ما قبل الثورة إٍستبداد وتبعية:الثورة تستأصل نظام الملكية الجائر
الثورة الإسلامية
ما قبل الثورة إٍستبداد وتبعية:الثورة تستأصل نظام الملكية الجائر
عدد الزوار: 80
كلمة
الإمام الخامنئي في جامعة "العلم والصنعة" 14/12/2008
ما قبل الثورة إٍستبداد وتبعية:الثورة تستأصل نظام الملكية الجائر
قضية إعادة قراءة الثورة قضية مهمة في رأيي. و الوقت الآن ليس واسعاً كي
أتحدث بالتفصيل، كما أن وضع صدري و إصابتي بالزكام لا يسمح لي بهذا. أنا مصاب
بالزكام منذ عدة أيام و لم أشأ تأجيل الموعد الذي كان لي اليوم معكم، لذلك جئتكم
بهذه الحال. و هذا ما سوف يقيد كلامي معكم على كل حال.
أستبداد ملكي وثورة دستورية مصادرة
من النقاط الجديرة بالذكر حول معرفة تاريخ ثورتنا الحافل هي أن نتفطن
إلى أن بلادنا و بعد أن ابتليت بسنوات طويلة من الاستبداد الملكي، استطاعت أن تجد
في ثورة الدستور فرصة لاستعادة أنفاسها. أي إن المتوقع هو أن تكون ثورة الدستور
مجالاً لاستعادة هذا الشعب أنفاسه و منحه الحرية، لكن هذا لم يحصل، فقد صودرت هذه
الثورة منذ بدايتها من قبل الأجانب و من قبل القوى المتسلطة على العالم آنذاك أو
إحدى هذه القوى العالمية المتسلطة و أعني بها الدولة البريطانية.
حكم رضا خان: دكتاتور عنيف وقاسٍ
بعد الفوضى التي وقعت في بدايات الثورة الدستورية بسنوات، فرضت هذه
الدولة الأجنبية المتسلطة - أي بريطانيا - دكتاتوراً عنيفاً قاسياً و أخطر بكثير من
ملوك ما قبل الثورة الدستورية - أي مظفر الدين شاه و ناصر الدين شاه - ألا و هو رضا
خان. دكتاتورية رضا خان كانت أسوأ و أعنف لبلادنا و شعبنا بكثير من دكتاتورية ناصر
الدين شاه و مظفر الدين شاه، و هي دكتاتورية جاء بها الإنجليز. و الواقع أننا لم
ننتقل من زمن الاستبداد إلى زمن الحرية، إنما دخلنا عهد استبداد آخر ترافقه
التبعية. بمعنى أن الشعب لم يذق طعم الحرية.
الثورة تستأصل نظام الملكية الجائر
لذلك حينما انطلقت النهضة الإسلامية في إيران، و أعلن الإمام أن الهدف
من هذه النهضة هي استئصال الحكومة الاستبدادية و حكومة الهيمنة و إنهاء نفوذ
الأجانب، لم يصدق ذلك الكثير من المناضلين القدماء والأشخاص الذين كانوا ناشطين ضمن
صفوف الكفاح. لم يكن بمقدورهم أن يتصوروا بشكل صحيح كيف يمكن لهذا أن يتحقق، و كيف
يمكن للإنسان القضاء على الملكية في هذا البلد؟
أتذكر أنه في السنوات الأخيرة من النضال و الكفاح - حينما طرح الإمام الخميني
القضايا الأساسية حول نظام الحكم و شاعت هذه الطروحات بين الناس، و أعلن الإمام أن
الشاه خائن و يجب أن يرحل - كان حتى بعض العناصر المكافحة و الناشطة و الجيدة - و
التي كان لها أنشطة عديدة في الثورة بعد ذلك - تقول باستغراب: و هل هذا ممكن؟! كيف
يطرح الإمام قضية الملكية؟ و هل يمكن مناهضة الملكية؟! لم يكونوا يصدقون. و السبب
هو أن العهد الطويل للقمع و الاستبداد في هذا البلد ترافق مع نفوذ الأجانب وهيمنتهم
و دعمهم للنظام الملكي. لكن هذا حدث، و فعلت النهضة الإسلامية العظيمة فعلها، و
كذلك همم الشعب، و قيادة شخصية فذة كالإمام الذي كان للحق و الإنصاف شخصية نادرة.
"الصبر و البصيرة". رويت مراراً هذه الفكرة نقلاً عن كلمات الإمام أمير المؤمنين
علي (عليه الصلاة و السلام): "لا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر و الصبر". البصيرة و
الوعي و الصبر أي الاستقامة و الصمود و عدم التعب. توفرت هاتان السمتان في الشعب
الإيراني و فعلت فعلها و انتصرت الثورة.
والواقع أن تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية كان استجابة لحاجة الشعب الإيراني
التاريخية الطويلة. رفع الشعب الإيراني الجمهورية الإسلامية من قلب طموحاته
التاريخية. و من البديهي لمثل هذا النظام النابع هكذا من صميم آمال الشعب القديمة
أن يبقى. لهذا النظام القابلية على البقاء و النمو و التجذر، و ليس من السهل
معاداته. و هذا ما حدث على أرض الواقع.
ما من تيار آخر كان باستطاعته إسقاط النظام الملكي
المدعوم أميركيا
من المتيقن أنه ما من تيار مناضل آخر كان بمستطاعه القضاء على النظام
الملكي في بلادنا سوى التيار الإسلامي و الديني الذي ظهر على الساحة. اعلموا هذا و
اطمئنوا له أيها الشباب الأعزاء. ما من تيار آخر، و لا أي حزب، و لا أية منظومة
مناضلة كان بوسعها إسقاط النظام الاستبدادي التابع للقوة الأمريكية في هذا البلد. و
قد كانت جميع التيارات المناضلة القديمة في هذا البلد قد عطلت و عطبت، سواء
التيارات اليسارية أو التيارات اليمينية، أو المجاميع المسلحة. كل هذه المجاميع
كانت قد قمعت من قبل تلك الأجهزة في سنوات 54 و 55. الشيء الوحيد الذي كان بوسعه
إسقاط ذلك النظام الباطل هو الأمواج الشعبية الهائلة، و التواجد المتلاحم للجماهير،
و هذا بدوره لم يكن متاحاً إلا بالمحفزات الدينية وبقيادة رجال الدين المجاهدين و
مرجع كالإمام الجليل.