يتم التحميل...

لاستثمار فرصة أعمارنا بإنجاز مسؤولياتنا

تربية دينية (مواعظ)

لاستثمار فرصة أعمارنا بإنجاز مسؤولياتنا

عدد الزوار: 153

من كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في جمع من مسؤولي النظام الزمان: 16 /1/1390 ه.ش. 29/ 4 /1432ه.ق. 4/04/2011م.

لاستثمار فرصة أعمارنا بإنجاز مسؤولياتنا
الإستثمار بأقصى الطاقات الممكنة
لا بدّ لنا من اغتنام الفرص. وبصفتنا مسؤولين فإنّ الله سبحانه وتعالى قد منحنا فرصة، وهي فرصة الحياة وفرصة المسؤولية. فقد أوكلت لكل منّا

مسؤولية ما لمدّة محدّدة من الزمن تنتهي عندها. فعلينا أن نغتنم الفرصة التي أتيحت لنا ونستثمرها بأقصى ما يمكن، لأنّ الإنسان عندما يغادر هذه الحياة، توصد خلفه جميع أبواب العمل والحركة. نعم، قد يكون هناك من يستغفر لنا وينفعنا ذلك، أو قد نترك خلفنا أعمالاً تحسب كصدقة جارية، لكنّ المهم في الأمر هو أنّنا سنغدو غير قادرين على فعل شيء وقد غلّت أيدينا وانقطع عملنا. وما دمنا في الحياة الدنيا، فأيدينا مبسوطة، وبمقدورنا القيام بالكثير والكثير من الأعمال. فبنظرة، أو بابتسامة، أو بكلمة، أو بحركة يد، أو بحركة قلم، بإمكانكم أن تجمعوا حسنات يتجاوز حجمها حجم السماوات والأرض. فهذا هو ما عليه الأمر في الحياة الدنيا؛ فاليد

مبسوطة والإنسان قادر على فعل ما يريد لكن ما إن يغادر الإنسان هذه الحياة، حتى تغل يده ويغدو غير قادر على فعل أي شيء، سوى فتات حسنات قد تصله من استغفار الآخرين له أو تصدّقهم عنه بعد رحيله، وهذا لا يوازي بأي حال من الأحوال ما كان الإنسان قادراً على فعله ولم يفعله في حياته وقبل مماته، من هنا لا بدّ للمرء من أن يعي ثمن الفرصة ويحرص على اغتنامها.

و إذا أردنا أن نعي ثمن الفرصة ونحرص على اغتنامها بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فعلينا أن نزج ونحشد كل قوانا في ميدان العمل. علينا أن نشدّ أحزمتنا ونلج ساحة العمل الدؤوب.

ضرورة الإلتفات إلى مواطن الضعف والنقص
وهنا لا بدّ لنا أيضاً من العودة إلى أنفسنا ومراجعتها وملاحظة مواطن الخلل والنقص فيها. فلكلٍّ منّا ثغرات ونواقص، وهي ليست بالقليلة. وغالباً ما تكون عيوبنا نحن البشر أكثر بكثير من محاسننا من غير أن نكون مدركين لذلك. ولو لم يكن الأمر كذلك لما لجأ الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وبما له من مقام عظيم و نور خالص مجرّد من كلّ ظلمة إلى الاستغفار. فالنبي كان يستغفر أيضاً وهو القائل: "لأستغفر اللَّه في كلّ يوم سبعين مرّة "، وقال: "إنّه ليغان على قلبي". فهذه طبيعة البشر. فنحن مجموعة من الضعف، لكن الله سبحانه وتعالى أودع فينا القدرة على التطوّر والتحسّن اللامتناهي بما يمكّننا من التغلّب على مواطن الضعف فينا، فنبدأ بتبديل الأصفار إلى أعداد والسوالب إلى موجبات. فالله تبارك وتعالى لا يظلمنا بتاتاً. فنحن قادرون على تحويل جميع الأصفار إلى أعداد، وكلما قمنا بذلك تقدّمنا، وما نخفق فيه، فلا بدّ من الالتفات والتركيز عليه. بمعنى لو أنّ المرء غفل عن إدراك مواطن الضعف في ذاته، وأخفق في تحديد مواطن الخلل والنقص في فعله وفي ذاته، فسيغدو متخلّفاً. وهذه إحدى فوائد السباق؛ ففي السباق حيث يقف إلى جانب المرء من ينافسه، فإنّه يدرك على الدوام مواضع النقص والخلل فيه ويسعى لتلافيها، ولكن عندما يكون وحيداً في الميدان ويعدو وحده، فإنّه قد يجد نفسه مضطراً للتوقّف أحياناً، فيقف برهة من أجل السعال مثلاً، لكنّه بما أنّه وحده لن يدرك كم جعله هذا التوقّف متأخراً، أما إذا كان هناك من يعدو إلى جانبه ولم يتوقف حتى لثانيتين وليس لخمس ثوان فسيجعله ذلك مذهولاً من طول المسافة التي تقدّم فيها خصمه عليه. إذن فحياتنا العملية مهدّدة بثوان ودقائق وساعات من التخلّف، علينا الانتباه لها جيّداً ليتسنّى لنا تعويضها. وإنْ لم يسعنا تعويضها فعلى الأقل نقرّ بذلك أمام الله سبحانه وتعالى: "و إن كان قد دنا أجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الإقرار بالذّنب إليك وسيلتي"1.فهذا من جملة الطرق التي يتقرّب بها
 


1- مفاتيح الجنان، المناجاة الشعبانية.
العبد إلى الله سبحانه، أي الإقرار بالذنب، الإقرار بالتقصير والإخفاق والنقص والظلمات التي تعاني منها نفوسنا. علينا الالتفات لهذا الأمر، فجميع ذلك من الممكن التغلّب عليه بتوفيق الله وعنايته سبحانه وتعالى.
 

2017-03-03