(1): ﴿الم﴾: هذا اللفظ المركب من حروف الهجاء ونظائره مثل (الر، وحم) وغير ذلك –
يسمى فواتح السور، واختلف فيه المفسرون فقيل: هو اسم للسورة. - ولكن ورد عن
أئمتنا(ع) انه من المتشابهات والمبهمات التي استأثر الله بعلمها ولا يعلم تأويلها
غيره.
(2): ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾: إشارة إلى القرآن الكريم ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾: حيث بلغ
الغاية والنهاية في وضوح الدلالة على صدقه، لأنه المعجزة الإلهية التي تحدى بها
سبحانه كل جاحد ومعاند ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾: والهدى هو الدليل المرشد إلى التي
هي أقوم، و(المتقين جمع المتقي، والمراد بهم هنا الذين يرغبون في طاعة الله ورسوله،
ويعدونها ذخرًا ونصرًا).
(3): ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾: المراد بهذا الغيب كل ما خفي وغاب عن
علم العباد مما نزل على قلب محمد ( ص) كالبعث والنشر والجنة والنار وما إلى ذلك مما
لا ينكره العقل، أما ما يرفض العقل السليم فلا يسمى غيبًا، بل أُسطورة وخرافة
﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾: يحافظون عليها، ويؤدونها على أصولها ﴿وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾: يتصدقون ببعض ما يملكون من المال الحلال الطيب.
(4):﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾: الخطاب لرسول الله(ص)
والمعنى: لا بد أن يكون مع الإيمان بالغيب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، الإيمان
بنبوتك يا محمد ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾: وأيضاً لا بد من الإيمان بكل نبي
آمنت أنت بنبوته وما أُنزل إليه من الوحي ﴿وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾: هذا هو
الأصل الثالث من أصول الإسلام، فمن آمن بالله ونبوة محمد، ولم يؤمن بالآخرة فليس
بمسلم، وكذلك من آمن بالله واليوم الآخر، ولم يؤمن بنبوة محمد(ص).
(5): ﴿أُولَئِكَ﴾: إشارة إلى الذين اتصفوا بالخصال السابقة النبيلة الفاضلة ﴿عَلَى
هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ﴾: أبداً لا هدى إلا هدى الله وحده، وأهل تلك الخصال الحميدة
متمكنون منه ومستقرون عليه ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾:كرر سبحانه كلمة
أولئك للتنبيه إلى أنهم قد تميزوا عن غيرهم بفضيلتين: الهدى إلى دين الحق والفلاح
والظفر بمرضاة الله وثوابه.
(6): ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ
تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾: سواء بمعنى الإستواء وهو هنا خبر إن الذين،
والإنذار: التحذير من العذاب، لما قدم سبحانه ذكر الأتقياء عقّبه بذكر الأشقياء،
وأنهم لا يستجيبون لداعي الله، وإن بالغ في الوعيد والتهديد.
(7): ﴿خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ
غِشَاوَةٌ﴾: الختم والغشاوة هنا كناية عن أنهم قد بلغوا الغاية القصوى في العناد
والمكابرة حتى كأن قلوبهم مقفلة لا ينفذ إليها شيء، وعلى أبصارهم غطاء لا يرون معه
شيئاً.
(8): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا
هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾: ذكر سبحانه أولاً الذين آمنوا سراً وعلانية، ثم ثنى بالذين
كفروا كذلك قلباً ولساناً، ثم ثلّث بالذين أسروا الكفر وأعلنوا الإيمان، وهم
المنافقون، وذنبهم عند الله أعظم من ذنب الكفرة الفجرة.
(9) :﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُو﴾: إن الله لا يُخدع، ولكن
المنافقين صنعوا صنع الخادعين حيث تظاهروا بالإيمان وهم كافرون، فأمر الله نبيه
والصحابة أن يعاملوهم معاملة المسلمين، وغداً يجري سبحانه معهم حساب المشركين
﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ﴾: لأن عاقبة النفاق والخداع تعود عليهم
بالضرر لا على غيرهمْ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾: بسوء المصير.
