الثبات على المبادئء والقيم واعتماد الواقعية في أساس حفظ الثورة الإسلامية
الثورة الإسلامية
الثبات على المبادئء والقيم واعتماد الواقعية في أساس حفظ الثورة الإسلامية
عدد الزوار: 79
من كلمة
الإمام الخامنئي دام ظله في لقاء أركان الدولة والعاملين في النظام بمناسبة حلول
شهر رمضان المبارك. ـــ الزمان: 24/7/2012م.
الثبات على المبادئء والقيم واعتماد الواقعية في أساس حفظ الثورة الإسلامية
العناوين الرئيسية
· حماية الشعب للثورة لا يقل أهمية عن صنع انتصارها
· التمسك بالقيم واعتماد الواقعية حفظا الثورة
· لا تصادم بين الواقعيّة والقيم
· توهم الواقعية والخطأ في الحسابات
أ ــ الوقوع في شرك اختلاق الوقائع
ب ــ الميول الذاتية
ج ــ وهم " تحقيق الأهداف بدون تضحيات "
د ــ القراءة المجتزأة للواقع
حماية
الشعب للثورة لا يقل أهمية عن صنع انتصارها
ما أعددته اليوم للحديث هو أنّ لقدرة شعب إيران واستعداده للحفاظ على
الثورة وحمايتها، عظمة وأهمية لعلّه يمكن القول إنها لا تقلّ عن أهمية أساس الثورة
نفسها. لقد استطاع شعب إيران وطيلة هذه السنوات الـ 33، الحفاظ على هذا الإنجاز
العظيم بصورةٍ رفيعة. فانظروا إلى هذه الثورات التي حدثت في المنطقة خلال هاتين
السنتين الأخيرتين. عندما تنظرون إلى الأمر على نحوٍ كلّي يمكنكم أن تحكموا فيما
إذا كانت هذه الثورات تسير في الاتّجاه الصحيح أم لا. الأعداء والمستكبرون، وخصوصاً
الكيان الصهيوني وحكومة أمريكا والحكومات الغربية، يبذلون مساعيهم من أجل ركوب هذه
الثورات وتحريفها. وأنتم تشاهدون كم يواجه هؤلاء من تحدّيات كبيرة.
وبالالتفات إلى هذه التحدّيات، يدرك المرء أيّ عملٍ عظيم قد أُنجز في بلدنا، وحفظ
هذه الثورة في الاتّجاه الصحيح نحو أهدافها، فلم تتنكّب عن مسار القيم والأهداف، بل
استمرّت في حركتها التقدّمية. هذا في حين أنّ التحدّيات والتهديدات كانت تتصاعد.
فمنذ الأيام الأولى، كانت التهديدات التي واجهت الثورة والبلد تزداد تعقيداً ومن
دون توقف، وكذا الاغتيالات والحركات القومية الانفصالية، والحرب والحظر والحصار.
فكلما تقدّمنا كانت هذه التهديدات تزداد تعقيداً، وكان الأعداء والمخالفون للنظام
يطلون برؤوسهم, فأحداث شهر تير3 عام 1378هـ.ش. وأحداث عام 1388هـ.ش.4، كلّها أنواع
ونماذج للتهديدات التي واجهت هذه الثورة، وهذا البلد وهذا الشعب. وقد تجاوز هذا
الشعب كل هذه التهديدات واستمرّ على مسيره بعزم راسخ. نحتاج اليوم إلى جعل هذه
المسائل نصب أعيننا، كما نحتاج إلى ذلك دوماً, فهذا ما سيساعدنا على طيّ الطرق
الشاقّة، وعبور المنعطفات الشديدة والمطبّات الصعبة.
3- شهر حزيران.
4- الأول: الحملة الإعلامية المضلّلة التي قادها أعداء إيران بعد فوز
خاتمي بالرئاسة، واستغلالهم لحادثة هجوم الپسيج على منامة الطلاب في أحد أقسام
جامعة طهران عام 1999م. والثاني: فتنة انتخابات الرئاسة عام 2009م، وادّعاء
التزوير، والحملة الغربية التي لاقت عملاء لها في الداخل، حيث روجوا بقوّة للتزوير،
وقاموا باضطرابات وأعمال شغب أدت إلى ردّة فعل قويّة ومعاكسة من قبل الشعب، حيث خرج
بالملايين في كل إيران وأعلن ولاءه للنظام الإسلامي، ولحاكميّة ولاية الفقيه، وأحبط
بذلك أهمّ محاولة للغرب وعملائه للإطاحة بالنظام من الداخل.
