المشاركة الشعبية الحماسية بذكرى انتصار الثورة بمثابة ولادة جديدة لها
الثورة الإسلامية
المشاركة الشعبية الحماسية بذكرى انتصار الثورة بمثابة ولادة جديدة لها
عدد الزوار: 87
من كلمة
الإمام الخامنئي في لقائه قادة وكوادر القوة الجوية في جيش الجمهوريّة الإسلاميّة
الثورة الإسلامية 08-02-2016
المشاركة الشعبية الحماسية بذكرى انتصار الثورة بمثابة ولادة جديدة لها
الشعب يحتفي بذكرى انتصار الثورة بصفتها عيداً حقيقياً
وفيما يخص العيد الأول وهو عيد الثورة في يوم الثاني والعشرين من بهمن،
فإن أبناء شعبنا على مدى سبعة وثلاثين عاماً، قد احتفوا حقاً بهذا اليوم بصفته
عيداً حقيقياً. فإن العيد هو تلك المناسبة التي تتكرر في كل عام، و«العيد» مأخوذ من
مادة «العود»، وهو يعني تكرار الاحتفاء بيوم في كل عام لمناسبة ما، تكراراً مصحوباً
بالسرور والبهجة، وهذا التكرار المشفوع بالسرور تجاه اليوم الثاني والعشرين من
بهمن، وهو يوم انتصار الثورة الإسلامية، يواصل طريقه كل عام بقوة واقتدار، وهو شيء
لا نظير لا في إيران ولا في العالم بأجمعه، فإن هناك بعض البلدان التي حصلت فيها
ثورة، بيد أن إحياء الذكرى السنوية لانتصار الثورة بالمشاركة الجماهيرية الملحمية
الحاشدة في كل أرجاء البلاد مما لا يوجد له مثيل في أي بقعة من بقاع العالم.
المشاركة الشعبية الحماسية بالذكرى بمثابة ولادة جديدة
للثورة
وما ذكرتُه يمثّل حقيقة ومعلومة، وليس تخميناً وتحليلاً. ففي البلدان
الثورية، يتم إحياء ذكرى انتصار الثورة، وذلك بأن يقف بضعة أشخاص على المنصة
الرسمية، وتقوم مجموعة أخرى بعرض عسكري أمامهم.. هكذا يُحيون ذكرى انتصار الثورة،
والناس كلٌّ مشغولٌ بشأنه. وأما هنا فإحياء ذكرى انتصار الثورة والاحتفاء بها
وتكريمها يتم أساساً بواسطة الناس. فإن الناس هم الذين ينزلون إلى الساحة ويحتفلون
في الأجواء العاصفة، وفي ظل المشاكل، وتحت الثلوج والأمطار، وفي شتى الظروف، وهذه
هي المشاركة الشعبية، وهي سلسلة لا تنقطع. ولعل نصف الذين يشاركون هذا العام في
مسيرات الثاني والعشرين من بهمن، لم يشهدوا بمقتضى أعمارهم ذلك اليوم ]11/2/1979[،
وإنما وُلدوا بعده، ولكنهم رغم ذلك يشاركون. وهذا في الواقع يمثّل تجدّد الثورة
وإعادة ولادتها، لأن الثورة لم تنتصر بالرصاصة والبندقية وما شاكل ذلك، وإنما
انتصرت بنزول الناس إلى الشوارع، فإن حشود الناس لم ينزلوا للميدان بميولهم
وعزائمهم وأحاسيسهم وعواطفهم وحسب، بل نزلوا بأبدانهم وحضروا في الميدان. هذا رغم
شدّة الموقف، فقد كانوا في مواجهة إطلاق النيران وسفك الدماء وشتى الأخطار الأخرى،
ولكنهم تحمّلوا هذه المخاطر ونزلوا إلى الشوارع. والثبات على هذه العزيمة الراسخة
والفولاذية هو الذي اقتلع جذور النظام والكيان البهلوي العميل الخاوي والمهترئ؛ أي
الحضور المباشر للناس في الشوارع والساحات، إلى جانب الإرادة والعزيمة والمحبة
والمساندة، وهذه هي مؤشرات الحضور والمشاركة. وقد حافظ الناس على هذا الحضور طيلة
هذه الأعوام السبعة والثلاثين، وسترون في هذا العام أيضاً، وبفضلٍ من الله وتوفيقه،
سيكون الحضور الجماهيري في الشوارع حضوراً باهراً ومحطّماً للأعداء.
