يتم التحميل...

كلمة الإمام الخامنئي في حشود من أهالي آذربيجان الشرقية

2016

كلمة الإمام الخامنئي في حشود من أهالي آذربيجان الشرقية

عدد الزوار: 88

كلمة الإمام الخامنئي في حشود من أهالي آذربيجان الشرقية_17-02-2016

بسم الله‌ الرحمن الرحیم1

‌الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمّد وآله الطاهرین.

أرحّب بجميع الإخوة والأخوات الأعزاء، ولا سيما عوائل الشهداء المکرّمین والعلماء الأفاضل، والمسؤولين المحترمين وأبناء الشعب والشباب الأعزاء؛ قطعتم كل هذه المسافة الطويلة، ونشرتم اليوم في أرجاء هذه الحسينية عطر الإيمان والشوق والحماسة والاندفاع الخاص بكم، وفي الواقع فإن سلامي هذا موجّه إلى كل أهالي تبريز وأهالي آذربيجان جميعاً.

29 بهمن؛ دور المؤمنين في الانتصار
الحق يُقال إن يوم التاسع والعشرين من بهمن2 في كل عام يعتبر بالنسبة لنا - أي بالنسبة لي أنا الحقير - يوماً جميلاً ومنتظراً، حيث نجدد الذكريات ونسترجع ما كنا دوماً نشهده ونلمسه ونعرفه عن أهالي آذربيجان وتبريز الأعزاء، أي ذلك الشوق والاندفاع والإيمان والنشاط واليقظة.

إنّ الميزة الكبرى التي تمتاز بها أي مجموعة من الناس، هي أن تكون واعية، يَقِظة، ثابتة الأقدام، مُبدعة في أعمالها ونشاطاتها، تعرف الطريق، ولا تهاب مخاطر المسيرة، وتتقدم للأمام، وهذا كله قد اجتمع وشوهد وظهر مراراً لديكم أنتم يا أهالي آذربيجان وتبريز الأعزاء، نشكر الله. إنني حقاً حينما أشاهد هذا الشوق والمشاعر وهذه الكلمات الحاكية عن الإيمان العميق، والمفعم بالحيوية والنشاط، أشكر الله وأحمده، إن هذه هي علامات النصرة الإلهية. يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن مخاطباً نبيه: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾3، أي إن الله أيّدك بنصره وبواسطة عزيمة المؤمنين وإرادتهم وسواعدهم القوية وخطواتهم الراسخة؛ هذا هو دور المؤمنين. فإنكم أنتم الشباب وأنتم الأهالي الأعزاء والمندفعون تقومون بمثل هذا الدور العظيم الذي بيّنه الله في القرآن.

أيام.. يجب أن تُحكى
التاسع والعشرون من بهمن يومٌ لا يُنسى، بالطبع إن لأهالي آذربيجان وتبريز الكثير من الأيام الخالدة التي لا تنسى، ولا يختص ذلك بالتاسع والعشرين من بهمن. ففي تاريخنا المعاصر، وفي التاريخ القريب منا، وفي عهد الحركة الدستورية وما قبلها وما بعدها، ثمة أيام لو تم تبيان ووصف كل واحد منها، لكانت مدعاة لفخر واعتزاز أي شعبٍ بكامله، وهذه أيام تعود لكم، ولمحافظة آذربيجان ومدينة تبريز. ونحن بالتأكيد لدينا تقصير في هذا المجال! فهذه الحركات الجماهيرية العظيمة يجب إظهارها وإعادة تقديمها في الفنون وأنواع البيان والإعلام المختلفة، يجب أن تحكى وتكرّر؛ الحق إننا مقصرون ومقلون. غير أن ليوم التاسع والعشرين من بهمن من النشاط والحيوية ما لا يخبو بريقه رغم كل تقصيرنا، إن لم نقل إنه يزداد تألّقاً يوماً بعد آخر. فقد أقدم أهالي تبريز في يوم التاسع والعشرين من بهمن على حركة أدّت دوراً استثنائياً في صحوة الشعب الإيراني، وفي حركة الشعب الإيراني العظيمة.

