السياسية في بلادنا وبيئتنا - لا يستطيع رجل الدين المسؤول الواعي العالم أن يدرك أين هي مواطن الضلال وأين هي مواطن الهداية. الموطن الرئيس لإضلال البشر في العالم ودفعهم للخطيئة والفحشاء والظلم والحروب وقتل إخوتهم البشر، هي السياسة التي تسود العالم.
لذلك تلاحظون كل هذا التشديد على الاستكبار - الاستكبار العالمي - في شعارات إمامنا الجليل وشعارات الجمهورية الإسلامية. وحينما يرفع بلد راية مواجهة هذا النظام - باسم الدين، والإسلام، والمعنوية - ينهالون عليه بشدة.
د ــ الوعي
لابد أن يتحرك الإنسان في هذا المسار بتدبير "المؤمن كيّس". إنه متفطّن لما حوله. وهذا بدوره من مصاديق التقوى: أن يحذر الإنسان من الوقوع في شراك العدو، ومن أن يؤخذ على حين غرة، ويكون عرضة لغارات الأعداء. هذا هو الوعي. هذا هو الركن الثالث أو المادة الثالثة من المواد المكلفون نحن طلبة ورجال العلوم الدينية بها اليوم: أن نعزز مشاعر التقوى في داخلنا، ونطور أذهاننا وعقولنا بالعلم، ولا نكتفي بالتعلم في حيز الدراسة العلمية، إنما نمارس الإنتاج والاجتهاد أيضاً. القراءة ليست ملاكاً، إنما العلم هو الملاك. هذا ما علّموه لطلبة الحوزات منذ البداية. ثم يأتي دور الوعي، ومعرفة الساحة، ومعرفة واجبات رجل الدين.
* من كلمة الإمام الخامنئي في رجال الدين بمحافظة فارس 30/04/2008.
2019-10-01