يتم التحميل...

خائنٌ للبلد كل من يسعى لإهانة عوائل الشهداء

الجهاد والشهادة

خائنٌ للبلد كل من يسعى لإهانة عوائل الشهداء

عدد الزوار: 87

من كلمة قائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه العالي) في لقاء عوائل شهداء المناطق الحدوديّة والمدافعين عن المراقد المشرّفة (1) 18/6/2017


خائنٌ للبلد كل من يسعى لإهانة عوائل الشهداء

"الشفاعة" عزاء الله لعوائل الشهداء المفجوعين بأبنائهم
أنتم عوائل الشهداء، حتمًا تعانون؛ تفقدون أبناءكم، إخوانكم، آباءكم، أزواجكم، أنتم تحبّونهم، من الطبيعي أن تُفجعوا بهم. لا شكّ في ذلك. لكن عندما تنظرون إلى المسألة من هذا المنظار، سترون أنّكم أيضًا رابحون. لماذا؟ لأنّه حين يعرج ويرتقي إلى الدرجات العلا، سيصبح بإمكانه الشفاعة، وسيتمكّن من لعب دور في البرزخ والقيامة.

يوجد الآن أشخاص في هذه الدنيا، يأنسون بالشهداء أنسًا كبيرًا: يتوسّلون بهم لحلّ مشاكل الحياة، ويجيبهم الشهداء في مطالبهم تلك. ونرى في هذه السير التي نقرأها عن عوائل الشهداء الكثير من قبيل هذه الأمور، وأنّه عندما تقع زوجة الشهيد، أو أبوه، أو أمّه في مشكلة ما، يتوسّلون بالشهيد ويقولون له: "إنّك مبسوط اليد، أنت تقدر على مساعدتنا"، فيساعدهم. وهكذا الأمر في البرزخ. فأنتم لا بدّ راحلون، ولستم دائمين. أنا وأنتم جميعًا راحلون. أمامنا عالم البرزخ هذا، وهذا المعبر، وهذا الوادي، وسنصل إليه. وحين ترحلون عن هذا العالم، سيكون بانتظاركم شدائد كثيرة. فإن استطاع المرء أن يجد له شفيعًا هناك ينفعه، لهو أمر غاية في الأهمّيّة. وهؤلاء الشهداء هم شفعاؤكم.

.. وفي الدنيا تتنزل عليهم صلوات ربهم ورحمته
حتمًا، لديّ الكثير من الكلام لأقوله عن عوائل الشهداء؛ وقد سبق لي وتكلّمت كثيرًا عنهم. إنّ قضيّة عوائل الشهداء لا تقتصر على استشهاد فرد منهم في سبيل الحقّ. إنّ صبرهم بنفسه هو جبل كبير، وبمجرّد أن يصبر أبو الشهيد، أمّ الشهيد، زوجة الشهيد، وابن الشهيد على هذه المصيبة، فهذا بنفسه قيمة كبيرة جدًّا: ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ (2). أتصدّقون أنّ الله يصلّي عليكم؟ أنتم عوائل الشهداء حين تصبرون على هذه المصيبة وتشكرون الله تعالى وتتحمّلونها وتحتسبونها عند الله، فصبركم هذا سيوجب تنزّل الصلوات عليكم من الله تعالى الذي هو مالك الملك والملكوت، ومالك عالم الوجود. هذه قيمة. علينا أن نعي هذه المفاهيم جيّدًا.

أصحاب الفضل في الأمن الذي نعيشه اليوم
أ ــ المدافعين عن "المراقد" في سوريا
بالطبع، إلى جانب هذا الكلام، ينبغي أن تكون قيمة شهدائنا معلومة وواضحة. لو لم يكن شهداء الدفاع عن المراقد، لكان علينا الآن أن نحارب العناصر الفتنويّة الخبيثة المعادية لأهل البيت (عليهم السلام) وللشيعة، في المدن الإيرانيّة. وكان هذا من مخطّطات الأعداء. حين كانوا في العراق، سعوا لأن يمتدّوا نحو المناطق الحدوديّة مع الجمهوريّة الإسلاميّة، والوصول إلى المناطق الشرقيّة في العراق المحاذية للجمهوريّة الإسلاميّة؛ وإلى المحافظات الحدوديّة. فتمّ الوقوف بوجههم، وتمّ توجيه ضربة إليهم، وأُبيدوا، وفُرّق جمعهم. ويُعمل الآن على إزالتهم والتخلّص منهم كلّيًّا. وهكذا الحال في سوريا أيضًا. فلو لم يقم قادتنا الأفاضل بما قاموا به، لكنّا الآن، على حدّ تعبير مدّاحنا (3) العزيز، مضطّرين إلى محاربتهم في هذه الأنحاء. ولكان علينا أن نقاتلهم في شوارعنا ومدننا هذه. إنّ جزءًا مهمًّا من الأمن الذي تعيشونه الآن، هو بفضل المدافعين عن المراقد هؤلاء.