يجب عدم السماح بأن تشيخ هذه الذكرى وتهرم، وأن تغيب هذه الحادثة العظيمة في غياهب
الغفلة والنسيان. فالثورة حيّة ونحن لا نزال في منتصف طريق الثورة.
تحقق كامل أهداف الثورة يحتاج إلى زمن
أعزائي! التفتوا إلى أن الثورة ليست حدثاً دفعياً يحدث لمرة واحدة
وينتهي، وإنما هي تحوّل، وهذا التحوّل يحصل بالتدريج. أجل. لقد كان هذا الحدث
يتطلّب في بادئ الأمر حركة ثورية وإقامة النظام الثوري، إلا أن هذه الثورة تحتاج
إلى التدريج ومرور الزمان لكي يتسنى لها إرساء دعائمها وتحقيق أهدافها. فإذا ما
زالت تلك الأهداف من الأذهان، ونُسيت تلك الحادثة، عندئذ ستكون عاقبتها كالذي نشهده
في الكثير من البلدان الثورية في الظاهر، فبعض الثورات قد قُضي عليها في مهدها -
كالتي انطلقت في زماننا خلال السنوات الأخيرة وقضي عليها في مهدها حقاً - وبعضها
الآخر مات بعد ولادته وفي مطلع شبابه. والسبب في ذلك هو الانحراف عن الأهداف
الـمُعلنة. فلا بد من بقاء وديمومة هذه الأهداف؛ هدف تحقق العدالة الاجتماعية،
وتحقيق الحياة الإسلامية بكل معنى الكلمة – حيث إن عزة الدنيا والآخرة في الحياة
الإسلامية -، وإقامة مجتمع إسلامي يتوافر فيه العلم والعدل والأخلاق والعزة والتقدم
معاً. هذه هي الأهداف التي لم نصل إليها حتى الآن، وما زلنا في منتصف الطريق.
مضمون الثورة .. مصب العداء
يجب أن تبقى حادثة الثورة وحقيقتها حيَّةً حاضرةً في أذهاننا وقلوبنا
على الدوام، والـلافت أن معسكر العدوّ يركّز على هذه النقطة نفسها! حين تسمعون في
الأخبار الأجنبية تصريح السياسي الأمريكي الفلاني الذي يقول بأننا لا نريد تغيير
النظام في الجمهورية الإسلامية، وإنما نهدف إلى التغيير في السلوك - وهذا ما قالوه
بالفعل وسمعتموه-، فإن تغيير السلوك يعني أن سلوك نظام الجمهورية الإسلامية كان حتى
الآن سلوكاً ثورياً، يصبّ في خدمة الثورة، ونحن نريد تغيير ذلك. قبل عدة أشهر، قلتُ
1 لدبلوماسيينا الذين اجتمعوا في هذا المكان بأن اسم الجمهورية الإسلامية لا
يخيف الأعداء ولا يرهبهم، وكذلك لا يخيفهم أن يتزعّمها معمم وعالم دين فهذا لا يثير
قلقهم. أما إذا ما تجرّدت الجمهورية الإسلامية عن محتواها، وفقدت إسلاميتها
وثوريتها، فإنهم سينسجمون معها. فالذي يعادونه هو مضمون الجمهورية الإسلامية
ومحتواها.. هذا هو النهج الذي ينتهجه معسكر العدو. وكل مساعيه تصبّ في إيقاف حركة
الجمهورية الإسلامية صوب أهدافها الإلهية والإسلامية الخالقة للعزة والاقتدار، وهو
يسعى لاستعادة سيطرته وهيمنته على هذا البلد من جديد.