حسنًا، الحمد لله على أن أهالي آذربيجان لم يتوقفوا، بل نجدهم على مدى السنوات المتمادية - منذ العام 56 هـ ش(1977) وحتى يومنا هذا، حيث يمرّ على ذلك اليوم 38 أو 39 عاماً، وعلى مدى هذه الأعوام - نجد هؤلاء الناس حاضرين في الصفوف المتقدمة للجهاد والنضال والصمود والنشاط، فإن هذه الأمور هي قيم عظيمة، وهذا هو الأمر الذي يحتاج إليه هذا الشعب، وهذا هو الشيء الذي يرتبط  به مستقبل البلد.

القضية نفسها تصدق على الثاني والعشرين من بهمن4، يجب  أن  يتألق  الثاني والعشرون من بهمن ويزداد حياةً وبريقاً وتعظيماً يوماً بعد يوم وسنة تلو سنة ، وهذا ما تحتاج إليه البلاد.

مشاركة رائعة؛ وعدو متربص
أرى من الواجب عليّ أن أتقدّم من أعماق قلبي بالشكر إلى الشعب الإيراني الكبير على ملحمة الثاني والعشرين من بهمن التي سطّرها في هذا العام. فإن مراكز الدراسات التي تُقدّر الجموع تقديراً مقارباً للواقع، رفعوا لي تقريراً يُفيد بأن المشاركة الجماهيرية قد ازدادت تقريباً في كل المدن الإيرانية بنسبة ملحوظة عما كانت عليه في العام الماضي، وارتفعت في مدينتكم تبريز عن السنة الماضية بنسبة مئوية عالية، وكذلك الحال في بعض المدن الأخرى. هذا ما تُقدّره وترفعه لنا المراكز المعنيّة والمراجع المسؤولة بهذا الشأن. هذا أمرٌ في غاية القيمة والأهمية، ومؤشر بأنهم [الأعداء] لم يتمكنوا من إيجاد أيّ خللٍ في عزيمة الشعب الراسخة، هذا في الوقت الذي نجد القوى العالمية المهيمنة والظالمة والمستكبرة التي تركز جهودها ضد إيران الإسلامية، تبذل قصارى سعيها جاهدة لتغييب الثورة عن أذهان الناس، إما عن طريق نسيانها بالكامل، أو من خلال إضعافها والتقليل من أهميتها لدى الناس. هذه مساعٍ جادة ودؤوبة تقوم بها القوى العالمية حالياً، وفي مثل هذه الأوضاع والظروف، يتحداهم الشعب الإيراني ويفعل ما يناقض أهدافهم وينجز هذه المراسم والإحياء للذكرى بمشاركة تتضاعف حماسةً وحرارةً عاماً بعد عام.

مباركٌ عليكم عيد الثورة
مباركٌ عليك أيها الشعب احتفال عيد الثورة، وقد تبارك ولله الحمد، حيث أصبح عيد الثاني والعشرين من بهمن حفلاً شعبياً عاماً في كل أرجاء البلاد. ولقد أشرت قبل يوم الثاني والعشرين إلى أن هناك عيدين ماثلين أمامنا5: أحدهما عيد الثورة في يوم الثاني والعشرين من بهمن، والآخر عيد الانتخابات، وهو أيضاً عيدٌ كبيرٌ للبلد. ولقد تحدثنا في شأن الانتخابات كثيراً، لا في هذه الانتخابات التي ستقام في الأسبوع القادم، بل في جميع الانتخابات وفي كل أنحاء البلاد وعلى مدى الزمان تحدثنا بما يتطلّبه الأمر، وسنعيد الحديث ونعاود الكلام، فإنني العبد لن أتعب ولن أملّ من بيان الحقيقة، وأبيّن للناس كل ما هو لازم وضروري إن شاء الله.

