قصة أصحاب الكهف في القرآن
قصص الصالحين
أصحاب الكهف والرقيم فتية نشأوا في مجتمع مشرك لا يرى إلا عبادة الأوثان فتسرب في المجتمع دين التوحيد فآمن بالله قوم منهم فأنكروا عليهم ذلك وقابلوهم بالتشديد والتضييق والفتنة والعذاب، وأجبروهم على عبادة الأوثان ورفض دين التوحيد فمن عاد إلى ملتهم تركوه ومن أصر على المخالفة قتلوه شر قتلة.
عدد الزوار: 245
قال تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم:
﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء
ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾.
أصحاب الكهف والرقيم فتية نشأوا في مجتمع مشرك لا يرى إلا عبادة الأوثان فتسرب في
المجتمع دين التوحيد فآمن بالله قوم منهم فأنكروا عليهم ذلك وقابلوهم بالتشديد
والتضييق والفتنة والعذاب، وأجبروهم على عبادة الأوثان ورفض دين التوحيد فمن عاد
إلى ملتهم تركوه ومن أصر على المخالفة قتلوه شر قتلة.
وكانت الفتية ممن آمن بالله إيمانا على بصيرة فزادهم الله هدى على هداهم وأفاض
عليهم المعرفة والحكمة وكشف بما آتاهم من النور عما يهمهم من الامر وربط على قلوبهم
فلم يخشوا إلا الله ولا أوحشهم ما يستقبلهم من الحوادث والمكاره فعلموا أنهم لو
أداموا المكث في مجتمعهم الجاهل المتحكم لم يسعهم دون أن يسيروا بسيرتهم فلا
يتفوهوا بكلمه الحق ولا يتشرعوا بشريعة الحق، وعلموا أن سبيلهم أن يقوموا على
التوحيد ورفض الشرك ثم اعتزال القوم وعلموا أن لو اعتزلوهم ودخلوا الكهف أنجاهم
الله مما هم فيه من البلاء.
فقاموا وقالوا ردا على القوم في اقتراحهم وتحكمهم: ربنا رب السماوات والأرض لن
ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون
عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا.
ثم قالوا: وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من
رحمته ويهئ لكم من أمركم مرفقا.
ثم دخلوا الكهف واستقروا على فجوة منه وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد فدعوا ربهم بما
تفرسوا من قبل أنه سيفعل بهم ذلك فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا
رشدا فضرب الله على آذانهم في الكهف سنين ولبثوا في كهفهم وكلبهم معهم ثلاث مائة
سنين وازدادوا تسعا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت
تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ويقلبهم الله ذات
اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا
ولملئت منهم رعبا.
ثم إن الله بعثهم بعد هذا الدهر الطويل وهو ثلاثمائة وتسع سنين من يوم دخلوا الكهف
ليريهم كيف نجاهم من قومهم فاستيقظوا جميعا ووجدوا أن الشمس تغير موقعها وفيهم شئ
من لوثة نومهم الثقيل قال قائل منهم: كم لبثتم ؟ قال قوم منهم: لبثنا يوما أو بعض
يوم لما وجدوا من تغير موقع الشعاع وترددوا هل مرت عليهم ليله أو لا ؟
وقال آخرون منهم: بل ربكم أعلم بما لبثتم ثم قال: فابعثوا بورقكم هذه إلى المدينة
فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه فإنكم جياع وليتلطف الذاهب منكم إلى
المدينة في مسيره إليها وشرائه الطعام ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن علموا بمكانكم
يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا.
وهذا أو ان أن يعثر الله سبحانه الناس عليهم فإن القوم الذين اعتزلوهم وفارقوهم يوم
دخلوا الكهف قد انقرضوا وذهب الله بهم وبملكهم وملتهم وجاء بقوم آخرين الغلبة فيهم
لأهل التوحيد والسلطان وقد اختلفوا أعني أهل التوحيد وغيرهم في أمر المعاد فأراد
الله سبحانه أن يظهر لهم آية في ذلك فأعثرهم على أصحاب الكهف.
فخرج المبعوث من الفتية وأتى المدينة وهو يظن أنها التي فارقها البارحة لكنه وجد
المدينة قد تغيرت بما لا يعهد مثله في يوم ولا في عمر والناس غير الناس والأوضاع
والأحوال غير ما كان يشاهده بالأمس فلم يزل على حيرة من الامر حتى أراد أن يشتري
طعاما بما عنده من الورق وهي يومئذ من الورق الرائجة قبل ثلاثة قرون فأخذت المشاجرة
فيها ولم تلبث دون أن كشفت عن أمر عجيب وهو أن الفتى ممن كانوا يعيشون هناك قبل ذلك
بثلاثة قرون، وهو أحد الفتية كانوا في مجتمع مشرك ظالم فهجروا الوطن واعتزلوا الناس
صونا لايمانهم ودخلوا الكهف فأنامهم الله هذا الدهر الطويل ثم بعثهم وها هم الان في
الكهف في انتظار هذا الذي بعثوه إلى المدينة ليشتري لهم طعاما يتغذون به.
فشاع الخبر في المدينة لساعته واجتمع جم غفير من أهلها فساروا إلى الكهف ومعهم
الفتى المبعوث من أصحاب الكهف فشاهدوا ما فيه تصديق الفتى فيما أخبرهم من نبأ رفقته
وظهرت لهم الآية الإلهية في أمر المعاد.
ولم يلبث أصحاب الكهف بعد بعثهم كثيرا دون أن توفاهم الله سبحانه وعند ذلك اختلف
المجتمعون على باب الكهف من أهل المدينة ثانيا فقال المشركون منهم: ابنوا عليهم
بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم وهم الموحدون لنتخذن عليهم مسجدا.
* تفسير الميزان العلامة السيد اية الله الطباطبائي
2016-04-13