الثورة الإشلامية وتأثيرها المعنوي والسياسي في التحرك العالمي
الثورة الإسلامية
الثورة الإشلامية وتأثيرها المعنوي والسياسي في التحرك العالمي
عدد الزوار: 88
كلمة
الإمام الخامنئي بمناسبة ولادة الزهراء 24/06/2008
الثورة الإشلامية وتأثيرها المعنوي والسياسي في التحرك العالمي
أعزائي، لم تكن الثورة مجرد
حدث في تاريخ إيران فقط، بل كانت حدثاً في تاريخ العالم والبشرية. أؤكد على هذه
النقطة - وهذا ليس بشعار، بل هو دقة في حقيقة معينة - وهي أنها كانت حدثاً في تاريخ
الإنسانية. كلما تقدم الزمن أكثر كلما تجلّت هذه الحقيقة أكثر. لم تكن القضية أن
بلداً من البلدان شهد أنظمة طاغوتية فاسدة ثم تحولت إلى نظام إسلامي. هذا حصل
طبعاً، ولكنه لم يكن الشيء الوحيد الذي حصل. على الصعيد العقيدي والمعنوي، وجّهوا
العالم عمداً ومنذ قرون نحو النظرة والفهم الماديين للحياة والكون، ولا زالوا
يمارسون هذا. ووقفت هذه الثورة مقابل هذا التيار الهائل الذي عززوه دوماً بكل
القدرات المادية، ووجّهت له ضربة. وجّهت الثورة بطرحها "علم المعنوية"، ضربة لذلك
التيار الذي قادوه بقوة، وخفّضت من سرعته. تلاحظون اليوم بروز الميول المعنوية
بأشكل عدة في البلدان التي كانت مهد النـزعات المادية. أي إن طلب المعنوية وعشقها
والميل والشوق إليها ظهر بين شبابها هناك. وطبعاً حين لا يستطيعون إدارة هذه
المعنوية بشكل صحيح ستظهر نزعات منحرفة، كأنواع العرفان الزائفة، والمعنوية
الكاذبة، وثمة دجالون يمثلون بعض الأدوار. وإذا استطاع الإسلام ومدرسة أهل البيت
(عليهم السلام) الوصول في مثل هذه الظروف إلى قلب الإمبراطورية المادية الغربية،
فسيكون لها طلّابها ومخاطبوها وعشاقها. وهذا أمر محسوس وواضح في العالم اليوم. حين
تلاحظون كل هذه الهجمات التي يشنونها ضد الإسلام وضد الاسم المبارك للرسول الأعظم
(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إنما يعبّرون عن واقعهم وطباعهم. وقد أدى هذا إلى
مضاعفة نفوذ هذا الاسم في العالم وتعزيز وجوده وزيادة جاذبيته في قلوب الشباب. وهذا
ما جعل مدراء الاستكبار يتخبطون ويحضون عملاءهم ومرتزقتهم على إبداء ردود فعل معينة
كل يوم، وهذا ما يدل على هزيمتهم. هذا عن الجانب المعنوي.
وعلى المستوى السياسي، منذ أن بدأت ظاهرة الاستعمار في العالم - أي منذ القرن
التاسع عشر - حيث انطلقت منذ نحو مائتي عام وبشكل تدريجي حالة الاستعمار وتطاول
القوى الكبرى على البلدان الأخرى، ساد نظام الهيمنة وانقسم العالم إلى شطرين: شطر
متعجرف مهيمن متفرعن، وشطر ضعيف ذليل خاضع للهيمنة. ثورتكم الإسلامية وقفت بوجه هذا
التيار الذي تحول إلى تيار طبيعي في عالم السياسة. حين تشاهدون أن هتاف "الموت
لأمريكا" يرتفع في العديد من البلدان، فهذا شيء جديد أفرزته حركة الشعب الإيراني،
ولم يكن في السابق. وحين تلاحظون السياسة الأمريكية هي المبغوضة أكثر والساسة
الأمريكان هم المكروهون أكثر في كل العالم سواء البلدان الإسلامية أو حتى البلدان
الأوربية، فهذا ناجم عن الحركة العظيمة للشعب الإيراني. هنا انكسر قرن غطرسة القوى
العظمى لأول مرة وواجه نظام الهيمنة التحدي. لماذا؟ لماذا يجب أن تتحدث القوى
الكبرى كأمريكا وغيرها من موقع القوة مع البلدان الخاضعة للهيمنة دوماً؟ في بلدنا
إيران لم يكن الساسة الأذلاء سود الوجوه في النظام الطاغوتي يتخذون قراراتهم المهمة
بأنفسهم إلا إذا استشاروا سفير أمريكا وسفير بريطانيا قبل ذلك. لماذا؟ لماذا يجب أن
يخضع شعب له قدراته وكنوزه الثقافية والمادية والمعنوية لقوة أجنبية ويستسلم لها؟
لماذا؟ الثورة الإسلامية هي التي أطلقت هذه الـ "لماذا" لأول مرة.
هذان نموذجان للتأثير الذي تركته ثورتكم أيها الشعب الإيراني على المستويين المعنوي
والسياسي في التحرك العالمي العام وليس في تاريخ إيران فقط. هذان نموذجان وثمة
نماذج أخرى لا وقت للتفصيل فيها الآن.