... إلى أن تتمكّنوا من فرض اليأس عليهم
لقد أنهت الثورة الإسلامية عهد إذلال الشعب الإيراني، حيث كانت الحكومات الأجنبية والقوى الكبرى تعمل قبل ذلك على إذلال الشعب،كان إذلالاً علمياً وسياسياً واجتماعياً. وكانت القوى المهيمنة ولا سيما أمريكا في السنوات الأخيرة، تُملي على ساسة النظام البهلوي كل ما يحلو لها، وهؤلاء بدورهم ينفّذون أوامرها بحذافيرها، وقبل أمريكا كانت بريطانيا تلعب هذا الدور في بلدنا، فجاءت الثورة الإسلامية وقضت على هذا الإذلال الذي لا يمكن تحمّله، ومنحت البلد والشعب عزة واستقلالاً، وأظهرت إنسانيته. إذا شعر شعبٌ بهويته فإن مواهبه ستتفجر وطاقاته ستتفتح وتزدهر، وهذا ما حصل بالفعل، فقد تفجرت المواهب والطاقات، وتقدمت البلاد. فدخلت إيران اليوم في عداد أكثر بلدان العالم عزة، ودخل الشعب الإيراني بين أعلى شعوب العالم رفعة وكرامة، في عيون أعدائه، فكيف الحال في عيون أصدقائه! وهذا أمرٌ لا يطيقه أعداؤنا، ولا تطيقه أمريكا التي كان بلدنا ذات يوم حديقةً خلفية لها، ولا يتحمله الكيان الصهيوني الذي هنا  كان منتجعاً  له ومكاناً لاستراحته واستجمامه ذات يوم ، ولا يطيقه أعداء الشعب الإيراني حيث يرون شعباً يقف بكل وضوح وثقة بالنفس، ويُعلن عن مواقفه الصارمة المعادية للاستكبار من دون أي مجاملة ولا مسايرة، ويمنح سائر الشعوب الجرأة والشجاعة، ولهذا يبذلون بالغ جهدهم في هذا الشأن. ولكن إلى متى سيستمر جهد العدو؟ إلى ذلك الوقت الذي تكتسبون فيه يا شعب إيران من القوة والاقتدار ما يمكّنكم من فرض اليأس عليهم، والعدوّ يصبّ كل جهوده في سبيل صدّكم عن بلوغ هذه المرحلة. فإن كل العداوات والمشاكل التي افتعلوها في القضية النووية كما شاهدتم، والتصريحات التي يطلقونها حول حقوق الإنسان، والتهديدات التي يُطلقونها، والعقوبات التي فرضوها علينا ويهددون بإعادتها مجدداً، كل ذلك في سبيل إيقاف الحركة المتسارعة التي انطلق بها الشعب الإيراني، والتخفيف من سرعتها وتقدمها. بالتأكيد فإن دافعية الشعب الإيراني لن تضعف ولن تتأثر بهذه الأمور.

يجب العمل بعكس إرادة الأعداء
قضية الانتخابات أمامنا، الأمور التي أشاهدها، يجب أن أطرحها على أبناء شعبنا الأعزاء. بعض  الأفكار والكلمات يجب أن أقولها للمسؤولين وأنا أقولها، بعضها الآخر يجب على الرأي العام لأبناء شعبنا أن يتنبّه إليها، ومن واجبي أن أطرحها على شعبنا: إن العدوّ يستعد لإلهاء الرأي العام عندنا، وإغفاله عن أهدافه ونيّاته الخبيثة، إنهم يخطّطون ويضعون البرامج، يجهّزون قِطَعاً منفصلة في أماكن متعددة ليقوموا بوصلها لاحقاً، وعند ذاك تتحقق خطتهم ومؤامرتهم الرئيسية، علينا أن نمنعهم عن ذلك، لكن من الذي يجب عليه منعهم والوقوف بوجههم؟ إنه الشعب، إن البلد لكم، البلد للشعب، وأصحاب البلد هم أبناء شعبنا الأعزاء، على الشعب ألا يسمح بذلك، بالطبع  هناك واجبات ملقاة على عاتق أمثالي أنا الحقير، وهي توعية شعبنا العزيز.

إنني أرى الأعداء يبذلون جهودهم في قضية الانتخابات، ويسعون إلى إجرائها بالطريقة التي يريدونها هم. علماً بأنهم كانوا في قرارة أنفسهم يرغبون بإلغاء الانتخابات من أصلها! وحاولوا قبل بضع سنوات وفي مرحلة من المراحل لعلّهم يتمكّنون من إلغائها، إلا أن الله سبحانه وتعالى لم يسمح بذلك. هم يئسوا من هذا، يعلمون أن محاولاتهم لإلغاء الانتخابات في البلد لن تُجدي نفعاً. ولذلك يريدون اختراق الانتخابات والنفوذ والتغلغل من خلالها وتخريبها ما استطاعوا، على الشعب التحلي بالوعي واليقظة والعمل بعكس إرادة الأعداء.