(10): ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: ومرض القلب هو النفاق والإعتقاد الفاسد والحقد
والحسد ونحو ذلك من الرذائل﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضً﴾: وذلك بأن المنافقين
حسدوا النبي على عظيم مقامه، فزاده الله عظمة وعلّواً. فازدادوا حسداً على حسد أي
مرضاً على مرض ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾: فيه إشارة
إلى إن الإنسان لا يُعذب على مجرد الحسد مادام في القلب فقط، وإنما يعذب إذا ظهر
للحسد أثر محسوس كالكذب والافتراء على المحسود ونحو ذلك.
(11):﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ﴾: كان المنافقون يتجَّسسون
على المسلمين، ويفشون أسرارهم للأعداء، وإذا نهوا عن هذا الفساد ﴿قَالُوا إِنَّمَا
نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾: خالصون من كل عيب، فإذا بهذا الزعم فساد إلى فساد.
(12): ﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ﴾: لا يرون ما
هم فيه من عيوب وعورات.
(13):﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾: أي صدقوا رسول الله (ص)
كما صدَّقه إخوانكم وأصحابكم كعبد الله بن سلام وغيره ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا
آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾: السفه: خفة الحلم وسخافة العقل، أما النفاق فهو:فساد العقيدة
﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ﴾: أي يجهلون أنهم جاهلون وهذا أبلغ الذم.
(14): ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّ﴾: كذباً ونفاقاً ﴿وَإِذَا
خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾: وهم رؤساؤهم من أعداء الإسلام والمسلمين ﴿قَالُوا
إِنَّا مَعَكُمْ﴾: على الكفر والكره لمحمد(ص) ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾:
بالإسلام والمسلمين.
(15): ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾: ومعنى استهزائه تعالى الإذلال في الدنيا
والعذاب في الآخرة ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ﴾: يدعهم وشأنهم يتمادون في
الغيّ والضلال ﴿يَعْمَهُونَ﴾: العمه في البصيرة، والعمى في القلب.
(16): ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى﴾: أحبوا الباطل
وآثروه على دين الحق ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وما كانوا مهتدين﴾: لأن المطلوب
في التجارة الربح مع سلامة رأس المال، والمنافقون أضاعوهما معاً، لأن الهدى عند
الله سبحانه هو رأس المال، وقد ذهب أو بعد عن المنافقين، وتبعه الربح حيث لا بقاء
لفرع بلا أصل.
(17):﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي﴾: المراد بذلك هنا الجنس الشامل للجماعة تماماً
كقوله تعالى: (وخضتم كالذي خاضوا - 69 التوبة) أي الذي خاضوا ﴿اسْتَوْقَدَ نَارً﴾:
أشعلها ﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾: امتد ضوؤها إلى الأشياء التي حول من
أوقدها ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾: خمدت النار ولا نور يستضيئون به
﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾: بقوا متحيرين متحسرين حيث لا يدرون
أين يذهبون؟ وماذا يفعلون؟.
(18): ﴿صُمٌّ﴾: لا يسمعون ﴿بُكْمٌ﴾: لا ينطقون ﴿عُمْيٌ﴾: لا يبصرون على سلامة
الآذان والألسن والأبصار، ولكنهم لما رفضوا الاستماع للحق والنطق به والنظر اليه،
أصبحوا كمن فَقَد هذه الحواس من الأساس ﴿فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾: إلى الرشد، ولا
ينتهون عن البغي بعد أن أصبحوا كالصم البكم العمي.
(19):﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾: هذا تمثيل آخر لحال المنافقين، والصيّب مطر
ينزل من السماء ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ﴾: دامسة ﴿وَرَعْدٌ﴾: قاصف ﴿وَبَرْقٌ﴾: خاطف
﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾:
يقال: صعقته الصاعقة فصعق أي فمات، والمنافقون دائماً في قلق وخوف من كشف حقيقتهم
ولا ملجأ لهم تماماً كمن أتته الصاعقة فاتقاها بسد أذنيه ﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ
بِالْكَافِرِينَ﴾: كلنا نتقلب في قبضته جلّت عظمته، ولا مفر منه إلا إليه.