التمسك بالقيم واعتماد الواقعية حفظا الثورة
ما يشاهده المرء في هذه الحركة، التي استمرّت طيلة 33 سنة، والدرس الذي
قدّمته لنا الثورة وخلّفه لنا الإمام الجليل، هو أن لا تغيب تلك القيم والآمال
العظيمة التي يرشدنا إليها الإسلام ويعلّمنا إيّاها عن أعيننا, في نفس الوقت الذي
ينبغي الالتفات إلى الوقائع الموجودة في المجتمع والعالم, هذا ما ساعد على استمرار
هذه الحركة, وهو مزيج من التوجّه نحو القيم والمبادئ والرؤية الواقعية. وهذا الكلام
قد نطقت به الألسن وكُتب حوله وقيل. ويسمع الإنسان من هنا وهناك أنّ الالتفات إلى
الوقائع الاجتماعية والعالمية لا ينسجم مع الالتزام بالقيم والمبادئ. وهؤلاء قد
خلطوا بين القيم والأحلام. ما نودّ التأكيد والإصرار عليه هو أنّ الواقعية لا
تتنافى ولا تتعارض مع التوجّه إلى القيم والمبادئ والسعي نحوها ونحو الآمال الكبرى
لشعب إيران بأيّ شكل من الأشكال. فلو استطعنا أن نوفّق بين التوجّه إلى القيم
والواقعية فستكون ترجمة ذلك عملياً عبارة عن مزج التدبير بالجهاد, فنجاهد ونتحرّك
جهادياً، وتكون هذه الحركة في إطار تدبيريّ, وهذا ما يتطلّب الوعي العام ووعي
العاملين وانسجام القلوب والألسن في جميع الميادين.
لا تصادم بين الواقعيّة والقيم
يزعم بعضهم أنّ النزوع إلى القيم لا ينسجم مع الرؤية الواقعية, ونحن
نرفض هذا بشدّة. فالكثير من أهداف مجتمعنا ومطالبه تُعدّ من وقائعه. فالشعب يريد
العزّة الوطنية، والحياة التي تتمحور حول الإيمان والدين، والمشاركة في إدارة البلد
-أي السيادة الشعبية -1، التقدّم والاستقلال السياسي والاقتصادي، فهذه
مطالبُ عامّة للشعب. هذه المطالب هي وقائع المجتمع, وهي بالدقّة على نفس مسار
الحركة القيمية. وهذه ليست قضايا تحليلية أو ذهنية، أو أوهامٌ وأفكار. إنّها وقائعُ
موجودةٌ في المجتمع. إنّه مجتمعٌ حيٌّ ومؤمنٌ يسعى نحو هذه الأمور, يريد العزّة
الوطنية، ويريد أن يكون مستقلاً ومتطوّراً وعزيزاً بين الشعوب, فهذه المطالب التي
ينادي بها الشعب تقع على مسار القيم, وما يطلبه يُعدّ من الوقائع الثابتة في
المجتمع، ولهذا يمكن أن تكون الوقائع، مساعدةً ومتوجّهةً إلى القيم. أجل، إنّ ذكر
القيم والأهداف دون التوجّه إلى الوقائع، ودون التنبّه إلى الوسائل المعقولة
والمنطقية للوصول إلى القيم، يُعدّ نسجاً من الخيال, وسوف تبقى القيم في إطار
الشعارات.
ومن أجل أن لا تبقى القيم مجرد شعارات، يجب على المسؤولين والشعب متابعتها بصورة
منطقية ورصينة. هنا بالذات محلّ انسجام الوقائع الاجتماعية مع القيم. حسنٌ، هذا
أمرٌ أساسيّ وركنٌ جوهريّ لحركة البلد.
