العمل حياة المجتمع وقوته
عيد العمَّال
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن حياة أي شعب مرهونة بالعمل والعامل".
عدد الزوار: 196العمل حياة المجتمع وقوته
حياة الشعوب
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن حياة أي شعب مرهونة بالعمل والعامل".
إن الاقتصاد يعتبر الشريان الحيوي للشعوب خصوصاً في هذه الأزمنة وقد رأينا
أمماً هزمت رغم قواها العسكرية المتميزة نتيجة وهنها وضعفها الاقتصادي.
فعجلة الاقتصاد لها تأثير على حياة الشعوب وتأمين متطلباتها الأساسية
والوصول إلى رفاهيتها، ولها تأثير على سياستها وعزتها وقدرتها وانتصارها في
حروبها.
والمحرك الحقيقي لعجلة الاقتصاد هو العمل والعامل، من هنا صارت حياة أي شعب
مرهونة بالعمل والعامل.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن العمال هم أكثر الطبقات قيمة وأكثرهم
نفعاً في المجتمعات، وتدور عجلة المجتمعات البشرية العظيمة بواسطة تلك
السواعد القوية للعمال، إن حياة أي شعب رهينة العمل والعامل".
ولنذكر هذا الدور بشيء من التفصيل فيما يلي:
الأساس الاقتصادي
كل بناءٍ له أساس يقوم عليه، وكلما كان الأساس قوياً ومتيناً ومحكماً، كلما
أمكن أن يكون البناء أكبر وأعظم، وإذا وجد خلل ما في الأساس فإن البناء كله
سينهار.
وإذا لاحظنا هيكل الاقتصاد
في أي مجتمع من المجتمعات فسنجد له أساساً يرجع إليه، هذا الأساس
نختصره بكلمة العمل والعامل، لأن الهيكل الاقتصادي بلا عمل هو ركود
وموت واضمحلال، والعمل لا يكون إلا بهمّة العامل وحجم عمله وجديته
وتحمّله للمسؤولية، كما يقول الشاعر: على قدر اهل العزم تأتي العزائم.
من هنا كان الاقتصاد بحقيقته وواقعيته يرجع إلى أساس يبني عليه كل
هيكليته وهذا الأساس هو العامل.
يقول الإمام الخميني قدس سره مشيراً إلى هذه الحقيقة: "إن العامل
والفلاح هم الأساس في كل بلد، فالأساس الاقتصادي للبلد مرتبط بالعامل
والفلاح".
تقدم المجتمعات البشرية
قد يتصور بعض المساكين أن التقدم يكون من خلال ارتداء بدلة و"كرافيت" أو من خلال تقليد الفرد الغربي ببعض الكلمات الغربية أو بطريقة سيره في
الشارع أو شكل تسريحة شعره، وقبول أراذل قومهم وشعاراتهم وكأنهم نخبة
تعبر عن التحرر والانطلاق! وغيرها من الأوهام الكثيرة التي لم تزد
مجتمعاتنا إلا ضياعاً وتيهاً وتخلفاً حتى صرنا على هامش المجتمعات
البشرية، لولا ذلك النور الذي انطلق من الشرق من مدينة قم المقدسة
لينعكس في العالم الإسلامي أملاً جديداً يعيد بعض ما فقدناه ويقدم
نموذج المجتمع الصحيح ليخرج من تيه طال سنيناً وقروناً...
إن تطور وتقدم أي مجتمع من المجتمعات لا يأتي من فراغ، بل له
أسبابه ومبرراته العملية، وهذه
الأسباب والمبررات سنذكرها ببعض التفصيل في الفصل الرابع "سر النجاح"،
ويكفي أن نشير هنا إلى أن محور هذه الاسباب هو شيء واحد ترجع إليه وتتعلق
به وتنظم وضعه... وهذا المحور هو العامل. نعم إن سر التقدم والنجاح يكمن في
تلك السواعد السمراء، والعقول النيرة التي لو أعطيت حقها المادي والمعنوي
ووثقت بها مجتمعاتنا لضمنت مستقبل الأمة، هذا هو سر نجاح أي شعب، وهذا ما
يؤكد عليه الإمام الخميني قدس سره حيث يقول: "إن عجلة المجتمعات البشرية
العظيمة تتحرك وتدور بأيدي العمال القوية، وحياة الأمة رهينة العمل والعامل".
ويقول قدس سره مخاطباً العمال: "لو نهضتم أيها العمال والفلاحين في سائر
أنحاء البلاد بما فيه مصلحة بلدكم، وفيه تحقيق استقلالكم وحريتكم ومصلحة
بلادكم، فإن بلادنا ستبقى بمنأى عن جميع الأخطار وتتقدم إلى الأمام".
الاستقلال
ذكرنا فيما سبق أن العمل والعامل هو حياة المجتمع واساس الاقتصاد، لذلك كان
من الطبيعي أن يتعرض هذا الأساس لهزات من قبل المستكبرين ومحاولات ضرب
وتضعيف، فإذا استطاعوا أن يمسكوا ويسيطروا على هذا الأساس صار مصير الأمة
بيدهم فتتحول هذه السيطرة إلى سوط تجلد فيه الأمة عند كل مناسبة ويبتز به
المستكبرون مجتمعاتنا عند كل مفترق طرق، فنصبح رهائن بيد المستكبرين
اقتصادياً وسياسياً...
هذا هو السلاح الاساسي الذي
يستعمله المستكبرون في هذا الزمن، يقول الإمام الخميني قدس سره: "لقد
كان برنامجهم هو التدمير فقط، فقضوا على الزراعة باسم اصلاح الأراضي...