ب ــ حرس الحدود
الجزء المهمّ الآخر من الأمن مرتبط بحرس حدودنا هؤلاء؛ سواءً كانوا من قوّات الشرطة المستقرّين عند الحدود، أو من القوّات البريّة للحرس الموجودة هناك، أو من باقي القوّات التي تتردّد إلى الحدود والتي تتواجد وتنشط وتسعى وتجدّ هناك. وهذا ناجم عن بركات هؤلاء. وهؤلاء المساكين أيضًا يبقون في الظلّ مجهولين. أنتم تجلسون في بيوتكم مرتاحي البال: تذهبون إلى مراكز عملكم وترجعون مطمئنّي البال. تذهبون إلى المتنزّه وتجلسون فيه من دون أيّ شعور بالقلق. تقيمون المسيرات وأنتم مطمئنّون، وغير قلقين من الوضع الأمني، إنّكم تعيشون بأمان. ماذا تعرفون عمّا يعانيه ذلك الذي يقف عند الحدود ويحول دون دخول العدوّ البلد؟ هذا لا يعرف به الناس، إنّه مظلوم.

حرس الحدود جنود مجهولون ومظلمون
شهداء المناطق الحدوديّة مظلومون؛ سواءً في الحدود الجنوبيّة الشرقيّة، أي في منطقة بلوتشستان وكرمان وأمثالها، أو في منطقة الشمال الغربي [أي] منطقة كردستان وكرمانشاه وسائر المناطق، أو في المناطق الأخرى التي تشهد فيها الحدود مشاكل. في كلّ هذه المناطق، يدافع حرس حدودنا بكلّ وجودهم. لو لم يكن هؤلاء الحرّاس، لكانوا أدخلوا من بعض هذه المناطق الحدوديّة إلى البلاد آلاف الكيلوغرامات من المخدّرات، والتي يمكن لكلّ كيلوغرامًا منها أن يفسد ويدمّر مئة شابّ ويتسبّب بهلاكه. ومن الذي يقف بوجه هؤلاء؟ إنّهم حرس حدودنا. هم الذين يضحّون ومن ثمّ يُستشهدون. لهذا الشهيد قيمة كبيرة.

ج ــ القوى الأمنية الداخلية
فالشهداء المدافعون عن المراقد [يقفون ويضحّون] بتلك الطريقة. وشهداء المناطق الحدوديّة بهذه الطريقة. وشهداء الأعمال الأمنيّة والمعلومات داخل البلاد أيضًا بطريقة. هؤلاء الذين يجولون بأعينهم الثاقبة، ويعثرون على المجموعات المخرّبة، والخلايا الإرهابيّة، التي لا تختلف أشكالهم عن أشكال الناس العاديّين، [إلّا أنّ] قلوبهم جهنّميّة غير مرئيّة. عاملنا الأمنيّ هذا بالخبرة والذكاء اللذين يتمتّع بهما، وبالمساعدة التي يتلقّاها من الناس، وبالهداية التي يستمدّها من الله تعالى، يمكنه أن يجد هؤلاء ويكشفهم. وأحيانًا تسمعون أنّه تمّ القضاء على أربعين خليّة، وعشرين خليّة، ويمكن لكلّ واحدة من هذه الخلايا أن تقتل مئات الأشخاص وتجزّر بهم. أحيانًا يستشهد أحد هؤلاء [الأمنيّين]، ولهؤلاء أهميّة كبيرة.

خائنٌ للبلد؛ كل من يسعى لإهانة عوائل الشهداء

بما أنّكم عوائل شهداء، وأنتم مفجوعون وقد خضتم هذه التجربة؛ أريد أن أقول هذا الشيء ـ وليُنشر هذا الكلام وليُردّد حتّى يعلم الناس كم من الخدمات يقدّمها هؤلاء للبلد ـ وهو أنّ الخدمة، لا تنحصر بتأمين الماء والخبز، فالأهمّ من الخبز والماء هو الأمن؛ وهؤلاء يوفّرون الأمن للبلاد.

هكذا هو الحال في جميع مناطق البلاد الحدوديّة؛ وسواء أولئك الذين يدافعون عن المراقد المشرّفة خارج البلاد، أو أولئك الذين يعملون عند الحدود، أو الذين يعملون على الأمن داخل المدن وفي الطرقات، لكلّ هؤلاء حقّ الحياة في عنق البلد.

علينا أن نعرف قدر الشهداء، وقدر عوائلهم. أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء: إنّ كلّ من يسعى لإيداع ذكرى الشهداء في مدارج النسيان هو خائن لهذا البلد؛ وكلّ من يسعى لإهانة عوائل الشهداء، ولإهمالهم، أو للتهجّم بالقول عليهم، يكون خائنًا لهذا البلد. البحث هنا ليس بحث النظام، وإنّما بحث البلد. ينبغي احترام الشهداء ومعرفة قدرهم. ينبغي احترام عوائل الشهداء، وليكونوا ممتنّين للشهداء. حسنًا، ماذا يعني أن يكون [المرء] ممتنًّا للشهداء؟ يعني أن تكون ممتنًّا لتلك الزوجة التي رضيت بأن يذهب زوجها للقتال ويُستشهد. أن يكونوا أيضًا ممتنّين لذلك الأب وتلك الأمّ اللذين رضيا بذهاب ولدهم؛ أن يمتنّوا لهؤلاء. وليعلم الجميع بأنّ هؤلاء هم من حفظوا القيم حيّة في بلدنا.

 


(1) شارك في هذا اللقاء الذي عُقد في الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك، عوائل الشهداء المدافعين عن المراقد، وعوائل شهداء وزارة الأمن، وعوائل شهداء حرس الحدود من قوّات حرس الثورة، والجيش والشرطة و7) سورة البقرة، جزء من الآية 157.
(2) سورة البقرة، جزء من الآية 157.
(3) السيّد حسين سازور.

2017-10-04