(20): ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾: كناية عن شدة الهول ﴿كُلَّمَا
أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾: خطوة أو خطوتين﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ
قَامُو﴾: إذا خفي البرق وقفوا حائرين ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ
وَأَبْصَارِهِمْ﴾: لو أراد سبحانه لزاد في قصف الرعد فأصمهم وفي برق البرق فأعماهم
﴿إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: واضح بلا تفسير.
(21): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾: حقاً وصدقاً لا رياءً ونفاقاً
﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾: لما عدَّد سبحانه فرق المكلّفين
من المؤمنين والكفار والمنافقين- أفهمهم جميعاً أنه هو وحده خالق الأولين والآخرين
ورازقهم، فعليهم أن يعبدوه ويطيعوه ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾: ما من شك أن من يصلّي
لله مخلصاً له الدين فإنََّ يتَّقي معاصيه أيضاً في غير الصلاة.
(22): ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشً﴾: مستقراً لا غنى عنه
﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾: كالقبة المضروبة على هذا المستقر بحسب الرؤية البصرية
﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا
لَكُمْ﴾: لتشكروا الله على فضله، وتفكروا في خلقه ولتعلموا أنه هو الخالق الذي ليس
كمثله شيء ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادً﴾: شركاء﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾:
أي تعقلون وتميّزون وتدركون أنه لا خلق بلا خالق.
(23): ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَ﴾: بعد ما ذكر
سبحانه وجوب الإيمان به وأشار إلى وجوب الإيمان بمحمد(ص)، ومن الأدلة عليه هذا
التحدي: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾: الضمير يعود إلى القرآن ، وسُميّت
الآية المعَّينة المحدودة سورة تشبيهاً بسور المدينة الذي يحيط بمساكن معيَّنة
محدودة ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
أرسل سبحانه محمداً للناس بحجَّة كافية. وهي إعجاز القرآن بما فيه من معان وبيان.
وتحدى من جحد بأن يأتي بسورة مثله مبنى ومعنى. ثم يقارن في حضور العقلاء بين القرآن
وبين ما يأتي به الجاحد، فإن شهدوا أنهما بمنزلة سواء فليبق على كفره بل وليدع إلى
الكفر بمحمد ورسالته، وإن شهد العقلاء بعجزه فهو الكاذب والمفتري، أما محمد فهو
الصادق الأمين.
(24): ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُو﴾: القطع بالعجز قبل أن يحاولوا
تحدًّ ثان، وكفى بعجزهم رغم المحاولة شاهداً ودليلاً ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾: الوقود ما يوقد به،
والفرق بين نار جهنم ونار الدنيا أن وقود الأولى ناس وحجارة كانت من قبل أصناماً،
ووقود الثانية بترول وفحم وحطب.
(25): ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾: بعد أن هدَّد وتوعد الكافرين
بالجحيم وعد وبشر المؤمنين بالنعيم ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ
رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهً﴾:
في اللون دون الطعم ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾: من كل عيب ودنس روحاً
وجسماً ﴿وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: ملك قائم ونعيم دائم.