تشويه مجلس صيانة الدستور؛ خيانة
من المهام التي يتابعونها اليوم بكل جدية هي تشويه صورة مجلس صيانة الدستور؛ التفتوا أيها الإخوة والأخوات الأعزاء! إن لتشويه هذا المجلس معناه العميق. إن الأمريكيين منذ انطلاق الثورة الإسلامية راحوا يواجهون وبكل قوة عدداً من المفاصل الرئيسة في البلد وفي نظام الجمهورية الإسلامية، ومنها مجلس صيانة الدستور، وبذلوا الجهود والمساعي واستغلّوا بعض الأشخاص المغفَّلين في الداخل عسى أن يتمكنوا من تعطيل هذا المجلس، ولكنهم لم يتمكنوا من هذا ولن يتمكّنوا! اليوم يسعون للتشكيك في قراراته، ولكن ماذا يعني هذا العمل؟ ليلتفت شبابنا الأعزاء إلى هذه القضية جيّداً؛ حين يتم التشكيك في قرارات مجلس صيانة الدستور ويُدّعى بأنها قرارات غير قانونية، فماذا يعني ذلك؟ يعني أن الانتخابات القادمة غير قانونية، فإن كانت الانتخابات غير قانونية ومخالفة للقانون، ماذا ستكون النتيجة؟ النتيجة هي أن المجلس النيابي الذي يتشكل من هذه الانتخابات غير قانوني كذلك، و"لا قانونية المجلس" تعني أن أي قانون يضعه هذا المجلس على مدى أربع سنوات، لا يكون له أيّ قيمة واعتبار، ومعنى ذلك جرّ البلد إلى فراغ تشريعي وفراغ قانوني!. هذا هو معنى تشويه مجلس صيانة الدستور، وهذا هو ما يهدف إليه العدو. علماً بأن أغلب أولئك الذين يضمّون صوتهم في الداخل إلى صوت العدوّ لا يعون ماذا يفعلون. لا أريد أن أتهم أحداً بالخيانة، فإنهم في غفلة وعدم انتباه، هذا هو واقع الأمر. فإن النيل من مجلس صيانة الدستور والتشكيك فيه والقول بأن قراراته تخالف القانون، لا يؤدي إلى النيل من هذا المجلس وحسب، وإنما ينال من الانتخابات ومن مجلس الشورى ومن العملية التشريعية في المجلس على مدى أربع سنوات، هذا ما يريدون تحقيقه. فانظروا كيف يخططون ويرسمون المؤامرة بذكاء ودهاء. هذا ما يجب عليّ أن أبيّنه للرأي العام، وعليه أن يعرف ذلك، فإن الذي يطلق التصريحات ضدّ مجلس صيانة الدستور غافلٌ ولا يعي ماذا يفعل، إلا أن هذه هي حقيقة القضية.

لقد ركّز العدو جهده على أن يحرم الجمهورية الإسلامية من السيادة الشعبية الدينية -هذه الظاهرة الفريدة والبديعة والجذابة لدى الشعوب المسلمة- هذه هي مساعيهم. ولو كان بمستطاعهم لقاموا بإلغاء الانتخابات، ولكنهم لم ولن يستطيعوا، ولو كان بمقدورهم لقضوا على مجلس صيانة الدستور أو لجعلوا إشرافه عديم التأثير ولكنهم لم يتمكنوا. والآن حيث عجزوا عن تحقيق هذه الأهداف، استخدموا هذه الوسائل، وأخذوا يتسللون من خلال هذه السبل؛ علينا أن نتوخى الحيطة والحذر.

