الكبر
أخلاقيات من وحي الآيات والروايات
الكبر: رذيلة من رذائل الإنسان، وخلق سيئ من سجايا باطنه وهو: أن يرى نفسه كبيراً عظيماً بالقياس إلى غيره، وعلى هذا فالكبر صفة
عدد الزوار: 226
الكبر: رذيلة من رذائل الإنسان، وخلق سيئ من سجايا باطنه وهو: أن يرى نفسه
كبيراً عظيماً بالقياس إلى غيره، وعلى هذا فالكبر صفة ذات إضافة تستدعي مستكبراً
به ومستكبراً عليه فهو يفترق عن العجب المتعلق بالفعل بتغاير المتعلق وعن العجب
المتعلق بالنفس، بعدم القياس فيه على الغير.
وهذه الصفة من أقبح خصال النفس وأشنعه، ولعل أصل وجودها كالحسد وحب الرئاسة
والمال من السجايا المودعة في فطرة الإنسان وزيادتها وتكاملها وتحريكها صاحبها نحو
العمل بمقتضاه، تكون باختياره وتحت قوته العاقلة، كما أن معارضتها والسعي في
إزالتها أيضاً كذلك، وهي من الصفات التي تورث اغتراراً في صاحبها وفرحاً وركوناً
إلى نفسه، ومحل هذه الصفة ومركزها القلب كما يقول الله تعالى: ( إن في صدورهم إلا
كبر ) لكنه إذا ظهرت على الأعضاء والأركان سميت تكبراً واستكباراً، لاقتضاء زيادة
المباني ذلك، لكن أطلقت الكلمتان في الكتاب الكريم على نفس الصفة أيضاً.
ثم إن الكبر من حيث المتكبر عليه ينقسم إلى أقسام ثلاثة مع اختلاف مراتبها في
القبح:
الأول: التكبر على الله تعالى: إما بإنكار وجوده جل وعل، أو وحدانيته،
أو شيئاً من صفات جلاله وجماله، ومنه أيضاً عدم قبول إبليس أمره، وهذا أفحش أنواع
الكبر، ولا صفة في النفس أخبث وأقذر منه، وقد أتفق فيما يظهر من التأريخ صدوره من
عدة ممن ادعى الألوهية وغيرهم.
الثاني: التكبر على أنبياء الله ورسله وأوصيائه بإنكار رسالتهم ورد ما
جاؤوا به من الكتاب والشريعة.
الثالث: التكبر على عباد الله بتعظيم نفسه وتحقيرهم والامتناع عن الانقياد
لمن هو فوقه منهم بحكم العقل أو الشرع، وعن العشرة بالمعروف مع من هو مثله فيترفع
عن مجالستهم ومؤاكلتهم، ويتقدم عليهم في موارد التقدم ويتوقع منهم الخضوع له،
ويمتنع عن استفادة العلم وقبول الحق منهم، ويأنف إذا وعظوه، ويعنف إذا وعظهم،
ويغضب إذا ردوا عليه، وينظر إليهم نظر البهائم استجهالاً واستحقاراً وهكذا.
وبالجملة: أن كبر الباطن يظهر في الإنسان المتكبر من شمائله كتصعير وجهه،
ونظره شزراً، وإطراق رأسه ! ومن جلوسه متربعاً أو متكئاً، ومن قوله وصوته ومن
مشيته وتبختره فيه، ومن قيامه وجلوسه وحركاته وسكناته وسائر تقلباته في أفعاله
وأعماله.
وقد ورد في الكتاب الكريم في ذم هذه الصفة آيات، منه: قوله تعالى لإبليس: (
فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين ).
وما حكاه تعالى عن الأمم الماضية: ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ).
وقولهم: ( ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون ). وقوله تعالى: ( واستكبر
هو وجنوده في الأرض بغير الحق ). وقوله: ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون
جهنم داخرين ). وقوله: ( ولا تصعر خدك للناس ) .( والتصعير: إمالة العنق عن النظر
كبراً ) وقوله: ( ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا
). وقوله: ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ). الى غير ذلك.
ورد في النصوص:
أن الكبر يكون في شرار الناس.
وأنه رداء الله وإزاره.
وأن المتكبر ينازع الله في ردائه، ومن نازع الله في ردائه لم يزده الله إلا
سفالاً.
ومن تناول شيئاً منه أكبه الله في جهنم.
وأن الكبر أن تجهل الحق وتطعن على أهله.
وأن تغمص الناس وتسفه الحق. ( الغمص: التحقير وتسفيه الرأي نسبته إلى السفاهة
بمعنى: أن يستخفه ولا يراه على الرحجان والرزانة ).
وأن المتكبرين يجعلون يوم القيامة في صور الذر يتوطأهم الناس حتى يفرغ الله من
الحساب.
وأنه: ما من عبد إلا ومعه ملك، فاذا تكبر قال له: اتضع وضعك الله.
وأنه ما من أحد يتيه ويتكبر إلا من ذلة يجدها في نفسه.
وأن من ذهب إلى أن له على الآخر فضلاً، فهو من المستكبرين.
وأن رجلاً أتى النبي وقال: أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة، فقال: أما إنك عاشرهم
في النار.
وأن آفة الحسب، الافتخار والعجب.
وأنه: قال رجل للباقر: أنا في الحسب الضخم من قومي قال: إن الله رفع بالايمان من
كان الناس يسمونه وضيعاً، ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه
وأنه: عجباً للمختال الفخور، وإنما خلق من نطفة ثم يعود جيفة، وهو بين ذلك وعاء
للغائط ولا يدري ما يصنع به.
وأن أمقت الناس المتكبر.
وأن من يستكبر يضعه الله.
وأن رجلاً قال لسلمان تحقيراً: من أنت؟ قال: أما أولاي وأولاك فنطفة قذرة، وأما
أخراي وأخراك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين فمن ثقل ميزانه
فهو الكريم ومن خف ميزانه فهم اللئيم.
وأن النبي قال: أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون، وهم المستكبرون.
وأن في جهنم لوادياً للمتكبرين يقال له: « سقر ».
وأن المتبخر في مشيه، الناظر في عطفه، المحرك جنبيه بمنكبيه هو مجنون في نظر مشرع
الإسلام.
وأن لإبليس سعوطاً هو الفخر.
* كتاب الأخلاق / اية الله المشكيني .
2016-04-27