تطبيق العدالة والتصدي للظالمين في العالم فريضة واجبة
الحكومة الإسلامية
كلمة الإمام الخامنئي بمناسبة ذكرى ولادة الإمام علي (ع) 17/07/2008
عدد الزوار: 82
كلمة
الإمام الخامنئي بمناسبة ذكرى ولادة الإمام علي (ع) 17/07/2008
تطبيق العدالة والتصدي للظالمين في العالم فريضة واجبة
العدالة
محور حكومة أمير المؤمنين(ع) وعنوان سيرته (ع)
النقطة الأخرى هي أن محبة أمير المؤمنين لها قيمة ومكانة سامقة جداً. في
الرواية أن من حمل محبة أحد في قلبه حشر يوم القيامة معه. المحبة شيء مهم جداً
لكنها لا تكفي لوحدها، فالاتباع والاقتداء أمر ضروري. نحن المعروفين في العالم
بأننا شيعة فسّرنا التشيع بأنه: " الشيعة من شايع علياً " . يجب أن نسير خلفه
ونتحرك باتجاه تلك القمّة.
طيب، لنتنبّه الآن إلى الشيء الذي جعله الإمام علي في الدرجة الأولى من الأهمية في
حياته الحافلة بالمعاني والمضامين والدروس. من هذه الأشياء قضية العدالة التي يمكن
القول ربّما أنها كانت العلامة الأبرز في سيرته. عدم مصانعة الظالم، والتعاطف مع
المظلوم، والمساعدة لأخذ حق المظلوم من الظالم أحوال ممكن ملاحظتها في حياة أمير
المؤمنين وكلماته وخطب نهج البلاغة بكل وضوح وفي مئات المواضع. دقّقوا في هذه
العبارات الثرة لأمير المؤمنين: " والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً أو أجرّ
في الأغلال مصفّداً أحب إلي من أن ألقى الله ظالماً لبعض العباد وغاصباً لشيء من
الحطام". لاحظوا، هذا هو مؤشر حكومة الإمام علي وعلامتها. أي حتى لو تعرضت لأعتى
الظروف فمن المستحيل أن أمارس أدنى ظلم ضد أحد من الخلق أو أجمع لنفسي شيئاً من
حطام الدنيا وأطلب ذخائرها وطيباتها. الدنيا في عين أمير المؤمنين - بمعنى ما يريده
الإنسان لنفسه من خيرات الحياة - مرفوضة ومعافة تماماً. يخاطب الدنيا قائلاً: "غرّي
غيري". أيتها اللذائذ ويا جماليات الحياة المادية اذهبي واخدعي غيري. لا تستطيعين
خداع علي. هذا هو شعار أمير المؤمنين.
ما هو الشيء الأكثر أهمية اليوم في النظام الإسلامي - النظام الإسلامي الذي تأسّس
باسم الإسلام في هذا البلد - والذي ينبغي أن يكون أشد حساسية من أي شيء آخر؟ إنه
العدالة. أي لو كان أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) في زماننا ومجتمعنا هذا
وبين أبناء شعبنا الذي يعبّر عن حبّه له بهذه الطريقة، فما هو الشي ء الذي كان
سيهتم به أكثر من غيره؟ العدالة يقيناً. العدالة ليست مطلب جماعة خاصة من الناس أو
أبناء بلد معين أو شعب بذاته. العدالة هي المطلب الطبيعي والتاريخي لكل أبناء البشر
على امتداد تاريخهم. إنه الشيء الذي تتعطش له الإنسانية، والذي لم يتحقق بالمعني
الحقيقي للكلمة إلّا في حكومة الأنبياء الإلهيين العظام ممن استلموا زمام الحكم أو
الأولياء الكبار كأمير المؤمنين. أرباب الدنيا والمليئة قلوبهم بأهوائها وشؤونها
المادية لا يستطيعون تطبيق العدالة. تطبيق العدالة يستدعي روحاً ثرة وإرادة قوية
وأقداماً ثابتة.
تطبيق العدالة في بلدنا والعمل ضد الظالمين في العالم
فريضة واجبة
يتعين أن ينصّب كل همنا وجهدنا على أن نستطيع السير خلف أمير المؤمنين
في هذا الطريق. نعترف أننا لن نتمكن من تطبيق العدالة كعلي بن أبي طالب. هذا ما
نذعن له. نحن أصغر وأضعف من أن نستطيع الوقوف بصلابة - كالفولاذ أو الصخرة - مقابل
الأمواج، ولكن علينا السعي بمقدار طاقتنا. طالب أمير المؤمنين العدالة من عمّاله
وولاته رغم أنهم لم يكونوا في مستواه. إذن واجب تطبيق العدالة يقع على عواتقنا نحن
أيضاً و ينبغي علينا متابعته. هذا ما يجب أن يطالب به الناس ويتحول إلى ثقافة عامة
لشعبنا. أكثر ما يجب أن يطالب به شعبنا هو العدالة والإنصاف، سواء في القضايا
الداخلية للبلد أو القضايا العالمية. انعدام العدالة المتفشي في العالم اليوم،
والظلم الفاحش الذي يمارسه الجبابرة والمتغطرسون في العالم ضد البشرية والشعوب،
العمل ضد مثل هذا المنكر الفظيع - من وجهة نظر المسلم الذي يعيش من أجل سيادة
الإسلام وفي ظل الجمهورية الإسلامية - يجب أن يعد فريضة واجبة. هذا ينبغي أن يكون
شعارنا في حياتنا سواء في القضايا الداخلية أو العالمية.
إذا أردنا تطبيق هذه العدالة فالخطوة الأولى هي أن نثق بالعون الإلهي ونقوّي الصلة
بين قلوبنا والله.