من ألوان الهيمنة السابقة على الثورة.. تغيير الثقافة
لقد كنا لسنوات متمادية نرزح تحت هيمنة العدو، ولكن في كل مرحلة بطريقة
مختلفة، ففي العهد القاجاري بطريقة، وفي العهد البهلوي بطريقة أخرى. حيث كنا في عهد
القاجار تحت سيطرة منافسَين: بريطانيا وروسيا في ذلك الوقت، إذ لم يكن قد تأسس
يومذاك الاتحاد السوفياتي. فكان المنافسالأول يحصل على بعض التنازلات من الحكومة،
فيخاطبها الثاني قائلاً: قدّمتم تنازلاً لذاك، ولا بد أن تقدموا لي أيضاً، وهكذا
كان يحصل على التنازل. فقد انطلقت بين السلطتين مسابقة في الحصول على تنازلات
الحكومة الإيرانية، وأولئك الحمقى الممسكون بمقدّرات البلاد، كانوا يضحّون بالشعب
وأهدافه، ولم يكن عدد سكان إيران آنذاك يتجاوز الخمسة عشر أو العشرين مليون نسمة،
ومع ذلك فقد ضحّوا بكل ما يملكه هذا الشعب.. هكذا كانت تجري الأمور في عهدهم. وفي
العهد البهلوي بطريقة أخرى أسوأ من سابقتها بالطبع، أي إنهم خضعوا لخدمة أهداف
الأعداء وفتحوا أبواب البلاد أمامهم. لأن الثقافة الإيرانية والإسلامية باستطاعتها
دفع الشعب إلى الصمود والاستقامة، ولكنهم غيّروا هذه الثقافة. فإن تلك الروح التي
استطاعت أن توجه صفعة مدوية للشركات الأجنبية في قضية التنباك، وذلك الدافع الذي
استطاع أن ييستنهض الناس للنزول إلى الساحة في النهضة الدستورية، حاولوا في العهد
البهلوي وبذلوا جهودهم لقمع تلك الروح والقضاء على ذلك الدافع. ولقد كان رضا خان
وابنهمحمد رضا ينفذان كلّ ما يصدر عن الأعداء خدمةً لهم. علماً بأنهما لم يكونا على
اعتقاد وإيمان بذلك، ولكنهما نفّذا كل الأوامر التي صدرت عنهم. هذه هي الأوضاع التي
كانت سائدة في البلاد لسنوات طويلة.
أهداف الحرب الناعمة القضاء على الروح الثورية للشعب
إن هذا البلد، وبسبب ما يتحلى به من جوهر إسلامي، وطاقات إيرانية، وما
يتمتع به مجتمعه من مزايا وخصائص لا توجد في الكثير من مجتمعات دول الجوار وبلدان
العالم؛ بسبب هذه الخصائص وبسبب ظهور قائد كبير واستثنائي كالإمام الخميني العظيم،
استطاع أن يتحرر من كل تلك الضغوط، وأن يقف منتصب القامة، وأن يعلن مواقفه، وأن
يفعل ما يريد، وأن يواصل حركته ومسيرته، وهذا ما يريدون القضاء عليه، ومعسكر العدو
يسعى اليوم لتحقيق هذا الهدف.
صحيحٌ أن ضجيج الكلام عن الحرب الصلبة يدور اليوم على ألسنة العدو - وهو أمر ممكن،
وليس بالمستحيل رغم استبعادنا له - إلا أن الأساس في جدول أعماله هو الحرب الناعمة.
هدف الحرب الناعمة هو القضاء على عناصر القوة والاقتدار وسلبها من البلد ومن نظام
الجمهورية الإسلامية ومن الشعب الإيراني، وتبديله إلى شعبٍ ضعيفٍ خانعٍ مستسلم. هذا
هو الهدف. فإن رضخ الشعب واستسلم، فلا حاجة حينها أساساً لشنّ حرب صلبة، وإذا تطلّب
الأمر يوماً ذلك، فيمكنهم شنّها من دون هواجس وقلق، حيث لا يجرؤون اليوم على ذلك.
وفي ذلك اليوم الذي يُصاب فيه الشعب الإيراني لا قدّر الله بالضعف، ويفقد عناصر
قوّته، فإن مخططهم سيجري بكل سهولة. إنّ إحياء الثورة في الأذهان، وحفظ الفكر
الثوري والتوجّهات الثورية وحراستها في مجال العمل والبيان والسلوك واتخاذ القرارات
والضوابط والقوانين، كلها أعمال تحول دون تحقق ذلك الوضع الرهيب، وأن تسير بالشعب
في طريق الاقتدار والاستقرار المتحقق حالياً. حسناً، هذا ما يتعلق بـ"عيد الثورة"،
وبإذن الله وفضله سيكون حضور الناس في مسيرة اليوم الثاني والعشرين من بهمن وفي
مختلف الساحات الأخرى، حضوراً يفرض اليأس على العدو.
1- لقاء مع وزير الخارجة ومسؤولي الوزارة والبعثات الديبلوماسية الإيرانية في الخارج (10-8-1394 ه ش)
2017-02-24