توهم الواقعية والخطأ في الحسابات
أودّ أن أطرح مجموعةً من وقائع المجتمع. فهناك وقائع إذا لم نلحظها في
حساباتنا, فإننا سنخطئ في أحكامنا قطعاً, وسوف نخطئ في اختيار السبل. فيجب ملاحظة
هذه الوقائع. وبالتأكيد، هذه الوقائع التي سأذكرها ليست مجّرد تحليل، بل هي وقائع
مشهودة أمامنا.
أ ــ الوقوع في شرك اختلاق الوقائع
لقد ذكرت هذا سابقاً, عندما نريد أن نوفق بين التوجّه إلى القيم والنظرة
الواقعية ـ أي أن نلاحظ الوقائع ونجعل حركتنا على أساسها ـ علينا أن نلتفت إلى
المنزلقات التي يمكن أن تبرز هنا، لكي لا نسقط فيها. هناك منزلقات، وأحدها ما يمكن
أن نعبّر عنه بتوهّم الواقعية، فنتصوّر أشياء على أنّها واقعية وهي ليست كذلك. إنّ
الأعداء، الذين يشكّلون جبهةً بوجه بلدنا وشعبنا وثورتنا، يسعون لاختلاق الوقائع،
وإظهار مجموعة من الأشياء على أنّها وقائع مسلّمة أمام أنظارنا، في حين أنّها ليست
كذلك. علينا أن نحذر من الوقوع في شراك اختلاق الوقائع المخالفة للواقع. افرضوا
أنّنا اعتبرنا أنّ قدرتنا هي أكثر من الواقع أو أقل فسوف نقع في الخطأ. كذلك لو حصل
ذلك بالنسبة لقدرة العدوّ فسوف نقع في خطأ الحسابات. وهنا بالذات هو ميدان عمل خطط
العدوّ. لاحظوا, كيف يتمّ السعي في وسائل إعلام أعدائنا المنتشرة، إلى إظهار
الاقتدار المحلّي والوطني على أنّه حقير وصغير، وفي المقابل يتم إظهار اقتدار
العدوّ أكثر ممّا هو عليه, فهذه من المنزلقات. فلو أنّنا أعطينا للعدّو حجماً أكبر
ممّا هو عليه، وخفناه أكثر، فإنّنا قطعاً سوف نُبتلى بالخطأ في الحسابات, وسوف نسلك
الطريق البديل, هذه إحدى المنزلقات.
ب ــ الميول الذاتية
ومن هذه المنزلقات، عند مشاهدة الواقع، ما يرجع إلى أنفسنا داخلياً.
فأحياناً تكون تعلّقاتنا وميولنا مشلّة، وتؤدّي إلى أن نرى أشياء كوقائع بينما هي
ليست كذلك، وما يحصل في الواقع أنّ ميلنا إلى الراحة أو إلى المادّيات هو الذي
أوقعنا في الخطأ.
ج ــ وهم " تحقيق الأهداف بدون تضحيات "
ومن هذه المنزلقات، أن يتصوّر
الإنسان أنّ الوصول إلى القيم ممكنٌ بدون بذلٍ وكلفة. لقد كنّا نرى كيف أنّ بعضهم
كانوا يقبلون أيّام النضال الثوريّ بأهدافه، لكنّهم كانوا غير مستعدّين للبذل
والعطاء والتحرّك. وفي يومنا هذا يوجد من أمثال هؤلاء ويتصوّرون أنّه ينبغي الوصول
إلى الأهداف من دون أيّة نفقات، ولهذا فإنّهم يتراجعون عندما يأتي دور الإنفاق
والبذل. وهذا التراجع كان يؤدّي في الكثير من الموارد إلى أن يقع الإنسان في الخطأ
أثناء تحليله، فلا يسلك الطريق الذي ينبغي أن يتّبعه مقابل العدوّ.
د ــ القراءة المجتزأة للواقع
وزلّةٌ أخرى هي أن نرى جانباً من الوقائع ونغفل عن جانب، فهذا يؤدّي إلى الخطأ في
التحليل يتبعه خطأ في الحسابات. فيجب التوجّه إلى الوقائع ودراستها.
1- راجع حاشية الصفحة 117.