(26): ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا
فَوْقَهَ﴾: (ما) زائدة للتوكيد، وبعوضة مفعول أول، ومثلاً مفعول ثان. قال
المشركون: الله لا يضرب الأمثال بالبعوضة الحقيرة، فردَّ سبحانه بأنه لا يترك
التمثيل بالبعوضة ترك المستحي ما دام القصد من التمثيل مجرد التفهيم والتقريب إلى
العقول والأذهان ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ﴾: أي أن أهل العلم والعقل لا يرون التمثيل بالبعوضة منافياً لجلال الله
وعظمته ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا
مَثَل﴾: يقولون ذلك جهلاً أو تضليلاً ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرً﴾:السبب المباشر
للإضلال هو التمثيل بالبعوضة، وأُسند إلى الله تعالى في الظاهر لأنه هو الذي ضرب
المثل. أشبه بما لو عملت عملاً جليلاً فمات عدوّك حسداً، فأي ذنب فعلتَ؟ ﴿وَيَهْدِي
بِهِ كَثِيرً﴾: من العقلاء الراغبين في الهداية ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا
الْفَاسِقِينَ﴾: أبداً لا سلطان للشيطان إلا على أوليائه.
(27): ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ﴾: يفسخون ﴿عَهْدَ اللَّهِ﴾: وهو إعمال العقل والعمل
بوحيه الكما قال سبحانه: أفلا تعقلون أفلا تتفكرون؟ ﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾:
الميثاق الثبوت والإحكام ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ
يُوصَلَ﴾:كالبر بالرحم ونصرة الحق ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ﴾: بالجرائم والآثام
والتناحر على الحطام ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾: وكل مبطل خاسر.
(28): ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ﴾: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحِد
﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتً﴾: نطفاً في أصلاب الآباء ﴿فَأَحْيَاكُمْ﴾: فأخرجكم منها
ذكوراً وإناثاً ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾: بعد الحياة ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾: بعد الموت
﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾: للحساب والجزاء.
(29): ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعً﴾: فيه دلالة على أن
الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت العكس ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: قصد
إليها بإرادته ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾: هذا الضمير يفسره قوله سبحانه ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾:
ومعنى سواهن عدَّل خلقهنّ على ما تقتضيه الحكمة ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾:
وأيضاً غفور رحيم.
(30): ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ
خَلِيفَةً﴾: وهو آدم وذريته ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾: وعرف الملائكة ذلك منه تعالى بطريق أو بآخر ﴿وَنَحْنُ
نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾: التسبيح تنزيه الله تعالى.، وبحمدك في موضع الحال أي نسبّح
حامدين ﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾: نطهّر أنفسنا بطاعتك ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا
تَعْلَمُونَ﴾: أبداً لا يفعل سبحانه شيئاً إلا لحكمة بالغة، وكثيراً ما تختفى عن
إدراك الناس والملائكة أيضاً.
(31): ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَ﴾: أي أسماء الكائنات كالنبات والحيوان
والجبال والوديان... ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ﴾: أي عرض الكائنات
وأعاد عليها ضمير (هم) لأن في الكائنات عقلاء فجاء الضمير تغليباً للعاقل على غيره
﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ﴾: الكائنات ﴿إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ﴾: أي عارفين بالحكمة من جعل آدم خليفة في الأرض.
(32): ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَ﴾: وليس هذا مما
علَّمتنا إيّاه حتى نعرفه ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ﴾:بكل شيء ﴿ الْحَكِيمُ﴾: فيما
تفعل أو تترك.
(33): ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾: ليعلموا أنك أهل ومحل
لخلافة الله ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾: أي بأسماء الأشياء وجنسها
﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾:
وما فيهنّ وما بينهنّ ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾: قبل أن تبدوه ﴿وَمَا كُنْتُمْ
تَكْتُمُونَ﴾: من كل شيء.
(34): ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ﴾: أمرهم بالسجود لآدم
تعظيماً لشأنه ﴿فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾: لأنه رأى نفسه
أجلّ وأعظم من آدم ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾: حيث رأى أمر الله له بالسجود لآدم
ظلماً وجوراً.
(35): ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾: ضمير أنت توكيد للضمير المستتر في
اسكن، وزوجك مرفوع عطفاً عليه﴿وَكُلا مِنْهَا رَغَدً﴾: واسعاً رافهاً ﴿حَيْثُ
شِئْتُمَ﴾: من بقاع الجنَّة ﴿وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾: لا تأكلا
منه﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾: بفعل ما أمر الله بتركه.