مجلس الشورى يعبّد الطريق
 لمجلس الشورى الإسلامي أهمية بالغة ومكانة رفيعة. لماذا؟ لأنه يعبّد الطريق مثل سكة لحركة قطار الحكومة. فانظروا إلى الحكومات وكأنها قطار لا بد وأن تسير على سكة الحديد، ومجلس الشورى الإسلامي هو الذي يعبّد لها هذه السكة من خلال قوانينه. بالطبع فإن الحكومة والمجلس يتعاونان معاً في تشريع القانون، فالحكومة تقدّم الاقتراحات، والمجلس بدوره يحذف منها ويضيف عليها ويقوم بتعديلها ويصادق عليها، وبالتالي يتم تعبيد هذا الطريق، ويتعيّن على الحكومة أن تسير فيه. فإن كان المجلس يعمل على تأمين رفاهية الناس، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والانفراج الاقتصادي، والتقدم العلمي والتقني، وتكريس العزة الوطنية واستقلال الشعب، سيتّجه مسار سكة الحديد باتجاه هذه الأهداف، وإن كان المجلس مرعوباً خائفاً من الغرب ومن أمريكا، وكان يسعى وراء إرساء حاكمية التيار الأرستقراطي، سيتجه الطريق صوب هذه المناحي، وسيسوق البلاد إلى حيث البُؤس والشقاء. هنا أهمية المجلس، فهل هذا بالأمر البسيط؟ وأهميته - كما قال الإمام الخميني - بأنه على رأس الأمور6. ولا يعني قوله على "رأس الأمور" أن يكون للمجلس أو لنائب المجلس دورٌ في المراتب التنفيذية، كلا. فإن المجلس لا يقوم بأيّ دور في المجال التنفيذي الإجرائي، وإنما التنفيذ يقع على عاتق الجهاز الحكومي الكبير، وأما المجلس فهو الذي يحدّد المسارات، ويعيّن الطرق، والحكومات مكلَّفة بأن تسير في هذا المسير وتتحرك في هذا الطريق طبقاً للقانون. ولكن من هو المقرّر أن يحدّد هذا المسير ويعبّد هذا الطريق؟ وإلى أيّ اتجاه يتجه هذا المسير؟ بذلك تتضح أهمية نيابة المجلس ونوّابه. حسناً، إن العدو، وبالتأكيد، يمارس شتى الأساليب في إنجاز مهامّه. هذا ما يرتبط بمجلس الشورى الإسلامي.

حساسية العدو تجاه مجلس الخبراء
 مجلس خبراء القيادة هو أهم من مجلس الشورى من الناحية الأصولية والأساسية والبنية التحتية. (مجلس) الخبراء لا شأن له بقضايا البلاد الجارية، وإنما يتولى مسألة تعيين القائد. فمن الذي سيختار للقيادة؟ من هو الشخص الذي من المقرر أن يتولى مهمة اتخاذ القرارات ورسم السياسات الرئيسية في البلد؟ هذا مرتبط بمن يكون أعضاء المجلس. إنّ مجلس خبراء القيادة هو المجلس الذي يتصدى في الوقت اللازم لتعيين القائد؛ فإن كان أعضاء المجلس شعبيين، وموالين للثورة، ومحبين للشعب، واعين متيقظين لمؤامرات العدو، وكانوا صامدين ثابتين مقابل الأعداء، فسوف يعملون بطريقة، وإن لم تكن لديهم هذه المواصفات لا سمح الله، فسوف يعملون بطريقة أخرى. ولهذا نجد العدو اليوم حساساً أيضا تجاه مجلس الخبراء.
 تقوم الإذاعة البريطانية حالياً بإرشاد أهالي طهران وتوجيههم وتأمرهم بأن يصوّتوا لفلان ولا يصوتوا لفلان!

 ما معنى ذلك؟ لقد اشتاق البريطانيون للتدخل في إيران. في فترة كان الشاه إذا ما أراد اتخاذ قرار هام، يلتقي السفير البريطاني ويسأله هل أفعل ذلك أم لا. ذات يومٍ كان البريطانيون يتدخلون في شؤون بلدنا بهذه الطريقة، ثم جاء من بعدهم الأمريكيون، وفي فترة من الفترات اجتمع كلاهما على هذا الأمر، واليوم قد قُطعت هذه الأيادي، وأُغلقت الأبواب أمام هذه التدخلات بفضل الثورة وبركة وعي الناس، غير أن قلوبهم تحنّ وتشتاق إلى ذلك، اليوم يأمرون الناس من خلال المذياع بأن يصوّتوا لفلان ولا يصوّتوا لفلان. ومن أجل هذا قلنا بأن على الناس أن تشارك في الانتخابات عن بصيرة ويقظة ومعرفة، وأن تعرف ماذا يريد العدو. فإن عرفتم ما يريده العدو، فستعملون خلاف إرادته؛ هذا واضح.
.
الانتخابات دفاع عن الثورة
أهمية هذه الانتخابات أنها شبيهة بمسيرات الثاني والعشرين من بهمن قبل بضعة أيام؛ تجسيدٌ لصحوة الشعب الإيراني، ومظهرٌ للدفاع عن الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية، والدفاع عن استقلال البلاد، والدفاع عن العزة الوطنية. حين أقوم أنا العبد بالطلب من كل أبناء الشعب الإيراني؛ اُحضروا في الميدان وشاركوا في الانتخابات وأعلنوا مواقفكم، فهذا يرجع الى هذا الأمر. المسألة هامة.

