آداب السير
آداب إسلامية
من الأمور التي أولاها التشريع عناية خاصة مسألة كيفية السير على الطرقات، حيث يمكن للمشي أن يعكس أبعاد المرء الأخلاقيّة وأوضاعه النفسيّة ويبيّن ملامح شخصيته، حيث إن ما يضمره الإنسان تكشفه هذه السلوكيات البسيطة التي يظهر بعضها في طريقة سيره.
عدد الزوار: 100
قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾(لقمان:18).
من الأمور التي أولاها التشريع عناية خاصة مسألة كيفية السير على الطرقات، حيث يمكن للمشي أن يعكس أبعاد المرء الأخلاقيّة وأوضاعه النفسيّة ويبيّن ملامح شخصيته، حيث إن ما يضمره الإنسان تكشفه هذه السلوكيات البسيطة التي يظهر بعضها في طريقة سيره، لذلك قد اهتم الإسلام برفع الشوائب عن هذه المسلكية فحدد للسير آدابا كي يلتزم المسلم بها.
وهذه الآداب هي
1- التواضع في المشي
نهى الله سبحانه وتعالى عن المشي الذي يظهر الإنسان من خلاله التكبر والارتفاع على الآخرين والاستعلاء عليهم حيث نهى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن مشية الاختيال وأن يصعّر الإنسان خدّه للنّاس.
فقال عزّ من قائل: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾(لقمان:18).
وتصعير الخد: أن يدير الإنسان وجهه للذي يحدثه بحيث يشعره بعدم الاكتراث به وبحديثه، والاختيال في المشي أن يرفع المرء كتفيه أثناء السير متظاهراً بالقوة ويشمخ برأسه موحياً بالوجاهة والتميّز عن الآخرين.
وقد وصف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من يمشي الخيلاء بالمجنون.
ففي الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ المجنون المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، فذلك المجنون"1.
حتى أن الأرض تلعن من يمشي عليها بهذه الطريقة.
ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من مشى على الأرض اختيالا لعنته الأرض ومن تحتها ومن فوقها"2.
فعلى الإنسان أن يكون على طبيعته حال كونه ماشياً في الطرقات فإن التواضع في المسير من شيم المتّقين فعن أمير المؤمنين عليه السلام يصف المتّقين: "وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع"3.
2- التمهل في السير
مما حثت عليه روايات المعصومين عليه السلام أن يتمهّل الإنسان في سيره ويتحلى بالوقار والسكينة، ويترك ما من شأنه الذهاب ببهائه، ولا سيما ترك الركض والهرولة إلا عند الضرورة الداعية إليهما.
فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن"4.
حتى أنّ رسول الله وأهل بيته كانوا يمشون بطريقة وقورة وعندما نطالع الروايات التي تتحدث عن صفاتهم عليهم السلام نجدها تتحدث عن مشيتهم الوقورة هذه.
ففي وصف الإمام زين العابدين عليه السلام: "أنّه إذا مشى لا يجاوز يده فخذه ولا يخطر بيديه وعليه السكينة والخشوع"5.
3- عدم المدافعة
والمدافعة قد تحصل من الرجال للنساء وبالعكس وكلا الأمرين لا يسوغ فعلى المرأة أن تحترز عن ملاقاة الرجال والرجل كذلك اجتنابا لما يمكن أن يحصل منه التدافع سيما في الطرقات الضيقة أو المزدحمة.
ففي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا أهل العراق نبئت أن نسائكم يدافعن الرجال في الطريق ألا تستحون"6.
وفي حديث آخر: "أما تستحون ولا تغارون نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج7"...8.
أين تسير المرأة؟
إن الإسلام أراد بكل تشريعاته أن يصون المرأة من التعرض للإساءة من الآخرين، ولذا قد خصص لها أدبا للسير في الطرقات وهو أن لا تمشي في منتصف الطريق بل تمشي على الحياد كي لا تصطدم بالرجال وتتحاشى السفهاء منهم.
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس للنساء من سروات الطريق شيء ولكنها تمشي من جانب الحائط والطريق"9.
وعن أبي الحسن عليه السلام: "لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق ولكنها تمشي إلى جانب الحائط"10.
*آداب السوق والطريق، إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ط1، أيار 2004م، ص19-26.
2- ثواب الأعمال وأمالي الصدوق، نقلاً عن تفسير نور الثقلين.
3- نهج البلاغة، الخطبة 184، المعروفة بخطبة المتقين.
4- ميزان الحكمة،، ج7، ص2908.
5- المصدر السابق.
6- وسائل الشيعة، ج2، ص235.
7- الكافي، ج5، ص537.
8- الرجل الشديد الغليظ، وقيل: هو كل ذي لحية، والجمع أعلاج وعلوج... واستعلج الرجل: خرجت لحيته وغلظ واشتد وعبل بدنه، لسان العرب، ج2، ص326.
9- الكافي، ج5، ص518.
10- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص561. 2009-10-23