رغم أن العجائب الفذة لم تكن قليلة في أحداث الثورة. ولكن من بين الأحداث المدهشة كان لقضية الشهيد خصوصية استثنائية.
كل ما يرتبط بالوجود النير للشهيد فهو مدهش. حافزه للسير نحو الجهاد... أن ينهض شاب في العالم المادي ووسط كل هذه الألوان والبهارج الجذابة ويقوم لله ويسير إلى ساحة الجهاد، فهذا بحد ذاته أمر مدهش. وبعد ذلك تأتي مساعيه وتعريضه نفسه للأخطار في سوح القتال، وأفعاله المميزة في الجبهات وشجاعته وبسالته التي بوسع كل سطر منها أن يكون نموذجاً خالداً نيراً وأمراً عجيباً مدهشاً. وبعد ذلك بلوغه الشوق الوافر وتساقط الأستار والحجب المادية ومشاهدة وجه المعشوق المحبوب - وهو ما كان يتجلى دائماً في سلوك الشهداء وكلامهم خلال الأيام القريبة من الشهادة وثمة الكثير من الروايات والقصص عن ذلك - هذه أيضاً من الأمور المذهلة.
قرأت في وصية أحد شهدائكم الأعزاء أهالي شيراز وفارس: أنا مشتاق.. مشتاق. ثمة في قلبي نار تجعلني مضطرباً؛ لا أهدأ بأي شيء سوى لقائكَ يا إلهي الحبيب العزيز. هذا كلام إنسان شاب! إنه الشيء الذي قد يصله السالك العارف بعد سنين من الجهاد والرياضة. لكن شاباً يافعاً في ساحة القتال والجهاد يشمله الفضل الإلهي بحيث يقطع في ليلة طريق مائة عام. ومشاعر الشوق وعدم الاستقرار هذه تستجاب من قبل الرب استجابة مناسبة.
ثم هنالك دم الشهيد. عائلة الشهيد، أم الشهيد، وأبوه، وزوجته، وأبناؤه، وإخوانه، وأخواته، وأقرباؤه، وأصدقاؤه - الذين كانوا سيجزعون ويشقون الجيوب لو توفي بالموت الطبيعي - يبدون عن أنفسهم حيال دماء هذا الشهيد صبراً ووقاراً وسكينة وصموداً يحير الإنسان حقاً. قالت لي والدة شهيدين: لقد دفنت أبنائي بيدي... وضعتهم في التراب ولم ترتجف يداي! ويقول والد عدة شهداء: لوكان عندي أضعاف هؤلاء الأبناء لكنت على استعداد لتقديمهم في سبيل الله! أي معدن هذا؟ أي جوهر هذا؟ أي نور لامع أودعه الله في واقعة الشهادة فراح يضيء العالم المظلم ؟
* من كلمة الإمام الخامنئي في عوائل الشهداء بمحافظة فارس 02/05/2008.