التواجد في مواضع التهم
ربيع الأول
من المسائل الخطيرة والابتلائية عند بعض المؤمنين، كما هو مشاهد في زماننا الحاضر، تواجدهم ووضع أنفسهم في مواضع وأماكن وحالات لا ينبغي لهم التواجد فيها،
عدد الزوار: 696التواجد في مواضع التهم
من المسائل الخطيرة والابتلائية عند
بعض المؤمنين، كما هو مشاهد في زماننا الحاضر، تواجدهم ووضع أنفسهم في مواضع وأماكن
وحالات لا ينبغي لهم التواجد فيها، تارةً من ناحية شخصية، وأخرى بما يحمله من
عنوانٍ ومسؤولية، وقد عبرت الروايات الشريفة عنها بمواضع التهمة، وها هو أمير
المؤمنين (عليه السلام) يوصي ولده الحسن (عليه السلام) بقوله:"إيّاك ومواطن
التُهمةِ والمجلسِ المظنونِ به السّوء"، وربما يعود السبب في توقي مواضع الشبهة
والتهمة إلى أمور منها:
1- الانجرار للمعصية: إن هذه الأماكن قد تدفع
هذا الإنسان بسبب وجود الشبهات والمحرمات أحياناً إلى الوقوع فيما لا يحمد عقباه،
وبالتالي فلا يلومنّ إلا نفسه كما ورد في الخبر الشريف.
2- اتهامه بالمعصية: أنها مدعاة لاتهامه من
قبل من يراه وشيوع ذلك بين الناس، وحينئذٍ لن ينفع التبرير والاعتذار، فعن الإمام
الصادق (عليه السلام) قال:"اتقوا مواقف الرّيب، ولا يقض أحدكم مع أمه في الطريق؛
فإنه ليس كل أحدٍ يعرفها"، وما ذلك إلا لدفع التهمة والقيل والقال، فيرحم نفسه
ويرحم غيره، بعدم استغابته والإساءة إليه وفضحه، وعن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) أنه قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفنّ مواقف التهمة".
3- سوء الظن: إن هذا التواجد سيؤدي إلى إساءة
الظن به، ولو من الناحية القلبية فقط، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:"من
وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومَنّ من أساء الظنّ به"، وعنه (عليه السلام) أنه
قال:"إن من صرّحت له العِبَرُ عما بين يديه من المَثلات حَجَزَتْهُ التقوى عن
تقحّم الشبهات"، والشرط الأساس لحصول مثل هذه التقوى، هو التفقه في الدين،
وتعلم أحكام الحلال والحرام، وسلوك طريق الإحتياط، فإن به النجاة.
4- مواضع التهمة: نشير ها هنا إلى بعض مواضع
التهمة التي ينبغي الحذر منها أو الدخول فيها، وهي:
1- الأماكن المحرمة: وهي من أوضح مصاديق
التهمة للأخ المؤمن إذا تواجد فيها، كنوادي السهر وأماكن السوء والمسابح المختلطة،
التي لا يتَوَرَّع فيها عن ارتكاب الحرام...
2- الأماكن المختلطة: كالأعراس التي لا يراعى
فيها حرمة الاستماع إلى الغناء، والموسيقى، والنظر المحرم.
3- التواجد في الطرقات: وهي من العادات
القبيحة عند بعض الأفراد، وقد تلازم النظر المحرم إلى الأجنبيات، وتسبب الحرج لبعض
الأخوات بالمرور من ذلك الطريق، وقد نهانا أهل البيت (عليهم السلام) عن الجلوس في
الطرقات، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال لأصحابه:"إياكم والجلوس
في الطرقات، فقالوا يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد؛ نتحدث فيها، فقال (صلى الله
عليه وآله): إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق يا
رسول الله؟، قال (صلى الله عليه وآله): غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام،
والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر...".
4- زيارة الأشخاص المشبوهين: الذين تدور حولهم
بعض علامات الاستفهام، لا سيما مع انفلات الوضع الأمني ووجود شبكات العملاء
والمخبرين.
5- صحبة الأشرار والفسّاق: ولا سيّما شارب
الخمر ومتعاطي المخدرات، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:"صحبة الأشرار
تُكسب الشر، كالريح إذا مَرّت بالنَّتِن حملت نتناً"، وعن الإمام الصادق (عليه
السلام) أنه قال:"لا تصحب الفاجر فإنه يعلمك من فجوره".
6- الخـَلوة بالأجنبية: أي الجلوس مع امرأة
مُحَرَّمَةٍ عليه في مكان مشبوه، وقد ورد النهي المؤكد عن ذلك في أقوال الأئمة
(عليهم السلام) والعلماء، لما في ذلك من المفاسد ولا أقلها النّظر المحرّم وفوران
الشّهوة والتلذّذ، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه نهى عن محادثة النساء
يعني غير ذوات الأرحام وقال:"لا يخلوَنّ رجل بامرأة، فما من رجلٍ خلا بامرأة إلا
كان الشيطان ثالثهما"، وعن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال:"حديث
النساء من مصائد الشيطان"؛ وبما أنّ الإنسان المؤمن يُشكّل رمزاً أو شعاراً
للخطّ أو المذهب فعليه أن يلتفت إلى مثل هذه الأمور الخطيرة على مجتمعنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
2016-12-23