الوفاء للتكليف الشرعي: الوسائل والثمرات
وفاء وإباء
الوفاء للتكليف الشرعي معناه أن يؤدي المكلف تكليفه الشرعي على أتم وجه، وأن لا يضيعه ولا يؤخره ولا يتهاون به. فحفظ التكليف والالتزام به هو الذي يجعل المكلف وفياً لأحكام الله عز وجل
عدد الزوار: 257
الوفاء للتكليف الشرعي معناه أن يؤدي المكلف تكليفه الشرعي على أتم وجه، وأن لا
يضيعه ولا يؤخره ولا يتهاون به. فحفظ التكليف والالتزام به هو الذي يجعل المكلف
وفياً لأحكام الله عز وجل.
وقد أكد الإمام الخميني رضوان الله عليه كثيراً على هذا الأمر، حتى اعتُبر الوفاء
للتكليف الشرعي وعدم التفريط به منهجاً أساسياً له، وربَطَ فلاح ونجاح الإنسانية في
بعديها الفردي والاجتماعي بذلك.
أ - وسائل وطرق الوفاء للتكليف الشرعي:
وحتى يستطيع الواحد منا أداء تكليفه والوفاء له وعدم التفريط به عليه بما يلي:
1- السعي لمعرفة الأحكام (التفقه بما يحتاجه منها) والالتزام التام بها.
2- إخضاع المباني الفكرية ونتائجها الفوقية للمراجعة والنقد وإعادة النظر في
التشخيصات باستمرار، مما يترتب عليه سلامة الحركة وتجددها وتطورها باستمرار.
3- تعظيم الشهادة والفداء والتضحية في سبيل الله ذي الجلال والإكرام، وتعزيز روحية
المبادرة والإقدام في ساحة الصراع.
4- الاسترشاد دائماً بتوصيات الولي الفقيه وتوجيهاته التي من شأنها توفير المظلة
والمرجعية الدينية العليا التي تؤمن أداء التكليف الشرعي والقيام بجميع الوظائف
الشرعية.
5- تحمل جميع الناس المسؤولية الشرعية في الشأن العام - فقد ورد عن الرسول الأعظم
الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"[1]، وورد
عنه أيضاً: "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"[2]- وعدم القبول بالأمر
الواقع المفروض عليهم ظلما وعدوانا، والسعي لتغييره وإصلاحه وتحصيل الحقوق التي
تصون كرامة الإنسان.
6- الشعور بالتواضع أمام الله عز وجل وأداء الواجب، وعدم الشعور بالمنة على أحد من
العباد للدور الذي يقوم به المكلف، وتجلي ذلك في العلاقة مع جميع الناس.
7- انشراح الصدر والصبر على المحن والنوائب والمصائب في سبيل تحقيق الأهداف،
والشعور بالسكينة والطمأنينة والأمل في ذروة الأحداث، وعدم اليأس مهما كانت
الصعوبات والمشاكل، والاعتماد على الألطاف الإلهية والتسديد الرباني في مسيرة
العمل.
ب - نتائج الوفاء للتكليف الشرعي:
يؤدي العمل بمنهج التكليف إلى الظفر برضوان الله تبارك وتعالى والتأييد الإلهي،
والسلامة في الدين والنفس، قال الله تعالى:
"فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم"[3].
ولكن علينا الالتفات إلى هذه الحيثية عند النظر إلى النتائج وهي أنه تعالى هو
علاّم الغيوب، وهو العالم بالنتائج الحقيقية لكل أمر، بل أنه هو تعالى الذي يحقق
النتائج بتوفيقه وتسديده ومنّه على عباده، لذلك فإن على الإنسان القيام بتكليفه
والالتزام بالواجب الشرعي، وأما النتائج والتوفيق فهما من الله تعالى والإنسان غير
مكلف بهما، يقول الإمام الخميني قدس سره: "أما بالنسبة للنتائج الموجودة فيمكن أن
تتحقق ويحتمل أن لا تتحقق. وفي هذه الأمور التي يجب على الإنسان القيام بها كتكليف
شرعي لا يجب ولا يشترط أن نحصل على العلم بحتمية تحقق الأهداف التي نرجوها منها. بل
يجب أن يكون اهتمام المرء بها كتكاليف كلّف بها وعليه أن يعمل بها.
عندما عارض الإمام أمير المؤمنين عليه السلام معاوية، كان بالطبع يريد عزله عن
مقامه لفسقه ونهبه أموال الناس، وتنصيب إنسان عادل سليم في منصبه في الشامات، سوريا
والمناطق المجاورة لها، ولكن مجابهة ظلم معاوية كان تكليفاً شرعياً وجب عليه القيام
به وتعريف الناس بحقيقة أن معاوية ظالم ويجب طرد أمثاله. فقام بهذا التكليف الشرعي
لكنه لم ينجح في عزل معاوية عن مقامه. كما ثار الإمام سيد الشهداء ضد يزيد ولعله
كان مطمئناً بأن لن ينجح في إسقاطه من السلطنة، بل هذا هو الواقع فعلاً حيث تذكر
الأخبار أنه كان عالماً بعدم نجاحه في ذلك لكنه رغم ذلك - وعملاً بواجب الثورة ضد
النظام الظالم حتى لو كان مصيره القتل - ثار ضد يزيد وقدم الضحايا وقاتل وقتل منهم
حتى استشهد".
* إعداد قسم الانتاج الثقافي في شبكة المعارف الإسلامية
[1] ميزان الحكمة،
محمد الريشهري، ج 2 ص 1212.
[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج 2 ص 163.
[3] آل عمران: 174