يتم التحميل...

سورة السجدة

تفسير الكتاب المبين

سورة السجدة

عدد الزوار: 150

(1): ﴿الم: تقدم في أول البقرة.

(2): ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ: القرآن ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ: إلا عند جاهل أو معاند.

(3): ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ: محمد ﴿بَلْ هُوَ الْحَقُّ: والدليل القاطع على ذلك أن القرآن يحتكم إلى العقل، ويقول للذين جحدوا وعاندوا: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها – 24 محمد .. أفلا تعقلون – 51 هود) وقرأت الكثير من أقوال الغربيين عن عظمة القرآن وأكتفي هنا بما جاء في جريدة أخبار اليوم المصرية ت 28/10/1972: قال (هيرشفليد): ليس للقرآن مثيل في قوة إقناعه وبلاغته وتركيبه، وإليه يرجع الفضل في ازدهار العلوم بكافة أنواعها ﴿مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ: في الفترة الكائنة بين عيسى ومحمد جمعًا بين هذه الآية والآية 19 من المائدة: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل)..

(4): ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ: كناية عن الأطوار أو الدفعات ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ: أي سيطر واستولى، وتقدم مرات، منها الآية 54 من الأعراف.

(5): ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء: والمراد بها هنا الرفعة والعلو، لأن الله سبحانه وراء الطبيعة بأرضها وسمائها، والمعنى هو وحده الخالق والمدبر ﴿إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ: أي يرجع الأمر كله إليه وحده كما قال سبحانه: (وإلى الله ترجع الأمور – 109 آل عمران) ﴿فِي يَوْمٍ: وهو يوم القيامة ﴿كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ: كناية عن طول الأمد، أو أن العمل الذي يستغرق في الآخرة 24 ساعة يحتاج في الدنيا إلى ألف سنة.

(6): ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ: أي أن الذي خلق ودبَّر وإليه ترجع الأمور هو العالم العزيز الذي ليس كمثله شيء الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء.

(7) – (8): ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ: كل شيء متقن ومحكم من أعلى السموات إلى أدنى الثرى، فهل هذا صدفة ومجازفة؟ (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق – 53 فصلت) بهذا يفتح سبحانه باب العلم به لا بالغيب المحض لأن المدلول لا يكون دليلاً ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ: آدم الأب الأول ﴿مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ: من سلَّ شيئًا من سيء أي انتزعه برفق (بين الصلب والترائب)﴿مِّن مَّاء مَّهِينٍ: ضعيف وهو المني.

(9): ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ: الضمير لآدم ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ:وهبه الحياة، وتقدم في الآية 2 من الأنعام و12 من (المؤمنين).

(10): ﴿وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَ: تفرقت أجسامنا وصارت ترابًا، وتقدم مرات، منها في الآية 5 من الرعد.

(11): ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ: قل لهؤلاء يا محمد، أنتم ميتون لا محالة، وعند الموت تنكشف لكم الحقيقة، الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا.

(12): ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ: حذَّروا من عذاب الآخرة، فسخروا وقهقهوا، وحين عاينوا البعث وقاموا بين يدي الله للحساب والجزاء انهاروا وولهوا، وقالوا خاضعين: ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا... : الآن وقد فات ما فات، وتقدم في الآية 27 من الأنعام و100 من (المؤمنين).

(13): ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَ: لو شاء سبحانه لألجأهم إلى الاعتراف به وباليوم الآخر، ولكن لا إيمان ولا مسئولية مع إلجاء وإكراه، وسبق منا القول أكثر من مرة أن الله سبحانه لا يتعامل مع عباده بإرادته الشخصية والتكوينية ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ: الذين أفسدوا وتمادوا في الغي بملء اختيارهم وإرادتهم، أما الذين استجابوا لربهم فلهم مغفرة وأجر كريم.

(14): ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَ: الذي كفرتم به، وسخرتم منه ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ: أهملناكم وحرمناكم من الأمان والرحمة.

(15): ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُو: يصلُّون ويسبحون بدافع من التقوى والشعور بالواجب ... ومن الورع والتقوى أن نبتعد عن كل شر وباطل، ونفعل الخير جاهدين، ونتعاون على إقامة الحق متناصحين لا مستغلين، وإلا فإن التقوى لا تتجزأ، والخوف من الله في ردع النفس عن الهوى في إقامة الصلاة وكفى ... أبدًا لا دين ولا إيمان لمن سكت عن الحق مهادنًا أو مداهنًا حتى ولو صلَّى وصام، فكيف إذا ظلم أو أعان على الشر والبغي؟ ويجب السجود عند تلاوة هذه الآية أو الاستماع إليها.