أعداؤنا: الشبكة الصهيونية وهي..
أعداؤنا أعداء وقحون، وعلى رأسهم الشبكة الصهيونية الخطيرة والبعيدة عن الإنسانية التي فرضت هيمنتها على الحكومات وعلى القوى الغربية وعلى أمريكا بالخصوص. هذه الشبكة الصهيونية - لا الكيان الصهيوني، فإنه بنفسه يمثل جزءاً من منظومة الاستكبار الأمريكي - تتألف من التجار وأصحاب رؤوس الأموال من الدرجة الأولى في العالم، وتُمسك بيدها الآلة الإعلامية والإعلانية العالمية، والمصارف العالمية، وقد بسطت سلطتها وهيمنتها وللأسف على الكثير من الدول، فهي مهيمنة على الإدارة الأمريكية وعلى السياسة الأمريكية وعلى سياسة الكثير من البلدان الأوروبية، والأمريكيون يعملون وفق رأي هذه الشبكة ورغبتها. فلا بد من التحلي بالوعي واليقظة مقابل هؤلاء.

لا ثقة بالامريكيين!
اليوم وفيما يتعلق بالملف النووي والمفاوضات النووية - التي جرت فيها المباحثات وتم هذا المسار الطويل - قال أحد المسؤولين الأمريكيين قبل يومين ولمرة أخرى بأننا سنعمل على أن لا يجرؤ أحد من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الكبار في العالم على استثمار أمواله في إيران. لاحظوا العِداء! هذه هي أمريكا. فإن واحداً من أهداف أولئك الذين تابعوا هذه المفاوضات وخاضوا هذا المخاض - والحق والإنصاف أنهم بذلوا الجهود والعناء وصرفوا الوقت والتعب - هو الوصول إلى الانفتاح الاقتصادي عبر الاستثمار الأجنبي، والأمريكيون اليوم يحولون دون ذلك. ولقد كرّروا هذا القول لعدة مرات، وأعاده شخص آخر قبل يومين أو ثلاثة قائلاً بأننا سنعمل على أن لا يجرؤ أحد من المستثمرين على الاستثمار في إيران. وهذا هو المراد من تأكيدي المتكرر على أنه لا يمكن الوثوق بالأمريكيين وأنهم غير جديرين بالثقة.

لماذا تهتفون "الموت لأمريكا"؟!
يعترض السياسيون الأمريكيون، ويقولون لماذا يهتف الشعب الإيراني في مسيراته واجتماعاته بشعار «الموت لأمريكا»؟ حسناً، ماذا تتوقعون من شعب إيران أن يقول وأنتم تعملون بهذه الطريقة؟ ذلك ماضيكم وتاريخكم وهذا سلوككم في الوقت الحاضر. بل وأصبح عِدائكم جهاراً لا يختفي خلف الأستار. نعم، في اللقاءات الخاصة يبتسمون ويصافحون ويتكلمون بكلمات معسولة ويستخدمون أسلوباً ليّناً؛ لكنّ هذا يتعلق بالدبلوماسية في اللقاءات الخاصة؛ فلا أهمية له، ولا قيمة، ولا تأثير له في الواقع. فالحقيقة هي أنهم يُبرمون الاتفاقيات، ويُجرون المفاوضات، ويناقشون لمدة عامين، وبعد إنهائها يقولون بأننا نحول دون ذلك، ويهدّدون بفرض عقوبات جديدة، ليخاف المستثمر الأجنبي ويحذر ولا يقترب، وهذا ما يصرّحون به أيضاً! هذه هي أمريكا. فلا يمكن أن يغمض الإنسان عينيه أمام هذا العدو، ولا يمكن أن يحمل عمله على الصحة. هذا ما يخص الوفاء بعهدهم وعدم الوثوق بهم.