أمريكا تريد أن تبقى الزراعة في إيران وجميع الدول الأخرى التي تقع تحت
نفوذها مدمرة ومنهارة حتى تشعر بالحاجة إليه".
كيف يمكن مواجهة خطتهم هذه؟
يرشدنا الإمام الخميني قدس سره إلى كيفية المواجهة حيث يقول قدس سره: "إنكم
تستطيعون من خلال عملكم أن تقضوا على هذا الارتباط وهذه التبعية التي وجدت
على طول التاريخ، ومنذ تلك الفترة التي وطأت أقدام الشرق والغرب بلادنا وفي
طوال عهد حكم بهلوي المنحوس حيث جعلونا مرتبطين في كل شيء وجميع فئاتنا
وأبناء شعبنا. إذا قمتم بالعمل اليوم وكنتم فعالين في العلم فإن قيمة ذلك
غضافة على قيمه المعنوية والمادية التي ترجع على شخصكم فإنكم تستطيعون نجاة
بلد من التبعية".
ويقول قدس سره: "لو نهضتم أيها العمال والفلاحين في سائر أنحاء البلاد
بما فيه مصلحة بلدكم، وفيه تحقيق استقلالكم وحريتكم ومصلحة بلادكم، فإن
بلادنا ستبقى بمنأى عن جميع الأخطار وتتقدم إلى الأمام".
فعلينا أن نرفع كل قيد يمكن أن يستفيد منه المستكبرون للسيطرة على
مجتمعاتنا فلا نرهن أنفسنا وحاجاتنا بالمستكبرين، وهذا ما كان يؤكد عليه
الإمام قدس سره من خلال إشارته إلى الاكتفاء الذاتي، الذي يستطيع أن يوفر
ويؤمن حاجات المجتمع الأساسية بنفسه من دون حاجة إلى أحد.
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"لو لم نصل إلى حد الكفاف في زراعتنا فسوف تبقى أيدينا ممدودة إلى
أمريكا وأمثالها من أجل أرزاقنا وسنبقى مرتبطين ولا يمكننا أن نعمل شيئاً،
وسنبقى مرتبطين في الجوانب السياسية أيض".
وهكذا نستطيع من خلال العمل والعامل أن نصل إلى الحرية والاستقلال، وأن
نقطع يد تسلط المستكبرين على عالمنا الإسلامي.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "العمال والفلاحون أساس استقلال الوطن".
ويقول قدس سره: "يوم العامل هو يوم دفن سلطة القوى الكبرى".
أهمية العمل في هذا العصر
لقد كان العمل في السابق وسيلة تأمين حاجيات المجتمع، فلو عمل أبناء
المجتمع فإن عملهم هذا سيوصلهم إلى تلبية حاجاتهم اليومية ليعيشوا بشكل
أفضل، وأما إن تركوا العمل وتكاسلوا فستكون حياتهم صعبة وسيعيشون الفقر
والعَوز.
أما اليوم، فإن للعمل أبعاداً أخرى أكثر أهمية وأخطر من تلك التي ذكرناها،
فهناك سباق وتزاحم بين المجتمعات، والمجتمع الذي يعيش الخمول والكسل لن
يكون مجرد مجمع فقير بل سيستفيق يوماً ليجد نفسه مجرد سوق استهلاك
للمجتمعات الأخرى، بحيث أصبحت كل حاجياته حتى النفس الذي يتنفسه بيد تلك
المجتمعات، وهذا أمر خطير جداً، يجعل المجتمع مكبلاً وأسيراً بيد الآخرين.
فأهمية العمل تصبح أكثر وضوحاً في هذه الأزمنة، وإلى ذلك يشير الإمام الخميني قدس سره بقوله:
"إنني
أقولها اليوم أن عامل اليوم يختلف جداً عن العامل في تلك الفترة، ففي ذلك
الزمن الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وعاش ضمنه والأماكن
الأخرى التي عاش فيها الناس، وخاصة الحجاز حيث كان يوجد الرسول الأكرم صلى
الله عليه وآله لم تكن ثمة علاقات بين الدول، أو أنها كانت ضعيفة، ولو برزت
حاجة معينة في مدينة ما، فعليهم أن يوفروا حاجتهم بأنفسهم، ومن داخل
بلادهم... أما اليوم فقد تغيرت الحياة عن السابق بسبب الارتباط الموجود في
العالم، إذ ترتبط الدول ببعضها البعض، وترتبط البلدان بالدول الكبيرة،
فقيمة العمل في ذلك الزمن كانت بمقدار ما كان العمل شريفاً وبمقدار ما كان
مفيداً للإنسان وروحياته، وأثر العمل إضافة إلى أنه مفيد لنفس الإنسان
ومزاجه، ويؤثر في روح الإنسان، فإن له فائدة أيضاً للمدينة، أما أن يرتبط
الإنسان بأمريكا أو بالسوفييت فيما لو لم يعمل فإنه لم يكن مطروحاً في ذلك
الوقت. واليوم فإن قيمة عملكم بمقدار التطور الحاصل في العالم، ولو لم يعمل
العامل بالشكل الذي ينبغي، فإن ذلك البلد سيرتبط بارتباطات تختلف عن الوضع
الذي كان عليه في السابق وفي القرون السابقة وفي عهد رسول الله صلى الله
عليه وآله".
فالعمل إذاً هو نعمة كبيرة على المجتمع، ولكنه قبل ذلك هو نعمة على العامل
نفسه، نعم فالعمل قبل أن تظهر آثاره وبركاته على المجتمع تظهر هذه الآثار
والبركات على العامل نفسه... فما هي آثار وبركات العمل على العامل؟