يتم التحميل...

سورة الملك

تفسير الكتاب المبين

سورة الملك

عدد الزوار: 100

(1): ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ: تقدس الذي لا أحد يملك معه شيئًا ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: ومن آثار قدرته أنه:

(2): ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً: أحيانا سبحانه على هذا الكوكب لتظهر أفعالنا خيرها وشرها، ويميتنا ثم يحيينا للحساب والجزاء، وفي الحديث: أن رسول الله حين تلا هذه الآية فسرها بقوله:﴿أيكم أحسن عقلاً، وأورع عن محارم الله، وأسرع إلى طاعته وتقدم في الآية 7 من هود وغيرها.

(3): ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقً: من التطابق والاتفاق، وأنه لا فرق بين سماء وسماء ولا تفاوت في إتقان الصنعة وإحكامها بدليل قوله تعالى بلا فاصل: ﴿مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ: من نقص أو اضطراب أو خلل، فهل الصدفة أتت بكل هذه العجائب والمعجزات؟ ومع هذا فإن الله سبحانه لا يعجل على الملحد القائل بأن المادة هي الموجد الوحيد، بل يقول: تريث وانظر.

(4): ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ: أي الكرَّة بعد الكرَّة والمرة بعد المرة... إلى ما يشاء الرائي ﴿يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ: خائبًا عاجزًا عن رؤية أي نقص وخلل، بل يبهره الجمال والكمال، والانسجام والانتظام، ولو كان الوجود بالكامل مادة في مادة لكان الكون أشبه بكوم من أحجار وتل من رمال.

(5) – (6): ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ: المراد بالمصابيح النجوم، وبالرجوم النكال والوبال، وقد يكون بالشهب التي تحترق أو بالحجارة المتساقطة من النجوم – النيازك – أو غير ذلك، وكل عاتٍ متمرد فهو شيطان، ومصيره الخذلان وعذاب النيران، وتقدم في الآية 17 – 19 الحجر وغيرها.

(7): ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَ: طرحوا في جهنم كالحطب ﴿سَمِعُوا لَهَا شَهِيقً: أنكر الأصوات وأقبحها، والشهيق والنهيق للحمار ﴿وَهِيَ تَفُورُ: تغلي بأهلها غليان القدر بما فيه.

(8): ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ: تميز فلان من الغيظ: تقطع حنقًا، والمراد بغيظ جهنم وحنقها وأهوالها وشدائده﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا... : واضح، وتقدم في الآية 71 من الزمر.

(9): ﴿قَالُوا بَلَى... : اعترفوا بالذنب وندموا ولاموا أنفسهم حيث لا تنفع ندامة ولا ملامة.

(10) – (11): ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ: تدل هذه الآية بوضوح أن من يهمل عقله، ولم ينظر به ويحاكم ما يسمع ويرى فهو مسئول أمام الله، ومستحق العذاب حين يلقاه، وأية خطيئة أكثر جرمًا ممن أهمل أسمى ما يمتاز به عن سائر المخلوقات؟.

(12): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ: هذي هي علامة التقوى دون سواها أن تتقي معاصي الله بينك وبينه، أن تترك حرامه في غياب الناس بحيث لو فعلته لبقي الجرم طي الكتمان.

(13): ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ: كل غيب عنده شهادة، وكل سر عنده علانية.

(14): ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ: هل يجهل الصانع ما صنع؟

(15): ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولً: يسهل فيها السلوك والسعي للرزق والمكاسب ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ: طرقها ونواحيها من سهول وجبال، وأيضًا ما في جوفها من نفط ومعادن ومياه، على أن تتقوا الله، كما أشار ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ: المرجع، فيسأل ويحاسب ويعاقب.

(16) – (18): ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ: أتعصون الله في ملكه؛ وتأمنون من سطواته وضرباته؟ وهل من مردّ لمشيئته إن أراد أن يزلزل بكم الأرض أو يمطركم من السماء مطر السوء والحصباء؟ ولكنه حليم رحيم بعباده، يؤجل ولا يعجل عسى أن يتوب تائب، ويقلع مذنب، وتقدم في الآية 68 من الإسراء.

(19): ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ...: من الذي رزق الطير بما يؤهله إلى الطيران؟ الصدفة والطبيعة العمياء؟ الطائر يطير بجناحيه والإنسان يمشي على رجليه ولكن من الذي خطط للمشي والطيران، وصمم الأداة العملية لكل منهما، ثم وضعها في المكان الملائم؟ فسبحان من جعل(لكل شيء قدرًا – 3 الطلاق) هذا هو الجواب السديد، ما عداه حماقات.

(20): ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ: إذا أراد الله بقوم سوءًا فماذا يصنعون؟ وإلى من يلجأون؟ وبمن يستغيثون؟ ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ: بأنهم في أمن وأمان من غضب الله وعذابه.

(21): ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ: من الذي يرزق الأنام إذا منع الغمام؟ ﴿بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ: يعلمون أن الله هو الرازق ومع هذا يتمردون على أمره عن قصد وعناد.

(22): ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّ: من يمشي في الحياة الدنيا على طريق الجهل والضلال فهو تمامًا كما يمشي ووجهه إلى الأرض، يكثر العثار فيما لا يعثر فيه بصير، أما السائر على طريق العلم والهدى فهو تمامًا كالسائر على الطريق الواضح بجسم معتدل ونظر سليم، وتكرر هذا المعنى في العديد من الآيات، منها الآية 24 من هود.

(23): ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ: أسماعًا لتستمعوا بها من الله ورسله، وأبصارًا لتعتبروا بما ترون من عجائب خلقه تعالى، وعقولاً تنتقل بكم من معلوم إلى مجهول، من شاهد إلى غائب، وتقدم مرات المرات.

(24): ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ: خلقكم فيها وبثكم فأصلحوا ولا تفسدوا، إليه المآب ونقاش الحساب.

(25) – (26): ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ: بقيام القيامة؟ قل يا محمد: علمها عند من يقيمها، وأمرني أن أنذركم بها، وقد فعلت.

(27): ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ: رأوا العذاب أو يوم القيامة ﴿زُلْفَةً: قريبًا منهم ومواجهًا لهم ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُو: أنكروه حتى رأوه فانهارت الأعصاب وطار الصواب.

(28): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ: تمنى الطغاة لو مات الرسول ومن آمن به ليرتاحوا منه ومن دعوته، فأمره سبحانه أن يقول لهم: لنفترض أن الله اختارني إليه أو أمدَّ في أجلي، فهل ينقذكم موتي من نكاله وعذابه؟ أبدًا لا شيء يجيركم منه إلا الرجوع بالتوبة وطلب المغفرة.

(29): ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَ: هذا هو طريق النجاة والخلاص: الإيمان برب العالمين والطاعة لأمره ونهيه.

(30): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرً: غائرًا في الأرض إلى الأعماق فهل تستردونه بالفؤوس والسواعد. أو تذهبون إلى غير الله، وتسألون الأصنام أن تفجر لكم العيون، وتجري الأنهار، سبحانك اللهم بيدك الملك وحدك لا شريك لك.


* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.

2015-12-10