(1): ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفً﴾: الواو للقسم، والمراد بالمرسلات الرياح، لقوله
تعالى: (الله الذي يرسل الرياح – 48 الروم) وعرفًا: متتابعة، ونصب على الحال.
(2): ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفً﴾: تسير بسرعة، وتعصف بشدة، والنصب على المفعول
المطلق.
(3): ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرً﴾: تنشر السحب في الفضاء، والأمطار في الأرجاء.
(4): ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقً﴾: هي الملائكة تنزل على الأنبياء بما يفرِّق بين
حلال الله وحرامه.
(5) – (6): ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرً﴾: الوحي الذي تتنزل به
الملائكة على الرسل هو إنذار للعصاة، وعذر لله إذا عاقب، وبكلمة لقد أعذر من أنذر.
(7): ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ﴾: جواب القسم، والموعود به يوم القيامة.
(8): ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾: ذهب ضوءها، وفي آية ثانية انكدرت أي تناثرت.
(9): ﴿وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ﴾: وفي آية ثانية انفطرت أي تصدعت الكواكب وانشقت،
والمعنى واحد.
(10): ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾: أُزيلت من مكانها، وذهبت مع الريح.
(11): ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾: من التوقيت ليوم معلوم وهو الذي أشار إليه
سبحانه بقوله:
(12) – (13): ﴿لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ﴾: يجمع سبحانه بين يوم
القيامة الأنبياء والأوصياء والعلماء العاملين، ليشهدوا على الخلق بأنهم بلغوا على
الوجه المطلوب، وخرجوا من عهدة التكليف.
(14): ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾: كرر سبحانه هذا اليوم لشدة أهواله
وكثرة زلزاله.
(15): ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾: ويل: حلول الشر. ويومئذ: يوم
القيامة، والهلاك لمن كذب به أو آمن، ولم يعمل له.
(16): ﴿أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ﴾: لأنهم كذبوا المرسلين كقوم نوح.
(17): ﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ﴾: كقوم لوط.
(18): ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾: الذين كذبوا محمدًا.
(19): ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾: تكررت هذه الآيات عشر مرات في هذه
السورة، وقال الدكتور طه حسين في مرآة الإسلام، وحكمه الفصل على الأساليب: (في
القرآن أُسلوب من التكرار للتخويف حينًا وللتعجيز حينًا آخر، كما ترى في سورة
المرسلات من ختام الآيات دائمًا يقول الله عز وجلّ: ويل يومئذ للمكذبين، والسورة
كلها تخويف).
(20) – (24): ﴿أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ
مَّكِينٍ إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾: أتنكرون
البعث وأنتم تعلمون أن الله أنشأكم من نطفة حقيرة، أودعها في ظلمات ثلاث إلى أمد
معين، ينقلها من حال إلى حال حتى أخرجها بشرًا سويًا، ومن قدر على هذا الإبداع
والاختراع يقدر على مثيله ونظيره.
(25): ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتً﴾: وعاء تضم الخلائق.
(26): ﴿أَحْيَاء﴾: على ظهرها، ﴿وَأَمْوَاتً﴾: في بطنها، وتقدم في الآية 18 من نوح.
(27) – (28): ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ﴾: جبالاً عاليات ثابتات
وتقدم في الآية 15 من النحل وغيره﴿وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتً﴾: عذبًا سائغًا
للشاربين، ومن قدر على هذا يقدر على ما هو أيسر وأهون، وتقدم في الآية 22 من الحجر.
(29): ﴿انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾: كذبوا بالجحيم، وعند
ورودها يقال لهم: ماذا ترون؟ وتقدم مرات، منها الآية 20 من السجدة.
(30): ﴿انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ﴾: من دخان جهنم يرتفع، ثم يفترق
ثلاث شعب: شعبة تظلهم فوق رؤوسهم، وثانية عن يمينهم، وثالثة عن شمالهم.
(31): ﴿لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾: هو ظل ولكن كالمستغيث من
الرمضاء بالنار.
(32) – (34): ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ جمالة: جمع جمل، والمعنى كل شرارة من شرر
جهنم كالقصر حجمًا، والجمل الأصفر لونًا، وسلام على من قال: ما خير بخير بعده
النار.
(35) – (37): ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ
فَيَعْتَذِرُونَ﴾: أبدًا لا رجاء ولا اعتذار عما سلف بعد المحاكمة وإعلان الحكم،
وتقدم في الآية 39 من الرحمن وغيرها.
(38): ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ﴾: بين المحقين والمبطلين ﴿جَمَعْنَاكُمْ
وَالْأَوَّلِينَ﴾: كل من كفر بالقيامة من الأولين والآخرين يجمعهم سبحانه في مقر
واحد من جهنم، ويعذبهم عذابًا خاصًا بهم، لا أحد يشاركهم فيه.
(39) – (40): ﴿فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾: كانوا في الدنيا ينافقون
ويحتالون، فيقال لهم غدًا: ادرأوا العذاب عنكم بالحيلة والغيلة كما كنتم تفعلون في
الحياة الدنيا.
(41) - (43): ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا
يَشْتَهُونَ﴾: انتقل سبحانه من الترهيب إلى الترغيب، من عذاب الأشرار إلى ثواب
الأخيار.
(44) – (45): ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ﴾: ولا يستعمل سبحانه كلمة
الإحسان ومشتقاتها إلا في الخير والكمال، وكلمة السوء إلا في الشر والنقص، والجزاء
من نوع العمل عند أهل الحق والعدل، ثم هدد سبحانه الذين يعيشون على اللصوصية
والاحتيال بقوله:
(46) – (47): ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ﴾: أي أنكم
معذبون، لأن الله أعدَّ للمجرمين عذابًا أليمًا.
(48) – (49): ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ﴾: الركوع لله سبحانه
يرمز للخضوع والتسليم بالحق وهم أعدى أعدائه ولكن من صارع الحق صرعه.
(50): ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾: القرآن لا يأمر إلا بخير، ولا
ينهى إلا عن شر، ومعنى هذا أن من كفر به فقد كفر بالخير لأنه خير، وآمن بالشر لأنه
شر من حيث يريد أو لا يريد.
* التفسير المبين / العلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
2015-12-10