أيها الشعب الإيراني العزيز! هذا هو العنصر الذي يواجهكم، فلا بد من التحلي بالوعي واليقظة. نحن لا نريد أن نخلق لأنفسنا مشاكل من دون سبب وبلا طائل. فلا يقولنّ البعض بأنكم أنتم تستفزون أمريكا وتحرضونها على الدوام، إنّ أمريكا لا تحتاج إلى تحريض، أمريكا عدوّ، وكانت ذات يوم ممسكة بمقدّرات هذا البلد، فجاءت الثورة وانتزعت البلاد من أيديها، فلا تريد أن يقرّ لها قرار حتى تستعيد هيمنتها عليه. هذه هي أمريكا.

الوعي والبصيرة؛ مستلزمات الصمود
علاج مشاكل البلاد عبارة عن صحوة الناس، والحفاظ على دوافع الشعب الإيمانية، وتوظيف الشباب المندفع والمؤمن، والتقوية الداخلية والاستحكام الذاتي للبلاد. هذا هو السبيل الوحيد. فلا بد أن يقوى الشعب الإيراني من الداخل، في اقتصاده وعلمه وأجهزته الإدارية، والأهم من ذلك كله، في تقوية إيمانه يوماً بعد آخر. هذا هو الطريق للحل، وهذا هو السبيل الذي سلكه الشعب الإيراني حتى يومنا هذا. ولقد كان الأعداء يهدفون إلى اقتلاع جذور هذه الثورة والقضاء عليها منذ كانت غرسة صغيرة ولم يتمكنوا، واليوم قد تبدّلت هذه الغرسة الصغيرة إلى شجرة باسقة: ﴿کَشَجَرَةٍ طَیِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّمآءِ * تُؤتي اُکُلَها کُلَّ حینٍ بِإِذنِ رَبِّها﴾7 اليوم هذه هي الثورة. يرتكب العدو اليوم حماقة حين  يفكر بإسقاط هذه الثورة.

ليحفظ الناس تكاتفهم وتعاضدهم وتناغمهم في الدفاع عن الثورة وأصولها ومثلها العليا وأهدافها الكبرى، وعلى المسؤولين المحترمين، وهم الغيارى على مصير هذا البلد ومستقبله، أن يعملوا لله ولنيل مرضاته ولخدمة الناس، أن يثقوا بالقوى والقدرات الداخلية وليعتمدوا عليها.

لقد قلنا بالطبع إن الاقتصاد المقاوم داخلي المنطلق وخارجي التوجّه، لم أقل  في أي وقت "علينا بناءَ سور يحيط ببلدنا"، ولكن لا تغفلوا عن هذا الانطلاق [التدفق] الداخلي، فلو لم ينبع الاقتصاد الوطني ولم يتدفق من الداخل، لن يؤتي ثماره. نعم، إن التعامل مع العالم في المجالات الاقتصادية أمر جيد جداً، على أن يكون تعاملاً ذكياً يؤدي الى تدفق الاقتصاد ذاتياً. والسبيل إلى ذلك هو صمود الشعب واستقامة المسؤولين وتحركهم عن وعي وبصيرة وذكاء.

أيها الشباب الأعزاء! بتوفيق الله وفضله، سوف تشهدون ذلك اليوم الذي لا تتمكن فيه أمريكا ولا الأكبر من أمريكا ولا أي حليف من حلفاء أمريكا من أن يرتكبوا أيّ حماقة ضد الجمهورية الإسلامية في إيران.

اللهم! أنزل رحمتك ولطفك على هذا الشعب العزيز.

ربنا! زِد في هذه الدوافع، وهذا الإيمان وهذا الشوق والحماسة المعنوية الزاخرة في هذا البلد يوماً بعد يوم.

أشكركم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أحمّلكم سلامي إلى جميع أهالي آذربيجان وتبريز الأحباء.


1- في بداية اللقاء  ألقى اية الله محسن مجتهدي شبستري (ممثل الولي الفقيه في المحافظة) كلمة.
2- 18/2/1978.
3- سورة الأنفال، جزء من الآية 62.
4- 11 شباط
5- خطابه خلال لقائه قادة القوة الجوية 8-2-2016.
6- صحيفة الإمام ج17 ص115.
7- سورة إبراهيم، جزء من الآيتين 24-25.

2017-01-12