يتم التحميل...

الحرس الثوري: مسؤولية وعوامل الحفاظ على الثورة وحمايتها

الثورة الإسلامية

الحرس الثوري: مسؤولية وعوامل الحفاظ على الثورة وحمايتها

عدد الزوار: 87

من خطاب الإمام الخامنئي دام ظله له في جامعة الإمام الحسين (عليه السلام) في مراسم التخرّج تحت شعار: "ميثاق الحرس"_27/5/2013
الحرس الثوري : مسؤولية وعوامل الحفاظ على الثورة وحمايتها

بسم الله الرحمن الرحيم

في البداية، أبارك لكم أيّها الشباب الأعزّاء، دخولكم ميدان الحرس الأغرّ، سواءً منكم المتخرّجين الذين نالوا اليوم الدرجات العسكريّة، أو طلاب الكلية الذين وردوا مرحلة الدراسة. إنّ لقاءنا بكم اليوم أيّها الشباب الأعزّاء، أيضاً في هذا الميدان الأغرّ، هو كما العادة لقاء جميل وعذب. لقد شوهدت ابتكارات في كيفيّة إدارة هذا الميدان وإدارة برامج هذا الميدان، وهي جيّدة جدّاً وجديرة بالثناء.

جامعة الإمام الحسين (ع) : مسؤولية حماية الثورة
تمتاز هذه الجامعة عن الجامعات الأخرى بميزة أساسيّة. إنّ العلم والتعلّم والرشد الفكري والعقلي وإنماء الشخصيّة، هي أهداف أساسيّة في جميع جامعاتنا وفي جميع مؤسّساتنا التعليميّة، لكن تُطرح في هذه الجامعة أيضاً، مسألة حماية الثورة. حسنٌ، إنّ الشعب الإيراني عامّة، يعتبر نفسه بشكلٍ ما معنيّاً بحماية الثورة سواءً المسؤولين الرسميّين، أو عامّة أفراد الشعب بدرجاتهم المختلفة لكنّ ما يميّز حرس الثورة الإسلامية هو أنّ هذه مهمّة محدّدة بالنسبة لهم.

أنتم أيّها الشباب الأعزّاء في عزّ النشاط وينعان الشباب، تهيّئون أنفسكم لحماية الثورة على امتداد فترة خدمتكم، ومن دون شكّ على امتداد أيّام حياتكم، وذلك كما فعل بدوره الجيل الذي سبقكم، وأسلافكم في الحرس، في الميادين الصعبة جدّاً.

الآباء الأولون مصدر إلهام لشباب الحرس اليوم
إنّ أحد المشاهد الجيّدة اليوم هو هذا المشهد نفسه، حيث الجيل القديم لحرس الثورة الذين عاشوا مرحلة حرب الدفاع المقدّس، وشهدوا بدايات عهد الثورة، والذين واجهوا المخاطر بأبدانهم، بقلوبهم، بنفوسهم، واقفين جنباً إلى جنب مع شباب اليوم الذين وردوا ميدان الحرس، يتبادلون الراية (العَلَم). إنّه لمنظر رمزيّ ومعبّر. في لقائنا الرمزيّ اليوم، إن الأرواح الطيّبة للشهداء الذين نالوا مقام الشهادة السامي في العمليّات المختلفة على امتداد سنوات الدفاع المقدّس الثمانية، وقبلها، وبعدها إلى اليوم، هي ماثلة (واقفة) أمامكم. والجرحى الذين قدّموا صحّتهم، وشبابهم، قواهم البدنيّة، في سبيل الله، وقد ابتُلوا بامتحان صعب جدّاً، وبالطبع، لقوا حسن عاقبة الجرح، يقفون مقابلكم. والرجال الذين كانوا يومذاك، يمضون مثلكم فترة الشباب، يقفون مقابلكم بلحىً بيضاء، وقد أمضوا عشرات السنين من عمر الخدمة. إنّه لمشهد مهمّ جدّاً وملهم بالنسبة لكم أيّها الشباب الأعزّاء الذين تريدون حماية ثورتكم.

الثورة أنقذت الشعب من قرون الظلم والإستبداد
لقد غيّرت هذه الثورة تاريخ البلاد. كان سلاطين الجور وطواغيت التاريخ، قد فرضوا لقرون متمادية، مساراً ضلاليّاً على هذا الشعب، وفي العقود الأخيرة قبل الثورة؛ وناهيك عن الاستبداد والتفرّد والاحتكار في جميع الأمور. قد ضيّعوا عزّة هذا البلد أمام الأعداء. جاءت هذه الثورة، وخلّصت هذا البلد، وهذا الشعب من الوقوع في هذا الإعصار المدمّر والمهلك. إنّنا أصبحنا على الصراط المستقيم. والصراط المستقيم، بالطبع، سيوصلنا إلى الهدف، لكن متى؛ بعد كم من الوقت؟ مع أيّ سعي ومجاهدة؟ هذا متعلّق بمدى جهدنا أنا وأنت، بمدى جدّيّتنا، بمقدار ما نسير بطريقة صحيحة، هذا مرتبط بهمّتنا. ولكنّ الثورة فتحت هذا الطريق أمام هذا الشعب العريق والعظيم والذي لقي ما لقيه من الظلم.

