يتم التحميل...

الشهادة صفقة لا نظير لها: جسد فانٍ مقابل حياة خالدة

الجهاد والشهادة

الشهادة صفقة لا نظير لها: جسد فانٍ مقابل حياة خالدة

عدد الزوار: 99


الشهادة مفهوم عجيب، ومقولة عجيبة وعميقة. الشهادة تعني التجارة مع الله تعالى. تجارة ذات طرفين؛ لا قلق ولا خوف فيها مع الله المتعال: البضاعة فيها معلومة، وكذلك الثمن. البضاعة عبارة عن النفس، النفس التي هي الرأسمال الأساسي لكلّ إنسان في هذا العالم المادّي. هذه هي البضاعة. وهذا ما تقدّمونه أنتم. علامَ ستحصلون في المقابل؟ ستحصلون على السعادة الأبديّة والحياة الخالدة في أفضل النعم الإلهيّة. حسنًا، هذه البضاعة التي تقدّمونها أنتم بالشهادة، ليست بضاعة أبديّة. إنّها بضاعة من قبيل ذلك الثلج الذي يعرضه بائع الثلج للبيع في فصل الصيف ويقول: أيّها الناس، اشتروا منّي هذا الثلج، فإن لم تشتروه فإنّ أساس المادّة والبضاعة سيتلاشى ويذهب. هذه هي حقيقة المسألة. هذا المشتري الذي يأتي ويشتري منك هذه البضاعة الفانية والزائلة هو مشترٍ عظيم جدًّا.

وهذه الحياة التي نملكه أنا وأنتم هي الثلج بعينه، إنّها تزول وتتلاشى ذرّة ذرّة. أَليس كذلك؟ إنّها تنتهي شيئًا فشيئًا. كلّما يمضي يوم نقترب أكثر من تلك النهاية. أي إنّنا نقترب من القبر أكثر فأكثر. والآن كم سيطول الأمر؟ البعض يمتدّ أجله إلى الأربعين عامًا، والبعض إلى الخمسين، والبعض إلى الثمانين عامًا. بالنهاية، سينقضي هذا الأجل؛ وعاجلًا أم آجلًا سيموت [الإنسان]. وقد وُجد الآن لهذه البضاعة التي ستفنى سواءً بعتها أم لم تبعها، مشترٍ يقول لك: أنا أشتريها منك، وبأغلى وأعلى ثمن. ما هو الثمن الأعلى هذا؟ هو الجنّة. وذلك كما تمّت الإشارة إلى ذلك في الآية الكريمة التي قرأها قارئنا العزيز هذا ـ حسن التلاوة (2): "إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة"؛ (3) يشتري منكم هذه البضاعة ليعطيكم الجنّة [ثمنًا لها]. "يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون"؛ (4). "وعدًا عليه"؛ هذا وعد إلهي. فالله يعدكم ويقول: سأشتري منكم هذه البضاعة مقابل الجنّة. أي السعادة الأبدية. سعادة ليست كالثلج هنا تذوب لحظة بلحظة؛ لا بل هي البقاء الدائم والأبدي، واللذّة الدائمة، والنعمة الدائمة. يأخذ منك هذا البدن الزائل ويشتريه مقابل هذا الثمن. هذه هي الشهادة. ثمّ يقول: "ومن أوفى بعهده من الله" (6). وعليه، فالشهادة مفهوم من هذا القبيل. حينما تنظرون إليها في الظاهر، تجدونها مؤلمة، مرّة: تفجع الأب، والأمّ، والزوجة، والابن، والأخ والأخت، وتجرّعهم الغصص. هذا هو ظاهرها، أمّا باطنها فهو عبارة عن شراء بضاعة زائلة وآيلة إلى الخراب، بثمن باهظ جدًّا. أولئك الذين يستشهدون، يمنّ الله عليهم بلطفه الأكبر. هذه هي الشهادة.
 


1- شارك في هذا اللقاء الذي عُقد في الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك، عوائل الشهداء المدافعين عن المراقد، وعوائل شهداء وزارة الأمن، وعوائل شهداء حرس الحدود من قوّات حرس الثورة، والجيش والشرطة و...
2- السيّد محمّد محسن موحّدي قمّي.
3- سورة التوبة، جزء من الآية 111.
4- المصدر نفسه.
5- المصدر نفسه.
6- المصدر نفسه.

* من كلمة قائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه العالي) في لقاء عوائل شهداء المناطق الحدوديّة والمدافعين عن المراقد المشرّفة (1) 18/6/2017.
 

2019-09-26