(36): ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ﴾: بحبائله ﴿فأخرجهما مما كانا فيه﴾: من نعمة
وكرامة ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُو﴾: انزلوا، وجمع سبحانه الضمير، لأن آدم وحواء أبوا
البشر﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾: إشارة إلى ما سوف يحدث بين الناس من تشاجر
وتناحر ﴿وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾: موضع الاستقرار ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى
حِين﴾: يتمتعون بالعيش إلى الموت.
(37): ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾: ندم آدم على ما كان، فألهمه الله
كلمات توسَّل بها إليه أن يغفر ويصفح. وفي رواية أهل البيت(ع) أن هذه الكلمات أسماء
أصحاب الكساء(ع) ﴿فتاب عليه إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾: التواب: كثير
القبول للتوبة حيث يقبلها من كل تائب.
(38): ﴿قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيع﴾: كرَّر سبحانه كلمة (اهبطوا) للتوكيد
﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾: من نبي مرسل أو كتاب منزل ﴿فَمَنْ تَبِعَ
هُدَايَ﴾: أي اتبع رسولي وعمل بكتابي ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾: من العقاب ﴿وَلا
هُمْ يَحْزَنُونَ﴾: على فوات الثواب.
(39): ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: واضح بلا تفسير.
(40): ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ﴾: إسرائيل لقب يعقوب، وأراد سبحانه بالنعمة هنا، ما أنعمه على آبائهم من
كثرة الأنبياء ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي﴾: من الإيمان والطاعة ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾:
من حسن الثواب﴿إِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾: تهديد ووعيد إذا نقضوا العهد.
(41): ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ﴾: على محمد(ص) ﴿مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ﴾: من
توراة موسى ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾: أي بمحمد(ص) وأنتم تعلمون أنه
الصادق الأمين ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيل﴾: يشير بهذا إلى رؤساء
اليهود الذين أنكروا الحق حرصاً على السيادة والرياسة ﴿وَإَّيايَ فَاْتَّقُونِ﴾.
(42): ﴿وَلا تَلْبِسُو﴾: لا تخلطوا ﴿الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا
الْحَقَّ﴾: وهو نص التوراة على نبوة محمد (ص)﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: بأنكم
تكتمون ما أنزل الله.
(43): ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلوةَ وَآتُواْ الزَّكَوةَ وَارْكَعُواْ مَعَ
الرَّاكِعِينَ﴾: أي مع المسلمين، لأن صلاة اليهود لا ركوع فيها.
(44): ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾: كانوا
يأمرون أقاربهم في السرّ باتباع محمد(ص) ولا يتَّبعونه ﴿وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ
الْكِتَابَ﴾: التوراة ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾: قبح ما تفعلون.
(45): ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾: استعينوا على البلايا بالصبر
عليها والإلتجاء إلى الصلاة ﴿وَإِنَّهَ﴾:الصلاة ﴿لَكَبِيرَةٌ﴾: لثقيلة ﴿إِلا عَلَى
الْخَاشِعِينَ﴾: لأنهم يتوقعون الأجر عليها من الله سبحانه.
(46): ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾: يقطعون ﴿أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ﴾: وثوابه
﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾: لا محالة.
(47): ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ﴾: بالتحرر من العبودية لفرعون وغير ذلك ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى
الْعَالَمِينَ﴾: بكثرة الأنبياء.
(48): ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئً﴾: ومثله تماماً
لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ﴿وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا
شَفَاعَةٌ﴾: هذا مختصّ باليهود لأنهم قالوا: آباؤنا شفعاؤنا ﴿وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا
عَدْلٌ﴾: فدية ﴿وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾: المراد ب(هم) النفس التي تقدَّم ذكرها ولكن
باعتبارها جنساً يدل على الكثرة.
(49): ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾: فرعون اسم لمن مَلَك تماماً
كقيصر وكسرى ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾:يبغونكم خسفاً وإذلالاً
﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾: يبقوهنَّ أحياء للخدمة
﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾: أنجاكم الله منه ولكن باعتبارها
جنساً يدل على الكثرة.