عوامل الحفاظ على الثورة وحمايتها
أنتم تريدون أن تحافظوا على هذه الثورة وتحموها.
أ ــ التعرف بعمق على المباني النظرية للثورة
أوّلاً، عليكم أن تتعرّفوا على هذه الثورة جيّداً. وأحد أعمالكم المهمّة أيّها الشباب الأعزّاء هو أن تتعرّفوا بعمق على المباني النظريّة للثورة. لقد رأينا أشخاصاً وردوا هذا الميدان تأثّراً وحماسةً، ومن دون الاستناد إلى حجّة نظرية قويّة، فسقطوا في العاصفة، وغيّروا مسارهم. أولئك الذين يمكنهم الوقوف بقوّة في هذه الحركة وهذا المسير، هم من يتحلّون بالمعرفة العميقة بالمباني النظريّة للثورة. جاء في الحديث الشريف: "المؤمن كالجبل الراسخ لا تحرّكه العواصف"، لا يمكن لأيّ عاصفة أو إعصار أن يغيّر مسارهم، فهم يتحلّون ببعض الميّزات، من جملتها وأهمّها، الاعتقاد الصحيح والمعرفة الصحيحة بالمباني النظريّة لهذه الثورة. هذه أحد الأمور التي ينبغي عليكم معرفتها.

ب ــ معرفة تجربة وتاريخ الثورة
بعد ذلك، عليكم معرفة تجربة الثورة، أي المصداق لهذه النظريّة على امتداد هذه السنوات، وتاريخ الثورة. هذه الثورة ليست محض ادّعاء كالكثير من الشعارات الأخرى السائدة في العالم. وهناك مجال واسع من التجارب والعمل أمامها. هذه الثورة قد جُرّبت واختُبرت. هذه الشعارات؛ شعارات أثبتت صدقيّتها في ميدان العمل. فإمامنا العزيز كان يعلّمنا التوكّل على الله، والثقة به، وأن نحسن الظنّ به ونعمل جاهدين، وكان يقول إنّ النصر سيكون حليفنا إذا ما قمنا بهذا العمل، وكما حصل في صدر الإسلام، حيث جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: "فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت وأنزل علينا النصر"1. لقد أثبت هذا الشعب صدقه، واستقامته، ورد الميدان وجرّب هذا الفكر وهذه المباني النظريّة. هذا ما يجب أن تروه في تاريخ الثورة.

لماذا تسعى وسائل الإعلام الأجنبيّة لتكبير نقاط ضعفنا الصغيرة عشرة أضعاف في أعيننا فكيف بعيون الآخرين ؟ من أجل أن ينسونا هذه التجربة، من أجل أن ننسى أنّ مبانينا النظريّة قد جُرّبت واختُبرت، وأثبتت نفسها في ميدان العمل. إنّكم بمعرفتكم لتاريخ الثورة تحققون هذا. وصيّتي لكم أن تقرأوا مذكرات الحرب، ومرحلة الدفاع المقدّس، عمليّات بيت المقدس وتحرير خرّمشهر، انظروا من كانوا، ما كانوا، ماذا فعلوا، وكيف فعلوا، لهذا، يلزم هذا الأمر. عندها، سينزل الله النصر " أنزل بعدوّنا الكبت"، "أنزل علينا النصر".

ج ــ تهذيب النفس كأناس صالحين
بعد ذلك، تهذيب النفس كأناس صالحين. على الجميع أن يهذّب نفسه. عليّ أنا أن أهذّب نفسي، وعليكم أنتم أن تهذّبوا أنفسكم. إنّ عملكم أسهل من عمل شخص مثلي. أنتم شباب، مستعدّون، نورانيّون، وذوو قلوب صافية، يمكنكم بسهولة أن تتمثّلوا بالقدوة التي يثني عليها الإسلام والقرآن. هذه واحدة من مسؤوليّاتكم. بالطبع، هي مسؤوليّة تقع على عاتق المعلّمين والمدراء ومسؤولي هذه الجامعة، ومؤسّسة الحرس ومسؤولي كلّ مجموعة، وأيضاً على عاتق شبابنا الأعزّاء المتواجدين هناك، هذه أمور لازمة. إذا ما تحقّقت هذه الأمور وستتحقّق يقيناً بتوفيق الله وبإذنه تعالى عندها سيكون المستقبل ذاك الذي تكلّمنا عنه دوماً وكرّرنا القول: المستقبل الحاسم والباعث على الاطمئنان.


1- نهج البلاغة، الخطبة 56


 

2017-02-24