(16): ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ: يتركون بالليل فراشهم إلى ما هو أهم وأفضل ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفً: من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة ﴿وَطَمَعً: في ثواب الله الذي لا يناله إطلاقًا إلا الذين تواصوا بالحق وبه يعملون بنص سورة العصر ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ: فكيف بالذين سرقوا أموال المعذبين والمشردين، وهم متخمون؟.

(17): ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ: أبدًا، لا أحد يعلم ما أعد الله من تقدير للذين تنزهت نفوسهم عن الحرام، وكملت بأداء الواجب، لأن هذا التقدير فوق التصور... هذا هو هدي القرآن أيها الداعون إليه.

(18): ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنً: يعرف ما له وما عليه، ويشعر بالواجب والمسئولية عن حق الله وحقوق الآخرين، ويعلم علم اليقين أنه محاسب أمام الله والضمير وأمام المجتمع الذي يعيش فيه لو تهاون وفرط ﴿كَمَن كَانَ فَاسِقً:لا يشعر إطلاقًا بأي واجب عليه إلا بهمه وهم ذويه ﴿لَّا يَسْتَوُونَ: وهل يستوي القراصنة الذين يصدون عن كل خير، ويقترفون كل أثم وجريمة، مع الذين يستميتون من أجل الحق، ولا تأخذهم لومة لائم؟ وجاء في العديد من التفاسير: أن المراد بالمؤمن هنا عليّ بن أبي طالب، ونذكر من هذه التفاسير جامع البيان للطبري والبحر المحيط للأندلسي وروح البيان لحقي وتفسير القرآن العظيم لابن كثير والدر المنثور للسيوطي والتسهيل لمحمد بن أحمد الكلبي.

(19): ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ: وأدوا أمانة الله والناس، وجاهدوا لإعلاء كلمة الحق – فلا شك أن لهم عند الله الدرجات العلى.

(20): ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُو: ونافقوا وساوموا على دينهم وأُمتهم وبلادهم فلهم عند الله أليم العذاب وشر مآب، وتقدم مرارًا وتكرارًا.

(21): ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى: يعذب سبحانه المجرمين في الدنيا بآفة من آفاتها، فإن تابوا فذاك وإلا فأمهلهم ﴿دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ: وهو جهنم وبئس القرار.

(22): ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ: فنسي الذكر ﴿ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَ: مغترًا بجاه أو مال، فإن الله سبحانه ينتقم منه أشد انتقام.

(23): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ: المراد به جنس الكتاب المنزل لا التوراة بالخصوص ﴿فَلَا تَكُن: يا محمد﴿فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ: أي من لقاء الكتاب لا من لقاء موسى لأ الضمير يعود للأقرب والمعنى أن الله سبحانه نزَّل الكتب على موسى وعليك أيضًا، ولا شك في ذلك.

(24): ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَ: أي جعل سبحانه أنبياء من بني إسرائيل كموسى وعيسى ﴿لَمَّا صَبَرُو: على أذى قومهم، فاصبر أنت يا محمد على أذى قومك.

(25): ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... : واضح، وتقدم في البقرة الآية 113 ويونس الآية 93 والنحل 124.

(26): ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا... : ألم يتعظ الذين كذبوا محمدًا (ص) بما أصاب الأُمم الماضية لأنهم كذبوا الرسل؟ وتقدم في 128 من طه وغيرها.

(27): ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُز: اليابسة التي لا نبات فيها.

(28): ﴿وَيَقُولُونَ: يقول الطغاة لمحمد: ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ: متى تنتصر علينا وأنت وأصحابك فقراء مساكين لا تملكون مالاً ولا سلاحًا؟.

(29): ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ: آت لا محالة، إن لم يكن في الدنيا فالقضاء الفصل في يوم القيامة حيث ﴿لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُو: وبغوا في الدنيا ﴿إِيمَانُهُمْ: في الآخرة، لأن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل ﴿وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ: يل يمهلون لأن الله أمهلهم في الدنيا طويلاً، فاصروا على الضلال.

(30): ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ: يا محمد ﴿وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ: اصبر قليلاً لترى حكم الله فيك وفيهم، وهو أحكم الحاكمين.


* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.

2015-12-10