(50): ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر﴾: صار مسالك لكم ﴿فَأَنجَيْنَاكُمْ
وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ﴾: أي ينظر بعضكم بعضاً وأنتم
سائرون في قلب البحر آمنين مطمئنين.
(51): ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾: وعدناه بالتوراة وضربنا له
هذا الميقات ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾: مضى موسى ليأتي
بالتوراة، فعبد اليهود العجل ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾: بهذا الشرك والارتداد.
(52): ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: إشارة إلى ارتدادهم وشركهم
﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾: النعمة في العفو عنكم.
(53): ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾: التوراة والفرقان: يفرّق بين الحق
والباطل والحلال والحرام ﴿لعلكم تهتدون﴾: بنوره.
(54): ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ
أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾: معبوداً وليس لله ندّ وشبيه﴿فَتُوبُوا
إِلَى بَارِئِكُمْ﴾: خالقكم ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾: أي ليقتل من بقي على
الإيمان منكم من ارتد عن دينه إلى عبادة العجل ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ
بَارِئِكُمْ﴾: من الإصرار على الشرك ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾: أي فعلتم ذلك فصفح وغفر
سبحانه وتعالى ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ: ﴾ لمن تاب بإخلاص.
(55): ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ
جَهْرَةً﴾: عياناً ﴿فَأَخَذَتْكُمُ﴾: أماتتكم ﴿الصَّاعِقَةُ﴾: نار من السماء
﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾: إلى الصاعقة.
(56): ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاكُم﴾: في الدنيا ﴿مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ﴾: لاستكمال آجالكم
﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾: نعمة الله.
(57): ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ﴾: كان ذلك في التيه حيث سخَّر لهم الله
السحاب يظللهم من الشمس ﴿وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ﴾: مادة لزجة تشبه العسل
﴿وَالسَّلْوَى﴾: طائر يعرف بالسُّمَّن ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾:
أي قال لهم سبحانه: كلوا... ﴿وَمَا ظَلَمُونَ﴾: بكفرهم وعنادهم ﴿وَلَكِنْ كَانُوا
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾: كل من غلبه الهوى ظالم لنفسه.
(58): ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾: قيل هي أريحا، ولم يدخلوا
بيت المقدس في حياة موسى ﴿فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدً﴾: واسعاً
﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدً﴾: شكراً لله ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾: حطَّ عنَّا
ذنوبنا ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾: ان فعلتم ما تؤمرون ﴿وَسَنَزِيدُ
الْمُحْسِنِينَ﴾: كل من اتقى وأحسن يزيده الله من فضله.
(59): ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُو﴾: أنفسهم ﴿قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ
لَهُمْ: ﴾ قيل: إنهم قالوا مكان حطة حنطة استهزاء منهم ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزً﴾: عذاباً ﴿مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾:
يحرّفون.
(60): ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾: عطش بنو إسرائيل في التيه، فطلب لهم
موسى الماء من الله تعالى﴿فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾: فضربه بعصاه
﴿فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنً﴾: وهذه معجزة أخرى لموسى خصَّه
الله بها إضافة إلى سائر المعجزات ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾: كانوا
12 قبيلة لكل منها عين﴿كُلُو﴾: المن والسلوى ﴿وَاشْرَبُو﴾: من هذه العيون، وهي
﴿مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾:العثي أشد الفساد،
ومنه الشرك والإلحاد.
(61): ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾: نسب قول
السلف إلى الخلف لأنهم على نهج واحد، ويطلق الطعام الواحد على الذي لا يتغيَّر، وإن
كان من لونين أو أكثر، والمراد به هنا المن والسلوى ﴿فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ
يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَ﴾: وهو ما تنبته الأرض من
الخضر ﴿وَقِثَّائِهَ﴾: نوع من الخيار﴿وَفُومِهَ
2015-12-10